« ce n'est pas seulement l'intérêt qui fait s'entretuer les hommes. C'est aussi le dogmatisme. Rien n'est aussi dangereux que la certitude d'avoir raison. » F. Jacob, Le jeu des possibles قد تتشابه المظاهر و تتوحد إلى الدرجة التي تتماثل فيها ، فيصعب على الملاحظ من أول وهلة تمييز الحقيقي من الزائف و الجوهر من ما هو مجرد مظهر،تماما مثلما يبدو في حالة اجتماع حشد من الوحوش الكاسرة على جثة فريسة ، و اجتماع نحل في خليتة أو نمل في قريته ، ففي الظاهر الأمر نفسه ما دام هناك كثرة العدد ، و أفعال فردية ، لكن فرق بين مقصد و غاية الفعل في الحالة الأولى ؛ حيث الموضوع معطى و ما يتم القيام به هو المسارعة إلى القد منه و التلهف لإشباع النهم الأناني ، و النظر إلى من في الجوار لا يدرك فيه إلا التهديد و الخطر ،و الضعف وحده هو من يهزم الرغبة في القضاء عليهم ،و بين الفعل المشابه في الظاهر في الحالة الثانية ، حيت القصد بلوغ ما لم يقو الواحد على تحقيقه بمفرده ، و الغاية تحقيق مراد الذات في تقاطع مع المشترك الذي يتطلع له الجميع في شبه انصهار دون الإجهاز على ما يشكل فرادة الأنا و يجعلها تقارب الاحتضار ، بل التحرك إلى تغييرها بفعل ارتدادي من خلال الإسهام بنكران ذات في تغيير الواقع الحاضر الذي تنتمي إليه و تنغرس فيه ، لتأمين امتدادها المستقبلي في أحسن صورة ممكنة عبر نقل الأحسن للخلف بتوسل استشراف خصوصيات آفاق الآتي و أسئلتها الملحة . إن الافتتاح بهذه الصور الحيوانية ، يأتي نزولا عند مقتضى الحال الذي جعل مجالنا التداولي ،والسياسي منه خاصة ، يعج باستعارات الحيوانات ،بحيث يكون عليك انسجاما مع مقتضى هذا الحال الموبوء إلباس تشابيهك وبرا أو ريشا أو حراشيفا و هلما كنايات حيوانية !، كما أن هذه الصورة تعكس أيضا أصداء ما تعانيه الفئة الأوسع من رجال التعليم في المناطق النائية ، و هي أصداء لا يمكن أن يستشعرها إلا من خبر مسالك الخوف صوب الفرعيات ، حيث يقيس المرء خطوه بالنبض المتسارع لقلبه و يتحسس حتى الإيقاع الخفي لتنفسه عبر منعرجات لا تنتهي، خوفا من مباغتة خنزير بري هائج ،أو مفاجأة كلاب رفع توثب الرغبة الجنسية من ضراوتها ، و كم منهم و منهن تم التمثيل بأجسادهم (ن) ! وحتى لا نلبس الحيوانات عنصر القصد التي هي منه براء ، نقول إن التماثل المظهري الخادع المومأ إليه سابقا و الذي يظهر ما لا يضمر ، أشبه ما يكون من جهة الاشتراك و الاختلاف ، بتجمهر أشرار ناهبين على إثر كارثة ، و نظيره لأخيار لا تحركهم سوى الرغبة في الإنقاذ ويحفزهم نبل شعور التعاطف و تقديم يد المساعدة . إن المساحة الدلالية فيما بين هاتين الصورتين هي التي على أرض منها يتنزل حال الواقع المأزوم لنظامنا التعليمي ، فمن الظاهر تبدو " الحركات"( بتسكين رائها يصير مدلولها أبلغ في التعبير عن هذا الواقع، و يتشبع بكامل حمولته المخزنية !) في غاية التماسك و التوحد ، و أن المجتمع يشارك فيها عن بكرة أبيه ، و بأن الكل قد هرع ليشارك بنصيبه ، لكن ما إن تتفرس ، حتى