أثارت المصادقة على مشروع مرسوم رقم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 الكثير من الانتقادات والتذمر والاستياء لدى فئات تربوية كثيرة نظرا لعدم استجابته الفعلية لتطلعاتها ومطالبها الأساسية. ولعل أكبر المتضررين من النظام الأساسي الجديد حسب العديد من المختصين والخبراء في المجال التربوي والتشريعي نجد فئة المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي. ويهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على جوانب من الحيف والضرر الذي طال هذه الفئة، خاصة فئة التوجيه التربوي، لعل النقابات المحاورة ومعها الوزارة الوصية تستدرك الأمر وتبادر بجبر الأضرار وإصلاح اعطاب مشروع المرسوم السالف ذكره الذي جاء وكأنه يقول أن التكوين المركزي المتميز الذي خضع له المستشارون في التوجيه التربوي في مركز تكوين عريق وطنيا وإفريقيا وشرق أوسطيا ليس سوى "عقوبة وقهقرة" لأطره. * رهانات الانسجام والتكامل والاستقطاب في مهب الريح: أولا، من يطلع على المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية سيتفاجأ بالزج غير المبرر والمقصود بفئة المستشارين في التوجيه التربوي في هيئة التربية والتعليم، رغم كونها الهيئة التي غادروها كمدرسين ليلتحقوا بتكوين مركزي لمدة سنتين بالرباط في مركز التوجيه والتخطيط التربوي. هذا الزج القسري يتنافى تماما ومبدأ التحفيز والرقي المهني والوظيفي ويؤكد فكرة "عندما يكون التكوين عقوبة وقهقرة". كما أنه يتنافى ومبدأ التكامل والانسجام باعتبار التوجيه التربوي خدمات نوعية وتدخلات تخصصية متجددة تتطلب الدينامية والحركية والبحث عن المعلومة والدقة والتنسيق المستمر مع مختلف المؤسسات ومصادر المعلومة. ويظل تصنيف أطر هذه الفئة ضمن هيئة التفتيش والتأطير والمراقبة والتقييم أو ضمن هيئتهم المستقلة (هيئة التوجيه والتخطيط التربوي) التي تم تشطيرها وتمزيقها من خلال النظام الأساسي الجديد أمرا ضروريا، نظرا لأهميتها وأدوارها التاريخية والنوعية والاستراتيجية. فمن سيفكر مستقبلا في الانضمام إلى هذه الفئة ومحنها؟ فهو سيعود لذات الهيئة التي غادرها مع خسائر مادية واجتماعية ونفسية وزمنية واقتصادية جراء سنتين من التكوين المركزي بالرباط (مركز التوجيه والتخطيط التربوي) بمعنى أنه سيدور في حلقة مفرغة، وبهوية هجينة وبلا أفق مهني. إن عدم تصنيف فئة المستشارين في هيئة تراعي خصوصيتها وهويتها سيقوض مبدأ التكامل والانسجام المنصوص عليه في مشروع المرسوم وسيصيب مبدأ الاستقطاب والجاذبية للمجال مستقبلا بالهزال: الاستقطاب لولوج إطار مستشار في التوجيه التربوي. يبدو أن الذي/ن فكر/وا في تصنيف المستشارين في التوجيه التربوي ضمن هيئة التربية والتعليم يعتقدون أن التوجيه التربوي مادة مدرسية وتعليمية فيها إلقاء ولوحة وسبورة وشحن وفهم وتمارين وإعداد وإملاء ونقل وكتابة وحفظ وعرض وفروض وتنقيط ومراجعة واستذكار وعقوبات (تكرار أسماء مؤسسات التعليم ما بعد البكالوريا) إلخ. فهم لا صلة لهم بمجال التوجيه التربوي وفلسفته، وتظل أراءهم ومواقفهم قاصرة عن استيعاب جوهر وكنه مجال التوجيه التربوي مع تغييب تام لأهل الاختصاص الممارسين ورجالات التوجيه