نظمت جمعية المبادرة المواطنة ندوة سياسية بعنوان «المشاركة السياسية على ضوء استحقاقات 2009» وذلك بمشاركة الأخ عبد الهادي خيرات ، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والأستاذة نبيلة منيب ، عضوة الكتابة الوطنية للحزب الاشتراكي الموحد والدكتور عبد السلام حمادة ، أستاذ جامعي ، وذلك يوم السبت 14 نونبر 2009 بفندق فرح بمدينة خريبكة ، والذي حضرتها مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والجمعويين والإعلاميين بالمدينة . في البداية ، افتتح الندوة الأستاذ الحبيب طلابي ، رئيس الجمعية بكلمة ترحيبية حول مغزى عقد الندوة وخلق فضاء للحوار الجاد والمسؤول حول أهم القضايا الوطنية، وعلى رأسها المشاركة السياسية على ضوء الاستحقاقات الأخيرة ، وللجمعية مشاريع مستقبلية في مواضيع حول الشأن المحلي. كما تلا عبد الكريم منظر أرضية الندوة والتي كانت عبارة عن أسئلة وتساؤلات في موضوع الندوة . عرض الأخ عبد الهادي خيرات أكد من خلاله أنه كلما انتهت الاستحقاقات السياسية، يعاد تكرار نفس التحليل ونفس الخلاصات وهي أشياء لا تقدم ولا تؤخر القضايا الجوهرية والحقيقية لبلادنا . منذ استقلال المغرب وإلى بداية التسعينيات كان الصراع عنيفا في بلادنا من أجل الديمقراطية .. ذلك الصراع المرير الذي أدى ثمنه مسؤولو ومناضلو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . إن السؤال الجوهري : هل يمكن للمغرب أن يكون بلد المؤسسات أم لا ؟ كلنا يتذكر المذكرة التاريخية التي قدمها المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ومحمد بوستة سنة 1991 إلى جلالة الملك المرحوم الحسن الثاني بعد ملتمس الرقابة التاريخي ونتائجها، ومنها التصويت على الدستور بالإيجاب في 1996 ، وكان اتفاقا وليس قرارا وكان هو المدخل لتوافق سياسي من أجل الانتقال الديمقراطي .. ان الإشارة السياسية الأولى هو الاستقبال التاريخي لسي عبد الرحمان اليوسفي من طرف العائلة الملكية .. بعد انتخابات 1997 والنتائج التي حصل عليها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، خولت له تشكيل الحكومة ودامت المفاوضات مع الأحزاب الحليفة وأحزاب أخرى 44 يوما ، وكانت أغلبية شكلية مدعمة من طرف جلالة الملك .. إن حكومة سي عبد الرحمان اليوسفي فتحت أوراشا عديدة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية ... لكن انتخابات 2002 ورغم أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تبوأ المرتبة الأولى ونال ثقة الشعب المغربي ، إلا أن السلطة المركزية زاغت عن المنهجية الديمقراطية .. وبعد صدور البيان التاريخي للمكتب السياسي ، كان الحزب أمام أمرين أحلاهما مر: إما الدخول في تشكيل الحكومة أو عدم المشاركة . وكان موقف الحزب هو المشاركة لاعتبارات سياسية ... وأضاف الأخ عبد الهادي خيرات أن بلادنا في حاجة إلى إصلاحات جوهرية وأن حزبنا قدم مذكرة قبيل استحقاقات 2009 من أجل إصلاح سياسي والدستور جزء منه ، ولا يمكن للمرء أن يفهم أن المشاريع الكبرى الاقتصادية بالأساس هي خارج الحكومة !!! ؛ وبالتالي إن تقزيم مهام الحكومة وإضعاف المؤسسات وتهميش الأحزاب الوطنية والديمقراطية ، ساهم ويساهم بشكل كبير في العزوف السياسي والانتخابي ... إن بلادنا تعيش تحديات كبرى وعلى رأسها القضية الوطنية .. ولا يمكن التغلب على هذه التحديات إلا بتقوية وتماسك الجبهة الداخلية وأن الظرفية السياسية حرجة، وبالتالي لا بد من اتفاق سياسي وتعاقد جديد من أجل إصلاحات سياسية لاستكمال الانتقال الديمقراطي، وهو المدخل لمشروع مجتمعي ديمقراطي وحداثي . وعلى كل الديمقراطيين والديمقراطيات المساهمة