رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراهن السياسي والمؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي : آفاق العمل اليساري الموحد وسياسة التحالف
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 12 - 2008

نظم فرع الحزب الاشتراكي الموحد مناظرة سياسية حول «الراهن السياسي والمؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في جلستين تناظريتين، الأولى شارك فيها كل من علي بن الدين عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد ، وحميد باجو عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، وبمشاركة مجموعة من مناضلي وأطر من مختلف مكونات اليسار المغربي ، في حين كان موضوع الجلسة التناظرية الثانية «أية آفاق للعمل اليساري الموحد وسياسة التحالفات» وذلك ضمن نفس المحور «الراهن السياسي والمؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي» وهي الجلسة الذي نشط فعاليتها الصحفي عبد العزيز كوكاس وتناظر فيها كل من إدريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، والمصطفي بوعزيزعضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد .
في الجلستين التناظريتين كان الحوار والنقاش هادئا ولامس العديد من القضايا والإشكالات التي تميز اليوم المرحلة السياسية التي يمر منها المغرب، وتم ربط كل ذلك بنتائج المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي.
في الجلسة التناظرية الأولى والثانية برز الاختلاف واضحا في القضايا التالية:
- في تقييم طبيعة المرحلة السياسية الراهنة، هل هي مرحلة سياسية جديدة ؟ وإذا كانت كذلك فما هي السمات الرئيسية لهذه المرحلة ؟ متى ابتدأت الأزمة السياسية، هل ابتدأت بعد انتخابات شتنبر 2002 ، أي مع تعيين إدريس جطو وزيرا أول والخروج عن ما يسمى المنهجية الديمقراطية ؟ أم أن التراجع والأزمة بدأت قبل ذلك وأن تصويت جزء هام وأساسي من الحركة الديمقراطية ضيع إمكانية للضغط أكثر وتحقيق مكاسب أكثر في جانب تطبيق ما صاغته الكتلة الديمقراطية كمطالب دستورية وسياسية ؟ وأن ما ترتب عن المشاركة في حكومة التناوب التوافقي في 1998 ، شكلت التفاتا مدروسا للإمكانية التي كانت واردة يومها والمتمثلة في إمكانية إصلاح بنية النظام السياسي ؟ أم أن المشاركة يومها كانت ضرورية لتأمين انتقال الملك في أفضل الشروط، وأن تجربة المشاركة في الحكومة منحت المغرب عدة مكاسب وفي مجالات متعددة ؟ وأن التراجع حدث فقط في 2002 بعد تعيين إدريس جطو وأن هذا هو المنطلق السياسي الذي يقدمه الاتحاد لتقييم المرحلة السياسية ومختلف التراجعات التي تعرفها ؟
- في تقييم موقع اليسار اليوم في المشهد السياسي ورهاناته في المرحلة السياسية وطبيعة الاختيارات السياسية المطروحة عليه في ميدان التحالفات ؟ في طبيعة المداخل الممكنة لإطلاق دينامية الإصلاحات السياسية والدستورية ؟ وفي تقدير حجم ومستوى الإصلاحات الممكنة والملحة ؟ في تقدير شكل الوحدة الممكنة وسط العائلة اليسارية ؟ في حجم الاستعداد في ضرورة احترام الاختلافات والتمايزات والمشروعية والشرعية المختلفة للوجود المتعدد اليوم داخل الجسم اليساري المغربي ؟
- في تقييم وضعية الحركات الاجتماعية وأوضاع المركزيات النقابية وما تعرفه من تشتت وحجم المسؤولية في هكذا مآل لأدوات الدفاع المدني والجماهيري ؟ وفي ما يمكن اقتراحه كبدائل للخروج من هذه الوضعية ؟
- فيما يمكن أن يشكل عناصر تراضي وتعاقد في قضايا العمل المشترك بين مكونات اليسار
وفي مقدمتها الواجهة الانتخابية والإمكانات المتوفرة لعقد اتفاقات انتخابية وغيرها (اللائحة النسائية مثلا في الانتخابات المحلية).
ورغم الاختلافات الموجودة والعادية بين اليساريين اليوم، فإنه وكما قال بوعزيز إن لحظة الالتباس التي تعيشها اليوم لا ينبغي النظر إليها أنها سلبية ، بل ينبغي النظر إليها بشكل إيجابي واستغلالها لأبعد الحدود وعدم التسرع في وأد التناظر الممكن اليوم وسط اليسار المغربي قبل وبعد أن تنضج صيغ العمل الموحد والممكن» ، رغم حجم الاختلاف لا يمكن أن تكون الحلول الممكنة هي أن نطمسها ، أو أن نحصرها في حل واحد هو أن هناك بيتا كبيرا قابلا أن يحتضن كل فرق ونحل اليسار .
التواضع المتبادل ضروري، الاحترام المتبادل للتعدد الحاصل اليوم في الجسم اليساري أساسي حتى يكون التناظر متكافئا وبدون شروط مسبقة ، حتى وإن كان هدفه
فيما سيأتي لاحقا تنازلات متبادلة، إن اقتضتها مصلحة البلد ، والمصلحة في تجاوز الأزمة السياسية التي كشفتها الانتخابات الأخيرة .
