في هذا الحوار يؤكد القيادي الاتحادي إدريس لشكر أن التشخيص السياسي لحالة المغرب بعد انتخابات 2007 لم يتغير، ولم تحدث أية مؤشرات أو تحولات سياسية تدل على أن إدراة سياسية تتجه لتصحيح حالة التراجع والنكوص الديمقراطي في المغرب، ولذلك، يرهن لشكر استمرار الاتحاد في الحكومة بالإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية، ويكشف عن قرب إطلاق مبادرة الحزب للإصلاح الدستوري مبينا أن إطلاقها بعد الانتخابات الجماعية سيكون فيه إخلالا بالاتفاقات التي توصل إليها الاتحاديون في المؤتمر الثامن، وحول موقف الكتلة من مبادرة الاتحاد وما إذا كان حزبه قام بهذه المبادرة بشكل انفرادي دون استشارة مع حلفائه يؤكد لشكر أن الخلاف إنما كان في الأجندة الزمنية، معتبرا أن المطلوب من حلفاء الاتحاد في الكتلة أن يكونوا أول المتفاعلين مع مبادرة الاتحاد، ومؤكدا أن الكتلة إذا صارت وسيلة لعرقلة مسصار الدفاع عن الديمقراطية في البلد، فإن الاتحاد لن يبقى سجينا لها. -الآن ونحن على مسافة جد قريبة من الاستحقاقات الجماعية، هل لا زلتم تحتفظون بنفس التقييم الذي انتهيتم ليه في المؤتمر الثامن، أم أنكم لحد الآن لم تلمسوا أي تحول في اتجاه ما طالبتم به؟ -مؤكد، لأن ما حدث بعد ذلك سواء على المستوى الاجتماعي، أو على مستوى الحريات العامة وحقوق الإنسان، أو ما يتعلق بطريقة تحضير الانتخابات المقبلة، لا يؤشر على ان هوجود تحول ما يدعونا إلى تغيير التشخيص الذي انتهينا إليه في المؤتمر الثامن، ولو أنه في محور الانتخابات الجماعية، هناك نقطتان مضيئتان، تتعلق الأولى بتمثيلية المرأة (الكوطا النسائية) إذ لا شك أنه قد بذل مجهود كبير حتى تحظى المرأة في المدنية كما في البادية بتمثيلية معتبرة، والنقطة الثانية المضيئة نسبيا، هي المراجعة التي تمت للوائح الانتخابية، فيكفي أن نعلم أن ما شطب عليه يتجاوز ما حصل عليه حزبان أولان في المغرب، وهذا يؤشر حقيقة على حجم الكارثة التي كانت في انتخابات السابع من شتنبر 2007، معنى هذا أن لوائح 2007 كانت مليئة بالخروقات، ولذلك لما كنا نقول: آلاف من المسجلين كنا نبحث عنهم في الدوائر الانتخابية ولم نكن نجدهم، لم يكن أحد يصدقنا. لقد كشفت الأرقام الأخيرة (التشطيبات) التي أعلنت عنها وزارة الداخلية صدق ما كنا نقوله. نحن الآن متفائلون، وسنسعى إلى توسيع هذا الأمل، رغم أن تشخيصنا الذي خرج به المؤتمر الثامن، والذي تحدثت عنه باستفاضة في الحوار الذي أجرته معي التجديد مباشرة بعد المؤتمر الثامن لم يحدث أي تحول سياسي يدفعنا إلى تغييره، فالوضعية السياسية العامة التي انتهى إليها المغرب، والتي عبر عنها الاتحاديون بحالة النكوص والتراجع عن المسلسل الديمقراطي بقيت كما هي، ولا زال مطلب الاتحاديين بفتح أوراش الإصلاحات الدستورية قائما. - بعض المحللين السياسيين يرون أن الاتحاديين أرادوا من خلال رفع شعار الإصلاح الدستوري والملكية البرلمانية مجرد مزايدة سياسية من أجل تحسين الموقع التفاوضي لنيل مقاعد أكبر في الحكومة في حال تعديلها؟ نتساءل هل يريد الاتحاد اليوم تحسين تموقعه داخل الحكومة؟ أم أن قراءتكم السياسية تدفعكم إلى الخروج من هذه الحكومة؟ - بداية، أؤكد أن التحليل الذي انتهى إليه المؤتمر الثامن والذي يصف الوضعية السياسية التي انتهى إليها المغرب بالنكوص الديمقراطي لم يعد تحليل الاتحاديين وحدهم، فكل الفاعلين السياسيين الحقيقيين في هذه البلاد يشتركون معهم في نفس التحليل، لكن لا أحد منهم يدعي أنه يملك الحل السحري لتجاوز هذه الأزمة، فكل ما هنالك أن الأحزاب تقدم اجتهاداتها السياسية. فعلى سبيل المثال، حزب العدالة والتنمية لا يرى أن الحل للخروج من هذه الأزمة هو في إجراء إصلاحات دستورية، وإنما يكتفي بالمطالبة بإصلاحات سياسية ، ولذلك فما نطلبه من إخواننا في العدالة والتنمية هو أن يراجعوا الأمر. وإذا كان خلافنا مع إخواننا في العدالة والتنمية هو في نوع الحل المقترح للخروج من هذه الأزمة، فإن خلافنا اليوم مع حلفائنا في الكتلة هو في التشخيص، فما نراه أزمة في الانتقال الديمقراطي يعتبره البعض من حلفائنا تطورا في المسار الديمقراطي لا زال مستمرا على نفس الوتيرة منذ عهد حكومة التناوب التوافقي. دعني أقول لك، إن التشخيص الذي انتهى إليه الاتحاد الاشتراكي ليس مجرد ترف فكري، ولكنه حصيلة تجربة سياسية، فنجن شاركنا في حكومة التناوب، واعتقدنا في نهاية التسعينيات أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية هو ربما مقدم على الإصلاحات الدستورية، وهي الحالة التي يعيشها حزب العدالة والتنمية اليوم، وهو الأمر الذي عشناه في التناوب الأول الذي قاده أخونا عبد الرحمان اليوسفي، وربما دققنا ناقوس الخطر عند تعيين إدريس جطو وزيرا أول حينما تحدثنا عن خرق للمنهجية الديمقراطية، ولعل التاريخ هو الذي سيكشف من كان على صواب ممن كان على خطأ: الذين كانوا يطالبون بخروج الاتحاد الاشتراكي من الحكومة، أو الذين كانوا يقدرون ضرورة استمرار الاتحاد الاشتراكي في الحكومة لاستكمال أوراش الإصلاح، والتنازل من أجل دعم المكتسبات التي تحققت. مما لا شك فيه، ونحن على مسافة مما حصل، يبدو أنه كان علينا أن نختار وقتها الخروج من الحكومة ما دام أنه لم تحترم المنهجية الديمقراطية، هذا رأيي الشخصي، وربما أصبح اليوم هو رأي الاتحاديين لأن التقرير السياسي الذي صادق عليه المجلس الوطني كانت هذه هي إحدى خلاصاته الأساسية المعتمدة. لكن، ما لم يكن مستساغا هو الاستمرار في نفس التوجه بعد انتخابات 2007، ولذلك، ففي المؤتمر الثامن عاش الاتحاد الاشتراكي رجة حقيقية لم يكن سببها كما يدعي البعض هو تحسين وضعنا داخل الحكومة، إنما كان أساسها هو ضرورة الرجوع إلى الذات والتداول بشكل عميق حول الوضعية السياسية التي انتهى إليه المغرب ومستقبل الانتقال الديمقراطي. ولا شك أن الرأي العام تابع كيف حضرنا الشوط الأول من المؤتمر الثامن، وأية وثائق كانت ستعرض فيه، ثم تابع الوثائق التي تدوولت في الشوط الثاني والنتائج التي انتهى إليه المؤتمر سواء تعلق الأمر بأجهزة الحزب القيادية أو بمواقفه السياسية التي من المؤكد اليوم أنها تجعلنا أقرب إلى نبض الجماهير وهموم المجتمع وإلى اختيارات المغاربة أكبر مما كنا عليه قبل المؤتمر الثامن. -تطرح على حزب الاتحاد الاشتراكي مشكلة حقيقية إذا ما قرر الخروج من الحكومة، فيكفي أن قضية عبد الواحد الراضي التي كانت شبه محسومة تدخل الملك وصار للقضية اتجاه آخر، ناهيك عن وجود قياديين اتحاديين يعلنون تمسكهم بالحقائب الوزارية ويصرون على تسفيه رأي كل من يرى خروج الحزب من الحكومة، فلو قررتم الخروج إلى المعارضة كيف سترتبون مسألة خروج الوزراء الاتحاديين من الحكومة؟ - الأمر كان عندنا جد واضح في المؤتمر الثامن، فنحن نربط استمرارنا في الحكومة بفتح أوراش الإصلاح على مصراعيها، وقد حددناها بوضوح في الإصلاحات الدستورية ممثلة في محاربة اقتصاد الريع، وفي الإصلاحات السياسية التي ربطناها بالضرورة بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ولذلك، وعلى الرغم من تنويهنا بالنقطتين المضيئتين (الكوطا النسائية، ومراجعة اللوائح الانتخابية) إلا أننا لا زلنا ننتظر من الإجراءات الإصلاحية التي يمكن أن تحدث رجة في المجتمع وتضع حدا لحالة العزوف في المشاركة السياسية، وربطنا مشاركتنا بالإصلاحات الدستورية التي أعلنا أننا سنتخذ بشأنها مبادرة التي لن تخرج عن إطار المبادرات التقليدية التي توجه إلى جلالة الملك، لكننا سنهدف هذه المرة إلى فتح حوار وطني مع جميع الفاعلين السياسيين بصددها. - جرت العادة أن الاتحاد الاشتراكي في المبادرات الكبرى، وبشكل خاص فيما يتعلق بالإصلاحات الدستورية، فإنه يعبر عن مطالبه من خلال الكتلة، لكن هذه المرة، يبدو أن الاتحاد اختار أن يبادر بشكل منفرد، فهل يعني هذا أن الاتحاد الاشتراكي لم يقدم على فتح حوار مع حلفائه في هذا الموضوع؟ أم أن حلفاءه عبروا للاتحاد الاشتراكي أنهم غير مستعدين في هذه المرحلة التقدم بمطلب إصلاحات دستورية؟ - أولا، الأجندة الزمنية لم تسعف، فالاتحاد الاشتراكي كان يعيش رجة داخلية بسبب تقييمه للحالة السياسية التي انتهى إليها المغرب ومستقبل الانتقال الديمقراطي فيه، بينما كانت الأجندة الوحيدة عند حلفائه هي مسألة الانتخابات، في حين كنا نربط الانتخابات نفسها بفتح ورش الإصلاح الدستوري، ولذلك كان الخلاف بيننا وبينهم في التدبير الزمني لهذا الموضوع. شخصيا، أنا أقرأ في البيان العام الذي خرج به المؤتمر الثامن أن المطلوب من الاتحاد الاشتراكي أن يتخذ مبادرة للمطالبة بالإصلاحات الدستورية. هي بطبيعة الحال مبادرة مطروحة للحوار الوطني الذي من المفترض أن يشارك فيه كل الفاعلين السياسيين. كنا ننتظر من حلفائنا أن يكونوا الأكثر تفاعلا مع هذه المبادرة، لكن في غياب هذا التفاعل من جهتهم لا يمكن لنا أن ننتظر إلى ما لا نهاية، فالاتحاد الاشتراكي ينبغي أن يتقدم بمبادرته. - هل تعتقدون أن الاتحاد الاشتراكي سيتقدم بمبادرته قبل الانتخابات الجماعية؟ - نعم. أنا أعتقد أننا سنكون مخلين بما اتفق عليه الاتحاديون والاتحاديات في المؤتمر الثامن إذا لم نطلق المبادرة قبل الانتخابات الجماعية. - نتوقع متى؟ - لا الموقع يسمح لي بذلك، فأنا لست كاتبا أول للحزب، ولا الاحترام الواجب للكاتب الأول يسمح لي بذلك. لكن، في تقييمي الشخصي، أن مبادرة الاتحاد الاشتراكي مطلوبة ليس في الأسابيع القليلة القادمة، بل في الأيام القادمة. - ما هي أهم الإصلاحات الدستورية التي تطالبون بها التي ستتضمنها هذه المبادرة؟ - هي مجمل الإصلاحات التي يعبر عنها الطيف السياسي الحامل للهم الديمقراطي في البلاد من تقوية لمؤسسة الوزير الأول، ومن تقوية للحكومة، وتقوية الدور التشريعي والرقابي للبرلمان مع التمييز في الأدوار والصلاحيات بين الغرفة الأولى والغرفة الثانية ومن التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان والحريات العامة وللمساواة ومن احترام للرأي العام وتقوية المؤسسات التمثيلية وفي هذا الإطار تطرح قضية الجهوية واللامركزية في بعدها الديمقراطي وليس فقط الإداري. - لو افترضنا أن الاتحاد الاشتراكي قرر الاستمرار في خط الدفاع عن الديمقراطية بينما كان لحلفائكم في الكتلة تقييم آخر، واختلف التقدير بينكم بين البقاء في الحكومة والخروج منها، ألا يمكن أن يتناقض هذا مع استراتيجية التحالفات التي وضعتموها والتي تضع الكتلة في موقع متقدم إلى جانب التحالف مع قوى اليسار؟ - إستراتيجية التحالفات التي تتحدث عنها كانت قبل انتخابات 2007، لكن بعد ذلك لا أعتقد أن البيان العام وردت في إحدى عباراته لفظة الكتلة. نحن الآن منفتحون على كل الاحتمالات، بالعكس التقييد الوحيد الذي ورد بخصوص الانفتاح في البيان العام هو العمل على وحدة اليسار. ولذلك، فالكتلة ستكون ضرورة بالنسبة إلينا إذا كنا موحدين فيما يتعلق بالأهداف التي نتوخاها وفي تصورنا للانتقال الديمقراطي والتعثرات التي يعرفها، وفي كيفية تجاوز هذه التعثرات، أما إذا لم يحدث ذلك، فلن نظل سجيني إطار يفرض علينا أن نتخلى عن رؤيتنا ومواقفنا التي انتهينا إليها بعد مسار من النقاش والتقييم داخل الاتحاد الاشتراكي. بطبيعة الحال سنبحث عن دفع دينامية جديدة مع حلفائنا في الكتلة من أجل تطوير إطار ديمقراطي لكل الفاعلين الوطنيين. لنفرض أن الاتحاد الاشتراكي تقدم بمبادرته للإصلاحات الدستورية، وانضمت لها أحزاب سياسية أخرى من غير حلفائنا في الكتلة، فإذا وجد برنامج الاتحاد الاشتراكي في الساحة السياسية من يسانده ويدعم مطالبه ويعبر عن انخراطها في مبادرته، فهل سيكون من السياسة أن أقولها لها لأنني مرتبط بالكتلة وأن ميثاقا يجمعني بحلفائي في الكتلة؟. أعتقد أن ميثاق الكتلة وضع لتحرير المبادرة، أما إذا صار وسيلة للعرقلة، فأعتقد أن الأجهزة التقريرية للحزب التي اتخذت القرار بالانخراط في هذا الميثاق سيكون على عاتقها أن تراجع كل ما من شأنه أن يقيد مبادرات الحزب. - صرحتم أكثر من مرة بأن الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية يلتقيان بشكل موضوعي في العديد من المواقف، ودعوتم إلى تأسيس جبهة للدفاع عن الديمقراطية، وفصلتم في حوار سابق مع التجديد في بعض صور التنسيق بين الحزبين لاسيما في تحصين الانتخابات من التزوير واستعمال المال الحرام، ألا تفكرون والانتخابات الجماعية على الأواب في صيغة لتنزيل الأفكار التي سبق ودعوتم لها؟ - بداية، الالتقاء بين الاتحاد والاشتراكي والعدالة والتنمية حدث على أرض الواقع، ليس فقط على مستوى التشخيص والتقييم السياسي لانتخابات 2007، أو مستوى الموقف من الوافد الجديد، وإنما حدث لقاء اجتماعي. فنقابة الحزبين كانت لهما مواقف مشتركة، بل دخلتا في تنسيق مشترك وكان لهما نفس الموقف بخصوص الحوار الاجتماعي على الرغم من أن الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، وظهر ذلك أكثر في الموقف من الاقتطاعات التي كانت تنوي الحكومة تنفيذها في حق الموظفين المضربين، ولم يكن موقعنا داخل الحكومة، ليمعنا من تبوئ مقعد السبق إلى جانب العدالة والتنمية في هذه