جددت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، دعوة وتنبيه الجهاز الحكومي إلى "الحاجة الملحة إلى مباشرة وتسريع إصلاح منظومة التقاعد"، مسجلة أنه "قد سبق للمجلس أن أصدر توصيات في هذا الشأن في تقريره حول منظومة التقاعد سنة 2013 دعا فيها إلى الشروع في الإصلاح الهيكلي بعد إنجاز الإصلاح المقياسي". وأشارت العدوي في جلسة عمومية مشتركة بين غرفتي البرلمان لتقديم عرض عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024، إلى تقرير المجلس المتعلق بالصندوق المغربي للتقاعد، الصادر سنة 2017، الذي أورد ضمن توصياته الأهداف الاستراتيجية التي يجب أن يتوخاها إصلاح نظام التقاعد والشروط الضرورية للحفاظ على استدامته. كما لفتت الرئيسة الأولى للمجلس سالف الذكر إلى الوضعية التي يشهدها الصندوق المغربي للتقاعد الذي يسجل عجزا تقنيا بمبلغ 9.8 مليارات درهم عند نهاية سنة 2023، مما يؤدي إلى تراجع في الأرصدة الاحتياطية لهذا الصندوق التي بلغت 65.8 مليار درهم عند متم سنة 2023، مستندة إلى معطيات وزارة الاقتصاد والمالية التي تتوقع أن تستنفد في حدود سنة 2028. وبعد أن اعتبرت هذا الملف ضمن المخاطر المالية التي تواجهها المالية العمومية، سجلت المسؤولة عينها "إعلان الحكومة مؤخرا عزمها الشروع في الإصلاح المرتقب خلال الشهر الحالي". وعلاقة بالمالية العمومية، ناقشت العدوي أمام النواب والمستشارين ووزراء ومسؤولين آخرين "بعض المخاطر التي يتعين معالجتها على الأمدين القصير والمتوسط، بالنظر إلى الضغوط المتزايدة على المالية العمومية وكذا وتيرة تنفيذ بعض الإصلاحات المبرمجة"، موضحة أن "تفاقم إشكالية الإجهاد المالي تستلزم استثمارات كبرى مستعجلة تقدر ب143 مليار درهم برسم الفترة 2020-2027". وأوردت كذلك أن التأهيل العام لمنطقة "الحوز" يستدعي موارد مالية مهمة لتمويل برامج الإعمار ومساعدة المتضررين من الزلزال، مبرزة أن النفقات في هذا المجال تجاوزت 9.5 مليارات درهم إلى حدود نهاية أكتوبر 2024، مضيفة "تواصل تنزيل الإصلاحات الكبرى التي أطلقتها بلادنا خصوصا إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، التي من المتوقع حسب آخر تقديرات وزارة الاقتصاد والمالية أن تبلغ كلفته 53.5 مليار درهم عند تفعيل جميع آليات الحماية الاجتماعية سنة 2026، منها 38.5 في المائة ستمول من ميزانية الدولة". على صعيد آخر، أشارت العدوي إلى البنية التحتية الرياضية والسياحية والاتصال والمواصلات استعدادا لاستضافة المغرب كأس إفريقيا للأمم سنة 2025 وكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، قائلة إن "هذا يتطلب تعبئة موارد مالية هامة لتمويل هذه الاستثمارات الكبرى". واعتبارا لتطور نفقات الاستثمار المنجزة في إطار الميزانية العامة للدولة التي انتقلت من 52.3 مليار درهم سنة 2015 إلى 119.2 مليار درهم سنة 2023، شددت المتحدثة على ضرورة "الحفاظ على مجهود الاستثمار العمومي هذا، والسعي لأن يشكل رافعة فعلية للاستثمار الخاص من خلال تطوير الآليات الضرورية لضمان التوظيف الأمثل للاستثمارات العمومية وعبر ترشيد النفقات وتحديد وضبط الأولويات واللجوء أيضا إلى الشراكات مع القطاع الخاص". وارتباطا بتعبئة الموارد، لفتت العدوي إلى التوقعات التي تذهب إلى احتمال مساهمة "الإصلاحات الجارية في المجال الجبائي وإصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية ومنظومة الاستثمار هذه في تخفيف الضغط على المالية العمومية"، مبرزة أن هذا يتيح موارد عمومية إضافية من جهة، ويقلص التحويلات من ميزانية الدولة لفائدة المؤسسات العمومية. فهذه التحويلات فاقت 65 مليار درهم سنة2023 مقابل مساهمات وعائدات في ميزانية الدولة لم تتجاوز 16.8 مليار برسم السنة نفسها". وتابعت شارحة: "من بين الأهداف المتوخاة من إصلاح منظومة الاستثمار، الرفع من نسبة مساهمة الاستثمار الخاص الذي يجب أن يعكس فعليا الدينامية التي يشهدها الاستثمار العمومي، وبالتالي التخفيف من الضغوط على المالية العمومية، بالإضافة إلى ما يمكن أن يوفره إصلاح منظومة الاستثمار من عائدات ضريبية من شأنها الرفع من القدرات التمويلية لميزانية الدولة، وكذا لميزانية الجماعات الترابية". وبالنسبة للمسؤولة عينها، فإنه "إذا كان من شأن هذه الإصلاحات توفير هوامش هامة للاستجابة لحاجات التمويل، فإن الحرص على مواصلة تسريع تنفيذ هذه الإصلاحات يكتسي أهمية بالغة تداركا لكل التأخر في إنجازها، وضمانا أيضا لتعبئة الموارد اللازمة في أفق يتناسب مع توقيت بروز الحاجيات وضبطها، ولترسيخ موارد تمويلية قارة، مع الاستمرار في ابتكار مصادر أخرى لتخفيف هذه الضغوط على الميزانية المالية العمومية".