تكشف أن حشد المساهمين في هذه البهرجة ، لا يجمعهم سوى الحديث عن موضوع وحدت التعبير عنه سلطة اللسان و عباراته المصكوكة و المألوفة و لو اتسعت جبة هذا الأخير بقدر التنافر في الدلالات الذي يعصف بأذهانهم بخصوص ما يتحدثون عنه ، لكشفت العجب العجاب من صور التنازع و التناقض، فالأعين تتوحد في التحديق و في ما فيه تحدق ، لكن ما خلف الأعين الناظرة و ما يوجه تحديقتها الله وحده يعلمه و أصحابها ،أما الخطابات فما كانت يوما إلا لكونها تواري و وتضمر بقدر ما تفصح وتسفر ، و الإنسان ما كان كذلك ، إلا لكونه دون غير ه من الكائنات قادر على المواراة و الإخفاء ، و بيان جدلية التجلي و الخفاء هذه يجد تجسيده في النقطتين التاليتين ، و اللتان ما هما إلا نقطتان من يم ،لأن من يتطلع إلا الإمساك بالخيط الهادي إلى التحليل المبين في هذا المجال حاله ، في واقع الأمر - كما كانت تقول الأعراب - كحال مبتغي الصيد في عريسة الأسد . الفئوية القاتلة والمسؤلية العائمة الكل يردد أن قضية التعليم هي قضية أمة و مجتمع برمته ، و بأنه لا مجال للمزايدة فيها و بها ،و أن الكل معني بها ، و بغض النظر عما إذا كانت وصفة التوافق هي الأنفع في هذا الباب ، و عن الحدود التي ينبغي أن يقف عندها مداه ، أهي تغطيته للثوابت و الغايات ، أم امتداده ليشمل الوسائل و الأبعاد الإجرائية ،فإن ما يحظى باتفاق الكل هو أن الفاعلين الأوائل في هذا المجال هم نساء و رجال التعليم على اختلاف أدوارهم و تباين مواقعهم ، و خاصة من يضطلعون بمهمة التدريس منهم ، لكن هل هذه الفئة لها الحد الأدنى من التجانس الذي يفرضه الدور السوسيومهني ، و الذي لا يعوق بأي حال غنى الاختلافات و لا يلغي خصوبتها ؟ من أول وهلة يبدو أن الفئوية هي العائق الأبرز الذي يفتح اللحد لكل تطلعات الإصلاح في هذا القطاع ، باعتبار التجانس ، بالمعنى السابق ، هو الكفيل بضمان رهان رابح ، على قطاع لا يمكن أن يصل إلى تحقيق أهدافه من دون تعبئة لممارسيه ، لكن كيف السبيل إلى التعبئة ، في ظل تشردم و فئوية قاتلة ، حيث توجه الإرساليات و كل فئة فرعية داخل الفئة الأوسع ، تفككها بسننها الخاص ، و حيث كل يغني على ليلاه ، وكيف بتعبئة مدرسين هم عاجزون حتى عن تعبئة أنفسهم كمدرسين ، بل صارت الفئوية تنخرهم ، و الصراع الكامن بينهم ، لا يفصح عن ذاته إلا من خلال مطالب التنسيقيات ، التي تصاغ في الغالب بدلالة وضعيات الفئات الأخرى ،حيث لا يتجاوز المنظور المتحكم في صياغتها القفا الأقرب إليه ! و حتى داخل الفئة الواحدة تجد ما لا حصر له من التمييزات فهؤلاء سبق لهم ، و أولئك لم يسبق لهم ،و قوم داخل زنزانة قد يكون رقمها تسعة أو ما قد لا تدريه ، و الموحد دائما هو النهم في تحقيق المطالب و إعمال لآلية المماثلة و المقايسة حتى عندما لا تتوفر شروطها ، فالمهم هو الغاية ، و للأسف فإن هذه الدعوى طالت حتى النصوص القانونية المنظمة ، في صورة عمليات تميم وتعديلات و مواد مكررة ، و هي نتيجة كانت حتمية لشكل التعاطي مع المطالب التي غالبا ما تتحكم في الاستجابة لها النظرة القطاعية الضيقة و رديفاتها من حزبية و......