272 إطار ديني مغربي إلى الخارج في رمضان    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان في الفترة ما بين 24 فبراير و4 أبريل 2025    ترحيل أربعة نواب برلمانيين أوروبيين موالين لجبهة البوليساريو الإرهابية عبر مطار العيون    في شخص عبد القادر الكيحل.. انتخاب البرلمان المغربي نائب الرئيس ورئيس اللجنة الدائمة الأولى للتعاون السياسي والأمني ببرلمان البحر الأبيض المتوسط (صور)    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    نقابة تحذر من "انهيار الصحة" بتطوان    ولد الرشيد يعزز التعاون من الهندوراس    توقيف أربعيني بالحسيمة متورط في تنظيم الهجرة السرية والاتجار بالبشر    تفكيك خلية إرهابية خطيرة يكشف مخططات "داعش" الساحل الإفريقي في إستهداف المغرب    المحكمة الإدارية بالرباط ترفض التصريح بتأسيس "حزب التجديد والتقدم"    قرعة دوري أبطال أوروبا تسفر عن مواجهات نارية في دور ال16    الملك محمد السادس يهنئ عاهل مملكة النرويج بمناسبة عيد ميلاده    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    "حليوة" أمام النيابة العامة بسبب تدوينة حول الرئيس الفرنسي ماكرون    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    منع مشجعي الرجاء البيضاوي من حضور مباراة فريقههم أمام الجيش الملكي    النصيري يسجل من جديد ويساهم في تأهل فنربخشه إلى ثمن نهائي الدوري الأوروبي    استعدادات لزيارة ملكية مرتقبة إلى مدن الشمال    أداء مؤشر "مازي" في بورصة البيضاء    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    كيوسك الجمعة | المؤتمر الوزاري العالمي الرابع للسلامة الطرقية يفي بجميع وعوده    باخرة البحث العلمي البحري بالحسيمة تعثر على جثة شاب من الدار البيضاء    شي جين بينغ يؤكد على آفاق واعدة لتنمية القطاع الخاص خلال ندوة حول الشركات الخاصة    مضمار "دونور".. كلايبي يوضح:"المضمار الذي سيحيط بالملعب سيكون باللون الأزرق"    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    توقعات أحوال الطقس ليومه الجمعة    المغرب يحافظ على مكانته العالمية ويكرس تفوقه على الدول المغاربية في مؤشر القوة الناعمة    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    عامل إقليم الجديدة و مستشار الملك أندري أزولاي في زيارة رسمية للحي البرتغالي    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    "بيت الشعر" يقدّم 18 منشورا جديدا    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    حادثة سير مميتة على الطريق الوطنية بين طنجة وتطوان    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    ثغرات المهرجانات والمعارض والأسابيع الثقافية بتاوريرت تدعو إلى التفكير في تجاوزها مستقبلا    غشت المقبل آخر موعد لاستلام الأعمال المشاركة في المسابقة الدولية ل "فن الخط العربي"    إطلاق النسخة التاسعة للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات ما بعد هزيمة العرب وأمريكا في أوكرانيا
نشر في العرائش أنفو يوم 20 - 02 - 2025

الحلقة الأولى: الحرب الأوكرانية: أهداف ومظاهر ومؤشرات الهزيمة
العلمي الحروني – قيادي يساري
الحرب التي تخوض أكرانيا بأرضها بالوكالة عن حلف الناتو حربا طاحنة ضد الاتحاد الروسي، حرب رسم لها كل طرف في الصراع أهدافه على الدى القريب والمتوسط والبعيد. فبينما صرح صناع القرار والمحللون السياسيون في واشنطن ب " وجود مصالح أميركية ثابتة في أوكرانيا، من دون الخوض في التفاصيل أو تحديد تلك المصالح" و ذلك ما يدفع بأمريكا للعمل على " إضعاف روسيا واستنزافها" و " ردع التوسع على نحو يهدد المصالح الأميركية وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتهديدا للأمن الأوروبي ككل"، ليس هذا فقط بل " أن الردع لا يقتصر على روسيا فحسب، بل يتجاوزها إلى أي عدوان من أي أطراف أخرى بخاصة الصين" كما صرح مستشار الأمن القومي الأميركي السابق "ستيفن هادلي". وقد عبر مايكل ماكفول، السفير الأميركي السابق في روسيا، عن هذا الرأي بالقول "لدينا مصلحة أمنية في (مساعدة أوكرانيا على هزيمة روسيا) لأن انتصار بوتين سيشجعه على المضي إلى أبعد من ذلك وسيشكل ذلك تهديدًا لحلفائنا في الناتو".
