وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" بالناظور    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    دول الساحل تعلن دعمها الكامل للمغرب وتثمن مبادرة "الرباط – الأطلسي" الاستراتيجية    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    مؤتمر "بيجيدي".. غياب شخصيات وازنة وسط حضور "طيف بنكيران"    جريمة قتل جديدة في ابن أحمد    طنجة تحتضن النسخة الحادية عشرة من الدوري الدولي "مولاي الحسن" بمشاركة أندية مغربية وإسبانية    الشيبي يسهم في تأهل بيراميدز    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية    مرسوم حكومي جديد يُحوّل "منطقة التصدير الحرة طنجة تيك" إلى "منطقة التسريع الصناعي" ويوسّع نطاقها الجغرافي    وليد الركراكي: نهجنا التواصل وعرض مشاريعنا على اللاعبين مزدوجي الجنسية... نحترم قراراتهم    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى أعمَالُ البلطجة وَمَعاني العِطرِ وَالعَطّار..!
نشر في لكم يوم 15 - 03 - 2019

البلطجة،أوالبلطجيّة،أو البلطاجي..هذه الكلمة أصبحت اليوم تعني الشّخص الذي يقوم بأعمال الشّغب، وإستعمال القوّة والعنف، والهجوم الهمجيّ غير المبرّريْن ،ومن ثمّ فهو مثير للفوضى،والشّغب،والتجنّي، والإعتداء بالضّرب ،والتنكيل، والتعذيب، والقتل إن إقتضى الحال ذلك، وقد أصبح هذا المصطلح يُقال ويُعاد ويُكرّر بإمعان على وجه الخصوص بعد ما أضحىَ يُنعتُ ب : "الرّبيع العربي" الذي سرعان ما أصبح فى عُرْف البعض، أو غدا ،أو كاد أن يغدو خريفاً شاحباً، حزيناً، كئيباً، رديئاً، مُدلهمّاً ،وفى بعض الأحيان مُخيّباً للآمال حيث أمسينا نرى ونسمع فيضاً هائلاً من التعاليق ، والمتابعات،والتساؤلات، والمداخلات التي تُنشر فى مختلف الصّحف والمجلاّت، أو على أمواج الإذاعات والتلفزيون، وعبر سائر الوسائل الإعلامية السّمعية والبصرية ، ووسائل التواصل الإجتماعي من فيسبوك ، وتويتر وما أشبه حوله إذ يلاحظ أنّ هذا المصطلح عاد للإستعمال بقوّة وأصبح يترىَ، ويُتداوَل ،ويُكرَّر بشكلٍ ملفتٍ للنظر بيننا، منذ أن إستُعمل بزخمٍ كبير فى مصرعلى إثر التحرّكات الشعبية ذات الطابع الإجتماعي، والسياسي ،والشعبي التي إنطلقت يوم 25 يناير2011 .
هذه الكلمة عادت الى الظهور من جديد فى مناطق نائية، وفى أماكن أخرى غير بعيدة عنّا. إستُعمِلت عرَضاً – ويا للعُجْب – كذلك حتى فى الإنتخابات التشريعية التي جرت فى بعض البلدان العربية ضمن تعاليق بعض السّاسة، والسياسيين،ورجال السلطة، والحكّام والعسكريين،والمدنيين، والصحافييّن، والمُعلّقين، والمُتتبّعين الذين قاموا بتغطياتٍ متواترة للصّراعات ،والسّباقات، والمنافسات التي كانت محتدمة ،والمظاهرات التي كانت متأججة وحامية الوطيس بين مختلف الفئات السياسية،والنقابية وسواها من مكوّنات المجتمعات العربية المتعدّدة المشارب والمذاهب.
أحداث لعبة كرة القدم!
