محمد حمضي - كان من الممكن أن يخلد إلى القليل من الراحة لو أن المدرسة العمومية حجزت له مقعدا في صفوفها، بدل أن يجد نفسه في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين يرعى الغنم وهو لم يتجاوز عتبة عقده الأول إلا بسنوات. كان من الممكن أن يمارس شغبه في مخيم من المخيمات الصيفية لتكسير الرتابة التي تقتله في قريته الغير متوفرة على أبسط مرفق ترفيهي بالمواصفات المطلوبة ، بدل تركه يركض هنا وهناك لتتلقفه أنياب الوحش البشري الذي تجرد من أدميته ، وغرس السكين في عنقه فحدث ما لم يكن في الحسبان. تتحدث التفاصيل التي استقيناها من مصادر متعددة ، بأن شخصا (حوالي 45 سنة) غريبا عن دوار الريحيين التابع للنفوذ الترابي لجماعة مصمودة بإقليم وزان ، تسلل يوم الأربعاء 31 يوليوز إلى المنطقة ، قادما إليها من جماعة قروية بإقليم القنيطرة حيث مقر إقامته . وهو في أحد حقول الدوار في عز هجير الحر المتقد الذي تعرفه المنطقة في هذا الفصل من السنة، استرعى انتباهه طفل قاصر ( أيوب البهجاوي 13 سنة ) يرعى غنمه. في هذه اللحظة جال في خاطر الجاني أكثر من سيناريو للظفر برؤوس الأغنام من دون أن ينتبه أحد لما سيقدم عليه . تجرد الغريب من كل مشاعره الإنسانية، وداس حرمة شهر رمضان، فقرر التخلص من الطفل بمداهمته وذبحه من الوريد إلى الوريد بعد أن استل من تحته سلاحه الأبيض مما يؤكد بأن جناية القتل كانت عن سبق وإصرار على الواقعة. الطفل يخور ، والدماء تنساب من عنقه ، بينما الجاني يضع سلاحه في غمده ، ويسوق قطيع الغنم البالغ عدد رؤوسه ستة عشر رأسا. في هذه اللحظة بالذات تقول ذات المصادر سيطوق سكان دوار الريحيين المنطة ، بما فيها غابة مجاورة بحثا عن المجرم بعد أن وصل إلى علمهم خبر جريمته الشنعاء . وآخرون تكفلوا بنقل الطفل إلى إجراء اتصالات بالجهات المختصة ، حيث سيتم نقل الضحية إلى مستشفى " أبي القاسم الزهراوي " الإقليمي بوزان ومنه إلى المستشفى الجهوي بالقنيطرة الذي تدخلت أطره الطبية وأنقذت الطفل من الموت بعد قطع الجاني قصبته الهوائية . عملية البحث عن الجاني بالغابة لم تدم طويلا، بحيث تقول مصادر متعددة بأن الجاني حاول مقاومة الساكنة، وهي المقومة التي لم تدم طويلا، فتهاوى بعد أن خارت قوته حيث سيلقى عليه القبض ويسلم إلى الدرك الملكي الذي حوله إلى قسم مستعجلات مستشفى وزان، قبل أن يفتح معه تحقيقا حسب المساطر المعمول بها في مثل هذه القضايا الجنائية، لكن التحقيق توقف في بدايته بعد أن تدهورت حالته الصحية، حيث سيفارق الحياة بمستشفى وزان الذي نقل إليه مرة ثانية . المأساة انتهت بنقل جثة الجاني إلى مستودع الأموات بالقنيطرة قصد التشريح، ومن ثم تسليم جثته إلى أسرته . أما الطفل فتقول بعض المصادر بأنه قد اجتاز مرحلة الخطر، لكنه لا زال تحت المراقبة الطبية.