أمام اليسار المغربي اليوم فرصة تاريخية ليدشن انتقالا سلسا وتاريخيا ليتحول إلى يسار فاعل ومؤثر في الحياة السياسية ، وما من سبيل لبلوغ ذلك اليوم خارج التحاور والتناظر العلني وعلى رؤوس الأشهاد حتى يعرف الجميع فيما يختلف اليساريون وفيما يتفقون ، وحتى تكون الاتفاقات السياسية والبرنامجية الذي ستأتي فيما بينه مؤسسة ومحمية بتعاقد معلن.
وفيما يلي الجلسة التناظرية الثانية في جزئها الأول والتي شارك فيها كل من ادريس لشكر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ،
ومصطفى بوعزيز عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد ، وبتنشيط من الصحفي الزميل عبد العزيز كوكاس
ما هي الضرورة لوحدة اليسار ؟ وما هو الأفق أو الأرضية الجامعة للعائلة اليسارية ؟
> عبد العزيز كوكاس
أنا معتز بتواجدي اليوم في هذه المناظرة بين فاعلين سياسيين وازنين ، لقد عانينا من الخصومات السياسية وافتقدنا كثيرا فضيلة الحوار والتناظر، لذلك يريد المنظمون لهذه المناظرة أن نعيش جو الجدل المفيد، بدل الجدل الشقي والذي هيمن فيه الاختزال والتبسيط والتسطيح لكل القضايا الحيوية للأمة وظل فيه الجدل والحوار بين الفرقاء السياسيين وكذا الفرقاء الاجتماعيين في وسائل الإعلام في البرلمان، يمكن أن أقول إننا أحياء نشهد على احتضار النقاش السياسي العقلاني وتحول الهامشي إلى مركز الذات، يريد المنظمون لهذه المناظرة أن يثمر النقاش وأن لا يسفر عن إجماع، بل على اختلاف مفيد ويساهم في توضيح الرؤية.
لقد كثر الحديث عن وحدة اليسار وعن توحيد العائلة اليسارية ، ما هي الضرورة في هذه الوحدة وما هو الأفق ؟
> ادريس لشكر
هل كان من الضروري أن ينشأ عن خلافات الماضي في اليسار انفصال وانشقاق ؟
بداية لا بد من التنويه بمبادرة الإخوة في الحزب الاشتراكي الموحد في هذه الجلسة الثانية من المناظرة التي قرروا الاشتغال من خلالها على نتائج المؤتمر الأخير للاتحاد الاشتراكي ، كما أنه لابد أن تحسب لهؤلاء الإخوة هذه الخصلة وأن نسعى جميعا علي الأقل في أن ننفتح كأحزاب علي بعضنا البعض .
أنا ربما أطرح النقاش من زاوية أخرى، هل كان من الضروري أن ينشأ عن خلافات السابق أحزاب وتقع انفصالات وانشقاقات .
لقد عاش الاتحاد الاشتراكي، سواء في الشوط الأول أو الثاني من المؤتمر الثامن ، نقاشات وصراعات وسجالات خرجت وشارك فيها الرأي العام ، وكان سبيلنا كيف نجعل منها أداة للخلق والإبداع بدل أن تتحول إلى عمل مدمر ومحبط ، ألم يكن من الممكن في المحطات السابقة التي أدت إلى انشقاقات أن نعزز التربية التي لا ترى في الخلاف مدعاة للانشقاق ؟
إرادة حزبنا كانت دائما صادقة في التوجه إلي العائلة الاشتراكية ويدنا كانت دائما ممدودة لجميع الإرادات المناضلة للتعاون خدمة للأهداف التي تجمعنا ، إذا كنا بعد المؤتمر السابع قررنا أن يكون بيت الاتحاد بيتا مفتوحا مشاعا بين كل المغاربة المؤمنين بقيم الديمقراطية ، فمن باب الأولى أن يكون مفتوحا للذين أبلوا البلاء الحسن في مسيرة النضال الحزبي، فالخلاف لا يفسد للود قضية ومما لاشك فيه ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا ولابد لنا جميعا أن نمتلك خاصية التجاوز الإيجابي لأخطاء الماضي لمصلحة ما يجمعنا من أهداف مشتركة . مؤكد أن كل واحد منا عن حقيقة أو خطأ يدعي صحة النهج الذي اختاره والذي كان سببا في الخلافات التي وقعت بيننا ، نحن لا نطرح نموذجا معينا لهذا التوحد فقد كان القرار الذي اتخذه جزءا من أطر من منظمة العمل سابقا بالاندماج في الاتحاد لا بطرح الكوطا ولا أي شيء ، ثم كان قرار الحزب الديمقراطي الاشتراكي بحل الحزب والاندماج في الاتحاد الاشتراكي بكل وطنية وبجرأة عالية، من هنا الخطوتان اليوم أو مغزاهما اليوم أنه ليس هناك مبرر في استمرار التكاثر داخل الصف اليساري وداخل العائلة الاشتراكية، إن التعدد في الماضي- عندما أتحدث عن الماضي أتحدث عن الستينات والسبعينات - لربما كان يستند إلى مبررات نظرية ولاختلافات أحيانا في المشروع ، لكن مستجدات العصر والتي جعلت من الاشتراكية الديمقراطية التي نادينا بها هي الحركة الأساسية التي تجمع اليوم كل الاشتراكيين المغاربة، لا يمكن - هنا سأستبق الأحداث - لحزب يسعى لتطبيق الديمقراطية وإشاعتها في المجتمع أن لا يقدم المثال من نفسه وأعتقد أن ما قدمناه في المؤتمر الثامن تجيب عنها الديمقراطية التي اختارها المناضلون لتكون هي الوسيلة الواحدة للحسم والحل وللتمثيلية في كافة الأجهزة.
