في زمن يطلق عليه "الربيع العربي" ، زمن الثورات على الظلم و الحكرة والتهميش والعزلة ، وضد الديكتاتورية والاستبداد ، وهو كذلك زمن الدساتير الجديدة التي يأمل الجميع أن تقطع مع كل الممارسات السلبية والتصرفات البدائية التي كانت تمارسها الدول على شعوبها ... قلت أمام كل هذه المتغيرات التي لا بد منطقيا أن تحسن من جميع الخدمات الاجتماعية منها وغيرها التي تربط الدولة بمواطنيها ، أبت جماعة احصيا بمنطقة النيف في إقليم عمالة تنغير المغربية المتاخمة للحدود الجزائرية إلا أن تكون استثناء ،عن هذا الحراك الاجتماعي والسياسي الجديد ، لكن ربما الاستثناء الذي يؤكد القاعدة . فناهيك عن الحقوق المختلفة المهضومة الأخرى التي لا يمكن حصرها ، من خدمات إدارية ،ومشاكل الماء الصالح للشرب الذي يهدد من حين لأخر الساكنة في هذه الجماعة بالذات تصل إلى حد الهجرات المتواصلة للسكان نحو المدن أو إلى الخارج .. والكهرباء المتقطع باستمرار، وكذلك انعدام المرافق الأخرى ، وغياب أي مورد محلي للعيش ... ظهر مؤخرا مشكل أخر لا يحتمل التأخير المتمثل في الخدمة الصحية المتواضعة أصلا التي يقدمها المستوصف الصحي بالجماعة لما يقرب 20 ألف نسمة من السكان ، والتي هي بعض الإسعافات البسيطة و التلقيحات المتواضعة للأطفال والرضع بالخصوص... أما الأمراض الأخرى فلا احد يسأل عنها في هذا المستوصف، فالكل يتوجه إلى اقرب مستشفى والذي يبعد عن الجماعة بأكثر من 260كيلومتر ،حيث انه منذ بداية شهر يوليوز الماضي أغلق المستوصف ورحل عنه الممرض الوحيد إلى وجهة مجهولة ، تضاربت حولها الأقاويل ، فهناك من يقول انتقل إلى مستشفى كبير بالرشيدية ، وهناك من يقول غير ذلك ... و المهم من هذا كله هو ما مصير هذا المستوصف المهجور دون أدنى احترام لحقوق الساكنة وفلذات أكبادها المحرومة من ابسط الحقوق الأساسية التي على الدولة أن تضمها لكل مواطن؟ ! ، فكل المواليد بالجماعة منذ يوليوز مازالت تنتظر تلقيحها وتقديم فحوصات تبقى ضرورية لكل مولود أسوة بأبناء باقي ربوع هذا الوطن المحظوظين . إضافة إلى أن هذه الفترة تعرف حرارة مرتفعة و لسعات الحشرات من عقارب وأفاعي وغيرها ... أمام هذا الوضع يتساءل الناس هنا أسئلة كثيرة تسعى في شغف كبير إلى إيجاد أجوبة تشفي غليلها من هذا التهميش: من المسؤول عن هذه الاهانة قبل كل شيء ؟ أين أولائك الممثلين عنهم من هذه المشاكل ، الذين لا يظهرون إلا أوقات الاقتراعات الانتخابية ، بدءا بالجماعيين مرورا بالاقلميين ووصولا إلى البرلمانيين والحكوميين ؟؟ أين المجتمع المدني افردا وجمعيات ؟ أين السلطات الصحية والداخلية ؟ أين الجميع ؟ من انتم ؟ أين الضمائر الحية ؟ وأين حتى الميتة ؟ أم توالت عليها المشاكل من هذا القبيل حتى أصبحت كالخشوب المسندة ! على أية حال، فهذه أوضاع لا تحتمل مزيدا من التهاون واللامسؤولية ، فإلى حد كتابة هذه الأسطر تبقى مرشحة للأسوأ ، فهلموا جميعا إلى انقاد ما يمكن إنقاذه.