هل سيلتف شمل اليساريين انطلاقا من سيدي سليمان؟ هل يناسب الظرف الآن لفتح نقاش صريح وموسع بين مختلف التنظيمات اليسارية؟ هل يمكن إحياء بعض التجارب المماثلة التي عرفتها بعض المناطق؟ مجموعة تساؤلات تطرح نفسها بمناسبة لقاء جمع غالبية المنتمين لعائلة اليسار إن لم نقل مطلقهم، والمناسبة إعداد "أرضية" للنقاش ودعوة خرجت من طرف "الحزب الاشتراكي الموحد" بالمدينة، لتجد الاستجابة الفورية والحضور في الموعد وإبداء وجهات النظر في حوار صريح لم يخل من نقد وانتقاد.. إثر هذا اللقاء الموسع لليساريين بسيدي سليمان، الذي كان بدعوة من "الحزب الاشتراكي الموحد"، أصدر هذا الأخير بلاغا جاء فيه: "تلبية لدعوة فرع الحزب الاشتراكي الموحد، حضر إلى مقر الفرع يوم الأربعاء 15 فبراير 2012 ممثلو عدد من الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية التقدمية والتيارات اليسارية، ومناضلون يساريون مستقلون، وكان الفرع المحلي للحزب قد استدعى الفاعلين اليساريين المحليين لندوة تفاعلية مفتوحة حول آفاق العمل اليساري المشترك ووزع قبل ذلك أرضية للنقاش أعدها بالمناسبة. أجمع مختلف المتدخلين على أهمية المبادرة بارتباط مع جسامة المهام النضالية التي تنتظر اليسار والتي حاولت الأرضية ملامستها بأسئلة عميقة. وبعد نقاش رفاقي عام اتسم بالصراحة والوضوح، امتد لعدة ساعات، وتبادلت فيه مختلف الأطراف وجهات النظر حول القضايا النظرية والسياسية المطروحة، اتفق الحاضرون على تحديد موعد آخر لاستكمال النقاش حول قضايا محددة هذه المرة، تستحضر ما هو وطني في ارتباط بالشأن المحلي لمدينة سيدي سليمان، في أفق بلورة صيغ مشتركة للنضال، كما اتفق الجميع على الاستمرار في دعم حركة 20 فبراير وتقويتها كحركة شعبية مناضلة حتى إسقاط جميع مظاهر الفساد والاستبداد. وقد خول المشاركون في الندوة لمكتب فرع الحزب الاشتراكي الموحد الدعوة إلى الجلسة الثانية ووضع الأرضية والتصور المناسبين لها ". وقد حضر الندوة وشارك فيها بمداخلة ممثل عن "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" في شخص مصطفى الشفك كاتب الفرع بسيدي سليمان، محمد ياسر اكميرة كاتب فرع "الحزب الاشتراكي الموحد" بسيدي سليمان وعضو المجلس الوطني لنفس الحزب، وأحمد اللوزي عضو اللجنة المركزية لحزب "التقدم والاشتراكية"، وإدريس الخارز عضو المكتب الجهوي لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وعبد المطلب منشح عضو "حزب النهج الديمقراطي"، وحكيم الشرقي الذي تحدث عن وجهة نظر "الخيار اليساري الديمقراطي القاعدي"، وإبراهيم المحمدي المنتمي لتيار "أنصار المناضل ة ).. كما تدخل بصفة شخصية منتمون للكنفدرالية الديمقراطية للشغل والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى بعض الحضور، حيث كانت الندوة مفتوحة. ولوحظ تغيب ممثلين عن حزب "المؤتمر الوطني الاتحادي"، رغم توصلهم بدعوة. هذا وقد أثير في الجلسة حضور أعوان السلطة بمقربة من مدخل مقر "الحزب الاشتراكي الموحد"، وعلق كاتب فرع الحزب المضيف على ذلك بقوله إنهم يمنكهم أن يشاركوا بحضورهم مباشرة! وكان الحزب الاشتراكي الموحد بسيدي سليمان قد وزع أرضية للنقاش تحت عنوان " أي دور لليسار اليوم؟ من أجل يسار فاعل وفعال"، جاء فيها: " إيمانا من الحزب الاشتراكي الموحد بسيدي سليمان بالدور الحاسم لليسار عموما في النهوض بالمجتمع ودمقرطة الدولة وترسيخ قيم حقوق الإنسان والعدالة والحرية والكرامة والمساواة والتسامح والفكر المبدع والحق في الاختلاف.. ومن أجل تنمية فعالة وناجعة تضمن العيش الكريم لجميع المواطنات والمواطنين. وتأكيدا على ضرورة بناء اليسار فكرا وممارسة، وتجديد آلياته وتحديد أولويات انشغالاته، في ظل منعطف حاسم، خاصة مع مختلف التحولات التي يعرفها المغرب ومحيطه من حراك سياسي واجتماعي وثقافي.. وفي ظل عولمة جارفة تخدم مصلحة الأقوياء والمحتكرين، وتزيد في فقر وتبعية الدول والفئات الاجتماعية المهمشة، رغم بروز تيارات مقاومة لذلك عبر أرجاء العالم، لأنسنة السياسة والاقتصاد.. ومواجهة الاحتكارات العابرة للقارات. وعليه نطرح الأرضية التالية للنقاش والحوار: فأي دور ينتظر اليسار عموما كفكرة قابلة للانتشار والاحتضان من طرف أوسع الفئات الاجتماعية؟ وما اليسار أساسا؟ هل اليسار إيديولوجية أم بدائل ملائمة؟ ما مرجعيات اليسار على الصعيد الفكري والقيمي؟ هل مبادئ الماركسية "الصرفة" أم الاشتراكية "المحينة"؟ هل هناك اجتهادات تجيب عن التساؤلات والاشكالات المستحدثة؟ ما نوعية "التمايز" الموجود بين تشكيلات اليسار؟ هل يمكن لليسار أن يتوحد بأطيافه المختلفة؟ أو تنسق مختلف تشكيلاته فيما بينها على الأقل؟ أم ستظل بمثابة جزر منعزلة عن بعضها البعض؟ هل من الضروري توحيد التصورات والهياكل قبل كل شيء؟ أم الاكتفاء بالاشتغال على أنساق متقاربة داخل آليات مشتركة؟ وما هي آليات الاشتغال أصلا؟ هل يتم الاكتفاء بالأدوات التقليدية كالحزب والنقابة والجمعية؟ أم هناك وسائل أخرى يمكن إبداعها؟ ما علاقة اليسار بتقنيات التواصل الجديدة؟ ما رؤيته وعلاقته بالإسلام السياسي؟ ما موقفه من استغلال الدين ومنابره المختلفة للوصول إلى السلطة من طرف جهات مختلفة؟ كيف يقيم اليسار مفاهيم الوطنية والهوية واللغة والخصوصية والجهوية..؟ ما علاقة اليسار ب"حركة 20 فبراير"؟ كيف يقيم نضالاتها؟ ما البدائل التي يطرحها على مختلف المستويات في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والفن والرياضة والبيئة والإعلام..؟ ما علاقة اليسار بالدولة وهياكلها؟ وبالدستور وبالقوانين الصادرة عن المؤسسات التشريعية؟ كيف يقيم اليسار مشاركة "جزء" من اليسار في مؤسسات الدولة؟ هل المشاركة هي التوجه السليم؟ أم المقاطعة هي الخيار الاستراتيجي؟ كيف يمكن لليسار أن يفعل توجهاته ومقرراته؟ كيف يتاح له أن يتوسع تنظيميا وينفتح على مختلف الفئات الاجتماعية؟ وعلى الصعيد المحلي؛ هل يمكن لليسار في سيدي سليمان أن يخلق آليات اشتغال مشتركة؟ كيف ذلك ولأي غرض؟ هل لجميع "الأطياف" استعداد لذلك؟ ما موقف اليسار من "التدبير" المحلي لشؤون المدينة والمنطقة عموما؟ كيف يقيم عمل المجالس "المنتخبة"؟ كيف ينظر اليسار للسلطة الإدارية المحتكرة بشكل مطلق لتدبير المجال العمومي من وضع "التصورات والأهداف" وإنجازها، وصرف الميزانيات وإجراء عمليات "التقويم" بشكل انفرادي لم يعد له أي مبرر في غياب الشفافية والإشراك والتعاقد المنتج؟ هل لليسار في المدينة بدائل ورؤى وتصورات في مجالات التدخل المتاحة؟ خاصة على صعيد المجتمع المدني وتأطير الاحتجاجات المشروعة والتواصل مع مختلف الفئات الفاعلة والمنفعلة؟ كيف يمكن لليسار أن يتحول من السلبية أحيانا أو الاكتفاء بالاحتجاج إلى الفعل وتحمل المسؤولية؟