إن اليسار- ضمنه الصف الوطني الديمقراطي - ومنذ بداية التسعينات جمعته حركتين أساسيتين : حركة تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين عبر حركة مطلبيه ونقابية من خلال معارك قيدت بشكل مشترك خلال بداية التسعينات وأجهضت في 1996 ،وجمعته حركة المطالبة بدستور من مستوى عالمي والذي يتأسس على أن مصدر السلطة هو الشعب .
> بوعزيز
أنا أولا سعيد بهذه اللحظة، لأنه سبق لي في مناسبة سابقة ومن خلال أنشطة فضاء البيضاء للحوار اليساري أن عبرت عن الحاجة لهذا التناظر وأن الأنشطة التي نظمها الفضاء سابقا قد أزالت الجليد، وأنه حان الوقت للتواصل لمساءلة التجربة تجربتنا جميعا ، ولمواجهة قضايانا كيسار لا بمنطق مواجهة اليقين باليقين، لأن الواقع أكبر منا جميعا ، أعتبر أن هذه المناسبة التي وفرها لنا الحزب الاشتراكي الموحد فرصة سانحة للبداية في هذا التناظر المفتوح .
في هذا اللقاء أريد أن أناقش مباشرة مع إدريس لشكر وفي قضايا محددة ، ومن خلال تجارب ملموسة عينية ومباشرة ولذلك لن أقدم الإطار .
اعتقد أن أسرة اليسار موجودة في المجتمع كامتدادات، كامنة في المجتمع ، لها حضور ، صحيح أنها غير موجودة سياسيا بشكل جماعي ، كما أنها غير مؤثرة سياسيا، إلا أنها كامنة في المجتمع .
من زاوية تاريخية نحن كشعب وككيان تعرضنا لانكسار كبير أوضح بشكل بارز الاختلال الكبير بعبارات السياسة في موازين القوى بيننا وبين ما يسمي بشكل عام الغرب ، وظهر بارزا من خلال الهزائم العسكرية التي توالت على بلادنا منذ بداية القرن التاسع عشر ، و هذا الاختلال في موازين القوي وعدم القدرة علي النهوض ، وما أثاره من قضايا ومنها مشروع الحداثة وما أبرزه كتردد في صفوف النخبة في درجة تبنيها للحداثة، وما أوضحه الواقع من أن نخبنا لها مشكل فعلي مع الحداثة ، بالرغم أن خطابنا كيساريين لا يستقيم إلا بتبني الحداثة، فإنه ومع ذلك لنا إشكال في الحداثة ، وهو ما يجعل اليسار في قضايا من مثل الإصلاح السياسي والدستوري ، وقضايا التعليم وقضايا تنظيم المجتمع وقضايا المرأة وغيرها من القضايا مرتبكا ، ويجدنا في الملفات الأساسية مشتتين ، لكن هناك إرهاصات تجمعنا وهذه الإرهاصات وهي ما نسميها بشكل عام الصف الوطني الديمقراطي واليسار ضمنه ، وهو ما يعطي لبعض مما نقوله- حتى وإن كان الكثير لا يتفق معه وذلك من حقه من كون الكثلة الديمقراطية مشروع استراتيجي ، صحيح أنها لم تنجز المطلوب منها في هذا المشروع، إلا أنه مفروض أن تنجزه لأنه لا زال مشروعا، إن هذا التوجه الذي أخذ فيما بعد ميولا يساريا من خلال ما نعرفه عن اليسار من كونه ميالا أكثر للعدالة الاجتماعية ، ومن انحياز للفئات المتضررة وخصوصا انحيازه لمشروع مجتمعي يتجه نحو تقليص فضاء المقدس ، وتوسيع الفضاء المدني وإرساء العلاقات المجتمعية علي رابطة القانون ، وعلي مساواة المواطنين أمام القانون وفي الأفق بناء مجتمع العلم والمواطنة وهذا ما يجعل هذه الأسرة في مواجهة مشروع آخر لا يأخذ العلم كمركزية أساسية ، ولا يأخذ بالمواطنة المؤسسة على رابطة القانون،بل يعتمد الزبونية .
