تشكل الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالامريكية احد اهم الاحداث التي تأخذ بانتباه الشارع الأمريكي بمختلف شرائحه، وعلى رأسهم الفئة المثقفة، لما يؤسس هذا الحدث من تغييرات احيانا تكون جذرية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الامريكي. وتتميز الحياة السياسية الامريكية بنظام الحزبين : الديمقراطي الاقدم والأسبق في المجال والحزب الجمهوري الاقل شعبية منذ نشأته . سيطر على المشهد السياسي الامريكي منذ سنة 1956 حزبين اساسين هما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري. ولقد ارتبط تاريخ الحزب الديمقراطي الامريكي بتاريخ النظام الامريكي نفسه، حيث يعد اول حزب ظهر في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومما تجدر الاشارة اليه هو كون الحزب الديمقراطي والجمهوري كانا وجهين لعملة واحدة في البداية، حيث كان يطلق على الحزب انذاك بالحزب الديمقراطي الجمهوري، والذي جمع بين اطراف ذات اتجاهات ومصالح سياسية متعارضة اتفقت فيما بينها على العمل سوية لمواجهة العدو، وكان لطوماس جيفرسون وشخصيته الاسطورية كل الفضل في هذا الكيان السياسي الضخم الذي ضم خيرة الشعب منذ نشأته امثال المهندس العبقري ماديسون. ولقوة هذا الحزب وشعبيته الكاسحة انزوى من الساحة السياسية الاتحاديون ليبقى في الحكم وحيدا لفترة قصيرة، لينافسه حزب الويجز لاحقا وليلاقي هو الاخير نفس مصير الاتحاديين بعد انحلاله سنة 1854 بعد ضربة قاضية وجهها ستفين دوغلاس للحزب الذي قام باعادة فتح ملف الرق من جديد. وبعد سلسلة من الاحداث السياسية، ظهر في الساحة الحزبية ما يطلق عليه حاليا بالحزب الجمهوري الذي جاءت نشاته نتيجة لفوران للشعور السياسي، حيث لم ترتبط نشاته لا بمدينة معينة ولا بشخص محدد وانما كانت ببساطةأقوى حركة جذرية أصلية في التاريخ السياسي الأمريكي ككل في محاولة للوقوف ضد مفهوم الرق الذي كان يسود الحياة الامريكية ومحاربته، وكان زعماء الحزب الجمهوري في اغلبهم من الويجز ومن الحزب الام ومن انصار الغاء العبودية او الرق، ومن فئات مدنية اخرى منددة بعدد من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية السائدة انذاك. وحتى يومنا هذا، ليس لهذا المنافس الوحيد شعبية قوية تضاهي شعبية وصيفه السياسي اىلديمقراطي الليبرالي، بحكم توجهه المحافظ الصارم . ويعرف الشارع السياسي الامريكي حاليا في هذه الانتخابات الاخيرة ما يمكن ان يطلق عليه بالصراع السياسي بين الأصالة والتي يمثلها الحزب الجمهوري المحافظ و"المعاصرة" والتي يمثلها الحزب الديمقراطي الليبرالي. حيث وبينما ينادي الرئيس الافريقي الاصل باراك اوباما بالحرية الجنسية لدرجة الترخيص بزواج الشواذ جنسيا، يناضل الجمهوريون من اجل منع مثل هذه الحريات لدرجة ان الحزي في شخص ممثله رومني ميت وعد حتى بالرفع من اثمنة "بلا ن بي" وهو قرص مضاد للحمل يصل ثمنه حاليا في الولاياتالمتحدة الى 50 دولار في محاولة للتضييق على مستخدميه قد الحد من الظاهرة. وفي سؤال لاحد الاساتذة بجامعة ويلزلي الأمريكية لمن ستصوتين في الانتخابات الرئاسية هذه، اجابت " بكل تاكيد لباراك اوباما لسبب وحيد كوني لا اريد الرجوع الى زمن الرق، واستعباد النساء" تصريح ارتجالي ملؤه التخوف من سيادة نظام المحافظين الذي يحد من حرية الافراد ويضيق عليهم في كل مناحي الحياة بما فيها الاقتصادية والاجتماعية. اغلبية الشارع الامريكي تؤيد الحزب الديمقراطي رغم تلك المضايقات الاعلامية المتكررة والتي لا تفتا تحاول البحث عن نقاط سوداء في الحياة السياسية للرئيس الحالي باراك اوباما ، كإعلانه عن "خطة الانسحاب" التي تترك المزيد من القوات الامريكية في أفغانستان مما كانت عليه في البداية، وما خلفته من احتجاجات في الشارع الامريكي، كذا قيامه بصفقة بيع سلاح للمملكة العربية السعودية بقيمة 60 مليار دولار والتي تعد اكبر صفقة بيع اسلحة في التاريخ، ايضا نيته وقيامه بالفعل بتمويل اعمال تجسس تستهدف المسلمين، وأيضا حصوله على الحق في اختراق والتجسس على المحادثات الهاتفية والبريد الالكتروني دون الحاجة الى اذن في ذلك، وخرقه المتكرر لوعد بمنح الشعب مدة 5 ايام للتعليق على الفواتير قبل توقيعها وما لا يتسع المجال لذكره هنا الان. روني ميت رغم تواضع خبرته السياسية الا ان لصوته هو الاخر صدى في الشارع الامريكي خصوصا في صفوف المحافظين، ليبقى للزمن حق تقرير المصير وفرز الرئيس التالي لاقوى كيان سياسي في العالم.