أما روسيا فتضع لها أهدافا عدة وأساسا" ردع توسع حلف الناتو في مجالها الحيوي بالجمهوريات السوفياتية المستقلة عن الاتحاد السوفياتي" ومنع أوكرانيا من الالتحاق بهذا الحلف، بل يتجاوز الأمر أيضا كل هذا إلى مبررات أكثر عمقا، يتعلق الأمر بأهداف استراتيجية كتقسيم العالم إلى ثلاثة أجزاء " جزيرة العالم" التي تشمل أوروبا وآسيا وأفريقي و"الجزر البحرية" مثل الجزر البريطانية أو الأرخبيل الياباني، والقسم الثالث المتمثل في "الأمريكيتين وأستراليا" باعتبارها جزرا نائية. ذلك وفق ل "نظرية قلب العالم" للبريطاني المتخصص في الجغرافيا السياسية "هالفورد ماكيندر" التي وضعها سنة 1904، وينصب التركيز حاليا على "جزيرة العالم" التي ستجمع براعة التكنولوجيا الأوروبية وموارد أفريقيا والقوة العاملة الآسيوية، فبخوضها لهذه الحرب وبهذه الأهداف الكبرى، حرب تعتبرها روسيا "حرب وجود"، يكون صناع القرار السياسي ببلد لينين على كامل القناعة بأن روسيا إما أن تكون قوة عظمى وإما لا تكون من الأصل، نظرية قلب العالم شكلت مسار الحرب الباردة في الفكر الجيوسياسي الروسي بهدف استعادة النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي خسرته.
فبالنسبة للروس، تعتبر أوكرانيا أهم دولة، من حيث حجم ساكنتها (40 مليون نسمة) ومن حيث المساحة والثروة والأهم من هذا كله لأن الأوكرانيون شعب سلافي. ومن الناحية التاريخية والثقافية، فقد بدأ تاريخ روسيا في اوكرانيا فأول دولة بناها الروس، كشعب مهاجر من أوروبا في اتجاه آسيا في القرن العاشر الميلادي هي "كييف الروسية" وهناك اعتنقوا المسيحية ومنها انتقل الروس شرقا في اتجاه سان بيترسبورج وموسكو. فالصراع في أوكرانيا ليس مجرد صراع جيوسياسي بل أعمق من ذلك ليصل لأسباب عميقة تتعلق بالهوية وبالثقافة والدين، هذه الاعتبارات جميعها ضرورية لفهم الصراع على اوكرانيا.
الحرب الأوكرانية التي يمكن وصفها بالحرب العالمية الثالثة، ويبدو أنا حرب ستغير مسار التاريخ والجغرافيا السياسية بالعالم، حرب محورها ومركز ثقلها بقلب أوروبا، بأوكرانيا، انخرط فيها الروس بالكامل ضد الغرب ضد 50 دولة وأكثر بكل قوتهم الاقتصادية والتكنولوجية، وارتداداتها امتدت إلى عدة مناطق بإفريقيا حيث تم إخراج فرنسا، الحليفة الذيلية للولايات المتحدة الأمريكية، من عدة دول إفريقية مستعمراتها السابقة، ثم بالجزيرة العربية بفلسطين المحتلة قلبها النابض حيث الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني بمشاركة أمريكا في غرفة عمليات تلك الحرب اللاأخلاقية التي كشفت افتقاد الغرب الإمبريالي ل "الإيتيقا" الجمعية، هذه الإبادة الجماعية الفعلية التي أخرجت القضية الفلسطينية من النسيان وأوقفت مسلسل التطبيع وجعلت الرأي العام الإسلامي والعالمي والشعبي، في الشرق والغرب، في تضامن كوني إنساني واسع مع شعب فلسطين.
لم تكن ارتدادات تلك الحرب الأوكرانية بإفريقيا والجزيرة العربية فقط، بل تعدتها إلى صراعات في عدة مواقع ودول مثل كوريا الجنوبية وألمانيا والتايوان وإلى مجالات تكنولوجية والحرب الإعلامية الضخمة بين الطرفين الروسي_ الصيني والأمريكي- الغربي.
وعلى المستوى السياسي، في الوقت الذي برزت ازدواجية المواقف الأمريكية، مما ساهم في عزلتها عالميا إلى أصبحت حقيقة في حالة لا تحسد عليها، في المقابل برزت روسيا كقوة عظمى وتحالفها الأوراسي مع العملاق الصيني ازداد مثانة وقوة واتساعا وتأثيرا، لقد أخطأت الولايات المتحدة الأمريكية خطأ إستراتيجيا في حربها ضد روسيا بأوكرانيا، خطأ أدى إلى تقوية وتعزيز مثانة التحالف الروسي الصيني، وكان ذلك أكبر مكسب استراتيجي للدولتين، بحيث، من جهة، تقوت روسيا بالإعتماد على المنتجات الصينية لمواجهة العقوبات الإقتصادية وتقوت الصين بتعويض مشكلتها في استهلاك الطاقة بالإعتماد على الطاقة الروسية بكلفة بخسة. من جهة أخرى، جغرافيا، كلا الدولتين أصبح ذرعا للآخر خاصة وأن حدود الصين وروسيا تناهز 4400 كلم ، ولأن نتائج الحرب الأوكرانية مصيرية بالنسبة لأمريكا وللصين. فهزيمة روسيا يعني انكشاف رهيب لظهر الصين، بحيث انها تستطيع أن تواجه الأمريكيين في البحر "بحري الصين الجنوبي والشرقي معا" دون أدنى قلق من أن تهاجم من الجهة البرية من روسيا.
