عبد الحق بلشكر يوسف ججيلي على الساعة التاسعة من صباح أمس بدا المقر الفاخر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في شارع العرعر بالرباط فارغا، إلا من بعض الصحافيين وبعض أعضاء المجلس الوطني الذين بدؤوا يتوافدون على المقر تباعا من مختلف المدن المغربية، كان عبد الواحد الراضي وعبد الرفيع الجواهري من أوائل من وصلوا إلى المقر من قيادة الاتحاد الاشتراكي. كل شيء كان يشير إلى أجواء التوتر التي قد تعصف بهذا الاجتماع المصيري بالنسبة للحزب، تنظيم الدخول إلى المقر كان أبرز نقطة ستثير حفيظة بعض الاتحاديين، خاصة أعضاء المكتب الوطني للشبيبة الذين منعوا من الدخول من طرف لجنة التنظيم،بدعوى أنه ليست لديهم شارة تسمح لهم بالحضور. وسرعان ما انطلقت الشعارات لتكسر الهدوء والترقب اللذين سادا في البداية داخل ردهات المقر. وكان أبرز الغائبين عن افتتاح أشغال المجلس الوطني، الكاتب الأول المستقيل محمد اليازغي، وإدريس لشكر عضو المكتب السياسي. أحد أعضاء المكتب السياسي، رفض ذكر اسمه، قال ل«المساء» إن إدريس لشكر لم يحضر لأنه «مريض بالتهاب اللوزتين»، أما بخصوص اليازغي فأكد أنه من المنتظر حضوره في أي وقت. وكان مثيرا أن يتولى عبد الواحد الراضي تسيير الجلسة، وهو الذي كان يعد من المغضوب عليهم داخل المكتب السياسي، حيث تعرض بدوره ل«الإقالة» من طرف المكتب السياسي، ومباشرة بعد أخذه للكلمة قام محمد بوبكري من المنصة ورجع للجلوس في الصفوف الخلفية. وكان الراضي متفائلا كعادته حين قال إن جميع القضايا ستناقش داخل المجلس «وسنخرج متفقين ومتحدين، همنا وحدة الحزب». لكن ما إن أنهى الراضي كلمته المقتضبة التي حدد فيها جدول أعمال المؤتمر في نقطتين، الأولى تتعلق بمناقشة تقرير لجنة تقييم الانتخابات، والثانية تتعلق بمناقشة التقرير السياسي، حتى بدأت النقاشات العاصفة داخل القاعة، حيث أخذ الكلمة محمد بن يحي الذي اعتبر أن أهم نقطة لم يتم إدراجها في جدول الأعمال هي المتعلقة بالمؤتمر. هذا وعلمت «المساء» أن إدريس لشكر ومحمد البوبكري، عضوي المكتب السياسي، رفضا مبادرة الصلح التي قادها عدد من أعضاء الحزب لتجاوز الأزمة التي يعيشها الاتحاد الاشتراكي. وكشف عضو من المكتب السياسي، رفض الكشف عن هويته، أن اجتماع «القيادة الجماعية» لمساء أول أمس الخميس تميز بتوتر للأعصاب دفع بلشكر إلى وصف مبادرة «لجنة المصالحة» ب«المؤامرة التي تستهدفه»، خصوصا بعد علمه باقتراحها على محمد اليازغي ترؤس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لرد الاعتبار إليه. وقال محمد كرم في هذا السياق: «إن تجاوز الأزمة التي يعيشها الاتحاد تقتضي حلا بالتوافق لا غالب فيه ولا مغلوب». واعتبر عضو المجلس الوطني، في اتصال ل«المساء» به، أن «تنازل» اليازغي بقبوله العودة إلى المكتب السياسي كعضو عادي كان مؤشرا على أن الأزمة في طريقها إلى الحل، «غير أنني يضيف كرم فوجئت بعدم قبول المبادرة من طرف بعض أعضاء المكتب السياسي»، وشدد كرم على أنه «لا يمكن تجاوز هذه الأزمة دون إشراك اليازغي لأنه يظل رقما صعبا في المعادلة السياسية بالحزب». وفي الإطار ذاته، كشفت مصادر جيدة الاطلاع أن نتائج المفاوضات مع اليازغي وافقت عليها اللجنة المنبثقة من المكتب السياسي المتكونة من فتح الله ولعلو والحبيب المالكي ومحمد الصديقي والطيب منشد، والتي أسندت إليها مهمة تتبع عمل «لجنة المصالحة»، غير أنها اصطدمت برفض إدريس لشكر ومحمد البوبكري حين عرضها على جميع أعضاء المكتب السياسي مساء أول أمس الخميس. ورتبت «لجنة المصالحة» سيناريوها أثناء أشغال المجلس الوطني، وتوافقت مع محمد اليازغي حول التوقيت الذي سيلج فيه قاعة الاجتماع، وبإفشال مساعي «لجنة المصالحة»، عاد المجلس الوطني إلى نقطة الصفر واتضح ارتباك كبير عند انطلاق أشغاله لغياب «التوافق» بين الأطراف «المتنازعة»، وتجسد ذلك في استغراق أعضاء برلمان الحزب خمس ساعات في المداولات للحسم في تركيبة أعضائه، وذلك بعد مطالبة أعضاء المكتب الوطني، للشبيبة الاتحادية ومحمد أشبون، عضو المجلس الوطني الذي ظفر بمقعد نيابي بدائرة تطوان بلائحة مستقلة، إضافة إلى مدير حملته عبد اللطيف بوحلتيت، عضو الجهاز ذاته، بضرورة حضورهم أمس الجمعة أشغال الاجتماع الذي كان مرتقبا أن يكون حاسما في مصير هذا الحزب.