أفاد شوقي الهامل، أستاذ التاريخ بجامعة أريزونا الأمريكية، أن هناك دراسات حديثة تهدف إلى استرجاع الدور المنسي للسود في شمال إفريقيا، قد بدأت مؤخرا، مركزة على تحدي التفسيرات التقليدية للعبودية في أرض الإسلام، والكشف عن نظام اللامساواة، وذلك في حوار خص به جريدة “لوموند” الفرنسية. وأشار الباحث المغربي إلى أنه على الرغم من التنوع في المغرب وإفريقيته، “إلا أن العبودية كانت تتشكل بعمق من خلال الهويات العرقية، ثم ارتبطت بالأصول الإفريقية، كما لو أن المغرب لم يكن إفريقيا” يضيف شوقي.
واكد صاحب كتاب “المغرب الأسود” أن المجتمع المغربي للأسف منقسم حسب اللون والعرق. وعمل الباحث على مناقشة مفهومي العرق والعنصرية باعتبارهما ليسا ابتداعا أمريكيا أوروبيا، مستخلصا أن علم الأنساب مرتبط بهذين المفهومين في شمال إفريقيا خلال الفترة الإسلامية. ولفت شوقي الهامل إلى أنه خلال القرن السادس عشر ربطت السلالات الحاكمة في المغرب “البيض” بالشرعية السياسية والحرية، مثل السلطان أحمد المنصور. ويشهد التاريخ أيضا على استعباد مسلمين من طرف مسلمين آخرين. ويعطي الباحث مثالا ب”الحراطين”، وهو اصطلاح يشير إلى المغاربة السود، فضلا عن “السود الأحرار” وهم العبيد السابقين في عهد السلطان مولاي إسماعيل في القرن السابع عشر. وكشف ذات المصدر أن هذا “الاستعباد غير القانوني” سجل نقطة تحول حاسمة في التاريخ المغربي، مشكلا بذلك مستقبل العلاقات العرقية و”الهوية السوداء”. وذكر الباحث أنه في عام 1672، أراد السلطان العلوي مولاي إسماعيل تشكيل جيش دائم ومخلص لمواجهة عدم الاستقرار السياسي. في مشروع تمييزي، دعا السلطان لاستعباد جميع السود، بمن فيهم “الحراطين” الذين كانوا يتمتعون أنذاك بالحرية. وعلى الرغم من أن الشريعة الإسلامية تمنع إخضاع أي مسلم حر للعبودية، إلا أن السلطان قام بتبرير مشروعه الهادف على تأسيس جيش من المغاربة السود، معتبرا أن “الحراطين” هم اشخاص مختلفون عن العرب أو الأمازيغ، وأنهم أكثر صبرا وطاعة. وتابع ذات المتحدث أنه تم استعباد مسلمين سود آخرين في إفريقيا، لكن الإستثناء المغربي يكمن في أساليب هذه العملية. حيث أن 221 ألف و320 من السود تعرضوا للإذلال والاغتصاب في عهد السلطان مولاي إسماعيل أي ما بين 1672 و1727، وتم انتهاك حقوقهم القانونية بما في ذلك حرياتهم. وأشار شوقي الهامل إلى ان نظام الحماية ألغى رسميا العبودية، لكن مسؤوليه مُنعوا من التدخل في منازل المسلمين. ومنه فإن السلطات الاستعمارية وافقت ضمنيا على العبودية التي تستخدم أساسا لأغراض منزلية. وخلال عام 1935، تعاونت المؤسسة الملكية على مكافحة العمليات السرية لبيع العبيد، حيث أن التجار الفرنسيين استفادوا من تجارة العبيد السينغاليين الذين كان يتم جلبهم على متن سفن فرنسية كركاب لبيعهم إلى الأغنياء المغاربة.