مشاريع مبرمجة في مقاطعات البيضاء تشحن الأجواء بين "البام والأحرار"    كيف تحمي نفسك من الاحتيال عبر الإنترنت في 2024: دليل شامل لحماية بياناتك وأموالك    الشرع يصدم كابرانات .. المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد سيحاكمون في سوريا    زيارة رئيس الاتحاد العربي للتايكوندو السيد إدريس الهلالي لمقر نادي كلباء الرياضي الثقافي بالإمارات العربيةالمتحدة    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. باريس سان جرمان يضع قدما في ثمن النهائي بفوزه على بريست (3-0)    دور الوساطة الملكية في مواجهة الحجز على أموال السلطة الفلسطينية    ريال مدريد يكسر عقدة ملعب مانشستر سيتي    الكركارات... ضبط 183 كلغ من الكوكايين في شاحنة مغربية قادمة من إفريقيا جنوب الصحراء    الرئيس السوري أحمد الشرع يرفض طلب الجزائر بالإفراج عن معتقلين من الجيش الجزائري وميليشيات البوليساريو    البحرية الملكية تنقذ مهاجرين سريين كانوا عالقين في أعالي البحار    مزور: نسعى إلى الانتقال من "صنع في المغرب" إلى "أبدع في المغرب"    مجلس المستشارين يختتم دورته الأولى للسنة التشريعية الرابعة ويستعرض حصيلته    إسرائيل تتوعد حماس ب"معارك عنيفة"    لقجع: تنزيل الإصلاح الجبائي مك ن من تسجيل تطور مستمر للمداخيل الجبائية    خبير جيولوجي: قوة "زلزال وزان" تسجل عشرات المرات دون استشعار    الأمين العام لأكبر نقابة في المغرب يتهم رئيس مجلس النواب بانتهاك حقوق مستخدميه بمعمل النسيج بتطوان    السفير البريطاني بالرباط : المغرب والمملكة المتحدة شريكان مهمان لبعضهما البعض    شدد على أهمية اتخاذ تدابير لخلق فرص الشغل ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة .. صندوق النقد الدولي يدعو المغرب إلى استهداف التضخم ومواصلة توسيع الوعاء الضريبي    إدارة مشروع Elysium بكورنيش طنجة توضح: ملتزمون بأعلى معايير الجودة وننفي مزاعم استرجاع الشقق لإعادة بيعها    وزير الداخلية المغربي يطلع على الترتيبات الأمنية لمباراة ريال مدريد وأتلتيكو .. المغرب وإسبانيا يوحدان جهودهما لتأمين مونديال 2030    النيابة العامة تأمر بتنفيذ العقوبات الصادرة في حق المتابعين في ملف كازينو السعدي    المغرب يخسر نقطة في مكافحة الفساد .. وجمعية "ترانسبرانسي" تتأسف    المعارضة تنتقد تدبير الحكومة لمنظومة الاستثمار و"فشل الدعم الفلاحي"    مداولات البورصة تتشح ب"الأحمر"    "أمر دولي" يوقف فرنسيا بمراكش    تجديد التصريح الإجباري بالممتلكات    نواب برلمانيون: توصيات المجلس الأعلى للحسابات أرضية لتقوية الرقابة    المصادقة على تحويل شركة المحطة الطرقية بالجديدة إلى شركة التنمية المحلية    حاسوب خارق يمنح برشلونة الأمل للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا ويصدم ريال مدريد    "قُبلة المونديال" .. روبياليس "متأكد تماما" من موافقة هيرموسو    وزير الأوقاف يستقبل وزير الحج والعمرة السعودي في سياق تعزيز التعاون بين البلدين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    7 مغاربة يتوّجون بجائزة "ابن بطوطة"    أيقونة مجموعة "إزنزارن" مصطفى الشاطر في ذمة الله    منتج فيلم "روتيني" يلجأ إلى القضاء    احتفاء بالموسيقى المغربية الأندلسية    باحثون يطورون اختبارا جديدا يتنبأ بمرض الزهايمر قبل ظهور الأعراض    نصائح للحفاظ على الصحة العقلية مع التقدم في العمر    الرياضة .. سلاح فعال لمواجهة مشاكل النوم    منظمة الصحة العالمية تطلق برنامجا جديدا للعلاج المجاني لسرطان الأطفال    تتويج الشاعر المغربي عبد الوهاب الرامي بجائزة "بول إيلوار 2024"    الطرق السيارة بالمغرب: تثبيت جسر الراجلين