الدكتورة "نزيهة امعاريج"، من الناشطات داخل المجتمع المدني بمدينة "وجدة" شرق المغرب، وهي أستاذة لمقارنة الأديان بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة، فضلا عن كونها عضوا ضمن وحدة "فقه الأسرة" بها. أسست إلى جانب مجموعة من الفعاليات النسائية، جمعية "حوار النسائية" سنة 1998 وإن كان جل أعضائها من النخبة المثقفة فهي ليست جمعية نخبوية، تجعل صوب عينيها المرأة المثقفة وحدها، بل تحظى المرأة الأمية، والمعطلة بجانب من اهتماماتها، بالإضافة إلى العمل الطفولي. في هذا الحوار تحاول الدكتورة نزيهة الوقوف على المشكل الذي تعانيه المرأة المغربية، والرجل المغربي، خصوصا داخل الأوساط المثقفة، وتعطي نظرتها لإصلاح الأسرة المغربية. * أستاذة "نزيهة امعاريج"، ما هي الإضافة النوعية لجمعية حوار التي ترأسينها في الحقل الجمعوي، مع كثرة الجمعيات التي تهتم بالمرأة، وما هي طريقة اشتغال جمعيتكم؟ ** بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، جمعية حوار، جمعية فتية، تأسست سنة 1998، لكن دورها والحمد لله، دور فعال في المجتمع. أما الداعي لتأسيسها فهو نشر ثقافة بديلة للثقافة النسائية السائدة. أما الأهداف التي تستشرفها الجمعية، فهي الرفع من المستوى الثقافي والاجتماعي والتنموي للمرأة. وهي تستهدف الطبقة المثقفة من الطالبات والنساء، ثم التلميذات، والجمعية تشتغل بعدة لجان، إذ هناك اللجنة الصحية، فيها مجموعة من الطبيبات المتخصصات وطبيبات في الطب العام، همهن هو تثقيف الفتيات، وتثقيف المرأة المسلمة، من الناحية الطبية والشرعية، ونتوفر على لجنة تربوية، ونأمل من خلالها نشر ثقافة تربوية بديلة، ثم تكوين نشء سليم للمجتمع، وآخر ما حققته اللجنة التربوية هو تأسيس معمل للأعمال الفنية، فضلا عن ناد فني خاص بالأطفال، ويهدف هذا النادي إلى إعادة التمدرس للأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة، وارتموا في أحضان المخدرات، والجمعية تحبذ له عن طريق الأعمال اليدوية من رسم وصباغة، ونحت وسيراميك، ونقش على الخشب، العودة إلى المدرسة، كما أن هذا الطفل الذي كان مزدرى، قد يرقى إلى إنتاج معرض بالصور وغير ذلك، وتحبذ الجمعية نشر الثقافة بطريقة يدوية، يعني إذا تعطل التلميذ من الناحية العقلية، نحاول توظيف جميع المواهب التي وهبها الله سبحانه وتعالى له، ثم نستهدف من خلال المعمل الطفلات، لأنه من خلال موقعنا المتواجد قرب ثلاثة ثانويات كبيرة بمدينة وجدة، وكما هو معلوم يكون الفساد منتشرا أمام الثانويات والإعداديات، وانطلاقا من هذا الهاجس، نبحث عن الوسائل والآليات التي تستهوي هذه الفئة، من إعلاميات وإنترنت، وغير ذلك، فكل هذه المسائل، اختارت لها الجمعية أستاذات متخصصات، شكلن هذه اللجنة، وإلى جانب هذه اللجنة، توجد لجنة حقوقية، ترأسها أستاذة حاصلة على الدكتوراة في أصول الفقه "الأستاذة ختيري"، ونحاول نشر الثقافة الحقوقية بالنسبة للمرأة المسلمة، ما لها وما عليها، ونعمل في جانب الوقاية لوقاية الأسرة من الوقوع في الانزلاقات، وعندنا لجنة ثقافية تعنى بالأعمال الإشعاعية، والأعمال البنائية، ونقوم داخل هذه اللجنة بإلقاء درس شهري للنساء يتم فيه تبادل الخبرات بالتوازن والتكامل، فنحن خريجات العلوم الشرعية في نفس الوقت نحتاج الطبيبات في مسائل أخرى، وعندنا لجنة إعلامية مسؤولة عنها مهندسة دولة في اتصالات المغرب، والجانب الإعلامي عندنا متطور على أعلى المستويات والحمد لله. * قلتم دكتورة "نزيهة" إن جمعيتكم تستهدف المثقفات من طالبات، وأستاذات، هل يعني هذا أن حظ المرأة الأمية غير موجود داخل جمعيتكم؟ * لا أبدا، نحن لا نترفع عن المجتمع، نحن جزء من المجتمع، وإنما نحن إذا قمنا بتصحيح المفاهيم لدى المرأة المثقفة ستؤثر على المرأة الأمية، بدليل أن لنا معملا آخر نوفر له الآن مقومات معمل المهن، لا توجد فيه المرأة الأمية فقط، بل تجد المرأة المعطلة أيضا. هذا عن الجانب التنموي للمرأة، فنحن نحاول أن نعطي لتلك المرأة العاجزة عن كسب قوتها، وظيفة، لكن دائما وفق تمرير الخطاب الذي نريده أن يسود المجتمع، وتصحيح التدين لدى أفراد هذا المجتمع. إن العمل الجماعي لا يجردنا من العبادة الفردية كما يعتقد البعض، فنحن من منطلق المقاصد التي نصدر عنها، وهو إعادة ترسيخ التدين في المجتمع، وقد فقهنا هذه الوظيفة ولله الحمد، وعدنا من تلقاء أنفسنا إلى إحياء التدين في المجتمع، ونسعى جاهدين إلى تعميم هذه النظرية في المجتمع، والمرأة الأمية، كنا من الأوائل المهتمين بها، وأول منبر لمحو الأمية في مدينة وجدة وهو منبر جمعية النبراس الثقافية، كنا قد أسسناه في الوقت الذي كانت فيه الجامعة تترفع عن الإنسان الأمي، واللواتي تطوعن للتدريس كن طالبات جامعيات. * هل لكم شراكات مع جمعيات تتقاطعون معها الأهداف نفسها؟ ** نحترم التخصصات، ونتعاون مع الجمعيات الأخرى، فالهدف الكبير لجمعيتنا هو "الثقافي" بالدرجة الأولى، لكن نشتغل بالعمل الاجتماعي، مثلا في الأعياد، والزكاة، فنحن لا نرفضها، نأخذها، ونعطيها للجمعية التي على رأس أهدافها العمل الاجتماعي، فما نتلقاه من مساعدات نعطيه لجمعية "التنمية والتطوع" التي نتواجد معها في المقر نفسه، فنحن في جمعيتنا ليست لنا دراسة ميدانية للأسر المعوزة، فالمبالغ المالية التي نتلقاها من محسنين نسلمها ل "التنمية والتطوع". وهذه الجمعية التي نتعاون معها قامت بشراء أضحية العيد لعدد من الأسر المعوزة، وكمثال آخر لاحترامنا للتخصص، عندما تأتينا أم بأطفالها، نوجهها لجمعية النبراس الثقافية، لأننا في جمعية حوار، لم نؤسس ناديا طفوليا قائما بذاته، وهذا يدخل في إطار التكافل، فنحن لا نستطيع القيام بكل الأعمال، "الثقافية، والاجتماعية، والطفولية.."، لذا نتكامل مع باقي الجمعيات. * هل تتلقون دعما من الدولة، أو هل لديكم شراكات مع الجهات المسؤولة؟ ** نحن لا نتلقى أي دعم من أي جهة رسمية كانت، الجمعية تسير بفضل من الله، وأعضاء المكتب يلتزمون بانخراط شهري، نؤدي منه ثمن الكراء، ونحن نطمح في أن نتلقى منحا من الجهات الرسمية، ولحدود إجراء هذا الحوار لم نتوصل بأي دعم، فنحن بفضل الله تعالى كلما تحركنا في نشاط، يأتينا الخير من كل الأبواب، فتجد من يريد التبرع بالفندق، ومن يريد المساهمة بالموائد للضيوف المستقدمين من خارج المدينة، ففي النشاط الذي استقدمنا فيه المفكر "جودت السعيد" كان عندنا فائض في لائحة المتبرعين، لأن برنامج مكوثه كان قصيرا والحمد لله. * ما هي في نظركم المشاكل التي تعانيها الأسرة المغربية، والمشاكل التي يعانيها الرجل، والمرأة المغربيين على الخصوص؟ ** في نظري، وحسب تجربتي الخاصة، وتجربتي وسط النساء المثقفات بالخصوص، إذا كان المشكل في الأوساط الفقيرة، هو مشكل فقر وعوز، وأمية، فإن المشكل في وسط المثقفين، هو ضعف الوازع الديني، والفهم الخاطئ لمسألة التربية، فالرجل الذي لا يتقي الله في زوجته يكون تأثيره على كيان الأسرة، ويتأثر الأطفال بدورهم. وبالمقابل هناك الوسط الآخر المتسم بالتدين، فالزوج فيه يساعد زوجته على العمل الجمعوي التطوعي، وأقول هنا إن التنشئة الاجتماعية لها دور في كل هذا. * في نظرك، ما هي الحلول المقترحة للأسرة المسلمة؟ ** أولا يجب أن يخاف الإنسان الله في نفسه، لأن الحياة الزوجية عشرة، ولا يمكن للزوجين أن يعيشا الليل مع النهار، وهما غاضبين في كل الحالات، فمع قصر العمر، وكثرة الأمراض كيف للإنسان أن يستسيغ هذه المعيشة؟ يجب أن تعم المودة والرحمة، وأن لا يترك أحد من الزوجين الباب مشرعا أما الشيطان ليزرع الفتنة. وإن اشتغال الزوجين بالعمل التطوعي والخيري من المفترض أن يزيد من توافقهما وسعادتهما، وهو الأمر الذي سيؤثر بدوره على الأطفال، لهذا فنحن نوجه الاهتمام للأمهات، حتى ينعكس ذلك على الأبناء، وتربيتهم، والرسول صلى الله عليه وسلم، سوى بين الأبناء حتى في القبل. ويجب أن نعلم أن المرأة التي تتلقى الإهانات من زوجها لا يمكنها بحال من الأحوال أن تعتني بأبنائها، فقد تصب جام غضبها على الأبناء، ولو كانوا أبناءها، فهي تقول: كيف أعتني بأبنائه، وهو غير مهتم بي؟ ومن جانب آخر يجب على المرأة التي رزقها الله الزوج الصالح أن تعتني به، وتعامله معاملة حسنة، ويتعاونا جميعا على تربية أبنائهما تربية حسنة، فكل راع مسؤول عن رعيته، كما جاء في الحديث النبوي الشريف. إن أهم شيء يجب الحفاظ عليه في الحياة الزوجية هو الاحترام، فإذا كان الاحترام متبادلا بين الزوجين سهلت كل العقبات التي تعترض طريقهما.