{ في الواقع هناك ما يجعل هذه الأسرة موجودة في تقابل مع هذه المجموعات الكبرى دعاة الزبونية ودعاة مصدر آخر للمعرفة غير مصدر العلم ، إن مجموعتنا تعددت وتشتتت وكان فيما بيننا آلام ، إلا أنه،لكي أختصر، هذه المجموعة ومنذ بداية التسعينات جمعها حركتين أساسيتين : حركة تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين عبر حركة مطلبيه ونقابية من خلال معارك قيدت بشكل مشترك خلال بداية التسعينات وأجهضت في 1996 ،وجمعتنا حركة المطالبة بدستور من مستوى عالمي والذي يتأسس على أن مصدر السلطة هو الشعب وفي هذا الجانب بالإمكان حدوث كل التوافقات الممكنة مع المعطيات التاريخية الموجودة بالبلاد ولكن مصدر السلطة هو الشعب. هاتان الحركتان هما من أعطيا لليسار دفعة قوية ، وهما اللذان انكسرا وأعطيا ما نعيشه اليوم من تبعثر على مستوى الحركة الاجتماعية ، وتبعثر على مستوى حركة المطالبة بدستور ديمقراطي والتي بالإمكان وعلى ضوء ما عاشه الاتحاد الاشتراكي أن تنتعش من جديد ، شخصيا أجد نفسي مسرورا بتبني الاتحاد لشعار ملكية برلمانية - من المفروض أن نناقش مضمونها - كما أنني أجد نفسي وأنا أناقش مع الأخ إدريس لشكر ونحن الذي عشنا التجربتين معا، تجربة مؤتمر في شوطين ، ففي اطار منظمة العمل سابقا عشنا نفس السيناريو تقريبا، ذلك أنه وفي إطار المؤتمر الثالث للمنظمة عقدنا المؤتمر في شوطين طرح علينا بحدة سؤال كيف يمكن حل معادلة الوحدة في إطار التعدد ، ومن هذه الزاوية يمكن القول أننا معا اليوم نعيش نفس الأوضاع ، أوضاع البحث عن السبل الكفيلة بالدمقرطة الداخلية داخل هيئاتنا ، وهو التمرين الذي لم نتوفق فيه بدليل المشاكل التي نعيشها اليوم داخل الحزب الاشتراكي الموحد بالرغم من إقرارنا لمبدأ العمل بآلية التيارات ، فلذلك ما عاشه الاتحاد في نظري هو نوع من البداية التي لم تنته بعد ، لذلك أجد نفسي وأنا أناقش الأخ لشكر ملزم أن أطرح عليه السؤال التالي : ما هي الأولوية التي تضعونها لتحقيق الملكية البرلمانية ؟ ثم هل الدمقرطة الداخلية التي تخوضونها اليوم تتجه في اتجاه الإقرار بالعمل بآلية التيارات ومأسستها كما هو جاري في الحزب الاشتراكي الفرنسي ، أم أنه لديكم تصور آخر ؟
> عبد العزيز كوكاس
قبل أن أعطي الكلمة للأستاذ لشكر، أود أن أعيد التذكير بما سبق أن عبر عنه إدريس لشكر من كون أن الاتحاد كان ولا زال بيتا مفتوحا لكل اليساريين، أريد من بوعزيز أن يجيب عن هذا الرأي أو السؤال
بوعزيز
لقد سمعت السؤال، إلا أنني أفضل أن لا أجيب عنه حاليا ، وسأتركه للنهاية .
> كوكاس
شخصيا لن أتركه للنهاية ، وسأسأل إدريس لشكر ألا تعتقدون معي أن الجلوس إلى الطاولة للحوار وللعمل على إذابة الخلافات أفضل ، وأن دعوتكم الدائمة لباقي الأطراف اليسارية -رغم أن دعوتكم لطيفة وفيها نوع من الضيافة الجميلة- أن تحل لتجد لها مكانا في البيت الاتحادي فيها نوع من التمركز على الذات، السؤال متى سيتخلى الاتحاد عن هذه العقدة ؟.
لقد كنت من البداية واضحا حين قلت أنه إذا كنت قد وجدت من المبررات والدواعي النظرية ما استدعى ظهور يسار في الستينات وفي سنوات الرصاص الصعبة ، فإنني لا أجد مبررا لكل أطياف اليسار ومن هذا المنطلق أتوجه لهؤلاء لأقول لهم إن بيت الاتحاد يتسع لنا جميعا
> لشكر
بداية أنا أتفق مع كل ما جاء في مداخلة الأستاذ بوعزيز ، فقط أنا أختلف معه في التحديد التاريخي لهذه المطالب ، إن هذه المطالب لم تنطلق سنة 1989 كحركة مطلبية ، ولم تنطلق بالمذكرة التي صاغتها الكثلة الديمقراطية ، ولم تنطلق مع تأسيس منظمة العمل ، إن اليسار انطلق قبل ذلك بكثير ، إن جزءا هاما من هوية الاتحاد الاشتراكي منذ تأسيسه والقيمة المضافة التي جاء بها حتى على المستوى المفاهيمي أنه جاء بلغة جديدة ، وأننا كحزب اشتراكي حاولنا ومنذ المؤتمر الاستثنائي أن نحلل خصائص المجتمع المغربي ، وحاولنا أن نواكب التحولات التي يعرفها هذا المجتمع ، كما أننا تبنينا اشتراكية كانت توصف في الجامعات من طرف البعض بالاشتراكية الطوباوية ، صحيح أننا لم نكن دوغمائيين ولا انغلاقيين وهو ما جعل من حزبنا الحزب اليساري الوحيد في العالم العربي الذي صمد أمام كل الهزات واستمر حتى في سنوات الرصاص التي جرت على الاتحاد كما جرت على باقي قوى اليسار الأخرى ، هويتنا غير مؤسسة على الحركة المطلبية التي كانت في سنة 1989 ، بل عمقنا الاجتماعي