فيه . الأستاذة نبيلة منيب اعتبرت أن محطة 2009 وقبلها محطة 2007 اتسمت بالتراجع مقارنة مع بداية التسعينات، وعلى الجميع أن يفكر للخروج من هذه الأزمة السياسية. إن الدولة خرجت قوية من تلك الاستحقاقات ، عكس الأحزاب الديمقراطية والتقدمية . هناك تراجع عن الانتقال الديمقراطي، نظرا لضعف قوة المعارضة ، تلك المعارضة التي تحولت إلى الجمعيات الحقوقية والصحافة المستقلة .. ويرجع السبب إلى غياب الثقة، مما أدى إلى العزوف السياسي والانتخابي ... والدليل هو نسبة المشاركة التي وصلت إلى 37 % حسب المصادر الرسمية ولم تتجاوز 20 % حسب مصادر أخرى. إن الآلة الانتخابية هي أساسية بالنسبة للديمقراطية وبالتالي سيطرت الدولة على التقسيم الانتخابي وعلى نمط الاقتراع. إن العملية الانتخابية عرفت اختلالات وتفشت ظواهر الفساد والإفساد والنتيجة هي العزوف. وأضافت الأستاذة نبيلة منيب أن المشروع المجتمعي الديمقراطي هو مشروع سياسي ، يبنيه الإنسان ويبنى في المدرسة . لكن مدرستنا تشكو من نقائص وعلى رأسها أن 13 % من التلاميذ يصلون إلى البكالوريا و 11% هم الذين يصلون إلى الجامعة عكس الدول المجاورة والتي تصل نسبة الوصول إلى الجامعة إلى 45% ، وأن تونس البلد الصغير يصل فيه إلى الجامعة حوالي 360 ألف طالب وهو نفس عدد الطلبة الجامعيين المغاربة !! لا بد من إصلاح المنظومة التربوية . إن الدولة ما زالت تتحكم في اللعبة . ورغم المكاسب الحقوقية، فإن بلادنا لم تقض بعد على الفقر والتهميش ومن أجل ذلك لا بد من إصلاحات سياسية ودستورية .. إن نتائج الاستحقاقات السالفة تؤكد اكتساح الدولة وتهميش الأحزاب الديمقراطية واستهدافها تراجع القيم والأخلاق، لذا لا بد من تجديد الفكر لدى الأحزاب لتجاوز اللاقيم وإعادة بناء القيم، وتظافر جهود الديمقراطيين والتحام الحركتين السياسية والاجتماعية للحفاظ على المكاسب والنضال على كل الواجهات لإعادة الأمل للشباب من أجل ديمقراطية تشاركية . الدكتور عبد السلام حمادة اعتمد على بعض الإحصائيات ، حيث أكد أن 90% من المغاربة يحسون أن هناك تغييرا ملموسا في العشرية الأخيرة ، تغييرات في حقوق الإنسان ومدونة الأسرة وحرية التعبير والمسلسل الديمقراطي ... تلك التغييرات التي كانت عبارة عن مطالب للأحزاب الديمقراطية منذ الاستقلال .. ولم تكن عبارة عن هدايا وإنما عبارة عن تضحيات جسام للوصول إلى تلك المكتسبات . وأضاف الدكتور عبد السلام حمادة أن فقدان الثقة في العمل السياسي وخاصة لدى الشباب، يحتم على الأحزاب الديمقراطية النضال من أجل الديمقراطية الاجتماعية (الشغل ، الصحة، التعليم ...) وعلى النقابات أن تطور أساليب العمل للإجابة عن الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية ... لأنه بدون تعليم وبدون بحث علمي وبدون انفتاح على الآخر، لا يمكن أن تكون تنمية .. والابتعاد عنه يؤدي إلى العزوف السياسي ، ليس من طرف المواطنين ، بل من طرف المناضلين والمسؤولين الحزبيين ... إن نفس الاستطلاع يؤكد أن أكثر من 50% من المغاربة غير مستعدين لفصل السلط ، هناك كفاءات وطنية مهمشة .. إن مشكل التعليم ليس في التمويل ، بل المسؤولية المدنية في اختيار المسؤولين الموجودين في الأحزاب الوطنية .. تلك الأحزاب التي تشتغل بدون دعم الدولة . وأن الأحزاب التي لا تتوفر على الدراسات والأبحاث ، ليست بأحزاب. إن 70% من المغاربة لا يهتمون بالعمل السياسي و 1% فقط هي المنخرطة أو المتعاطفة مع الأحزاب الوطنية !! إن تهميش الأحزاب والاعتماد على التكنوقراط هو فشل سياسي ويضرب في العمق المكتسبات ، وبدون تقوية الأحزاب والاهتمام بالعمل السياسي لا يمكن تحقيق أي مشروع مجتمعي .