الصّورة الحزينة ،والمُؤلمة، والمُؤسفة، والرّدئية، والكئيبة،والمقيتة لمعاني هذا المُصطلح اللّعين، عكستها تصرّفات ، ومشاكسات، ومناوشات، ومشاغبات، ومناغصات، ومواجهات، وأعمال البلطلجة، والبلاطجة، والبلطاجيين رأيناها بعد مسرح السياسة فى عالم الرياضة كذلك بين فرق أجنبية فى مختلف البلدان الأوربية، وأصبحنا نراها اليوم فى بلداننا،ولقد عشناها بالفعل على مرارة ومضض مؤخراً فى المغرب فى مباراة لكرة القدم بين فريقيْ الجيش الملكي والرجاء البيضاوي أو ما يُطلق عليه ب "، مباراة الكلاسيكو" المغربية، لحساب الجولة 19 من الدوري الاحترافي ، أحداث الشغب وصلت إلى المحاكم التي كانت قد متّعت بالسّراح المؤقت جميع معتقلي جماهير مشجّعي الرجاء القاصرين، بينما تمتّ محاكمة العديد من المشجّعين الراشدين. جدير بالذكر أن مقابلة "كلاسيكو المغرب" بين فريقي الجيش الملكي والرجاء البيضاوي، اختتمت على وقع "شغب" و" بلطجة" ترتب عنه اعتقال العشرات من جماهير الفريق الزائر، وإصابات في صفوف عناصر رجال الأمن بعد أعمال الشغب والبلطجة التي عرفتها هذه المباراة .
هذه الصورة المؤلمة كانت قد شاهدناها كذلك منذ مدّة فى مدينة الحسيمة بعد مباراة جرت بين فريقيْ "الوداد البيضاوي"، و"شباب الرّيف" فى كرة القدم كذلك، هذه اللعبة التي قد تصبح فى بلادنا أو كادت أن تُصبح (لعبة كرة العدَم، أولعبة كرة الندَم، أو لعبة كرة الألَم،أو لعبة دهس البدَن ! ) نظراً لِمَا أصبح ينتج عنها، وخلالها، أو قبلها، أو بعدها من حماقات هوليغانيّة، همجيّة ،سوقيّة ،فوضويّة، طائشة ،ساقطة، مُسفّة، هابطة لا تُحمد عقباها بعيدة كلّ البُعد عن الرّوح الرياضية السّمحاء التي تُضرب بها ولها الأمثال، ما حدث فى المقابلتبْن السّالفتين وسواهما من المقابلات يطرح تساؤلات ضخمة،وإسستفسارات ملحّة لابدّ أن نبحث عن إجابات شافية، ضافية، وعلاجات عاجلة حاسمة وناجعة لها،لأنها شكّلت بغير قليل من الخَجَل أمراً يُندىَ له الجبين حقّاً على مرأى ومسمع من الناس، والملأ، والمواطنين، والوافدين، والزّائرين، والسيّاح الأجانب، وأمام أنظار رجال حفظ الأمن ، هذه الأحداث المؤسفة وضعت أمام أنظارنا مرّةً أخرى من جديد مصطلح البلطة، والبلطجة ، والبلطاجييّن على المحكّ.
قبل ذلك تساءل البعضُ فى المغرب وفى باقي البلدان العربية والمغاربية التي لم يكن فيها إستعمال لهذه الكلمة بالذات فى كتاباتهم، أوأحاديثهم اليومية قبل أحداث مصر ، تساءل كثيرون عن معنى هذه الكلمة بالذات،وعن مغزاها ومدلولها الحقيقييْن، كما تساءلوا بالمناسبة عن بعض الكلمات الدخيلة الأخرى المُستعملة في العاميّة المصرية على وجه الخصوص التي ردّدتها، وإستعملتها، وتداولتها، وكرّرتها الجموعُ الغفيرة الحاشدة خلال ريّاح التغييرات التي هبّت على بعض البلدان العربية وفى طليعتها مصر،إذ إنه من المعروف، ومن نافلة القول أنّ هناك بالفعل العديد من الكلمات فى العامّية المصريّة التي ترجع في أثلها إلى أصول غير عربية وفى مقدّمتها كلمات تركية واردة، ووافدة،ودخيلة إستقرّت فى اللسان المصري الدارج، منذ الوجود العثماني فى أرض الكنانة، ومن الكلمات التي أصبحت أكثر شهرةً، وحضوراً،وإنتشاراً، وتكراراً منذ ذلك الحراك الشعبي التاريخي كلمة البلطجة، أو البلطاجي، أو البلطجية على وجه الخصوص.!