عند النقطة الكيلومترية "PK1" للطريق السيار الدار البيضاء-برشيد ليلة الأربعاء-الخميس    "النهج" يدين المخطط الأمريكي لتهجير الفلسطينيين ويدعو لتكثيف النضال لإسقاط التطبيع    وزيرة الثقافة الفرنسية تزور مدن الصحراء المغربية لتعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا    هيركوليس يعلن عودته لتشجيع فارس البوغاز من المدرجات    بسمة بوسيل تحت الأضواء مجددا بعد تصريحاتها الجريئة حول طلاقها من تامر حسني    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    رئيس أولمبيك آسفي ومدربه في لقاء مصالحة لإنهاء الخلافات    مباحثات مغربية إماراتية لتعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    هبة عبوك تتحدث عن علاقتها بأشرف حكيمي بعد الانفصال    سعيد الناصري يختار درب السلطان لتصوير فيلمه السينمائي "الشلاهبية"    مناهضو التمييز يحذرون من وصم الأطفال بسبب "بوحمرون" ويدعون إلى إجراءات شاملة    باحثون صينيون يكشفون عن آلية عمل نظام غذائي يحاكي الصيام لتعزيز المناعة المضادة للورم    "صولير إكسبو": 120 عارضًا و10 آلاف زائر لاستكشاف حلول الطاقات المتجددة    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيلة مونيب: عشت "المسيرة السوداء" حين طردت الجزائر 400 ألف مغربي
نشر في السند يوم 03 - 12 - 2010

عضوة المكتب السياسي للاشتراكي الموحد - والمتخصصة في علم الغدد والمؤمنة بالمغرب الممكن
نبيلة منيب مناضلة سياسية، طائر عاد إلى عش منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، بعد انسحاب في صمت من العمل السياسي المنظم، بعد العودة إلى المغرب من فرنسا، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه.
من الدارالبيضاء إلى الدارالبيضاء، عبر الفقيه بن صالح، وسطات، والدارالبيضاء، ووهران بالجزائر، حيث عاينت تفاصيل "المسيرة السوداء"، في رد للرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين على المسيرة الخضراء، حين رمى ما يناهز 400 ألف مغربي خلف الحدود الجزائرية، وألقى بهم من شاحنات كما تفرغ الرمال، مرورا بالرباط، ومونبولييه الفرنسية، تحكي نبيلة مونيب عن نبيلة مونيب، المناضلة السياسية، والحقوقية، والنقابية، والجمعوية.
* في البداية حدثينا عن طفولتك؟
عشت طفولتي داخل أسرة محافظة، لكنها تقدر العلم وتحترمه، كنا نعيش وسط جو يسوده الاحترام، وقيم رفيعة نتقاسمها، وعملت الوالدة والوالد رحمهما الله، على غرسها فينا، منها النزاهة، والمثابرة والتواضع، واحترام الآخر والنفس، هذه القيم تربينا عليها في البيت، وبالمدرسة العمومية آنذاك، المدرسة المفتوحة للجميع، حيث تضم مختلف الشرائح الاجتماعية، التي تتعايش في ما بينها، إنه الغنى الحقيقي، مدرسة أنتجت نخبا في جميع الميادين، الصحية والأدبية والعلمية، كل المجالات دون حصر. لكن مع الأسف المدرسة، التي ترسخت في ذاكرتي، افتقدناها اليوم، ولم يعد المجال كما كان مفتوحا أمام تكافؤ الفرص، والذي أساسه مدرسة جيدة لجميع الأطفال المغاربة.
* ما هي أهم لحظات الطفولة، والفضاءات التي تنقلت عبرها؟
الوالد رحمه الله، بحكم عمله، والذي هو بالمناسبة معلمي وأستاذي، وأتخذه قدوة لي في حياتي، كان يتنقل عبر مختلف المدن المغربية، قبل أن ينتقل إلى خارج أرض الوطن، لأن مهنته فرضت عليه ذلك.
مع ولادتي، انتقل الوالد إلى الفقيه بنصالح، المدينة التي أعشقها، والتي ارتبطت بها طفولتي الأولى، بعدها انتقل إلى مدينة سطات، حيث ولجت المدرسة الابتدائية، وعمري آنذاك، خمس سنوات، لأنه لم يكن حينها، التعليم الأولي، وكانت فرصة بالنسبة إلي أن ألج التعليم الابتدائي في سن مبكرة، في حين كان من جايلني يلج المدرسة في سن السابعة.