منذ أن خلق الاتحاد وبدون شك أنتم تعلمون الخلاف الذي طرح في بداية الاستقلال والذي تلخص في سؤال مباشر مفاده هل الشرعية التي أدت إلى ميلاد الاتحاد والتي انطلقت من المسألة الديمقراطية و المسألة الاجتماعية ، مطلب الديمقراطية لم يطرحه الاتحاد في 1989 ، بل منذ أن تأسس الاتحاد، بل إن تأسيسه مرتبط بمواجهة الاستبداد ، ومرتبط بمواجهة الاستفراد بالحكم ولا شك أن المغاربة لا زالوا يتذكرون ذلك البلاغ الصادر عن اللجنة المركزية التي قالت إن الاتحاد لا يري دواء لهذا النظام غير زواله ،لنقل بوضوح أن ما يجمعنا بهذا اليسار المتعدد، وأنا كنت من البداية واضحا حين قلت إنه إذا كنت قد وجدت من المبررات والدواعي النظرية ما استدعى ظهور يسار في الستينات وفي سنوات الرصاص الصعبة ، فإنني لا أجد مبررا لكل أطياف اليسار ومن هذا المنطلق أتوجه لهؤلاء لأقول لهم إن بيت الاتحاد يتسع لنا جميعا ، لأنه من الصعب أن تدعوني إلى وحدة مع من رفض الديمقراطية وبالتصويت ليس الآن فقط،ولكن منذ المؤتمر السادس ولأنني لم أنجح لكي أحصل على العضوية في المكتب السياسي أؤسس حزبا سياسيا وأمنحه الصفة اليسارية وأقول لك بعد ذلك تعالوا لنتوحد ، إنني أتسأل وبكل مسؤولية ألم يعط هذا الذي وقع الشرعية للتشرذم ؟ والدفع ببلقنة اليسار إلى أبعد مدى ؟
أعتقد أن هذه التوضيحات أساسية وأن الأرضية التي يتوحد عليها اليسار اليوم هي هويته الكفاحية والنضالية التي لم تنطلق مع بداية التسعينات ولكنها انطلقت قبل ذلك بكثير ,
إن الجديد - في أواسط الثمانينات وبداية التسعينات - هو أننا تجاوزنا الاستعمال السياسوي للتحالف وأصبح الإيمان بأن مستقبلنا مشترك ، وهذا الجديد هو الذي سيمنح الزخم للحركة الاجتماعية والمطلبية وأيضا للحركة السياسية التي تطالب بالتحديث وبإصلاح النظام السياسي ، لقد تم تجاوز العائق الإيديولوجي ، وتم تجاوز العائق السياسوي للتحالف وهو ما سيعطي للكتلة معناها الاستراتيجي
> بوعزيز
أريدك وقبل أن تنطلق لعرض أفكار أخرى ، أن أنبه أنك أطلت كثيرا في ما اعتبرته تحقيبا زمنيا من جانبي ، وهو تطويل لا أرى له من مبرر، خاصة وأنني كنت واضحا ومنذ البداية حين قلت : ولكي أختصر بدأت من 1989 ، لم يكن هدفي من الانطلاق من هذا التاريخ القول أنه لم تكن هناك نضالات سابقة ، وإنما انطلقت من هذا التاريخ لكون أهم النضالات التي ستحدث تمت بشكل مشترك ، وبتوجه موحد ، لأن السؤال ما هو الجديد الذي حدث منذ بداية الثمانينات ؟ أعتقد أن ما قبل تاريخ معين كان لدي قوي يسارية في بنية تفكيرها لم تكن تؤمن بالتعدد ، إنها كانت تؤمن بالطليعية وبالوحدة ، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية كان مبني على أساس أنه حزب الشعب ولا يستسيغ أن يكون إلى جانبه حزبا للشعب إلئ جانبه ، الحزب الشيوعي أو حزب التقدم والاشتراكية كان يقول بأنه حزب الطبقة العاملة ولا يستسيغ أن يكون حزبا للطبقة العاملة إلى جانبه ولمدة طويلة وهو في صراع مع اليساريين ومع منظمة العمل من منطلق أنه لا يمكن أن يكون حزبا ماركسيا أو حزبا للطبقة العاملة إلا حزبه ، اليسار في الستينات والسبعينات كان يقول بالحزب الطليعي وبالحزب الثوري ولا يرى إمكانية لوجود أي ثوري إلا هو ، إن كل هذه الأمور كانت تضع عائقا إيديولوجيا أمام إمكانية التحاور بين الأسرة اليسارية ولو مع وجود ما يجمعهم موضوعيا ، إن هذا العائق الإيديولوجي قد زال وأصبح العائق اليوم بين اليساريين عائقا سياسيا وأصبح بإمكان اليسار أن يجلس ويتحالف حتى مع حزب الاستقلال ، وما دمنا بصدد التحالف فإن مجرد تلويح المرحوم عبد الرحيم بوعبيد أنه سيتحالف مع حزب الاستقلال كان يفهمها الراحل الحسن الثاني بأن الأمر يتعلق بتصعيد ، لقد أصبحت ورقة التحالف ورقة للحوار مع الفاعل الأساسي ، لنعد إلى سؤالنا المنطلق ما الجديد في بداية الثمانينات ؟ إن الجديد هو أننا تجاوزنا الاستعمال السياسوي للتحالف وأصبح الإيمان بأن مستقبلنا مشترك ، وهذا الجديد هو الذي سيمنح الزخم للحركة الاجتماعية والمطلبية وأيضا للحركة السياسية التي تطالب بالتحديث وبإصلاح النظام السياسي ، لقد تم تجاوز العائق الإيديولوجي ، وتم تجاوز العائق السياسوي للتحالف وهو ما سيعطي للكتلة معناها الاستراتيجي ، كم من مرة قيل أن الكتلة انتهت أو ماتت لأن بينها خلافات، ويجعلها تبقى صامدة لأنه بالضبط هناك قناعة بأن المستقبل مشترك.