البلطة والبلطجة
كلمة "بلطاجي" ( التي كانت موضوع التساؤل أو الإستفسار ) معناها فى الأصل هو (حامل البلطة)،والبلطة باللغة التركية تعني أداة حادّة للقطع، والبّتر ،والضّرب كان يستعملها في الأصل الحرّاس أو مَنْ يُطلق عليهم في مصر "الشاويش" وهي كلمة تركية الأصل كذلك، ومعناها الحارس الذي عادة ما يكون في خدمة " العُمدة" أو المأمور أو الحكمدار، والذي عادة ما يَحمل على كتفه بندقية كبيرة، ويرتدي معطفاً كبيراً سميكاً،وطربوشاً مميّزاً يقيانه لفحة البرد القارص في الليالي الحالكات يُسمّي عندهم "بالبالطو" وكلمة المانطو (الفرنسية)أو البالطو كما ترى قريبة جدّا من كلمة " البلط" و من"البلطاجي" كذلك . و(البلطجية) عادة ما يكونون مأجورين للقيام بمثل هذه الأعمال الشّنيعة من إعتداءات، وتجاوزات، أيّ مرتزقة بمعنى أدقّ. ويقال إنّ النظام المصري إستعملهم خلال الإنتفاضات التي عرفتها مصر لفضّ المظاهرات المتكرّرة، والإحتجاجات الغاضبة التي جرت خلال ربيع "الثورة" (!) وخريفها كذلك..!.. وقد أصبحت هذه الكلمة اليوم – كما أشرنا من قبل- تعني الشّخص الذي يقوم بأعمال الشّغب، وإستعمال القوّة والعنف، والهجوم الهمجيّ غير المبرّريْن ،ومن ثمّ فهو مثير للفوضى،والشغب،والتجنّي، والإعتداء بالضّرب ،والتنكيل، والتعذيب، والقتل إن إقتضى الحال ذلك، وهكذا .
كلمات أخرى دخيلة
بالإضافة إلى كلمة "البلطاجي" التركية الأصل التي طفت على سطح الألسن،وثبج الأحداث بإمعان فى السنوات الاخيرة، هناك كلمات أخرى من هذا القبيل يتمّ إستعمالها،ولَوْكُها، وتكرارها يومياً فى مصر وخارجها مثل الباشا، التي تُستعمل فى معني التوقير والتفخيم، وأصل هذه الكلمة هو "باش" أي الرأس ، وهو لفظ تركي شاع إستعماله كلقب يُمنح لكبار الضبّاط، والقادة وعليّة الأقوام، كما قيل إنّ هذه الكلمة قد تكون تنحدرمن أصل فارسي، وهي مأخوذة من كلمة"باديشاه" وتعني العامل بأمر السّلطان وإلتزامه الطاعة الكاملة والولاء له، كما يُقال إنّها مكوّنة من شقّين إثنين وهي " بادي" التي تعني السّيد و" شاه " التي تعني الحاكم، أو الملك، أو السّلطان، وهناك كلمة الأسطى أو الأسطه ويقال إنّها تحريف ل : (أستا) وهي فارسية دخلت اللغة التركيّة والعربيّة، وتعني الأستاذ، كما قيل إنّها تعني في أصلها الصانع الحِرَفيّ الماهر، وقيل عن أفندي إنها كلمة تركيّة من أصل يوناني إستخدمها الأتراك منذ القرن الثالث عشر الميلادي، وكانت لقباً لرئيس الكتّاب ولقاضي إسطانبول ، وكلمة البازار مُستعملة فى المغرب، وفى البلدان العربية بشكل واسع، بل إنها إستقرّت،وإنتشرت فى بعض اللغات الأوربيّة كالإسبانية،والفرنسية وسواهما،وقيل إنّها كلمة فارسية الأصل، دخلت اللغة التركيّة وتعني السّوق، أوالدكّان الذي تُباع فيه المنتوجات والمصنوعات التقليدية ،وكلمة أُودَة أو أُوضَه بالضاد، هي مُصطلح ينحدر من اللغة التركيّة كذلك يعني الغرفة، وكانت كلمة أفندي لقباً للأمراء أنجال السلاطين، كما كانت كذلك لقباً لرؤساء الطوائف الدينيّة، والضباط، والموظفين،وهناك كلمات أخرى معروفة ومنتشرة فى العامية المصرية منها أفندم، وأجزخانة (التي تعني الصيدلية).وكلمة الهانم أو " الخانُم" التي تعني المرأة المحترمة .وكلمة "أبلة" التي تعني الأخت الكبرى في البيت، و" البشباشي" وهي رتبة في الجيش المصري والتي كان يلقّب بها الزّعيم جمال عبد الناصر رحمه الله.وكلمة "السّمكري" وهو الشّخص الذي يصلح أنابيب، ومواسير،وقنوات، وميازيب المياه .