التربوي الفعليين الذين خبروا تفاصيل ودقائق الميدان. * خلق تراتبية غير منطقية تنذر بتجاذبات ونزاعات مستقبلية: ثانيا، يقر المرسوم الجديد بأنه يحرص على وضع تراتبية منطقية للأطر والدرجات وذلك لتحقيق الفعالية والنجاعة في إطار مبدأ عام هو التكامل والانسجام. لكن، في حالة المستشارين في التوجيه التي يصر مهندسو هذا المشروع في تصنيفهم ضمن هيئة التربية والتعليم، فقد تم خرق تلك التراتبية المنطقية لكون هذه الفئة هي الوحيدة التي لديها تكوينين مختلفين/متنوعين (يعني في مجالين اثنين: تكوين أساس في مجال التدريس وتكوين مركزي في مجال التوجيه التربوي). فمنطقية هذه التراتبية تتنافى إطلاقا في حالة المستشارين في التوجيه التربوي عندما يتم استحضار العلاقة المرتقبة مع هيئات وأطر أخرى تنتمي للمؤسسات التعليمية كأطر الإدارة المدرسية والتدبير، أخذا بعين الاعتبار نوع ومدة التكوين الذي خضع له المستشارون في التوجيه التربوي طيلة مسارهم المهني مقارنة مع هذه الأطر والهيئات التي ستشكل شبكة علاقاتهم التفاعلية. ويظل الحل الأمثل لاستباق وتفادي أي صراعات وتجاذبات ونزاعات محتملة حول التراتبية والأحقية فيها بين فئة المستشارين في التوجيه التربوي وأطر الهيئات الأخرى خاصة هيئة الإدارة المدرسية والتدبير هو تصنيف أطر التوجيه التربوي ضمن هيئة لها نفس المسار المهني ونفس مدة التكوين ومجالات التدخل (هيئة التفتيش والتأطير والمراقبة والتقييم أو هيئة التوجيه والتخطيط التربوي المبتورة). الظاهر أن الذين صنفوا المستشارين في التوجيه التربوي "فكروا تقنيا فقط" ولم يستحضروا درس علم النفس الاجتماعي تحديدا، ودروس العلوم الإنسانية إجمالا، خاصة في الشق المتعلق بدينامية/صراع الجماعات/المجموعات/القبائل التربوية/الهيئات والفئات؛ هذا إن كانت الغاية المحورية هي تحقيق الفعالية والنجاعة والانسجام والتكامل والتناغم. * المستشارون في التوجيه ورثة هيئة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية بالإكراه: ثالثا، تضم هيئة التربية والتعليم أربعة أصناف من الأطر وهي إطار مستشار في التوجيه التربوي وإطار مختص تربوي وإطار مختص اجتماعي وأطر التدريس الذين يتوزعون بدورهم إلى خمس أطر حسب سلك التدريس ونوع الأنظمة المطبقة والخاضعون لأكثر من تكوين (المبرزون). ومن عجائب هذا النظام الأساسي الجديد، اعتبار المستشارون في التوجيه التربوي الفئة الوحيدة التي سترث هيئة التربية والتعليم لأنها الوحيدة التي لا أفق مهني لها بعدما اعتقد أطرها أنهم ترقوا مهنيا عندما كانوا أساتذة بولوجهم "أبواب" إطار التوجيه التربوي لتتم إعادتهم من "النافذة" إلى الهيئة الأصلية التي غادروها (هيئة التربية والتعليم). كل الأطر المكونة لهيئة التربية والتعليم وكذلك أطر هيئة الإدارة المدرسية والتدبير (باستثناء أطر التخطيط التربوي) لديهم آفاق مهنية مستقبلية لولوج، مثلا، هيئة التفتيش التربوي وهيئة مفتشي الشؤون الإدارية والمالية والإدارة التربوية وسلك التبريز ومسلك المستشارين في التوجيه أو مسلك التخطيط التربوي إلخ. ما معنى أن يخضع المستشارون في التوجيه التربوي لتكوين أساس كأساتذة متبوع بتكوين ثاني في مجال التوجيه