«إنها الساعة الشاغرة بين موعد الاقتراع والإعلان عن النتائج. ليس هناك ما يمكن مشاهدته...». بهذه العبارة استقبل مسؤول بالمقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي بالرباط صحافيين، يمثلون منابر إعلامية مختلفة، أتوا لتمضية ليلة الجمعة السبت الماضيين مع الاتحاديين لرصد أجواء استقبالهم لأولى نتائج الانتخابات الجماعية. حركة قليلة داخل المقر المركزي للحزب الاشتراكي، الذي غادره للتو فتح الله ولعلو، عضو المكتب السياسي والوزير السابق. عشر دقائق بعد ذلك وفي حدود الساعة التاسعة إلا ربع ليلا خرج عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول، متأبطا سترته وربطة عنقه بيمينه ومجلدا كبيرا بيده الشمال وهو يمشي الهوينى وبالكاد يحرك قدميه مغادرا المقر بدوره في اتجاه سيارة من طراز «بي.إم» كانت مرابطة أمام المقر وكان سائقها في انتظار وزير العدل. مقر الاتحاد كان خاليا من قيادييه. أصبح المقر خاليا من قيادات الحزب، إلا من بعض العاملين به، الذين يستقبلون، في الطابق الأول الذي مُنع على الصحافيين الصعود إليه، النتائج الأولية للاقتراع. حينها تأكد للصحافيين أنه فعلا لم يعد هناك ما يمكن تغطيته داخل مقر الاتحاد الاشتراكي، كما قال في وقت سابق مسؤول اتحادي. في حدود الساعة التاسعة والنصف، خرج شكيب بنموسى، وزير الداخلية، للإعلان، في ندوة صحافية، عن نسبة المشاركة التي قال إنها بلغت حوالي 51 في المائة، وهو ما خلق نوعا من الارتياح لدى الاتحاديين الذين تفاءلوا خيرا بهذه النسبة. بعض قيادات الاتحاد قالت إن الناخبين استجابوا لنداء الحزب بالتوجه إلى مكاتب الاقتراع حتى لا تتكرر «نكبة» السابع من شتنبر، التي شكلت صفعة موجعة للحزب، وأرجعها البعض حينها إلى نسبة المشاركة الضعيفة التي لم تتجاوز 37 في المائة. النتائج بدأت تتقاطر على من بقوا مرابطين بمقر الاتحاد في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف، أولاها حملت خبر سقوط عمدة مدينة طنجة الاتحادي دحمان الدرهم، الذي لم يستطع أن يتجاوز بلائحته عتبة 6 في المائة من الأصوات...دقائق معدودة بعد ذلك، سقط خبر آخر كالصاعقة زلزل مقر الحزب : جمال أغماني، وزير التشغيل، لم يستطع الحصول على الأصوات الكافية وفشل في اختبار الانتخابات الجماعية... وجدة وآسفي وسطات وطنجة والرباط والدارالبيضاء ومراكش...دوائر انتخابية، من بين أخرى، درج المنتسبون إلى الحزب بوصفها ب«القلاع الاتحادية» حصد فيها الاتحاد، خلال اقتراع الثاني عشر من يونيو، الأصفار وتأجلت تمثيلية الاتحاد فيها إلى موعد انتخابي لاحق...الجمعة كان فعلا يوما شاغرا في تاريخ الاتحاد. «صراعات داخلية» برأي مجموعة من المتتبعين، فقيادة الاتحاد الاشتراكي لا يمكنها أن تتحجج بكون التصويت كان عقابا على مشاركته في الحكومة، لأن حزب الاستقلال يقود الحكومة وحصل على نتائج جيدة. وفضل أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، صبيحة يوم السبت، الالتفاف حول مائدة الفطور لتدارس التحالفات المستقبلية للحزب في ظل النتائج المعلن عنها، وأجلوا تقييم ما حصلوا عليه إلى إشعار آخر. في اجتماع المكتب السياسي هناك من دافع عن الالتزام بالاصطفاف إلى جانب أحزاب الكتلة الديمقراطية، وأغلبهم اقترحوا تفويض الأمر لفروع الحزب ل«تقرير مصير» تحالفاتها داخل المجالس المحلية عملا بشعار «الخصوصية المحلية»، الذي رفعه في وقت سابق فتح الله ولعلو، نائب الكاتب الأول، وكأنه توقع أن الحزب لن يحصل على الأغلبية المطلقة في جميع المدن المغربية. وفي الوقت الذي كان أعضاء المكتب السياسي يتدارسون فيه مسألة التحالفات، حل حسن طارق، أحد أكبر الخاسرين في اقتراع يوم الجمعة بدائرة يعقوب المنصور بالرباط، ضيفا على القناة الثانية في برنامج حواري، إلى جانب عدد من ممثلي الأحزاب السياسية، ومنهم لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، وسامر أبو القاسم، عن حزب الأصالة والمعاصرة. «أصبح للفساد صوتا وحزبا يمثله» هكذا تحدث طارق موجها كلامه لممثل حزب الأصالة والمعاصرة، مضيفا أن «المغاربة أصبح عليهم الاختيار بين تيار الإصلاح وتيار الفساد والمفسدين...الذين رشحوا أصحاب الأموال الفاسدة»، وأشار إلى أن الانتخابات الأخيرة أعادت المغرب إلى زمن الستينيات حيث «سيطرة الحزب الوحيد الذي يحصل على الأغلبية منذ يوم تأسيسه». أما الكاتب الأول للحزب فقد صرح للقناة الأولى بأن الاتحاد الاشتراكي حقق، خلال الانتخابات الجماعية ليوم 12 يونيو الجاري، «تقدما بالمقارنة مع الانتخابات السابقة». وأضاف الراضي أنه على الرغم من «كون نتائج الاستحقاقات الجماعية إجمالية، فإنه يتعين التوفر على التفاصيل ودراستها، لكي يتم الخروج بتصور متكامل» حول هذه الانتخابات. الاتحاد الاشتراكي احتل المركز الرابع على مستوى المقاعد بحصوله على 3226 مقعدا، أي بنسبة 11.6 بالمائة، و667 ألفا و986 صوتا، وهو ما يمثل 10.8 في المائة.