بعد ذلك عدنا إلى مدينة الدارالبيضاء، مسقط رأسي، وبعد حصولي على شهادة "البروفي"، رحلنا إلى الجزائر، حيث حصلت على شهادة الباكالوريا في مدينة وهران.
وتزامنت هذه الحقبة من حياتي، التي أعتبرها مهمة، بحدث الإعداد للمسيرة الخضراء في المغرب، وبالموازاة مع ذلك كان الرئيس الجزائري الراحل بومدين، يعد مسيرة، سماها آنذاك، المسيرة السوداء، طرد على إثرها ما يناهز 400 ألف مغربي كانوا بالجزائر، رمى بهم خلف الحدود، وشتت الأسر، وفرق العائلات، هذه واقعة تاريخية يجهلها الجيل الحالي، لكن يجب أن يعرفها، ليس لخلق عداءات بين الشعوب، إنما للذكرى، لتفادي تكرار مثل تلك المأساة.
هناك أخطاء اقترفها النظام الجزائري، الذي قال إنه يتبنى النموذج الاشتراكي المتضامن، إذ سرعان ما تحول إلى نظام دكتاتوري، وبالتالي لم يعد ذلك النموذج، الذي يحتذى به في المغرب الكبير، لبناء المجتمع الديمقراطي الاشتراكي.
* هل كانت أسرتك أيضا من بين ضحايا الترحيل التعسفي؟
لا، لأن والدي كان يعمل في وزارة الخارجية المغربية، ولم يكن من حقهم طردنا، إلا أنني عشت لحظات كئيبة، عاينت خلالها طرد، وترحيل زميلات وصديقات وتفريق أسر، كانت فعلا جريمة في حق مغاربة أبرياء، جريمة اقترفها آنذاك، الرئيس الراحل بومدين، وكان يلقى بالمغاربة من شاحنات كما تفرغ الرمال، ومع ذلك كانت النساء يطلقن العنان للزغاريد، احتفاء بعودتهن للوطن.
حين عدت إلى المغرب تابعت دراستي الجامعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، شعبة البيولوجيا والجيولوجيا، بعد حصولي على شهادة الإجازة، رحلت إلى مدينة مونبولييه، جنوب فرنسا، لتحضير الدكتوراه في علم الغدد.
* أظن أن انخراطك في عالم السياسة جاء من بوابة العمل الجمعوي؟
أبدا، لأنني حينما كنت طالبة في الرباط، كنت منخرطة في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وحين كنت أحضر الدكتوراه في مونبولييه، كنت مناضلة في فصيل الطلبة الديمقراطيين، فصيل طلبة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وكنا حينها نبيع صحيفة أنوال، الصادرة عن التنظيم، بيعا نضاليا، إضافة إلى تنظيم أنشطة فكرية، وسياسية، بتأطير من قادة المنظمة.
* ما هي علاقتك بالعمل الجمعوي، إذ فهمت عكس سؤالي السابق، أن العمل السياسي كان بوابتك إلى العمل الجمعوي؟
نعم، لكن لابد أن نعترف أن الأمومة أول عائق أمام العمل السياسي المنتظم، طبعا، حين عدت من فرنسا، انقطعت نسبيا عن المشاركة في العمل السياسي، واتجهت نحو العمل الجمعوي، وكنت من ضمن المؤسسات لجمعية "أمل من أجل غد أفضل"، التي تضم مناضلات عديدات.
كان طموحنا كبيرا، ما جعل برنامجنا في الجمعية شبيه ببرنامج حزب سياسي، أنجزنا أعمال كثيرة، وبحلول سنة 1996، بعد استفتاء شتنبر، وما ترتب عنه من انشقاق في صفوف منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، قررت العودة للعمل السياسي المنظم من جديد، والالتحاق بالمنظمة.
كانت فترة صعبة جدا ومعاناة حقيقية بالنسبة للمنظمة، لأن فعاليات وكفاءات اختارت الانشقاق، وتأسيس حزب جديد (الاشتراكي الديمقراطي)، الأمر الذي جعل الرفاق يدخلون في تحد لاسترجاع القوة، عبر لم الشمل، وتضميد الجراح، وإعادة التأسيس، وكانت البداية بفتح نقاش مع الأطر والمناضلين الذين كانوا ابتعدوا عن العمل التنظيمي، لسبب من الأسباب، حينها عاد مجموعة من المناضلين السابقين لتعزيز صفوف الحزب، وكنت واحدة منهم. بعد عودتي، اشتغلت مع الرفاق في فرع آنفا بالدارالبيضاء، وترشحت باسم منظمة العمل في الانتخابات التشريعية لعام 1997، بالدائرة ذاتها.