، فكان أن تمخض جبل المطالب فأنجب جردان الشعور بالضيم و الغبن و الحقد الداخلي و السلبية التي تأتي قضما على آخر ما في الحافزية ،وما جاورها دلاليا ، من جذرية سيادة الاتكالية و البعد الانتظاري، و لعل الملاحظ النزيه لا يمكنه سوى إقامة نوع من التناظر بين حال التعليم و حال رجالاته ، فلما كان التماسك خاصيتهم و ديدنهم ،و لما كان الإطار النقابي لا يحمل من المسميات و الصفات سوى " التعليم " كان حال التعليم من جهة الأداء و النتائج يحمل على الأمل و الطمأنينة النسبية ، لكن حين طفقت معاول الفئوية في تشطير هذا الدال وتمزيقه، فصرنا نسمع بجمعية فئة تتجاوز دورها ، للتطاول على الاضطلاع بالمهام النقابية ، و تحول الجسد التعليمي إلى فيالق فئوية صغرى ، تناست ما يخلق تكاملها و وحدتها مع الفئات الأخرى ، منزوية في ركنها الخاص ، ممعنة في تدبيج ما يميزها و يبعدها ، لا ما يصنع تلاقحها و يقربها من غيرها ، بل حتى داخل الفئة الواحدة - خاصة فئة المدرسين باعتبارها الأكثركما و الأضخم عددا - تناسلت التنسيقيات كالطاعون أو بالأحرى كالخلايا المسرطنة التي صارت تنال شيئا فشيئا من مناعة الجسد التعليميي ، و لا ينبغي أن يفهم من كلامنا هذا تحاملا أو تشفيا ، بل مرارة مبعثها الغيرة على مجتمع عبر الغيرة على ما يشغل موقع القلب منه. كما أن الإشارة إلى هذا الحال تحذيرا من سوء المآل ، لا يعني تحميل رجال التعليم المسؤولية ، لأن حالا كهذا ما هو إلى إفراز لواقع أعم و كما قال أول من تصدى لمعالجة مشكلة التعليم ، و نأى بنفسه عن الإسهام في البهرجة الرسمية حولها ؛المرحوم محمد عابد الجابري :" إن كثيرا من رجال الدولة "صانعي القرار" إما يتخوفون من رجل التعليم وإما يحتقرونه. وهذه الظاهرة تعكس غياب الديموقراطية، أقصد بالخصوص غياب العقلية الديموقراطية، وليس مراسيمها وفولكلورها. ومن نتائج غياب الديموقراطية القرارات الارتجالية التي تصدر لتمس التعليم وسيره أو وضعية رجل التعليم و مسيرته. "(فكر ونقد ع23) ، فهذا الفئوية كعرض للتردي ،ما كانت لتكون لولا التردي ، الذي طبع الواقع الحزبي ،و بالنتيجة الواقع النقابي ، اعتبارا للخصوصية المغربية ، التي تجعل الثاني شاشة عليها ينعكس كل ما يعتمل و يمور في الأول ، و اعتبارا للمكانة التي يشغلها رجال التعليم في الأداء الوظيفي لكليهما ، و اعتبارا كذلك لكون اليد الخفية التي تسللت عبر ظلام مصلحتها ، هي التي أمعنت و تفننت منذ السبعينات في تحريك النصل القاطع للأواصر في هذا القطاع ، متجاهلة أنها بإضعافه إنما تضعف المجتمع بأكمله وتزرع أسباب الوهن حتى في تربة حقوله المستقبلية . هكذا صار التعليم أزمة بأنغام متنافرة ، و مأساة بألوان قزحية منشطرة ، كل منظور يعزف نغمه النشاز و يلون بلونه الخاص، فرجل التعليم في القرى لا يرى من أزمة التعليم ، سوى نأيه عن أهله ، و عطشه إلى الحاضرة ،و آفاقه التي يقضمها الأفول ، خصوصا في السنوات التي كان يتم الولوج