إنني أرد ت أن أقول من كل ذلك أن هذا الزخم الذي انطلق منذ أواخر الثمانينات كانت خلفيته هي كل ما قلته ، وأن هذا الزخم انطفأ اليوم ، وهو ما أشرح من خلاله الموقع الحرج الذي يوجد فيه اليسار المغربي اليوم ، أريد منك الأخ لشكر أن تناقش معي في هذه الأمور ، وأن تقول لي هل أنت متفق معي في أن الحركة المطلبية اليوم تبعثرت ولا تنتج معنى ولا فوائد مباشرة ، ألا تتفق معي أن الاتجاه التحديثي للنظام السياسي في المغرب يحتاج منا إعادة النقاش في دوره اليوم لإعادة الحيوية لهذا الاتجاه اليوم ؟ ألا تري معي أن تجربة التناوب أضعفتنا ؟
أقول وبكل مسؤولية لا يمكن أن نتحدث عن وحدة اليسار أو توحده ويستمر فيما بيننا خلاف حول المكاسب التي حققها التناوب
> لشكر
أريد أن أبدأ من مقولة الوحدة ، إنني أرى أنه من الصعب أن نتحدث عن وحدة بدون وجود خلافات ، وحينما تحدث عن وحدة ربطتها بوجود قاسم نضالي وكفاحي مشترك بيننا كيساريين ، في التاريخ ينبغي أن ندقق في الخلاف فيما بيننا ، أظن أنه ومنذ أن تبنى الاتحاد إستراتيجية النضال الديمقراطي في مؤتمره الاستثنائي كان الخلاف مع الاتحاد ، لما التحق من التحق بهذه الإستراتيجية لم يطالب الاتحاد أحدا من مكونات اليسار أن يقدموا نقدا ذاتيا ( بوعزيز مقاطعا نحن قدمنا نقدا ذاتيا ، لشكر متمما لنعتبر أن جزءا من اليسار قدم نقدا ذاتيا ) ، أقول وبكل مسؤولية لا يمكن أن نتحدث عن وحدة اليسار أو توحده ويستمر فيما بيننا خلاف في المكاسب التي حققها التناوب ، لا يمكن اليوم أن يختلف اثنان أن تولي اليوسفي مهمة وزير أول ، وقبول الاتحاد الاشتراكي بالانخراط في الشأن العام وحينما نقول الاتحاد، نقول جزءا من اليسار المغربي في بداية التسعينات ، أعتقد أنه ليس بالإمكان وهذا الأمر أكد عليه المؤتمر الأخير للحزب، أقول لا يمكن أن أتفق مع بوعزيز في إنكار ما تحقق مع تجربة التناوب، سواء في القضية الوطنية ، أو في قضية حقوق الإنسان ، أو في أوضاع النساء ، أو في الحقوق الثقافية ومكانة الأمازيغية .....ما عاب الاتحاد على مرحلة التناوب هذا الخلل وقع في 2002 وعدم الاستمرار في المنهجية الديمقراطية ، نحن نعتبر أن الانتكاسة بدأت منذ هذا التاريخ ومن تلك المرحلة قمنا بما يشبه النقد الذاتي في وثائقنا وفي مؤتمرنا وقلنا أن تعاملنا مع قرار ضرب المنهجية الديمقراطية وأدي إلى حالة نكوص وعرفت تراجعا وترديا مع استحقاقات شتنبر 2007 ، أقول ذلك حتى تكون الأشياء التي سنؤسس عليها المستقبل واضحة أظن أنه لا زال من وجهة نظر إخواننا أن كل المآسي التي يعيشها الشعب المغربي أساسها مشاركتنا في التناوب ، بكل صراحة إذا كان الأمر كذلك فإننا سنجد أنفسنا أمام خلاف كبير، لذلك وأقولها بكل مسؤولية أنه إذا لم يقع الاعتراف أن التناوب لعب شئنا أم أبينا دورا ، وأنه في عهد الحسن الثاني إلي عهد الملك محمد السادس وأن هذا الانتقال وما كان يتهدده ، وموقع الأجهزة وما كان يتربص به ، الشعب المغربي ضمن الانتقال بأقل ما يمكن من الخسائر ، صحيح أننا لم نحقق انتقالا ديمقراطيا كما ناضلنا من أجله ، ومما لا شك فيه أنه كان بالنسبة لنا مجرد محطة كنا نأمل في 2002 أن تشكل محطة لتحقيق تناوب حقيقي ، إلا أنه ما حدث- وأقولها بكل مسؤولية لم نتعامل بالمسؤولية كما يجب مع قرار ضرب المنهجية الديمقراطية - لكن أكثر من هذا لا يمكن للاتحاد الاشتراكي أن يقول أنه أخطأ لما قبل المشاركة ، وأخطأ لما صوت على دستور 1996 .
