أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بإجراء تقييم مرحلي لورش الجهوية المتقدمة بإشراك الفاعلين الرئيسيين والأطراف المعنية، وإطلاقِ نقاشٍ بين هذه الأطراف في ضوء نتائج التقييم. واعتبر المجلس أن من شأن هذا التقييم أن يمكن الفاعلين من تملك رؤيةٍ مشتركة مُحَيَّنة ومُتَّفَقٍ حَوْلَها بشأنِ المراحل والخطوات المقبلة في تنزيل هذا الورش. وأشار إلى أن ذلك يأتي في أفق إعادة التفكير بشكل عميق في مهام الدولة على المستوى الترابي، بما يُمَكِّنُ من ضمان تنزيل فعال وناجع لتدخلاتها، ارتكازا على تمفصل متجانس وفعال وناجع بين آليات اللامركزية واللاتمركز في العمق الترابي. واعتبر أحمد رضى شامي، رئيس المجلس، أن تنزيل الورش الملكي والدستوري المتعلق بالجهوية المتقدمة، وما تَحقَّقَ من تحولاتٍ هامة على مستوى تحديث هياكل الدولة، والدفع باللامركزية واللاتمركز نحوَ مساراتٍ غيرِ مَسْبوقة، لَم يُمَكِّنْ بَعْدُ من تحقيقِ الطموح المتمثل في جعل المجالات الترابية الفضاء الأمثل لإرساء وتكريس التنمية. جاء ذلك ضمن توصيات المجلس حول رأيه في موضوع "من أجل تنمية منسجمة ودامجة للمجالات الترابية: مداخل التغيير الأساسية"، والذي قدم خلاصاته في لقاء له، أمس الثلاثاء، بالمركب الإداري والثقافي للأوقاف بالدارالبيضاء. وأوضح بلاغ للمجلس، أن تنظيم هذا اللقاء التواصلي خارج مقر المجلس، يندرج في إطار تنزيل استراتيجية المجلس القائمة على الانفتاح على الجهات وعلى مختلف الفاعلين بالمجالات الترابية، والمساهمة بالرأي والاقتراح في كل ما يتعلق بتفعيل ورش الجهوية المتقدمة، والتنمية الترابية، وفقا للاختصاصات المنوطة به. وعدَّد المجلس أوجه القصور والاختلالات التي لا تزال تعيقُ التنمية الترابية، ولا سيما منها التوطينٌ الترابي غير المكتمل للفعل العمومي، وتعددٌ غيرُ ناجع للمتدخلين في المنظومة الترابية وضعف الالتقائية بين أنشطتهم ومبادراتهم. كما رصد البطء المسجَّل في التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري و ورش التحول الرقمي للإدارة، وضعف مشاركة القطاع الخاص والقطاع الثالث في مسلسل بلورة الرؤية الاستراتيجية للجهة في ميدان الاستثمار، والنقص الكبير في الموارد البشرية المؤهلة على المستوى الترابي. وقدم المجلس عدة توصيات يُمْكنُ تفعيلُها على المدى القصير، في انتظار إجراء المسلسل التقييم والحوار، بحسب البلاغ الذي توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه. ومن هذه التوصيات، مراجعةُ القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية من أجل المزيد من توضيح اختصاصاتها وتدقيق نطاق تدخل كل مستوى من المستويات الترابية (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة). واقترح المجلس مزيداً من التوضيح والتدقيق فيما يخص العلاقات بين الفاعلين في المنظومة الترابية (الوالي/العامل؛ رؤساء المستويات الترابية الثلاثة أي الجهة، الإقليم والجماعة؛ المصالح اللاممركزة)، وذلك من أجل تعزيز التنسيق بينهم وضمان التقائيةٍ أفضلَ لتدخلاتهم. وشدد على ضرورة العملُ، في انتظار تعديل القوانين التنظيمية، على نقل الاختصاصات الذاتية من القطاعات الحكومية المعنية بممارسة هذه الاختصاصات نحو الجهات وربط هذا النقل بالموارد الضرورية؛ وأوصى المجلس بوضعُ برنامج زمني مُحَدَّدٍ بدقة، وقابل للتنفيذ ومُلزِمٍ، لنقل الاختصاصات وسلطة اتخاذ القرار من الإدارات المركزية إلى المصالح اللاممركزة للدولة؛ وأشار إلى ضرورة النهوضُ بالتعاون بين الجماعات وبالتعاون العمودي بين مختلف المستويات الترابية (الجهة، العمالة/الإقليم، الجماعة) من أجل تعضيدٍ أفضل للوسائل والرفع من جودة الخدمات العمومية؛ ودعا إلى العملُ، في إطار إصلاح القطاع العمومي، على ضمان إعادة انتشار ترابي أفضل للمؤسسات والمقاولات العمومية، مع تثمينُ الوظيفة العمومية الترابية من أجل استقطاب الكفاءات اللازمة القادرة على تنزيل وتتبع ورش الجهوية المتقدمة؛ واقترح تحسينُ جودة الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين، من خلال تسريعِ مسلسل الرقمنة، لا سيما من خلال وضع نظام معلومات ترابي مندمج، يُمَكِّنُ من استعمال آلية التشغيل البيني (interopérabilité) بين الفاعلين في المنظومة الترابية. وعرف هذا اللقاء مشاركة عبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس جهة الدارالبيضاءسطات، وحميد التوتي، الكاتب العام لولاية جهة الدارالبيضاءسطات الذي ألقى كلمة باسم الوالي، وعمال أقاليم الجهة الدار ورؤساء المجالس الجماعية والمؤسسات العمومية والمصالح اللا ممركزة وممثلي الفعاليات المهنية والجمعوية.