وهنا لا بد من التذكير بأن المنظمة رشحت عددا مهما من النساء في هذه الانتخابات، لا أظن أن حزبا قبل اعتماد نظام اللائحة الوطنية، والكوطا النسائية، سبق أن تقدم بعدد مثيل لهن. وفي عام 2000، انتخبت عضوة باللجنة المركزية للمنظمة، خلال المؤتمر الوطني الرابع، الأمر الذي أثر في بشكل كبير، لأنه ليس من السهل الشعور باعتزاز نيل ثقة الرفيقات والرفاق.
المسؤولية الجديدة فرضت علي الاشتغال في اللجان المتفرعة عن اللجنة المركزية، وكذا القطاع النسائي، ولجنة الدراسات والأبحاث.
بعد سنة 2000، برز توجه نحو توحيد اليسار، وشرعت المنظمة تفكر في وحدة اليسار باختيار استراتيجي، وفتحت نقاشا مع تيارات وفعاليات يسارية، توجت في سنة 2002، بعقد مؤتمر اندماجي، بعد التحاق مجموعة من التيارات والحركات اليسارية، تحمل مشروعا مجتمعيا متقاربا، وتتقاسم تصورات وأفكارا، لتأسيس "اليسار الاشتراكي الموحد"، وانتخبت عضوة باللجنة المركزية، وكذا المكتب السياسي.
وبعد تجربة "اليسار الاشتراكي"، جاءت تجربة الاشتراكي الموحد، بعد التحاق "الوفاء للديمقراطية" بركب الوحدة، في 2005. إنها تجربة مهمة، وكما قلت إن اختيار الوحدة هو اختيار استراتيجي لا رجعة فيه، لبناء قطب يساري فاعل، لكن للأسف لم يوضع له تخطيط استراتيجي محكم، حيث إن هذه المكونات التي انصهرت بالاشتراكي الموحد، لم تنصهر انصهارا، ولم تمنح القوة المتوخاة للحزب.
* الملاحظ على الأرضيات المقدمة للمؤتمر الوطني الثالث للحزب تتقاطع في ما بينها، ما يفيد أن الأرضية أو بعض الأرضيات تعكس تخندق أشخاص أكثر من تجميع أفكار ومواقف مشتركة؟
مرحلة التحضير للمؤتمر هي مرحلة حرية، يجب أن نطلق العنان للنقاش، وتجديد الفكر والإبداع، ومرحلة سياسية بامتياز، نظرا للأزمة المتعددة الأوجه التي تخص الحزب الاشتراكي الموحد، واليسار الديمقراطي، لذا الكل مطالب بالمساهمة في التحضير، لا أن يقتصر على الرفاق المنتمين للتيارات فقط.
والإعداد يتطلب طرح أسئلة موجهة، منها، تقييم الحزب للوضع السياسي في المغرب، في ظل وضع دولي له أولويات، ويعاني أزمة اقتصادية خانقة، وفي ظل وضع اجتماعي متأزم، وتراجع اليسار المغربي عموما، أسئلة نخرج من خلال طرحها، ببرنامج يمكننا من تجاوز الأزمة، ورفع التحديات على المدى المتوسط والمدى البعيد. لذا وجدنا أنفسنا في البداية أمام تسع أوراق، وليس أرضيات، لأنها لم تكن مكتملة، مثلا الأرضية التي تقدم بها الرفيق محمد الساسي، ونالت مساندة وتوقيع مجموعة من المناضلين، أرضية تحترم وبها العديد من الآراء، لكن قناعتي هي أن أساهم في عمل جماعي منتج، ما دفعني إلى حضور كل الاجتماعات، وناقشت كل الأرضيات مع باقي الرفاق، وخلصت إلى أن هناك إيجابيات، وهناك جديد، كما أن هناك أشياء كثيرة متجاوزة، وأشياء أخرى لم تطرح في أية أرضية.