لم يكن الخلاف أبدا حول هل نشارك في الحكومة أو لا نشارك ، الخلاف كان حول طبيعة الجواب المقدم لسؤال عريض هو : نشارك لماذا ؟ ما هي صلاحيتنا ونحن مشاركون في الحكومة ؟ وهل الظرفية مناسبة بعد انتخابات مزقت الخريطة السياسية ؟ ما هو هامشنا وما هو هامش الملك ؟ كان تقديرنا يومها أن الملك ولعدة أسباب هامشه ضيق ،و إذا رفضنا في ذلك الوقت المشاركة فسنفرض عرضا متقدما
> بوعزيز
توجد اليوم فيما بيننا نقطة خلاف فعلية ، يجب أن نتعاطى معها بكل مرونة وبإرادة للتفاهم ، ليس القصد أن نقول أن كل المشاكل التي ورثها الشعب المغربي سببها التناوب وقبول الاتحاد المشاركة في هذا التناوب، هذا الأمر لا وجود له ما دمت قد أكدت أننا لسنا في حاجة « لحوار « يقارع فيه اليقين باليقين ، لما قلت سابقا أن الكتلة من الإنجازات الأساسية لنهاية القرن ، ولم يقع استيعاب أهميتها من طرف أغلب الفاعلين السياسيين ، أعتبر أن أخصب لحظات الكتلة والتي كنا نحضر فيها جميعا ، هي بالضبط لحظات الاختلاف حيث أنه في اللحظات العادية كنا نتصرف في اللقاءات بشكل عاد ، في لحظات الأزمة يكون النقاش الجدي ومن ضمن هذه اللحظات محطة 1996 أي لحظة التصويت على الدستور ، كانت مناقشة مفيدة جدا لا في مقرات الاتحاد ولا في مقرات حزب الاستقلال وعشية الانشقاق الذي سيحدث داخل منظمة العمل ، الكثلة في تلك الفترة اجتمعت ثلاث مرات في الأسبوع، لأن الهدف كان هو : ألا يمكن أن نصوت على الدستور بشكل جماعي في ذلك النقاش الخصب، كنا نتجه إلى عمق الأشياء ، وكان الموجه هو ما هي بالضبط مطالبنا ؟ من جهة النفس الحداثي ، ومن جهة ثانية نفس المواطنة الذي ينبغي أن يتضمنهما الدستور والقضية الثالثة الجوهرية في هذا الإطار هو أن يكون نوعا من التقدم في ميدان الشرعية ، ذلك أن المغرب محكوم بشرعيتين شرعية تاريخية سلالية مستوحاة من الدين وممثلة في أهم سلطة في البلاد ، وشرعية مصدرها الشعب ، إن السؤال كان هو كيف يمكن أن نقوم بخطوة ، لقد تبلورت فعلا فكرة مهمة ممثلة في فكرة التركيب ما بين الشرعية الشعبية والشرعية التاريخية الدينية وهذا التراكب بين الشرعيتين يجب أن يترجم في الدستور ، وقمنا بعمل متقدم والذي تظهر بعض ملامحه في المذكرتين مذكرة 1992 وبشكل مضمر في مذكرة 1996 ، إن النقاش كان هو كيف نترجم أن الشرعية يكون مصدرها هو الشعب وبالضبط لكي لا نصل لهذا الانكسار الذي أشرت له ممثلا في التراجع عن المنهجية الديمقراطية والذي له أصله ، سأحاول أن أقدم فهمي انطلاقا من المداولات التي عاشتها الكتلة يومها وسأبدأ بالحدث :
في 1996 انشغلنا بنقاش طويل حول البند الأول في الدستور «الإسلام دين الدولة» في ذلك الوقت تقدم حزب الاستقلال بإضافة في هذا البند تقول « الإسلام دين الدولة لذلك يجب اعتماد الشريعة الإسلامية في صياغة القوانين وطرحها حزب الاستقلال بشكل ربط فيه التوقيع على المذكرة بقبول هذه الإضافة ، أنذاك كان الاتحاد الاشتراكي قد منع من طرف الإسلاميين على تنظيم جامعة ربيعية في الجامعة وفي ذلك الوقت كان الاتحاديون يقولون أنه من الصعب القبول بهذه الإضافة ونحن في هذه المواجهة مع الإسلاميين في ذلك الوقت وقع نقاش جد مفيد ، في جلسة كانت في مقر الاتحاد كانت وبكل المقاييس جلسة «سوريالية» وتبين التردد الذي يوجد عليه اليسار أمام الاختيارات الأساسية ، إن حزب الاستقلال تشبث بمقترحه ، الاتحاد صمت ولم يناقش وبكل الحضور الذي كان يومها : عبد الرحمان اليوسفي ، عبد الواحد الراضي ، محمد اليازغي ، محمد الحبابي ، وكان النقاش فقط بين حزب الاستقلال ومنظمة العمل يومها ، ليتم التوصل إلى صيغة باقتراح من طرف الناطق الرسمي بالحكومة اليوم حيث اقترح عوض الشريعة الإسلامية مبادئ الإسلام السمحة وهي الصيغة التي وردت في مذكرة 1996 ، بالنسبة لي أعتبر في هذا الجانب نقطة هامة من نقط التراجع الكبرى في تصورنا الثقافي ، إن هذا الجانب مطروح للنقاش بين أطرنا ومناضلينا : كيف نتعامل مع الدين بدون أن نمس مشاعر المغاربة وبالتشبث بمسألة جوهرية أن مستقبلنا وأفقنا و ما يضمن تسيير الشأن العام هو رابطة القانون وليس فضاء المقدس .