النضالات، فلم يكن موقعنا في الحكومة وموقع العدالة والتنمية في المعارضة ليمنعنا من الالتقاء في الملف الاجتماعي على أرضية نضالية واحدة. اليوم، مما لا شك فيه، الذي سيحدد مستقبل اللقاء بيننا وبين العدالة والتنمية هو العدالة والتنمية نفسه، فلا زلنا لحد الآن ننتظر أن يرقي موقفه لمستوى ما نطالب به في قضية الإصلاح الدستوري. لكن بالنسبة للاستحقاقات الانتخابية، أعتقد أنا لنا نفس التوجهات في محاربة الفساد الانتخابي، في ضرورة الدفع في اتجاه جبهة للدفاع عن الديمقراطية، هكذا أنا أسمها وإن كان البعض لم يرق إلى تسميتها بهذا الاسم، ولذلك، ما الذي يمنعنا من أن نشكل لجان الدعم والمساندة من الأحزاب التي تدافع عن الديمقراطية وتعلن محاربتها للفساد الانتخابي، ما الذي يمنع هذه الأحزاب مجتمعة لتتحول في الأحياء والدواوير إلى لجان لمقاومة الفساد الانتخابي؟ لماذا لا يقع تنسيق على مستوى المراقبين الانتخابيين خاصة وأن أي حزب ليس بمقدوره بما في ذلك العدالة والتنمية أن يغطي مكاتب التصويت بالمراقبين؟ هذه أيضا من المواضيع المطروحة للاتفاق بين الديمقراطيين، وأكثر من ذلك، أنا أعتبر أنه على مستوى الشأن المحلي، وسيكون هذا امتحان، أنه على جميع الديمقراطيين أن يبحثوا بعد الاقتراع عن صيغ لتوحيد جهودهم. صحيح أنه من المستحيل أن نمضي في اتجاه لوائح مشتركة، لكن من الممكن جدا لأحزابنا في الأقاليم والجهات أن تنظر في صيغ التعاون مع من يحمل هم الديمقراطية وهم التنمية. لذلك، أنا أعتقد أننا نمضي إلى الانتخابات الجماعية ليس بنفس الأفكار التي كنا نحملها قبل انتخابات 2007 حينما كانت خطوط حمراء بيننا وبين العدالة والتنمية. نحن اليوم، على أبواب تنسيقات واتفاقات للدفاع عن الديمقراطية ومحاربة الفساد الانتخابي، كما أننا بعد الاقتراع أمام صيغ تعاون بين الشرفاء والنزهاء ومحاربي الفساد الانتخابي. - في السابق كان الانتقاد يوجه بشدة من طرف الأحزاب الديمقراطية لما يسمى حياد الدولة، لكن يبدو من خلال بعض المؤشرات أن الأمر انتقل من حياد سلبي إلى تدخل مكشوف للدولة في الانتخابات سواء في صورة دعم حزب أو ضرب حزب؟ من جهتكم ألم تلمسوا أي تحول في موقف الدولة؟ - الأمر عندنا لا زال لم يدخل إلى دائرة اليقين، ولا ندري لحد الآن هل يتعلق الأمر باستراتيجية الدولة أم تحرك بعض الجهات؟ نحن لدينا معطيات دقيقة تكشف تورط بعض المسؤولين في الإدارة الترابية في دعم بعض المرشحين، لدينا ما يثبت أن جزءا من الإدارة الترابية لم يكن أبدا على الحياد، ولذلك، ما خطط له هو ما أفرزته صناديق الاقتراع. المشكلة الحقيقة لا تكمن اليوم في نتائج الانتخابات، فالقوانين الانتخابية لا تتيح لأحد أن يحصل على الأغلبية، وإنما تكمن في مرحلة ما بعد الاقتراع، وتحديدا فيم توكل له مهمة صنع الأغلبيات، فلو أن الإدارة الترابية وقفت على الحياد في هذا الموضوع، فإن الأمر سيسهل على الأحزاب الديمقراطية، لكن عندما يتدخل العامل أو الوالي أو الباشا ويدعو وكيل هذه اللائحة أن يذهب مع هذا أو ذاك، وهذا عشناه في العاصمة الرباط للأسف، حيث بوأنا الموطنون المكانة الأولى لا من حيث عدد المقاعد ولا من حيث عدد الأصوات، لكن النتجية كانت أن 16 حزبا اجتمعوا لمحاربة من بوأه الناخبون المرتبة الأولى. - سؤالي