أظن أنه مع أرضية "بيان اليسار المواطن" بدأنا بطرح الأسئلة، وشاركت الرفاق في طرحها، أرضية يمكن أن تكون منطلقا يشترك فيها الجميع، إذ لا يعقل أن نطلب من الرفاق التوقيع على أرضية لم يساهموا في بلورتها، مادام أن المؤتمر الوطني محطة مهمة في تاريخ الحزب، وفي مساره التنظيمي، ومن خلاله يطمح الاشتراكي الموحد إلى وضع خطة سياسية متجددة، للنهوض بأوضاع الحزب، ولما لا تحديد تصور أكثر وضوحا بالنسبة لليسار وللمشروع الديمقراطي.
* لكن لوحظ أن بعض قيادات الحزب بدأت تشهر ورقتي الوعد والوعيد لاستقطاب المناضلين للتوقيع على أرضية بعينها أريد لها أن تكون الأكثر إقبالا داخل الحزب، مقابل تحجيم الأرضيات الأخرى؟
لا أظن ذلك، إذ لا يمكن أن نسمي ما يقع أحيانا بالوعد والوعيد، إنما هناك مناضلون يخشون التفرقة، وعاشوا انشقاقات وانسحابات، وغيرة منهم على الحزب يعبئون بطريقة الأب مع ابنه، رغم أن هذا الأسلوب مرفوض من الأساس، إذ يجب أن نحترم الاحترام التام الرأي والرأي الآخر، لكن نحن جزء من المجتمع، ويبدو أن بعض أمراض المجتمع لم نستطع التخلص منها، مثل هذه السلطة الأبوية، علما أن النهضة وتحرر الإنسان من بين المعارك، التي لم نخضها بعد في المجتمع.
* سبق أن انتخبت عضوة بالمكتب السياسي، كيف كانت تجربتك؟
تجربتي أثناء عضويتي في المكتب السياسي للاشتراكي الموحد، أو قبله "اليسار الاشتراكي"، حين كنت مسؤولة بلجنة العلاقات الخارجية للحزب، مسؤولية أغنت تجربتي، وعملت على تطوير علاقات الحزب مع باقي الأحزاب اليسارية والاشتراكية والتقدمية، سواء العربية أو الأوروبية، كما قربتنا من الحركات الحقوقية في العالم العربي، وأيضا، أوروبا، ومكنتنا من استمالة بعض القوى التقدمية، خاصة في أوروبا، بطرح موقفنا من القضية الوطنية، هذا شيء مهم بالنسبة لنا.
دبلوماسيتنا الحزبية لم تقتصر فقط على اللقاءات، إنما أيضا، تميزت بعروض وأطروحات في المنتديات العالمية، في قضايا سياسية، وفكرية، وحقوقية عدة، سواء بانتقالنا إلى هذه البلدان أو استقبالنا لممثلين عنها.
وساهمت من خلال المكتب السياسي في لجنة الأبحاث والدراسات، كما ساهمت أيضا، في التسيير والتدبير اليومي، لكن مع الأسف رغم الجهد المبذول، فالمردودية كانت دون الطموح، وظلت باهتة، ليس فقط لأننا مهمشون، ولا نتيجة غياب الإمكانيات، لكننا لم نبتكر أساليب جديدة لوسائل العمل، ولم نشجع بالشكل الكافي الشباب باعتبارهم المستقبل، وأظن أن الحزب، رغم الجهود التي اتخذت لتمثيل الشباب في الهياكل، لم تترجم هذه الجهود إلى نهضة داخل الحزب، لأننا لم نضع الآليات الكفيلة بتطوير هذا التقدم، وغياب الإمكانيات التي تعانيها الشبيبة، وكان أي نشاط تهم بتنظيمه يجابه برد غياب الإمكانيات. كما أن الحزب ظل غير متمكن من التقنيات الحديثة للتواصل، واحتفظ بهيكلة وتنظيم تقليديين.
الملاحظ أن الحزب الاشتراكي على أبواب مؤتمره الوطني، ومع ذلك لم يظهر بديل للأمين العام الحالي، محمد مجاهد الذي انتهت ولايته الثانية؟
في الحقيقة إن مسألة تجديد النخب قضية كبرى، ليس فقط في حزبنا، وإنما في الأحزاب العريقة، وأيضا، في الدول المتقدمة والديمقراطية، ولكي يبرز قائد أو قياديون، يحظون بشبه إجماع وثقة المناضلين، يجب أن تتوفر لديهم مواصفات عدة، من بينها ذكاء المرحلة، حتى يكونوا أهلا للمسؤولية، ولهم الوقت الكافي لينجحوا في مهمتهم.
