وجهت رسالة "دايلي تلغراف" رسالة للرئيس الأميركي باراك أوباما، قائلة: إن مساعدتك لإسقاط الطغاة في دول الربيع العربي لم يضمن لك الاستقرار في المنطقة ولم يجنبك شرورهم، بل انقلبت اليوم الشعوب العربية، التي كانت ساخطة على حكامهم، على أميركا نفسها. واشارت الى انه "لأكثر من عام، ألقى السياسيون على جانبي المحيط الأطلسي ثقلهم بدعم التغيرات التي أحدثت زلازل بين النخب الحاكمة التي كانت مسيطرة على المنطقة على مدى عقود، ونجحوا في إزالة دكتاتور يلي الآخر، إما من خلال قوة السلاح أو قوة السخط الشعبي الساحقة، مما جعل القادة الغربيين يطلقون على هذه الموجة عن طريق الخطأ اسم "الربيع العربي"، ظنا منهم بأنها تشبه الحركات المؤيدة للديمقراطية على النمط الغربي". ولفتت الى انه "في واشنطن سعى الرئيس أوباما، منذ بداية رئاسته، ببدأ علاقات جديدة مع العالم الإسلامي وقال إنه أعطى الدعم غير المشروط لتلك الحملات المؤيدة للديمقراطية من أجل إحداث التغيير في العواصم العربية الكبرى، وشجع على الإطاحة بأشد حلفاء واشنطن وأطولهم حكما، وهو الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، ودعم الحملة العسكرية للإطاحة بالعقيد الليبي "معمر القذافي". وكان "ديفيد كاميرون"، رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي السابق "نيكولا ساركوزي" في طليعة التحالف بقيادة حلف شمال الاطلسي العام الماضي لتغيير النظام في طرابلس، في حين أن "ويليام هيج" يحاضر بانتظام موظفيه بوزارة الخارجية بأنه من المهم بالنسبة لبريطانيا أن ينظر إليها على أنها داعم للإصلاحيين الذين يطالبون بالتغيير في الشرق الأوسط". وأكددت ان "جريمة القتل الوحشية للسفير الأميركي "كريس ستيفنز" وزملائه في مدينة بنغازي الليبية الساحلية أثبتت أن موجة التغيير التي تجتاح المنطقة لا تخلو من المخاطر، ولا يزال من السابق لآوانه معرفة المسئول عن ذلك الهجوم، مما يؤكد أن هذه الحلقة المأساوية تشير إلى تخفي التيارات الخطرة التي تحوم تحت اسم حركات الإصلاح". وقالت: "نظرا لتوقيت القتل، في الذكرى الحادية عشرة لأسوأ هجوم إرهابي نفذ على التراب الأميركي، نسب بعض المسؤولين الليبين هذا العمل الشنيع إلى جماعة أنصار الشريعة، وهي مجموعة إسلامية متشددة معروفة بصلاتها الوثيقة بتنظيم القاعدة، الذي تم اضطهاد بشراسة في ظل نظام القذافي، مما يشير إلى الفوضى التي تعاني منها ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي ويؤكد عكس نظريات الربيع العربي". واستنكرت الصحيفة عدم تقدير دول شمال إفريقيا المجهود الحيوي العالمي، وتدخل الغرب المستمر في مساعدتهم على تحقيق أهدافهم، وعلى الرغم من أن الموقف الرسمي للحكومة الليبية الجديدة المنتخبة في يوليو هو السعي إلى حوار ودي مع الغرب، إلا أنه لا تزال هناك العديد من الفصائل، بما فيها تلك التي تدعم أجندة الإسلاميين المتشددين، يريدون للبلد أن يعتمد أكثر على النهج المعادي للغرب، ويرفضون بشدة استمرار تأثير القوى الكبرى الغربية على بذل التنمية في البلاد. وينطبق الشيء نفسه في مصر، فبالإضافة إلى الدور الرائد الذي تطلعت إليه إدارة أوباما في تأمين إزالة "مبارك" من السلطة في العام الماضي، والذي كان يشبه القلعة الحصينة للسفارة الأمريكية في القاهرة، أكد الرئيس "محمد مرسي"، أنه يريد الحفاظ على العلاقات الودية مع الغرب، واستنكر المظاهرات العنيفة التي شتهدها بلاده أمام السفارة الأمريكية والتي يمكن بسهولة أن يكون لها نتائج مماثلة لتلك التي في بنغازي. ومما لا شك فيه هو أن هذين البلدين، يجدان أنفسهما عرضة بشكل متزايد لمطالب المسلمين المتشددين الأصوليين، ففي ظل أنظمة مبارك والقذافي، كانت هذه الشخصيات حبيسة في زنزانات السجون القاتمة، ولكن مع زوال الطغاة، وفي حال رحيل الرئيس السوري "بشار الأسد" قريبا بالتأكيد، فإن تأثير المقاتلين المسلحين الإسلاميين المتنامي، أصبح يعبر عن الوجه المتغير في الشرق الأوسط كما يزيد الصعوبات أمام صانعي السياسات الغربيين. واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة: لقد أطُيح بالرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر من البيت الأبيض لفشله في إنقاذ الرهائن الأميركيين في إيران من الأسر، ويمكن أن يعاني أوباما من مصير مماثل في الانتخابات الرئاسية في الشهر المقبل إذا لم يتمكن من التوصل إلى وسيلة مقنعة لمعالجة الجيل الجديد من المتطرفين الإسلاميين في العالم العربي.