قالت حسناء أبو زيد القيادية في حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” إن المغرب يعاني من عطب في الممارسة السياسية، وفي شكل “التعاقد” الذي يجب أن يكون عنوانا في المرحلة القادمة، التي تشكل رهانا للعالم ولبلدنا بشكل أكبر. وأوضحت أبو زيد في الندوة المنظمة من طرف “منتدى طنجة التشاركي”، و”مركز تكامل للدراسات والأبحاث”، أمس الخميس، أنه لا ينفي أحد أن وضع حقوق الإنسان بالنسبة للمغرب تطور فشارع 1965 أدرى آلاف القتلى، لكن هذا لم نشهده مع شارع 2011 بفعل ما قدمته القوى الحية، التي أصبحت تعاني، لأن فاعلا كبيرا أصبح يقوم بدور الضيف وهو “اليسار”، وخاصة حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
وتساءلت أبو زيد هل يمكن أن نعول على إرادتنا في بناء تعاقد فعلي جديد بناء على كل متطلبات هذه المرحلة، ونحن نرى كيف أن السلطة السياسية تكتفي بدور ثانوي؟. وأكدت أن منسوب الثقة في الدولة تراجع ولا يمكن “للياقة” التي عشناها في هذه الأشهر، والتي تمثلت في سلاسة اتخاذ القرار عبر مفاصل الدولة وقوتها وفعاليتها، أن تجعلنا نتسرع في إبداء خلاصات لأن ما كان يهددنا هو الحق في الحياة. وأضافت “نتمنى أن تكون كل الإجراءات التي اتخذت مدخلا لتفكيك إشكالية “اللافاعلية” السابقة، من أجل كتابة عقد جديد في التعليم والصحة”. وأبرزت أبو زيد أن الوضع الحقوقي في المغرب تطبعه المفارقة فصحيح أننا تطورنا مقارنة مع الماضي، لكن لازالت مؤسساتنا ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والقطاع الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، والمندوبية الوزارية، ل لم تقوى على دحض جزء من الشك في مجتمعنا حيال تمثل السلطة لحقوق الإنسان. وتابعات “ولكن رغم هذا التطور هل باستطاعة أحد اليوم أن يجيب عن الشك الذي يعتري المغاربة في شأن تدبير حراك الريف، والمتابعات التي نعيشها اليوم؟”. وشددت أبو زيد على أن التعاقد الجديد هو تعاقد أخلاقي بدرجة أولى، ويجب أن يبنى على “براديغمات” جديدة. وأوضحت أن مشكلة الدولة المغربية غير مرتبطة بمشكلة النجاعة، لأنها تعاملت بنجاعة مع هذه الأزمة سواء عبر فرض الحجر واستعمال “الكلوروكين” الذي كان قرارا صعبا للغاية، لكنها تحتاج إلى تعاقد تتحمل فيه كل الأطراف مسؤوليتها بالشكل الكافي. وتساءلت نفس المتحدثة عن جدوى السلطة السياسية إن لم تتمخض عنها مجموعة من الالتزامات، فالحكومة إلى الآن غير قادرة على الإجابة على انتظارات المغاربة، ومنها سؤال تسقيف أرباح المحروقات، وحتى الالتزامات الدستورية لم تنفذ. وأكملت بالقول “مشكلتنا أن الفاعل السياسي عندما يصل للحكومة يتنصل تماما من كل التزاماته، ولحظة الانتخابات في منظومتنا السياسية ليست لحظة محاسبة”. وأضافت “هناك فاعلون سياسيون يستغلون أعطاب المجتمع دون رسالة سياسية، وبعض الأحزاب لا تمارس التأطير السياسي، طبعا حزب “العدالة والتنمية يمارسها بشكل منظم، وأحزاب أخرى تمارسها بشكل عشوائي”. وأشارت أبو زيد أن هذا التأطير السياسي يمارس أحيانا عبر القرب التكفلي، حيث تصبح بعض الأحزاب عبر “قففها” وخدماتها تحاول أن تنوب عن الدولة في دورها إزاء المواطن، مما يخلق مناطق خطيرة من التوتر، حيث نجد أنسفنا فيما يشبه صناعة ممنهجة للتوتر، على حد تعبيرها. وأكدت أن الأخطر ليس هو المعارض الذي يصرح بما لا يعجبه، بل الأخطر هو من يسوق خطاب الهدنة والتطمين والعلاقة المطبعة مع مبادئ الديمقراطية في حين أنه ينتج مجتمع داخل مجتمع. وتابعت “أنا لا أقبل أن حزبا سياسيا يبني مجتمعا داخل المجتمع، والقرب التكفلي يهين المغاربة”. وشددت أبو زيد على شظايا الصراع داخل حزب كبير مثل “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” الغائب عن المشهد السياسي، أصابت الكثيرين اليوم، والحزب اليوم يجلد ذاته وينزف دما ويتبعثر . ولفتت أنه يمكن أن يكون هذا الوضع مرحلة نضالية جديدة تتشكل داخل هذا الحزب، مشيرة أن الأزمة التي يعيشها المجتمع، هي نفسها التي يعرفها حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”. وأكدت أبو زيد أن مسؤولية رئيس الحكومة واضحة في مشروع قانون 22.20، لأن الدستور يخاطب الحكومة في شخص رئيسها، و”الاتحاد الاشتراكي” هو جزء من الحكومة يتحمل مسؤوليته فيها، مؤكدة أن الحزب بقيادته الحالية أضعف من أن يضمن حقا أو يسلبه. وأبرزت أن الأخطر في المشروع ليس أنه يدوس المقتضيات الدستورية المتعلقة بالحريات، بل أن عقل الدولة المغربية يمكن أن يفكر بمجابهة الثروة الرقمية بمنصات رملية، وأن يعطي منصات المعارضة لأجندات خارجية من أجل التقنين.