صلى الفجر وعاد لينام. هو لم ينم، ولكنه استلقى على ظهره فوق أريكة الصالون. أمامه في صدر الصالون لوحة خطية مكتوب عليها آية الكرسي. أخذ يرتل في صدره آية الكرسي. لم يتركه الشيطان في حاله. شاغب عليه وأفسد عليه خشوعه. لعنه وأكثر من اللعنة على إبليس. لكن طريد الجنة أقسم أن لا يفارقه. الكرسي. الكرسي.. هو "نعام أسي الحكم... والله يعز لحكام". صاح حتى أيقظ من في البيت: أنا هو الحاكم... نجح الرجيم في مسعاه. وقف صاحبنا وتمطى كقط شبعان. تقدم أمام مرآة طويلة وعرض عليها هيأته. أعجبت به المرآة ذات الإطار المذهب. قالت له: ما بكش.. ما عليكش.. تقدر تقضي الغرض. تبسم ضاحكا من إطرائها. وعدها أنه سيعجبها أكثر. لتمهله قليلا فقط. دخل إلى المرحاض. هو يفضل تسميته بالكنيف. إذا سماه أمام أحد أتبع ذلك ب"حاشاك.. أعزك الله". في الكنيف سطل صغير مليء بالحصى. وكتاب حول "التغوط والتبول في الإسلام". وكتيب آخر صغير يشرح كيفية الإستنجاء في الإسلام. ومجلة أفغانية ملونة باسم "أحكام قضاء الحاجة". جلس واستوى على الكرسي الأبيض جاكوب دولافون. وضع المجلة ين يديه. ذهب إلى ركن "سلس البول". بالصفحة 20. تذكر حركة 20 فبرير. لعن الشيطان وطفق يتعصر. يعاني من المصران الغليض. لم تنفعه أدوية الصيادلة ولا وصفات العشابين. ينتظر وصول عشبة نادرة من التبت. لا يعرف سرها إلا رهبان التبت. ولو أنهم من الكفرة فالدين والسنة أجازا استغلال وصفاتهم والتداوي على أيدي أطبائهم وكهنتهم. "ما أيسر ديننا" ردد في صدره. رفع رأسه إلى سقف بيت الماء. فجاءه الإلهام. . أكثر القرارات وأخطرها تأتي في الكنيف لحظة قضاء الحاجة. مسح بحصى وطلع سرواله. قام يجري نحو غرفة مكتبه. هو يبحث عن ورقة وقلم. كتب بعد البسملة لفظة غريبة. كتب: "العفعمة". وتراجع إلى الخلف وقد انبسطت أساريره. أخرج هاتفه المحمول من جيب سترته وهاتف مستشاره. الأكبر من بين مستشاريه. قال صائحا: هل هذا وقت النوم؟ أدركني.. أنا أنتظرك في مكتبي.. لا تتأخر. في برنامج خاص تحدث صاحبنا شارحا نظريته الجديدة. فتح رسولي غير مسبوق. "العفعمة" هي الحل لكل مشاكل البلاد والمجتمع. تستند على مأثور السلف الصالح وتقضي بالعفو عما سلف من انتهاكات الفساد. "نحن أولاد اليوم. ومن نهب أو سرق المال العام فهو لا يعاب عليه ولا يلام. وتلك الأيام...". اجتمع زمرة من المفسدين وقرروا القيام بمسيرات تأييدية أما مقرات الولايات والمجالس البلدية والقروية والوزارات والبرلمان. تفعمع الجميع. لم تبق فئة من المسؤولين والنخبة الحاكمة لم تصب بالفعمعة. تدخلت الأممالمتحدة من خلال منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي وأعلنت المغرب منطقة منكوبة. في تصريح إعلامي تملص فيلسوف العفعمة من نظريته. وتحدث عن أنفلونزا العفعمة كوباء لا دواء له. "كان الفلاسفة قديما أيضا أطباء". قال العفعمي. ومد يده إلى الماعون يمخمخ لاعنا الطاعون. وأسر إلى أهله أن الطاعون ليس إلا إشاعة. —