هذا لا يعني أن ليس هناك كفاءات في الحزب، بل موجودة، ورغم أن البعض أهلا لتحمل المسؤولية، ويحظى بشبه إجماع، إلا أنه يرفض تحمل المسؤولية، ونحترم رأيه، النموذج الرفيق إبراهيم ياسين، إذ لو ترشح لحظي بثقة المناضلين، وليس ياسين الوحيد، بل هناك آخرون يحظون بالثقة نفسها.
في المقابل هناك رفاق آخرون يظنون أنهم ليسوا أهلا لهذه المسؤولية، رغم أن إمكانياتهم تسمح لهم بالقيادة، وهذا راجع للموروث الثقافي المغربي، ففي أميركا والدول الاسكندنافية، يكفي أن تكون ثقافتك محدودة، لتتقدم لانتخابات رئاسة الدولة، وليس الحزب فقط، أما عندنا في المغرب، ولو ألفت عشرات الكتب، وشاركت في ندوات متعددة، وألقيت محاضرات، وأصبحت مثقفا، لا تشعر أنك قادر على تحمل المسؤولية، هذا راجع طبعا، لثقافتنا، وموروث مجتمعنا، اللذين لم يساهما في تطوير شخصية الإنسان المغربي وتقوية قدراته، وتعزيز الثقة في نفسه، ما يفرز مواطنات ومواطنين يفقدون الثقة الكافية في النفس، للتقدم لمثل هذه المهام.
* لكن حسب علمي، هناك مجموعة من مناضلي الحزب يرشحونك للأمانة العامة؟
كما قلت في البداية إن محطة الإعداد للمؤتمر محطة حرية، أقول إن هذه الفكرة أسعدتني كثيرا، وأبرزت حظوتي بالثقة والمصداقية وسط الرفيقات والرفاق، وزكت العمل الذي أنجزته ومازلت أواصل إنجازه بكل تواضع، لكن لم أشعر بعد، أنني سأسير في هذا المسار، ليس لإحساسي بعدم القدرة على تحمل هذه المسؤولية، لأنني لدي ثقة في إمكانياتي وقدراتي.
وللتوضيح سبق أن التقيت شخصيات كبرى في العالم، مثلا في زيارة لبلجيكا، رفقة الرفيق محمد بنسعيد، حاضرت في قاعة كبرى، كانت استقبلت عبد الرحمن اليوسفي، وكان الحضور متميزا ووازنا، تحدث خلالها بنسعيد عن مغرب 50 سنة من الاستقلال باللغة العربية، المحاضرة التي جرت ترجمتها الفورية إلى اللغة الفرنسية، وتقدمت أنا في 20 دقيقة بعرض حول مشروع الحزب الاشتراكي الموحد باللغة الفرنسية، إذ وجدت نفسي، مباشرة بعد نهاية النقاش، محاطة بمجموعة من المستشارين الخضر، طلبوا مني إعادة عرض المداخلة في غرفة المستشارين، قالوا لي بالحرف، إن "هذا المشروع سيخرج المغرب من التخلف"، ولم يحصل أن شعرت بهذا الاعتزاز، لأننا مهما كان الحال نحن حزب صغير، ذو طموح كبير، لتحقيق مغرب المواطنة والديمقراطية، ثناء الاعتراف بالآخر، الذي يعد عنوان حضارة، إنها خصلة يجب غرسها في مجتمعنا.
* لكن تكونت مجموعة في "الفيس بوك" تطالب بترشيحك للأمانة العامة للحزب، إذن هناك اعتراف داخلي بكفاءتك؟
طبعا، أنا على علم بهذه المجموعة، وأنا أعز هؤلاء الرفاق والرفيقات، وكذا باقي مناضلات ومناضلي الاشتراكي الموحد، لكن تحمل مسؤولية الأمانة العامة، يتطلب الاستعداد لهذه المسؤولية عبر محطات، تجعل هذه المسألة مستحبة من طرف الجميع، القيادة الحالية، والرفاق في المجلس الوطني، رغم أني أتذكر أن المجلس صوت بالأغلبية لفائدتي لتصدر اللائحة النسائية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكن لا بد من الإعداد. وفي هذا الصدد هناك مشروع تنظيمي جديد، يقترح إعادة هيكلة تنظيم الحزب، يدعو إلى خلق مهام كتاب وطنيين في شتى الاختصاصات، من شأنه أن يرجع مسوؤلية الأمانة العامة إلى نصابها، لأننا حزب بقيادة جماعية.