فيها لمراكز تكوين المعلمين بشهادة الباكالوريا ،و رجل التعليم الزوج لا ينظر لأزمة التعليم إلا من سم إبرة الالتحاق ، و المدير و المفتش و هكذا دواليك . و إلى جانب هذه الفئوية هناك فئوية أخرى وثيقة الصلة بالأولى و تشكل الحبل السري المغذي لها ، و هي تلك الخاصة بمميزات المدخلات إلى مهنة التدريس ، و التي تطبع حتى خصائص المخرجات و ترهن مستقبلها ، و هي التي توقف عندها المجلس الأعلى للتعليم في تقريره السنوي لسنة 2008 ، حول " حالة منظومة التربية و التكوين و آفاقها "، خاصة في الجزء الرابع منه المعنون ب"هيئة و مهنة التدريس " حيث جاء فيه :" ...أدت الاختيارات التي تم تبنيها بالنسبة للمستوى الدراسي المطلوب من أجل الولوج إلى المهنة ، إلى انخفاض في تجانس مواصفات هيئة التدريس ، مما أدى إلى مشكلة إضافية على مستوى تدبير المسارات . و ملاءمتها مع الحاجيات الحقيقية. "و قد كان أبرز رهان للإجابة على هذه الإشكالية هو إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين ، التي ولدت هي ذاتها حاملة لنفس العاهة ،فكان الرهان خاسرا من البداية ؛ بحيث يسم الهيئة المضطلعة بالتكوين فيها لا تجانس صارخ، إذ تضم كل الفئات بدءا مدرسي التعليم الابتدائي وصولا إلى التعليم العالي ، فكانت ك " الهيولى " من غير صورة و قابلة لكل الصور، أما وضعها القانوني و التشريعي فبالكاد يتجاوز المرسوم رقم 2.11.672 الصادر في 23 ديسمبر 2011 المحدث لها ، فكانت أشبه ما تكون في مكوناتها و أدائها الوظيفي بالأسرة الناشئة عن مجرد قراءة الفاتحة ،أما وضعها الذي ما كان إلا نتيجة لهذا النص الواحد الأوحد و مراجعه القانونية ، فقد أحالها أشبه ما تكون بأرملة لا تنقضي عدتها ، فلا هي على ذمة "وزارة الداودي" و لا هي ل"وزارة الوفا " بالوفية ، لذلك كان الله في عون من يقرأ كف تسييرها و يكشف الطالع في سماء تدبيرها !! وقد انعكس هذا الوضع حتى على التواصل بين فرقائها، خاصة المكونين منهم ، فكل حزب بما لديهم فرحون ، و داخل صدفتهم منغلقون ، فلا يسمع قول القائل في محتواه و مضمونه، بل عليه أولا أن يحدد من أي قبيلة هو ، حتى يتم وضع التدريجة لأهمية ما سينبس به . بهذا و غيره تكون هذه الإجابة مكرسة بدرجة أحد لما جاءت لتجاوزه،و ليس هذا فحسب ، بل إن عدم اطمئنانها إلى هوية محددة ،و الذي ما هو إلا نتيجة حتمية للنقل المتسرع من التجربتين الفرنسية و الكندية ، جعلها لا تقر على قرار حتى على مستوى شروط الولوج و تقعيد روائزه ، و آخر موضة تفتقت عنها عبقرية واضعي مباريات الدخول ، هي الخلوص هذه السنة إلى وضع مواضيع مباريات أقرب إلى أسئلة برنامج "من يربح المليون "، حتى بالنسبة للمواد التي لا تنفع هذه الصيغة في الوقوف على مدى امتلاك الكفايات الضرورية لتدريسها ، و بعد ذلك فلتذهب الخصوصيات الإبيستيمية للمواد و التي تطبع حتى ديداكتيكيها و تتحكم فيه إلى الجحيم ، فما يهم هو الإمعان في تكريس" القردحيات "،و لا يهم أيضا تكافؤ الفرص ،إذ من يدري ،قد يكون بعض المتبارين استعان