قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وما تَحقَّقَ من تحولاتٍ هامة على مستوى تحديث هياكل الدولة، والدفع باللامركزية واللاتمركز نحوَ مساراتٍ غيرِ مَسْبوقة، لَم يُمَكِّنْ بَعْدُ من تحقيقِ الطموح المتمثل في جعل المجالات الترابية الفضاء الأمثل لإرساء وتكريس التنمية. وأوصى المجلس في رأي له بعنوان "من أجل تنمية منسجمة ودامجة للمجالات الترابية: مداخل التغيير الأساسية" بإجراء تقييم مرحلي لورش الجهوية المتقدمة، بإشراك الفاعلين الرئيسيين والأطراف المعنية. ودعا إلى إطلاقِ نقاشٍ بين هذه الأطراف في ضوء نتائج التقييم، من شأنه أن يمكن الفاعلين من تملك رؤيةٍ مشتركة مُحَيَّنة ومُتَّفَقٍ حَوْلَها بشأنِ المراحل والخطوات المقبلة في تنزيل هذا الورش، وذلك في أفق إعادة التفكير بشكل عميق في مهام الدولة على المستوى الترابي، بما يُمَكِّنُ من ضمان تنزيل فعال وناجع لتدخلاتها، ارتكازا على تمفصل متجانس وفعال وناجع بين آليات اللامركزية واللاتمركز في العمق الترابي. وتوقف المجلس على أوجه القصور والاختلالات التي لا تزال تعيقُ التنمية الترابية، ولا سيما منها التوطينٌ الترابي غير المكتمل للفعل العمومي، والتعدد غيرُ الناجع للمتدخلين في المنظومة الترابية وضعف الالتقائية بين أنشطتهم ومبادراتهم. كما سجل الرأي البطء المسجَّل في التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري وورش التحول الرقمي للإدارة، وضعف مشاركة القطاع الخاص والقطاع الثالث في مسلسل بلورة الرؤية الاستراتيجية للجهة في ميدان الاستثمار، والنقص الكبير في الموارد البشرية المؤهلة على المستوى الترابي. واقترح المجلس جملةً من التوصيات التي يُمْكنُ تفعيلُها على المدى القصير؛ وعلى رأسها مراجعة القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية من أجل المزيد من توضيح اختصاصاتها وتدقيق نطاق تدخل كل مستوى من المستويات الترابية (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة). وأكد ذات المصدر على ضرورة المزيد من التوضيح والتدقيق فيما يخص العلاقات بين الفاعلين في المنظومة الترابية (الوالي/العامل؛ رؤساء المستويات الترابية الثلاثة أي الجهة، الإقليم والجماعة؛ المصالح اللاممركزة)، وذلك من أجل تعزيز التنسيق بينهم وضمان التقائيةٍ أفضلَ لتدخلاتهم. وفي انتظار تعديل القوانين التنظيمية، دعا المجلس إلى العمل على نقل الاختصاصات الذاتية من القطاعات الحكومية المعنية بممارسة هذه الاختصاصات نحو الجهات وربط هذا النقل بالموارد الضرورية، مع وضع برنامج زمني مُحَدَّدٍ بدقة، وقابل للتنفيذ ومُلزِمٍ، لنقل الاختصاصات وسلطة اتخاذ القرار من الإدارات المركزية إلى المصالح اللاممركزة للدولة، إلى جانب النهوضُ بالتعاون بين الجماعات وبالتعاون العمودي بين مختلف المستويات الترابية من أجل تعضيدٍ أفضل للوسائل والرفع من جودة الخدمات العمومية. كما أوصى المجلس في رأيه بالعمل في إطار إصلاح القطاع العمومي، على ضمان إعادة انتشار ترابي أفضل للمؤسسات والمقاولات العمومية، وتثمين الوظيفة العمومية الترابية من أجل استقطاب الكفاءات اللازمة القادرة على تنزيل وتتبع ورش الجهوية المتقدمة، وتحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين، من خلال تسريعِ مسلسل الرقمنة.