فيما يتعلق بالجانب السياسي أو كيف نوفق بين الشرعيتين : الشرعية الديمقراطية الشعبية والشرعية التاريخية ، بعبارة أخرى وقبل أن نصل إلى ملكية برلمانية نحن في حاجة إلى مرحلة وسيطة ,
أعتقد وانطلاقا من الحساسية التي أنتمي إليها أن تبنينا للملكية البرلمانية ، والتي نعبر عنها بلغة صحافية بضرورة وجود برلمان ذات شخصية ، حكومة ذات شخصية ، سلطة قضاء مستقل .. لقد استفدنا في هذا الإطار من الدستور الإسباني خاصة في مسطرة تعيين الوزير الأول ، هل تنصب الحكومة من طرف البرلمان ، أم تعين من طرف الملك ، في الكتلة أدخلنا المسطرة التالية انتخابات نزيهة، الملك يختار من حزب الأغلبية الوزير الأول، هذا الأخير يعد برنامجا سياسيا يعرض له في البرلمان يصوت عليه بالإيجاب ، إذا حصل على أغلبية فهو وزير أول أنذاك مع الملك يشكلان الحكومة ، هذه هي الصيغة القانونية المرنة للتنصيب المزدوج للحكومة والذي يعبر عن تراكب الشرعيتين ، إن دستور 1996 أكد على العكس ورسخ مسطرة الرقابة والتي تمكن المغرب من حكومة أقلية ولكنها حكومة قانونية وهي ما نتوفر عليه اليوم ، حكومة أقلية لكنها تتمتع بالشرعية القانونية ، وإذا أردت أن تسقطها فما عليك إلا اللجوء إلى مسطرة الرقابة ، إن كل ذلك هو الذي يجعل لا مؤسسة البرلمان ولا مؤسسة الوزير الأول مؤسسات ضعيفة ، وهي ما تمكن وفي كل لحظة من كسر ما يمكن تسميته مسلسلا ديمقراطيا أو منهجية ديمقراطية ، على أساس هذه القاعدة اعتبرنا أن الدستور ليس هناك ما يدعونا للتصويت بنعم وعلى هذا الأساس كان موقفنا من المشاركة في الحكومة .
أريد ورفعا لكل لبس أن أقول في هذا الإطار مباشرة بعد انتخابات 1997 وخصوصا بعد انتخابات الغرفة الثانية ، لقد كان يومها حزب الاستقلال قد هدد بالخروج من البرلمان ونظم مؤتمرا استثنائيا وصيغت الرسالة المعروفة للدويري ، في هذا المناخ اجتمعت الكتلة أربع اجتماعات في الأسبوع متتالية وقبل هذه الاجتماعات كان المكتب السياسي للاتحاد قد دعي لسلسلة من الاجتماعات الثنائية لتهئ اجتماع الكتلة ، لم يكن الخلاف أبدا حول هل نشارك في الحكومة أو لا نشارك ، الخلاف كان حول طبيعة الجواب المقدم لسؤال عريض هو : نشارك لماذا ؟ ما هي صلاحيتنا ونحن مشاركون في الحكومة ؟ وهل الظرفية مناسبة بعد انتخابات مزقت الخريطة السياسية ؟ ما هو هامشنا وما هو هامش الملك ؟ كان تقديرنا يومها أن الملك ولعدة أسباب هامشه ضيق ،و إذا رفضنا في ذلك الوقت سنفرض عرضا متقدما وأن الحكومة ستعد إصلاحات دستورية وهو الشيء الذي لم تأخذ به حكومة عبدالرحمان وهنا مصدر الخلاف ، انا لا أطلب منكم اليوم أن تتفقوا عليه وإنما أطلب منكم أن تقدروا لماذا نحن لا نعتبر التناوب قد حقق ما هو مطلوب منه ، لا لأنه لم يحقق بعض الأشياء الجزئية ، وإنما لأنه غير إستراتيجية التغيير بالمغرب ، لقد كانت قاعدة المغرب للتغيير تقول أن المغرب في حاجة إلى إصلاحات واسعة وشاملة مدخلها الإصلاحات السياسية والدستورية ، لما قبل الاتحاد الدخول في الحكومة قبل أن يغير إستراتيجية التغيير بالمغرب ، وقال بأنه سيبدأ بالأوراش الكبرى والإصلاح السياسي والدستوري سيأتي تتويجا لهذا العمل وهو ما لم يتم .
لكي ألخص أقول أن التجربة العينية الملموسة أعطت أن الرهان على الفعل من الفوق الإصلاح السياسي والدستوري لم تنجح ، وهذه هي المؤاخذة المركزية على تجربة التناوب .
> عبد العزيز كوكاس
في كل اللقاءات التي أحضر فيها مع اليسار ، دائما أجد اليسار مغرما بذاكرة الماضي أكثر من أفق مستقبله ، حتى يبدوا أحيانا أكثر سلفية ، أنا أريد كصحفي أن أطرح سؤالا مباشرا واضحا ، أريدكم أن تجيبوني عنه بجملة واحدة على أساس أن التناظر من فضيلته دائما هو ما حدده المتكلمان دعي أحدهم الأخر للتناظر فقال له نعم، لكن على شرائط : لا تغضب ، لا تعجب ، ولا تشغب ولا تحكم ، ولا تعرض عني وأنا أكلمك ، ولا تجعل الدعوة دليلا وأن لا تجوز لنفسك أية على مذهبك إلا وجوزت لي تأويلا لي على مذهبي ، وعلى أن تؤثر التصادق وتناقد للتعارف وعلى أن كلا منا ينبغي مناظرته على أن الحق ضالته والرشد غايته سؤالي هو : ما هو العائق الرئيسي والمركزي لوحدة اليسار بالنسبة لكل المتناظرين؟
لشكر
غياب الموضوعية وحضور الذات بالنسبة لكل فصيل .
بوعزيز
تجارب كل واحد منا مكبلة
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.