التربوي في مركز وطني (مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط) مع الخسائر المالية والنفسية والاجتماعية والزمنية أثناء وبعد التعيين ليتم بعد ذلك إعادتهم دون مبررات منطقية ودون احترام مبدأ التراتبية وجوانب التكامل والانسجام إلى هيئة التربية والتعليم. فبدل إرجاع حقهم التاريخي والطبيعي في ولوج إطار مفتش في التوجيه التربوي الذي أجهز عليه النظام الأساسي 2003 كآلية وحيدة وطبيعية للترقي المهني والتحفيز في المسار التكويني، يتم جعلهم ورثة هيئة التربية والتعليم التي خرجوا منها كأساتذة. سيقول بعض مسوقي الوهم أن سلك التفتيش في التوجيه التربوي سيتم حله في وجه ضحايا النظام الأساسي الجديد بامتياز (المستشارون في التوجيه التربوي) إلا أن الحقيقية ستنجلي من خلال الإجابة عن هذه التساؤلات: * ما جدوى الخضوع لتكوين ثاني في نفس التخصص والمجال (التوجيه التربوي) والثالث أو أكثر طوال المسيرة المهنية لهذه الفئة من الموظفين؟ * ما الفائدة المعرفية والمنهجية والتكوينية التي ستنضاف للمستشارين في التوجيه التربوي علما أن التكوين في سلك التفتيش في التوجيه التربوي (والتخطيط) تكرار لنفس المواد المدرسة في مسلك المستشارين في السنة الأولى، مع تعمق طفيف طبعا، وفي نفس المركز، ولمدة سنة واحدة فقط، لأن السنة الثانية تخصص فقط لإنجاز بحث في المجال؟ (إلى الوزارة الوصية: سؤال وجواب الجدوى من سلك التفتيش في التوجيه التربوي مهم للغاية)… * من يكون هذا "السوبرمان التربوي" الذي يستطيع تحمل نفقات التكوين من جديد بالعاصمة الرباط ولمدة سنتين إضافيتين والتبعات المادية والمالية والاجتماعية والنفسية والزمنية (الهدر) أثناء التكوين وأثناء التعيين من جديد؟ (لا يلسع المغبون مرتين…) * لماذا توجد في هذا النظام الأساسي والذي سبقه فئات وهيئات لها نفس مسار التكوين، أو أقل يقينا، مقارنة بالمستشارين في التوجيه التربوي إلا أنها استفادت وستستفيد من وضعية اعتبارية ومادية ورمزية وتصنيفية وعلائقية أفضل بكثير من المستشارين في التوجيه التربوي؟ (يتامى المنظومة لأنه لا أحد يدافع عنهم والجميع مستعد للتضحية بهم وهذا ما وقع، لكن "لا خسارة لخاسر"). * لماذايكفيهيئاتأخرىالخضوعلتكوينواحدأواثنينفقطللترقيالمهنيوالاجتماعيفيمقابلفئةالمستشارينفيالتوجيهالتربويالذينيطلبمنهمالخضوعلثلاثتكويناتمتتاليةومرهقةومكلفةمنكلالجوانب؟ (تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه التربوي دون شروط هو الحل الجذري لهذه المفارقة). * لماذا ارتفعت مقدار التعويضات لفئات وهيئات نظير تكوينها أو مهامها في حين تم تقزيم التعويضات الخاصة بفئة المستشارين في التوجيه التربوي (والتخطيط) رغم خضوعهم لتكوين عال بمركز وطني ولمدة تكوينية ووفق شروط تفوق في مجملها مدة وشروط الفئات والهيئات المستفيدة؟ (التكوين النوعي والفريد مقابله تقزيم الأدوار وعقوبة الإعادة إلى هيئة غير الهيئة الطبيعية). * مهام عجيبة وغريبة تنتظر المستشارين في التوجيه وفق النظام الأساسي الجديد: ينص القانون الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية الجديد على مهام جديدة عجيبة وغريبة وعلى أخرى غامضة وفضفاضة والتي سيقوم بها المستشارون في التوجيه التربوي. من بين تلك المهام العجيبة أن يشارك المستشار في التوجيه التربوي في الأنشطة المدرسية والأنشطة الموازية. فلنأخذ مثلا حالة مستشار عمل لعقود وسنوات من الزمن وشاخ في مهنة الضغط والمتاعب، ثم يطلب منه في خريف عمره المهني أن يشارك في تلك الأنشطة، مع غموض في تحديد المقصود بالأنشطة المدرسية والأنشطة الموازية. كيف لإطار حرم من حقوقه ومكتسباته زج به في هيئة غير هيئته الطبيعية والأصلية أن يشارك في تلك الأنشطة؟ هل تلقى تكوينا في ذلك؟ هل ذلك من صلب تخصصه؟ هل سيرتجل أم يبدع أم يقلد أم يردد أم سيكتفي بالتصفيق…؟إطارتعرضلصدمةمهنيةبعدطولتكوينوحرممنحقوقهالتاريخيةفيتغييرالإطارإلىمفتشفيالتوجيهوصنفكرهافيهيئةسبقلهأنغادرهاطواعية،كيفسينشطالحياةالمدرسية؟ وفق للنظام الأساسي الجديد، سيطلب من المستشارين في التوجيه التربوي القيام بالمواكبة النفسية والاجتماعية للمتعلم(ة). وفقا لذلك، هل سينصب المستشار في التوجيه التربوي نفسه كاستشاري أو مختص نفسي–اجتماعي بشكل فضفاض وعام وغير منهجي ودون سند (حماية) قانوي ودون تكوين طبي–تخصصي–تطبيقي ليحارب الاكتئاب والقلق وتبعات الإدمان والعزلة والانطوائية وانفصام الشخصية والوسواس القهري وفرط الحركة بالوسط المدرسي، علما أن كل تلك الأعراض أغلبها مرتبط بعوامل خارجية كالظروف الاقتصادية الصعبة والفقر والتهميش والهشاشة وغياب التتبع الأسري والمؤسسي المختص والعوامل الاجتماعية المركبة الناتجة عن الجهل والفقر والطلاق والتشتت العائلي والعوامل الوراثية والتاريخ المرضي الخ؟ هل سيتحول مكتب أو فضاء المستشار في التوجيه التربوي إلى مكان لترويج مغالطات وأوهام التنمية الذاتية والكوتشينغ: قل أنا أسد…ردد أنا أسد، أنا أسد…إذن أنت أسد، أنت شجاع يا بطل؟ هل سيغير ذلك شيئا في واقع خارجي سمته ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة ومثبطة، مع غياب مؤسسات صحية–نفسية طبية متخصصة. هل سيتحول فضاء المستشار في التوجيه التربوي إلى مكان لقراءة "الرقية التربوية" والنصح والإرشاد الدائم، رغم أن فاقد الشيء (الحافزية والتكوين) لن يعطيه… المطلوب إذن، هو التفكير في إحداث مصالح طبية–نفسية–اجتماعية تخصصية في كل مؤسسة تعليمية والعمل بجدية على جعل المؤسسة التعليمية قاطرة حقيقية للنهضة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والمعرفية والابداعية، وذلك بربطها المباشر بحاجيات المحيط الخارجي ومحاربة كل أشكال اللامساواة و التهميش والتمييز الاقتصادي والتنموي والبنيوي والخدماتي، وخلق تكوينات وتخصصات لها علاقة مباشرة بسوق الشغل وبناء وتصنيع الإنسان: طفل اليوم، مواطن/مسؤول/ثروة الغد… لذلك، فالمواكبة النفسية الاجتماعية التي يمكن للمستشار في التوجيه التربوي أن يقدمها حصرا ودون أي اجتهاد أو فرط حماس، تفاديا لأي تبعة أو إفراز عكسي ومضاد لتدخله، نظرا لافتقاده التخصص الفعلي (التخصص الطبي–النفسي)، هو التقليص من الحيرة والتردد (النفسيين) بشأن الاختيارات الدراسية لدى المتعلم(ة) وتفكيك التمثلات الاجتماعية حول المهن والشعب والتخصصات والمواد وإعادة بناءها وتقديمها سواء للمتعلم(ة) أو للأسر