وكلمة "جام " التي تعني الكأس أو الكُوب ومن ثمّ يأتي المعنى المُستعمَل والمُتداوَل الذي إستقرّ في اللغة العربية عندما يُقال :"صَبَّ عليه جَامَ غضبه" أيّ دلق عليه كأسَ غضبه . وكلمة "السّفرة" (بضمّ السّين) التي تعني مائدة التي يؤكل عليها وهي فى الأصل طعام يُتّخذ للمسافر.وكلمة الحنطور التي تعني العربة التي يجرها حصان أو حصانان. وكلمة "المِكوَجي" وهو الشّخص الذي "يكوي" الثوب أو النسيج، أو الأقمشة، أوالألبسة على إختلافها ويُصلحها (ومن ثمّ كلمة "المصلوح" المُستعملة فى العاميّة المغربية) ويجعلها خالية من الانكماشات . وكلمة "القهوجي" المستعملة كذلك في الدارجة المغربية وفى عاميّات عربيّة أخرى، وهي كلمة مركبة من "قهوة" العربية و"جي" التركية العثمانية،وعلى شاكلتها (بوسطجي،وقومسيونجي، وقانونجي، وسفرجي..وسواها) وكلمة "كباب" وهو اللحم المشوي .و"الطاولة "وهي لعبة نرد المعروفة في تركيا ومصر والعالم أجمع اليوم .وكلمة "الحلّة" التي تعني " الطنجرة" فى المغرب وفى بعض البلدان العربية الأخرى،إذ حسب تفسيرهم، وتبريرهم سُمّيت كذلك لأنّ الطعامَ يحلّ فيها، وكلمة "عشماوي" التي تعني من يقوم بتنفيذ حكم الإعدام ،وكلمة "حكمدار" وتعني حاكم الجهة أو المنطقة أو الناحية،ناهيك عن العديد من الكلمات الوفيرة الأخرى التي لاحصر ولا حدّ لها .
هل يُصلِحُ العَطّارُما أفسَدَهُ الدّهرُ؟
تساءل البعض عن الدّواء الناجع لهذه الظاهرة الغريبة للقضاء على شأفة هذه الآفة المخيفة التي إستشرت فى مجتمعتنا، وإنتشرت بيننا إنتشار النار فى الهشيم ..فكيف السّبيل إلى ذلك..؟ وهل يُصلِحُ العَطّارُ ما أفسَدَهُ الدّهرُ؟ وهنا تمثل أمام انظارنا هذه الكلمة التي تطرّق إليها الحديث كذلك، وهي كلمة "العطّار"، وتجدر الإشارة فى هذا القبيل أنّ العطّار أوعطَّار إسم معروف ومُستعمل ومُتداوَل فى مختلف البلدان منذ قديم الأزمان ،وهو موجود على وجه التقريب فى جميع البلدان العربية ،وهناك العديد من الكتّاب، والشّعراء، والشخصيات المرموقة التي تحمل هذا الإسم فى لبنان والمغرب ، فضلاً عن السعودية، واليمن، وتركيا، وإيران،وليبيا، وتونس والجزائرإلخ، والعطّار فى الأصل يعني – كما هو معروف- : بائع العِطْر أو العطور، أو صانع العِطْر أو العطور ، ونحن نشتري البُخورَ، وعَرْفَ العُود والندّ من عند العطَّار .
ومن الأمثال المعروفة المأثورة، أو الأقوال السائرة المشهورة التي تُضرب فى هذا القبيل:هل يُصلح العَطَّارُ ما أفسده الدّهْرُ..؟ (وهو عَجُز من بيت معروف)،يُقال فيمن يحاول إصلاحَ ما لا يُمكن إصلاحُه. !.. فهل يمكن ردّ البلطاجي، والمعتدي عن غيّهما، وعن تجنّيهما، وعن مروقهما…؟ هيهات..!
و يُطلق العطّار كذلك على بائع التَّوابِل ( العطور أو العطرية) ، فنحن نشتري الكمُّون، وباقي التوابل، والبهارات من عند العطّار،والعطّار جاءت فى صيغة المبالغة (فعّال) ويعني كثير العطر أو العطور، وهناك بيت من الشّعر مشهور يقول: ومَن خالط العطّارَ نال من طيبه / ومَن خالط الحدّادَ نال السّوائدا ،أو : ومَنْ خالط العطّارَ فاز بعطره/ ومن خالط الفحّامَ نال سوادَه، وأنور بن سعيد العطار شاعر معروف من سوريا وُلد في (دمشق ) عام 1908 و توفي عام 1972.،وفريد الدّين عطّار شاعر فارسي متصوّف معروف، وممَّيز عاش في القرن الثاني عشر الميلادي من أشهر أعماله "منطق الطير"، وهو كتاب ذائع الصّيت، و قد ولد العطار في مدينة نيسابور.
