إدريس لشكر، قيادي اتحادي غير مصنف لكنه رجل مراوغ بامتياز يعرف أسلوب اللحظة ويختار السلوك المناسب لها. يمكن أن يلعن الجميع وقد يختار الجلوس في الصفوف الخلفية للمجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات دون أن ينبس بكلمة. الرجل مراوغ في الزمان. يجلد ويسلخ ويكوي ويبخ ولا يمل من تكرار المؤامرة التي حيكت ضده وضد رفاقه،وكانت وراء سقوطهم في الانتخابات. ما لم يتحدث عنه لشكر في خروجه الإعلامي هو المؤامرة التي أسقطته في الحكومة. في حواره الأخير خرق كل المعايير والمقاييس وتجاوز المنطق والسياسة وبرر ما لا يمكن تبريره. اعترف بخصوماته المتكررة مع العدالة والتنمية وخصوصا "مناقرات" البرلمان رفقة عبد الهادي خيرات. لم يخف أنه سمى الأصالة والمعاصرة بالوافد الجديد. لم يستحي وهو يسمي الإسلاميين إخوانه في العدالة والتنمية. لم يرف له جفن وهو يتحدث عن الجبهة من أجل حماية الديمقراطية التي يمكن أن يكون فيها لشكر جنبا إلى جنب مع بنكيران والهمة. ولم يدع لشكر إلى الجبهة المذكورة إلا نكاية في "الوافد الجديد". كل شيء قابل للتبرير عند إدريس لشكر تحت مسمى أنه لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة. لكن هناك تصورات وتوجهات وتقاطعات وتناقضات لا يمكن محوها نهائيا. وقبول حزبه بالتحالف مع من كان يسميهم الأحزاب الإدارية في إطار حكومة التناوب ليس معيارا للخطأ والصواب السياسيين. لماذا لا يبحث إدريس لشكر في النتائج التي حققها حزب القوات الشعبية من هذه التحالفات غير المنطقية؟ ألم يكن ذلك هو المذبح الكبير لحزب كان يعتبر أداة من أدوات الدفاع الشعبي فتحول إلى مدرسة تأهيل للترقي الاجتماعي؟ هناك مؤامرة وراء سقوط إدريس لشكر ليس في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 ولكن في الحكومة مباشرة. مؤامرة قادها أقصى اليسار والإعلام وأعيان من تركة الماضي،حسب تعبيره. مؤامرة قادها عناصر من أقصى اليسار ممن يتولون اليوم مهمات كبيرة أو يتحملون مسؤوليات حزبية في التنظيم الذي كان يسميه "الوافد الجديد". مؤامرة قادها الإعلام الذي يميز بين الجد والحركات التسخينية. يوم صدق الإعلام دعوة إدريس لشكر إلى الخروج من الحكومة ومهاجمته للوزراء الاتحاديين والتنسيق العلني مع العدالة والتنمية. مؤامرة قادها الأعيان من تركة الماضي الذين رشحهم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الانتخابات التشريعية لضخ أرقام كبيرة في حساب المقاعد المفضي إلى المفاوضات حول الحكومة ولولا الأعيان من تركة الماضي ما استطاع إدريس لشكر أن يكون وزيرا اليوم لأنه لو حذفنا مقاعد الأعيان من الفريق الاشتراكي ربما لن يكون هناك فريق بله رقم جيد للمشاركة في الحكومة. إدريس لشكر رجل لا علاج له إلا الوزارة. لولاها لاشتعلت النيران في خيام الاتحاد الاشتراكي. ولولا الوزارة لما مرت اجتماعات المكتب السياسي بهدوء حيث "القربلة" كانت شعاره. ينطبق على إدريس لشكر المثل الذي يقول "يسب الملة ويأكل الغلة". لشكر يسب الحكومة ويأكل من ثمار الوزارة التي حاول جاهدا أن ينهي بها مساره المهني. مبروك الوزارة وعقبى للتقاعد المريح ادريس عدار النهار المغربيةالنهار المغربية