وكافة الفاعلين التربويين والاقتصاديين والمهنيين. وأي تدخل نفسي–اجتماعي لا يرتبط بالقرار وبالاختيار المدرسي والمهني والتكويني قد يكلف المستشار في التوجيه التربوي من الناحية الأخلاقية والقانونية والاجتماعية–العلائقية والمهنية حالة فشله في ذلك الكثير، لكونه غير متخصص في ذلك علميا ومنهجيا وأكاديميا وطبيا–صحيا وتطبيقيا–إكلينيكيا رغم تلقيه لمعارف نظرية عامة حول علم النفس وعلم الاجتماع في مركز التوجيه والتخطيط التربوي. خاتمة: نظرا لوقع وتأثير الغرابة والعجابة في تصنيف المستشارين في التوجيه التربوي ضمن هيئة التربية والتعليم وتبعا للمفعول الكوميدي التجريبي الأولي للأدوار الجديدة المسندة لهذه الفئة، فلنتخيل جميعا، معشر المستشارين، مشهدا عجيبا يقف فيه مستشار في التوجيه التربوي في ساحة المؤسسة وهو بصدد المشاركة في نشاط تربوي. وهذا المستشار بلغ من الكبر عتيا في الاستشارة في التوجيه التربوي ولا يزال يتذكر كم أنفق من أجل تكوين في العاصمة الرباط والمسار المهني الطويل الذي مر منه، ليجد نفسه قد أسقط في هيئة كان قد غادرها منذ سنين طويلة… فلنتخيل جميعا مستحضرين مقدار النكسات والنكبات والهزائم والخسائر المهنية والزمنية التي تعرض لها حتى أفقدته الابتسامة وعجلت ببياض ما تبقى من شعيرات رأسه الصامدة والمقاومة للشيب….قبيل البدء وهو يحمل بالونات ملونة مثلثة ومربعة لا تشبه بالونات الأنشطة، تذكر بشكل غير مزاجه نحو هستيرية عارمة، كيف سقط منه "حافز" تغيير الإطار، و"حافز" التصنيف في هيئة تناسب تدخلاته ومهامه وتكوينه، و"حافز" تعويضات تساوي ما يتقاضاه من لهم نفس المسار أو أدنى… فكر قليلا ثم قال سأنشد قصيدة "موطني…موطني" وانطلق كالتالي ولا أحد يصفق له لأنه لا أحد يحبه بعدما فقد البريق… ثلاث "حوافز" مفقودة كانت كافية ليدق مسمارا صدئا في الأنشطة الموازية: موت–لي موت–لي، الرباط والضياع، السنين والكراء، الاقتصاد والاحصاء، النرجس والعدس، التجهيز والغذاء، القطاع والانفاق، الدبلوم والفراغ، الإعلام والقياس، البحث والتخرج، القفار والغباء، الغبن والعداء، العلوم والآداب، الأصيل والآفاق، التتبع ومسار… موت–لي موت–لي الشباب سيكل، همه أن يستقل، أو يتقاعد أو يضمحل، يصارع، هل ينتصر، يغيب أم ينتقل، يهاجر أم ينتظر، موت–لي، موت–لي…. أنهى أنشودته الرديئة والتي استوحاها من قصيدة جميلة للكاتب الفلسطيني إبراهيم طوقان بعنوان "موطني"، ونظرا لرداءتها وبكاء الحاضرين لثقل وقعها، توجه مباشرة إلى الإدارة المعنية وطلب بالتقاعد النسبي ولما أخبروه أنه لا يحق لذلك، سأل إن كانت هناك إمكانية لفتح فرصة ثانية للمغادرة الطوعية، ولما أخبر بغياب معلومة موثوقة وإمكانية استحالة ذلك مجددا، ذهب إلى أقرب نادي أنترنت ووجد الحياة والشباب كلهم عازمون على تقديم ترشيحهم لقرعة الهجرة إلى أمريكا، كذلك فعل أيضا، وهو لا يزال ينتظر حظه ودوره إلى حدود اللحظة. تمنى لو بقي ساعات طوال وأيام أبدية في ذلك النادي المليء بالحياة والشباب والرغبة والاصرار من أن يشارك في نشاط مدرسي يجني عليه السخرية ويجر عليه الاستهزاء من طرف أطر هيئات لا ينتمي إليهم لاختلاف تكوينه وتخصصه وطموحاته وأهدافه…؟؟؟