يظل إشراك العالمات المغربيات في إلقاء الدروس الحسنية أهم تحول شهدته هذه الدروس منذ انطلاقها مع الملك الراحل الحسن الثاني. حيث عمل الملك محمد السادس، قبل سبع سنوات (2003)، على تأنيث الدرس الحسني باستضافة الدكتورة رجاء الناجي المكاوي، الأستاذة بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس، لإلقاء درس بعنوان «النظام الأسري الإسلامي مقارنة بما عليه الوضع الأسري في المجتمعات الغربية»»؛ وهي الاستضافة التي اعتبرت، بحق، منعطفا فرحا بالنسبة لقدرات المرأة المغربية على الإدلاء بمعارفهن في مجال الفقه والعلوم الشرعية»، خاصة أن الدروس تلقى أمام الملك والوزراء وكبار ضباط الجيش والأمن ومسؤولي الدولة، وأيضا أمام علماء أجلاء من المغرب والعالم الإسلامي. وهكذا توالى إشراك العالمات المغربيات، إذ ألقت، في رمضان الموالي (2004)، عائشة الحجامي، وهي أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض(مراكش)، درسا بعنوان «الاجتهاد في المسألة النسائية»، ثم تلتها فريدة زمرد الأستاذة بدار الحديث الحسنية ( 2005) بإلقاء درس حول «المرأة في القرآن بين الطبيعة والوظيفة». واحتلت السعدية بلمير، وهي مستشارة بديوان وزير العدل، المرتبة الرابعة في سلم إلقاء الدروس الحسنية أمام الملك (رمضان 2006)، حيث ألقت درسا بعنوان: «حركة التقريب بين المذاهب: منطلقاتها وآفاقها المستقبلية». وفي سنة (2007) استمع أهل العلم والفكر من المغرب وخارجة لعالمة شابة رئيسة المجلس الجهوي للحسابات بمدينة الرباط زينب العدوي لدرس قيم عالجت من خلاله نقطة مهمة وحساسة في الاقتصاد الإسلامي ألا وهي: «حماية المال العام في الإسلام». بينما ألقت سعيدة أملاح، في السنة الموالية (2008)، درسا بعنوان «عناية المغاربة بلغة القرآن الكريم». أما في رمضان الماضي (2009)، فقد ألقت الأستاذة عالية ماء العينين محافظة خزانة المعارف الجهوية بالدار البيضاء، التابعة لوزارة الثقافة، هذا الدرس الحسني. وتناولت فيه بالتحليل موضوع «مكانة الأم في الإسلام ودورها في نقل وترسيخ قيم المواطنة». وخلال هذا العام (2010)، كانت سعاد رحائم، أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة وعضو مجلسها العلمي المحلي، هي المرأة السابعة التي تلقي درسا في حضرة الملك، حيث ألقت درسا بعنوان «أشراط الساعة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف». بورتريه جماعي.. الملاحظة الأولى أنهن لسنا فقيهات بالمعني الذي قد نتصورهن به، اي مترهبات في قضايا الفقه وحدها، بل أن «البروفايل» هو المعرفة ، باسسها الكونية، اذا شئنا التعبير، حيث التدريس في الجامعة والتخصصات في شعب غير الفقه المباشر هي التي تشكل الاطار الشامل للبورتريه المشترك بينهن. الدكتورة رجاد ناجي مكاوي كانت أول امرأة اطلت من شاشة الجلابيب البيص، بلسان أهل الذكر.، وهي استاذة جامعية، بجامعة محمد الخامس درسها استمدته من كونية الاحوال الاعتبارية للمرأة في عالم متعدد الهويات وقد شاركت الي جانبهاعالمة اخرى وباحثة واستاذة ، عائشة حجامي،الاستاذة بجامعة القاضي عياض بمراكش، التي تشارك في ملتقيات دولية منها ملتقى فنلندا للحوار الروحي والديني ،ودور الاديان في عالم اليوم.. الدرس ، كما هو جزء من تجسيد إمارة المؤمنين، المنتفحة على قضايا العصر على ضود القرآن، هو أيضا الدعوة المستمرة الى اسلام عقلاني لا يلغي المجهود الفكري للبشرية، ممايعطيه الامكانية للتجاوب ع اشكاليات العصر ، لان الاسلام يظل بالسنبة لهن «نص إيمان وليس نص قانون».. ومما يلاحظ أننا لا نعرف لأغلبهم نشاطا خرج دائرة المعرفة، أي من قبيل التمرس السياسي أو الدعوي، كما هو حال أحمد الريسوني الذي شكل درسه إشارة كبيرة ونقطة لم تمر بدون اثارة الانتباه. ما نعرفه عنهن في النشاط المنظم قليل، وما نعرفه على سبيل المثال أن عائشة حجامي هي التي كانت وراء دخول الداودي الى مجال العمل الاسلامي والالتحاق بالتيار الديني، حيث يروي انه في 1980، قدم عرضا في جامعة فاس، وحضرته عائشة حجامي، وهي ابنة عالم من علماء فاس. تحدثت الى والدها عن المحاضر، فاستدعاه العالم وناقشه لكي يلتحق بعالم الدعوة من بعد.. اغلبهن لم يقف مجهودهن الاجتهادي في حدود المغرب بل تعداه الى فضاءات علمية ومدنية أخرى كما هو حال عائشة الحجامي التي سارفت كثيرا في العالم المتحرك للعلم، من بلجيكا الى جامعة برينستون، لكي تدافع عن رؤية لعالم متفقه وحر.. موضوعة الاجتهاد في القضايا النسائية، في الدرس الرمصاني تجد في حضورهن بالذات التجسيد الذي لا بد منه. وعندما يكون الدرس الرمضا ني بحد ذاته درسا«مغلقا« لا يفتحه سوى الفهم المتضلع و العلماء ، عوض البسطاء، فإن الانفتاح الكبير والمعنى الاوفر يمثله حضور النساء. وبمعنى آخر، فإن الدروس التي تلقيها المغربيات هي في حد ذاتها رسالة .. ودرسا قبل الدرس ومضمونه. مرشدات. إن المرزة الحاصرة في فصاد الدين واجتهداته، بهذا الشكل ، تفتح المجال لمهمة ارشادية أخرى انفتح عليها المغرب. وقد تمثلت في أول فوج من المرشدات الدينيات في ابريل 2004 .. واستمرار دورهن هو من صميم المشاركة الفعلية في الاقتراب من النص الديني عوض تركه في يد- أو في فم- الرجل ، التعصب والمنغلق على ذكورته..