* في المؤتمر الوطني الأخير للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وفي ظل الصراعات التي شهدها، وهيمنة تيار بعينه، لماذا سحبتم ترشيحكم من المكتب الوطني؟
النقابة الوطنية للتعليم العالي، النقابة الوحيدة التي تمثل أساتذة التعليم العالي، رغم تأسيس نقابات فئوية، كرد فعل على تلاعب الأجهزة الوطنية للنقابة ببعض الملفات، لكن هذا لا يعني أن هناك انسجاما في المواقف، لأن هناك مكونات عدة، خاصة أن البلدان المتخلفة لا تحترم الاستقلالية النقابية.
واليوم، ونحن نحتفل بالذكرى الخمسينية، مازالت نقابتنا بعيدة عن ثقافة التعاقد والاختلاف، إذ أن ثقافة الهيمنة، والإقصاء هي القاعدة، وآن الأوان لدمقرطتها، عبر تمثيل كل الأساتذة.
نحن في قطاع الديمقراطيين الجامعيين، وانطلاقا من قناعاتنا الوحدوية، مازلنا نصارع من أجل إعادة اللحمة للنقابة، والدفاع عن الجامعة الوطنية العمومية، والمنتجة، والمندمجة في عصرها، عصر المعرفة والديمقراطية، وفي هذا السياق خضنا معركة مع زملائنا في جهة الدارالبيضاء، للتصدي لقرار رئاسة الجامعة، القاضي بفرض رسوم على الطلبة للتسجيل في الجامعة، فخوضنا المعركة جاء حفاظا على جودة الجامعة، ومجانيتها بدل إقصاء الفئات الاجتماعية الفقيرة من ولوج العلم والمعرفة.
...........
كادر 1
* خانتك اللغة العربية وأصبحت الفرنسية لغتك الأولى، كيف استعدت لغة الضاد، وأصبحت تتحدثين عربية بشكل جيد؟
اللغة العربية لغتي، لكن افتقدتها، وفقدت السيطرة والتمكن منها، لأنني درست باللغة الفرنسية، واسترجعت إمكانية التحدث باللغة العربية، حين الانخراط في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، إذ كنت أمام رفاق متمكنين من اللغة العربية. كما ساعدني في استعادة اللغة، الاستعانة بآلية سبق أن وجهتنا إلى استعمالها أستاذة الفرنسية، للتمكن من اللغة، والنطق الصحيح لحروفها، بقراءة الصحف، والمجلات، والكتب، لمدة ساعة في اليوم، وبصوت مرتفع، ووضع سطر تحت الكلمات الصعبة، للبحث عن مرادفاتها، في المنجد، بعد الانتهاء من القراءة.
هذه الطريقة مكنتنا من اللغة، وحسن النطق بها، وتعزيز رصيدنا اللغوي، وسهولة الكتابة بالفرنسية، كما مكنتنا أيضا، من ثقافة عامة، لأننا كنا نقرأ صفحات لوموند وغيرها، الطريقة ذاتها، اتبعتها لاستعادة اللغة العربية.
كادر 2
* الكل يعرف قوتنا ومصداقيتنا ومثابرتنا بالنقابة الوطنية للتعليم العالي، لكن كل هذا لم يترجم في المؤتمر إلى أرض الواقع، لنحظى بتمثيلية وفق حجمنا الطبيعي، نتيجة حسابات ضيقة.
في الدارالبيضاء كنا نشتغل مع إخواننا في تجمع اليسار، لكن سرعان ما أقصونا من مواقع عدة، لحسابات عابرة، وبأساليب بعيدة عن الأخلاق النضالية.
نعم لم نقبل تحمل أية مسؤولية داخل المكتب الوطني في غياب التعاقد حول برنامج توافقي قادر على التصدي للسياسة التعليمية المتبعة، والدفاع عن المصالح الاستراتيجية للجامعة والأساتذة الباحثين. للأسف، اليوم، لا حديث عن تدهور الجامعة العمومية، وعن مساوئ البرنامج الاستعجالي، إذ أصبحنا في نقابة فئوية وخبزية، وغاب الدفاع عن البحث العلمي والجامعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.