تَسْكُبُ دَقَائِقَ العِطْر..ِ
ويُعرف عادة باسم عطار أوكلمة عطار كذلك بائع الآدويه الشعبية، والتوابل، والعطور، ولكن ميرزا محمد يثبت بأمثلة وجدها في كتابيْ "خسرونامه" و"أسرارنامه" أنّ هذه الكلمة لها معنيً أوسع من ذلك، ويقول أنها أطلقت عليه، لأنه كان يتوليّ الإشراف علي دكّان لبيع الأدوية‌ حيث كان يزوره المرضى، فيعرضون عليه أنفسَهم، فيصف لهم الدواء ويقوم بنفسه علي تركيبه وتحضيره. ولقد تحدّث عن نفسه في كتابيه" مصيبت نامه" و"إلهي نامه" فذكر صراحة بأنه ألفهما في صيدليته أو أجزخانته، "داروخانه" التي كان يتردّد عليها في ذلك الوقت خمسمئة من المرضى، كان يقوم علي فحصهم وجسّ نبضهم. ويقول "رضا قليخان" في كتابه "رياض العارفين" أنه تعلم الطبَّ علي يديّ الشيخ مجد الدين البغدادي وهو أحد تلاميذ الشيخ نجم الدين كبري.
و" عطر" جمع : عُطُورٌ، يَفُوحُ عِطْرٌ زَكِيٌّ مِنْ فُسْتَانِهَا ،ومَا يُتَطَيَّبُ بِهِ لِحُسْنِ رَائِحَتِهِ، و يقول عبقريّ بشرِّي ونابغة لبنان والعالم جبران خليل جبران : تَشْربُ قَطَرَاتِ النَّدَى وَتَسْكُبُ دَقَائِقَ العِطْرِ.. !
والعِطْرُ نباتاتٌ ذات رائحة عَطِرَة،زكيّة،عبقة، فوّاحة مثل الخُزامىَ ( ومن غرائب الصّدف التي واجهتنا وفاجأتنا فى هذا المقام أنّ إسم مدينة الحسيمة مُشتقّ من (الخزامىَ) وهي نبتة عطرية طيّبة الرّائحة) المعروفة ب: (Lavanda) التي يُستخرَجُ منها زيتُ العِطر جمع أَعطار وعُطور ، والطّيب ، كلُّ ما يُتَطيَّب به لِحُسْنِ رائحته يُقال :- لهذه الوردة عِطرٌ فوَّاح ، زجاجة عِطْرٍ،أو قارورة عطر ،كما يقال فى الأمثال : دقُّوا بينهم عِطْر مَنْشم : يُضرب كرمز إلى الشُّؤم والحرْبِ ،ولا عِطر بعد عروس، وهوَّ تعبير عن الزُّهد بعد فقد عزيز ،وفى المغرب هناك العديد من الأصدقاء الذين يحملون هذا الإسم ومنهم شعراء،ومبدعون ،وهو إسم ينحدر فى الغالب من الأندلس،وهو موجود ومستعمل فى البلدان المغاربية عللى وجه العموم ،ولعلّه من الأسماء الموريسكية التي إستقدمها المُهجّرون، والنازحون قهراً وقسراً وعُنوةً عن الأندلس بعد سقوط آخر معاقل الإسلام فى الأندلس غرناطة عام 1492، إذن فهذا الإسم غير محصور أو مقصور على بلدٍ بعينه كما يبدو ، بل إنه موجود ومنتشر فى مختلف الأصقاع والبلدان.
ونختم هذا العرض بالأبيات الطريفة التي ورد فيها عَجُز البيت الشّعري الذي أصبح مثلاً مأثوراً ،وقولاً سائراً مشهوراً بين الناس ، قال بعضُهم:
عجوز تمنّتْ أن تكونَ فتية / وقد يبس الجنبان واحدودبَ الظهرُ
تروحُ إلى العطّار تبغي شبابَها / وهل يُصلِحُ العَطّارُ ما أفسد الدهرُ
بَنَيْتُ بها قبل المحاق بليلة / فكان محاقاً كله ذلك الشّهر
وما غرَّني إلاّ الخضاب بكفّها / وحمرةُ خدّيها وأثوابها الصّفر..!.
عضو الأكاديمية الإسبانية – الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوطا- كولومبيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.