بالجمهور، فطبيعة أسئلة كتلك تسهل القيام بذلك !! إن هذه القرارات التي تنزل على الرؤوس من عل ، هي التي تجعل رجال التعليم ،يحجمون ، و يزداد أحجامهم حدة مع تواليها و مبادرتهم خمودا ، إلى أن ينحصر كل واحد في شرنقته الخاصة ، مترقبا ومراقبا الوضع من منظور فئته، لتتكرس بذلك الفئوية التي هي الأخت الرضيعة للانتظارية ،هذه الأخيرة التي لا تنحصر في المدرسين فحسب ، بل تشمل حتى من يفترض فيهم أنهم " منظرون " و باحثون "، فترى القوم لا تتحرك لهم رغبة في التأليف أو البحث ، إلا إن أزفت ساعة اتساع قاعدة الزبناء عند موسم الامتحانات المهنية و المباريات ، و هي تأليفات تأتي على مقاس ما هو مطلوب ،كما ينتظر حشدهم صاما آذانه ، حتى يؤدن فيهم فتقوم القومة و تراهم يهيلون على الواقع التعليمي من تراب التنظيرات المنقولة على تسرع و عجلة ، حتى تتعسر عملية التشخيص ،فما بالك بتقديم وصفات العلاج ، فلاندري عما نتحدث و نمسخ موضوعنا ، وتمر العاصفة بعد حين و نعيد الكرة، ونظل نتسلى بالنط بين "الموديلات " من " بيداغوجيا الأهداف " إلى "بيداغوجيا الكفايات" ، مصورين الثانية خصما للأولى تارة ، و طورا منافحين على أنها نسلها الصالح النافع ،و منهما إلى "بيداغوجيا الملكات " و الله يعلم و الأدمغة الجامحة في جنوحها لأشباه منظرينا تعلم عند أي حد سنقف. و حصيلة كل هذا الإمعان في الفرقة و اللبس في الرؤية ،أن توزع دم المسؤولية في هذا القطاع بين الفئات ،بالرغم مما تردده الألسن من ربط المسؤولية بالمحاسبة ،والتدبير بالنتائج ، فأول خطوة هو أن تتعين مواقع المسؤولية و ألا تظل عائمة ، إذ صارت أشبه ما تكون بنظريتها في عرف الأقوام البدائية ،هي في كل مكان و ليست في أي مكان ، و في كل مرة يتطهر القوم من" الشر" بطقوس تقديم القربان : لطم على الخدود ،و عض للبنان حسرة ،و انتقاء قربان في خاتمة المطاف ، و في جل الحالات يكون الأقرب لأداء هذه الوظيفة هو رجل التعليم ، خالدين إلى أسهل الحلول مكتفين بالشجرة ، غافلين عن الغابة . فمنذ الاستقلال ، ونحن نحتفظ بالقبعات الحمر في هذا القطاع ، و نخلف موعدنا مع الثورة ، و في كل هبة نسير على السطح سؤالا و جوابا ، فلا نحصد سوى نقع الأفراس الزائفة ،و في كل مرة يتعالى الصياح بالشعارات فلا نتحسس في النهاية إلا صداها و هو يتلاشى مبتعدا عنا ، فحكايتنا معه كحكاية الناسك مع الجرة ، والنسك هنا ليس بمعنى الورع والتقوى الأقرب إلى معناه البروتستانتي ، بل فقط بمعنى السلبية و الزهد في الفعل،نضع جرة التعليم ،المملوءة بما ورثناه عن أسلافنا في غير تجانس مع ما ورثنا إياه الاستعمار ، معلقة فوق رؤوسنا ، لتتحرك عند كل موسم الألسن لائكة الخطب و الشعارات ، بينما ما في جوف الجرة متروك لحاله يزداد ركودا و فسادا مع توالي السنين ،و نحن ندبج الخطط و الخطب ، إلى أن يأتي يوم يحتد فيه الزعيق و تتنافس التلويحات في الإشارة إلى ناحية النجاة ، فنكسر الجرة و عندها لن تسلم الجرة ، فيتدوق الكل ما في داخلها ، لكن هيهات بعد يكون قد صار سما زعافا !