على المستوى الاقتصادي والمالي، برز التحالف المالي "البريكس" المشكل من الصين والاتحاد الروسي والهند والبرازيل وجنوب افريقيا وإيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا، لهذا التحالف، أيضا، بعدا ثقافيا/قيميا ( ثقافات بلدان الجنوب والشرق على المستوى العالمي)، ويعتبر هذا التحالف جزء من خطة لإنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب معتمد على دول الجنوب العالمي يتحدى وينافس النظام الذي تهيمن عليه الدول الغربية وأمريكا.
على المستوى التكنولوجي، تستمر الحرب التكنولوجية بين أمريكا والصين، كان من مظاهرها حاليا صراع ال «تيك توك» إلى «ديب سيك» وقبل ذلك حول رقائق التايوان، وتسعى الصين من خلال ما يشكل معركة تكنولوجية إلى تعزيز نفوذها العالمي، بينما تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على ريادتها التكنولوجية والأمن القومي، من خلال حظر تيك توك والسيطرة على شركات تايوانية لتجنب هيمنة الصين.
وبالمقارنة مع تطبيق تيك توك، الذي يواجه نفس التحديات الأمريكية من حيث جمع البيانات واستخدامها لأغراض سياسية باستخدام خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام، ظهر «ديب سيك» كأداة ذات إمكانيات أكبر في التأثير على الرأي العام عبر الأنظمة الذكية.
تحالف القوة السياسية مع القوة التكنولوجية بوادي السيليكون بشمال كاليفورنيا التي تعد مركزا وموطنا للعديد من أكبر شركات التكنولوجيا الفائقة في العالم، مثل Apple، Google، Meta، Netflix، Microsoft بالإضافة إلى الآلاف من الشركات الناشئة. لكن الصين فاجئت أصحاب " وادي السيليكون" من خلال شركة "ديب سيك، (DeepSeek) والتداعيات الاقتصادية للسيطرة الصينية على صناعة الإلكترونيات، فالصين مثل " تغير المناخ " كما وصفها منظرون غربيون وغيرهم، إذ هي تربح الحروب دون خوضها بالشكل الكلاسيكي.
لقد فشلت الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في أهدافها القريبة والمتوسطة المدى في استنزاف الدب الروسي وإنهاكه اقتصاده، وكل المؤشرات الاقتصادية تفيد استمرار النمو الاقتصادي بهذا البلد، في حين تم إنهاك دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا بدفعها الثمن باهضا لدعم أوكرانيا، حيث أن حلف الناتو، رغم توسعه بإضافة دول كالسويد و فنلندا عقب حرب اوكرانيا، إلا أن ذلك لم يسعف هذا الحلف الامبريالي الجشع لبلوغ أهدافه، ففي كل قممه يقرر رفع الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء في الحلف من ناتجها الوطني الاقتصادي من 2 إلى 2.5 إلى 3 ثم إلى 5 في المئة للتسلح ودعم أوكرانيا.
الدول الغربية على دفع المزيد من الأموال لأوكرانيا، لقد استنزفت حقا، فألمانيا كواحدة من أكبر المساهمين الماليين لأوكرانيا، أعلنت عن خفض مساعداتها إلى النصف لسنة 2025، من حوالي 8 مليارات يورو في 2024 إلى 4 مليارات يورو في 2025 علما أن تلك المساعدات كانت 4 مليار أورو سنة 2023، وتعرضت لانتقادات بسبب تخلفها عن تحقيق الإنفاق الذي رسمه لها حلف شمال الأطلسي كهدف، خاصة بعد رفض وزير الدفاع بوريس بيستوريوس الهدف الجديد المفروض عليها وعلى دول الناتو وهو 5% ويعتبرها نسبة غير واقعية وغير ضرورية مؤكدا : "أن 5% من ناتج ألمانيا الاقتصادي تعادل 42% من الميزانية الفيدرالية أي نحو 230 مليار يورو" بحيث تدعو ألمانيا إلى اعتماد أوكرانيا على القروض المقدمة من عائدات الأصول الروسية المجمدة التي اتفقت عليها مجموعة الدول الصناعية السبع.
كل هذه الأرقام وعوامل إخرى خاصة ما يتعلق بالإنكماش كبير لإنتاج السلاح اللازم لحرب ستطول أكثر، تدل على حتمية هزيمة الغرب وأمريكا بحرب أكرانيا، فهل تقبل بالهزيمة؟ ذلك ما سنتطرق أليه في الحلقة الثانية لهذا المقال.
( يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.