حركة 20 فبراير كان بالإمكان أن تكون قاطرة للتحول المغربي الهادئ، لكن ضيعت موعدها مع التاريخ، وبدل أن تكون محضنا للنقاش وإنتاج الأفكار والنضال السلمي تحولت إلى أداة لكل أشكال الفوضى، ومن الفوضى إلى اتهام كل المغاربة بأنهم قاصرون وتحركهم السلطة بل تمولهم باستثناء "جماعة 20 فبراير" هم الأطهار والمناضلون الأشاوس والباقي بلطجية لا رأي لها. وتحول المواطن الذي لا يعرف حتى مقدم الحومة إلى بلطجي تحركه دوائر المخزن للتشويش على حركة 20 فبراير، التي نط فوقها عبد السلام ياسين على شيخوخته والحريف على خرفه كما تنط الضفادع بعضها فوق بعض فولدت مخلوقا عجيبا اسمه فوضى الأحياء الشعبية والقيساريات والتجمعات الاقتصادية، فمجرد إطلاق نعت من النعوت دون التوفر على معطيات هو إقصاء للآخر، أما نحن لما نقول إن الحركة سطت عليها التيارات الراديكالية فذلك مستنتج من الواقع ومن تصريحات شباب الفايسبوك. ومصطلح البلطجية الذي يلعبه أحد أتفه الناس يدفعنا إلى مناقشة حركة 20 فبراير حول إبداع أدوات النضال. البلطجية مصطلح مصري عامي. "البلطجة" معناها في الاستخدام الشائع : فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم. وهي لفظ دارج في العامية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين : "بلطة" و"جي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف أداة للقطع والذبح. والبلطجة في الاصطلاح هي استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة؛ وهي نابعة من احتياج صاحب القوة -فردا أو مجتمعا أو دولة- لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية . فمن يريد فرض رأيه بالقوة، ذاك المواطن الذي خرج عفويا للتعبير عن رأيه أم ذاك الذي لم يتبعه أحد وما زال مصرا على الخروج ويحاول فرض أجندته على باقي المجتمع؟ لكن أتفه الناس ما زال مصرا على تدبيج هذا المصطلح بالبنط العريض. ومادام كل شيء مستوردا فإن بريقه يلمع مما يجعل أصحابه مصرين على فرضه فرضا. ونقولها اليوم صراحة إن حركة 20 فبراير ليست حركة مبدعة بل هي مقلدة في كل شيء. بدءا من تقليد أساليب الشعوب الأخرى التي كانت في الحاجة إلى تغيير من نوع خاص، واستيراد الأدوات والأشكال والمفاهيم والشعارات واليافطات واستيراد حتى المطلحات المستعملة في بلدان أخرى ومن هذه المصطلحات البلطجية. لم يبين أتفه الناس لماذا وصف الذين خرجوا للتعبير عن تأييدهم للدستور بالبلطجية ناسيا أن من بين عباد الله المذكورين من سيرفع دعاوى قضائية ضده لأنه لم يخرجه أحد، هناك من خرج لأنه فهم مضامين الدستور وهناك من خرج نظرا لطبيعة الارتباط برمز الدولة وهناك من خرج لأنه يرى أن هناك من يريد الخراب لبلده، وفي كل مستويات الخروج تقع بعض الانزياحات المحكومة بما هو نفسي شعوري إحساسي، لكن أن تصف كل هؤلاء بالبلطجة فهل لديك الدليل على أن كل هذه المئات الآلاف أخذت التعويض من المخزن؟ على حركة 20 فبراير أن تتعض وتعرف أنها لا عمق جماهيري لها وبالتالي تعلن استقالتها ويذهب كل إلى حال سبيله لينفضح دعاة الدولة الستالينية والمشيخة الياسينية.