من يبرر بالخصوصية المغربية استثناء المغرب من رياح ثورة ديمقراطية على الطريقة التونسية و المصرية لا زال متخلفا عن وعي جديد بلوره علاقة الشباب بالواقع الاجتماعي و السياسي الملموس في البلدان المغاربية والعربية و العالمثالثية. لا يجب أن ننسى أن التحولات التي عرفها العالم بانهيار الاشتراكية البيروقراطية في الاتحاد السوفياتي، والحركة الجماهيرية الديمقراطية التي أطاحت بالديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية و إفريقيا و آسيا... وميلاد حركة اجتماعية سياسية عالمية مناهضة للعولمة الرأسمالية... ماذا تنتظر القوى الديمقراطي واليسارية لبلورة برنامج وممارسة من أجل فرض الديمقراطية في المغرب؟ ماذا ننتظر كديمقراطيين و يساريين للمبادرة بأشكال نضالية جديدة (الاعتصام، المسيرات، الإضراب...) من أجل فرض التغيير الديمقراطي في المغرب؟ ماذا ننتظر كديمقراطيين و يساريين للمبادرة بتأسيس "منتدى التغيير الديمقراطي" تتوحد داخله القوى الديمقراطية واليسارية والديمقراطيين الديمقراطيات واليساريات واليساريين من أجل تنظيم النضال منأجل الانتقال إلى الديمقراطية؟ عندما نطرح تأسيس "منتدى التغيير الديمقراطي" على اليساريين والديمقراطيين واليساريات والديمقراطيات و نداء الاتحاد داخله دون اعتبار للانتماء الحزبي قصدت بالضبط أن تغيب خلال النضال الجماهيري من أجل تحقيق الانتقال إلى الديمقراطية دستوريا و سياسيا بما يحقق نظام ديمقراطي (ملك يسود و لا يحكم)، أن تغيب الحزبية الضيقة والتناقضات الثانوية أمام معركة وطنية من أجل فرض الديمقراطية.. ولا يعني هذا الموقف تجاوز الأحزاب اليسارية التقدمية .. من الخطأ في المغرب أن لا تشارك الأحزاب اليسارية الديمقراطية و أن لا نتعامل معها في الصراع السياسي من أجلالديمقراطية... ومن جهة أخرى لا بد لهذه الأحزاب والنقابات الديمقراطية واليسارية من أن تتخذ موقفا واضحا في نفس الوقت لتحقيق الديمقراطية الآن: 1- من أساليب أشكال و النضال الديمقراطي الجماهيري (مسيرات وطنية، اعتصامات، إضرابات...) 2- من شعار "الديمقراطية الآن" 3- من برنامج التغيير و اقتراح الأشكال و الأساليب النضالية لتحقيق الديمقراطية الآن، أي فرض برنامج انتقال المغرب دولة و مجتمعا وأحزاب إلى ديمقراطية حقيقية الآن... والاستعداد للتوحد من أجل تحقيقه... لنستخلص الدروس من التجارب 1)...الاتحاد الاشتراكي و قبله الاشتراكي الموحد بلورا مذكرة الإصلاحات السياسية و الدستورية الأول أي الاتحاد الاشتراكي سنة 2010 و الاشتراكي الموحد سنة 2006 ... لكن ماذا بعد؟؟؟ المؤسسة الملكية رفضت بضمتها و بعدم اهتمامها حتى بهذه المذكرات ... ا 2 ) ما لم تتبلور قوة اجتماعية ديمقراطية بقيادة ديمقراطية لن نستطيع أن نفرض على القوى المخزنية (أرسطوقراطية المؤسسة العسكرية، البرجوازية الكمبرادورية، الفئات العليا من الطبقات المتوسطة المرتبطة باقتصاد الريع) التي ليس من مصلحتها انتقال المغرب إلى الديمقراطية لأنها ستفقد سلطتها السياسية التي ترعى مصالحها الاقتصادية و المالية. 3) مسألة مساهمة الشباب في التغيير الديمقراطي مسألة أساسية لأن الشباب حامل لطموحات التغيير الديمقراطي دون أن يعي ضرورة البرنامج أو الأهداف... أنه يثور ضد الظلم و إقصاء و تهميش طموحاته في الحرية و العمل و حياة أفضل وفي المساهمة في الحياة السياسية وفي خروج المغرب من التخلف. ونعرف أن شباب اليوم وقع فصله تعسفا عن الحياة السياسية والعامة بالنظر لواقع النسق السياسي المغربي و السياسة التعليمية اللذان لا يوفران في الواقع مجالات التسييس والتأطير للشباب وفقا لاهتماماته و لطموحاته بالقدر الذي يتجاوب مع المعرفة التي يكتسبها دون حاجة إلى أستاذ أو موجه عبر تكنولوجيات الإعلام الحديثة والعجز عن توفير شروط انخراط الشباب في الحياة العامة والسياسية ... كلمة أخيرة لا أريد أن نسقط في بوليميك لأنني أستخلص الدروس من تجربة الواقع كي لا يسقط الديمقراطيون و اليساريون، أحزاب وأفراد، في نفس الأخطاء .. بالفعل للأحزاب اليسارية خبرة في الصراع مع المخزن... وقدمت تضحيات جسيمة من أجل التحرر و الديمقراطية... لا أحد ينكر ذلك .. و لكن هذه الخبرة هي التي مع الأسف أوصلتنا إلى تأخر النضال الديمقراطي وإلى دخول تجربة التناوب التوافقي التي أجهضت المد الديمقراطي التي عرفها المغرب منذ بداية التسعينات... وكان تقييم عبد الرحمان اليوسفي في محاضرة بروكسيل واضحا وخلاصته أن الاعتقاد بأن التناوب التوافقي سيؤدي إلى تناوب حقيقي كان اعتقاد خاطئ... لذلك عندما طرحت عدم اعتماد الحزبية في اتحاد اليساريين و اليساريات الديمقراطيين فإنني اعني أن تعي هذه الأحزاب ضرورة توفرها على إرادة سياسية مبلورة في قرار هيئاتها التقريرية بأن تنخرط في حركة نضالية متحدة بأساليب عمل جديدة (الاعتصام، المسيرات، الإضراب...) من أجل فرض الديمقراطية دون حسابات ربحها كأحزاب من هذا النضال الموحد لأن المستفيد الأكبر سيكون هو الشعب المغربي بتحرره من الخوف ومن الإعاقات التي تعيق انخراطه الوازن في النضال الديمقراطي الفعلي... كما أن قرار واضح لهذه الأحزاب الآن دون انتظار لعزمها خوض نضال جماهيري من أجل الانتقال إلى الديمقراطية سيجعلها تكتسب ثقة الجماهير الشعبية في قيادتها للنضال الديمقراطي ... أما و هي لا زالت غير واضحة القرار من النضال الديمقراطي في أشكاله الجماهيرية المطروحة الآن في الساحة السياسية فإنه من الصعب المراهنة عليها ما دامت لم تتخذ هذا القرار... بل إن خطابها أن المغرب لن يعرف الانتفاضة و الثورة التي تعرفها تونس و مصر يوضح أن ليس لها إرادة لاتخاذ قرار النضال الجماهيري و ليس لها استعداد لتهييئ شرطها الذاتي لقيادة النضال الجماهيري الديمقراطي .. وهذا يعني أن موقفها يعتبر أن طريق "الانتقال إلى الديمقراطية" هو التوافق الفوقي السائد والمستمر مع المؤسسة المخزنية منذ بداية التناوب التوافقي الذي في نظرها لم يستنفذ ممكناته.