كان واضحا، وأنا أعلم أن قيادة الاتحاد الاشتراكي قررت عدم الحديث في ما يسمى الوافد الجديد، لكن نحن في التحليل السياسي، وهذا شخص كان مسؤولا في الداخلية، وخرج منها، ثم أسس حركة، وبعدها دمج خمسة أحزاب في حزب، وشكل فرقا في البرلمان ثم في مجلس المستشارين بهذه السرعة، وبعد ذلك صار يتحرك بدينامية كبيرة لجمع الأعيان في المغرب، وهو أمر لا يمكن أن يتم بحياد من الدولة، ويجد الدعم في كل منطقة ينزل فيها، وفي المقابل هناك حملة منظمة ضد العدالة والتنمية بدأت بعزل بلكورة إلى حاكية تضخيم الاستقالات إلى هدم حديقة تمارة؟ - بداية، نحن لن نسكت على أي خرق أو اعتداء على الديمقراطية، يعني اليوم، حزب الأصالة والمعاصرة هو حزب موجود، والقانون يضمن له حق التحرك والعمل، لكنه يضمن له هذا الحق في إطار الضوابط القانونية، ولذلك نحن كديمقراطيين، مطلوب منا أن نأخذ موقفا واضحا من أي تجاوز صدر منه حتى لا نسمح بتكرار ما وقع في الماضي. نحن نراقب الوضع ونتابع بكل دقة، ولحد الآن، ما يصلنا من معطيات تشير إلى ضلوع بعض رجال السلطة في توفير الشرط اللوجستية لنجاح اجتماعات هذا الحزب، أما تحركات هذا الحزب للحصول على مرشحين، فيصعب الآن التعليق عليها. أما يتعلق بالعدالة والتنمية، والحملة التي تشن ضده، فالمفصل الذي ينبغي أن يعتمد هو تقارير المجلس الأعلى للحسابات، فهذا الإطار أشير إلى أننا نسير الجماعة في بوعرفة، وقد أنصفنا فيها المجلس الجهوي للحسابات، لكن مع السخونة التي تعرفها هذه الفترة، تم صنع أغلبية أسقطت الحساب الإداري، وفوجئنا أن وزارة استجابت بسرعة وحلت المجلس الذي نسيره. - معنى هذا أن اعتبارات سياسية هي التي تتحكم في صنع هذه الأغلبية أو إسقاط تلك؟ - أنا لا أفهم كيف حصل ذلك في بوعرفة، ولا أستوعب أن تستحق المخالفات التي سجلت على تدبير مكناس عزل الرئيس،ة مع أننا نرى يوميا أضعاف هذه المخالفات في العددي من الجماعات دون أن تقدم الداخلية على ما أقدمت عليه في مكناس، فالرباط مثلا، وفي جميع أحيائها (التقدم، والنهضة وغيرها) ليس فيها إلا 1+1، لكن إذا تجولت فيها تجد أنها كلها من غير استثناء فيها 1+3، أو 1+4 من غير أساسات متينة. ولذلك، لا استطيع أن أنخرط في القراءة التي ذكرت لم توجد القرائن الكافية التي تسند هذه القراءة، لكننا نراقب هذه الاستثناءات ونراقب تطورها، ولن نقف مكتوفي الأيدي إذا مست الديمقراطية في البلد. - إصلاح القضاء هو الورش الذي يتحدث الخطاب الرسمي عن ضرورة فتحه دون أن يسجل أي تقدم فيه. ألا يشكل لكم هذا الورش إحراجا من جهتين من جهة كون الكاتب الأول للحزب هو وزير العدل، ومن جهة كون إصلاح القضاء هو قضية أساسية في الإصلاح الدستوري الذي تطالبون به؟ كيف ستوفقون بين رؤيتكم لإصلاح القضاء وبين الرؤية الحكومية لإصلاح هذا الروش؟ - نحن عبرنا في بلاغ المكتب السياسي مباشرة بعد تثبيت الأخ عبد الواحد الراضي، فبعد أن ثمنا هذا التثبيت، قلنا بوضوح في البيان أننا نعتبر أن فتح إصلاح ورش إصلاح القضاء هون مدخل حقيقي إلى ما نطالب به، لأننا نعتقد أنه لا يمكن أن يستقل القضاء دون حدوث إصلاحات دستورية، فما لم يتم الاعتراف بأن القضاء سلطة، يستحيل الحديث عن استقلال القضاء. نحن نعتبر أن خطاب جلالة الملك فيما يتعلق بإصلاح ورش القضاء، وخطاب جلالة الملك المتعلق بالجهوية الموسعة، ورسالة جلالة الملك إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان المتعلقة بالملاءمة مع المواثيق الدولية، والمبادرة الملكية فيما يخص المسألة الأمازيغية، نحن نعتقد أنها مداخل للإصلاح لا تستقيم من غير إصلاح دستوري. نحن نعتقد أن بعد مرور أكثر من عقدين عن دستور 1996، وبعد مرور أكثر من نصف قرن عن دستور 1966، المشروع أن تتوافق الأمة على عقد جديد ودستور جديد. على أن هذا التوافق لم يستقيم إلا إذا ساهمت فيه كل مكونات الأمة من مختلف مرجعياتها. ولذلك، تأكدوا أن إصلاح القضاء لا بد أن يكون المنطلق فيه هو الإصلاح الدستوري. - لكن هل تعتقدون أن لمقاربة الحكومية لإصلاح القضاء ستكون مؤطرة بسقف الإصلاح الدستوري لاسيما وأن عشرة جمعيات حقوقية انتقدت بشدة للمقاربة الحكومية لإصلاح القضاء والتي بدت بعض معالمها في اليوم الدراسي الذي نظمته المفتشية العامة للمسؤولين القضائيين؟ - لا علم لي بوجود مبادرة حكومية لإصلاح القضاء، ولا أعلم أن عبد الواحد الراضي أطلق أية مبادرة في هذا الاتجاه، وما تطالب به مكونات المجتمع المدني فيما يخص إصلاح القضاء وضمان استقلاليته لا يمكن لي إلا أن أثمنه والاتحاد الاشتراكي لا يسعه إلا أن ينخرط فيه. - ماذا لو كان المقاربة الحكومية لإصلاح القضاء دون سقف الإصلاح الدستوري الذي طالب به الاتحاد الاشتراكي؟ - سيكون لنا موقف واضح حينها، ولن نتردد في التعبير عنه. لكني أعتقد جازما أن الكاتب الأول سيكون منسجما تماما مع مواقف الحزب بما في ذلك رؤيته لإصلاح القضاء. - هل يعني هذا أن السيد عبد الواحد الراضي سيقدم مخططه لإصلاح القضاء بشكل ينسجم تماما مع رؤية الاتحاد الاشتراكي ومطالبه؟ - فيما يتعلق بإصلاح القضاء لا ننطلق من عدم. أحيانا نرفع بعض الشعرات ونحسبها تقدمية وهي رجعية. ولذلك من يدعو اليوم إلى أن تحسب وزارة العدل وزارة سيادة. وزارة العدل أو وزارة السيادة أليس في هذا إنقاصا للديمقراطية التي ندافع عنها.نحن في الاتحاد الاشتراكي نعتبر من أجل تحديد المسؤوليات أنه لا أساس لوزارة السيادة سواء تعلق الأمر بوزارة العدل أم بغيرها. - بهذا التعميم؟ - نحن في الاتحاد الاشتراكي نعتبر أنه لا وجود لوزارة من المرتبة الأولى ووزارة من المرتبة الثانية. نحن من خلال نضالنا الديمقراطي نعتبر أن الحكومة ينبغي أن تكون متضامنة ومنسجمة ومسؤولة أمام الملك وأمام الشعب، وأنه لن يكون هناك أي تباين مطلقا إن كنا نشتغل على إصلاح القضاء وفي نفس الوقت على الإصلاح الدستوري. ليس معنى هذا أننا سنتوقف عن الحوار وعن سماع رأي مختلف الفاعلين المعنيين حتى يتحقق الإصلاح الدستوري، لا، هذا غير ممكن، وفي المقابل، سيكون إصلاح القضاء فاشلا ولن يستقيم أمره إن لم يقرن بالإصلاح الدستوري. - سؤالي هو عن مقاربة الحكومة لإصلاح القضاء ورؤية الحزب؟ - الكاتب الأول للحزب ينصت إلى نبض حزبه ونبض الشعب، وهو ملتزم برؤية الحزب، ولذلك لا يمكن أن يكون الإصلاح إلا مستجيبا لمطالب الأسرة الحقوقية والمدافعين عن القضاء كسلطة. ومستجيبا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. أنا شخصيا لم أطلع على مذكرة العشر جمعيات، لكني أعتقد أنها تنبه فقط وهذا دورها.