كما كنتِ كوني حبيبتي .. وكما كنت عودي .. ليس مُجرّد طَيفٍ ولا سَحابة صَيفٍ ولا وسوسة تَخِزُ القلب كلما ذَكَرتُكِ.. ليس مجرد نَزوةٍ تَعُوج بي إلى حان .. ولا سَفَرا سَرْمدِيّا يجْتازُ المكان، ولا جُمُوحا تخطّى حدودَ العِنان.. ومَزّقَ جَدائِلَ اللّجام . كوني كما كنت حبيبتي .. ليس مجرّد شُرودٍ يتَخَطّى بيَ المَدى .. ولا هَلْوَسة تُجْلي رَجْعَ الصّدى و لا هوىً وَقَفْتُهُ على ما تبقّى من عُمُر أُراجِعُهُ لِمَامًا ، ويُراوِدُني، لَعلّ شِغافَ القلب يُشاطِرُني تَنَطُّعي، ويَمْنحُني قاِرباً من شَوْقٍ ، يَمْخُرُ بي َيمّاً ليس به منارٌ ولا خاضَ عُبابَهُ قَبْليَ بحّارٌ.. ولعلّ الوَجَعَ السّامِيَ إليَّ يشُدُّ الرّحالَ على صَهوَةِ العِشقِ، ويَطْرُقُ بابي على حين غَفْلَة، ويَحْضُنُني بكل ما أُتيَ من شَوقٍ ويَمُدُّني بِتِرْياقِ الحُلول .. ولعلّ روحيْنا تذوُبان معاً وتَسْمُوانِ معاً.. تََهيمَان على شِرْعَةِ الحُبِّ معاً، وتُلامِسان سَناءَ الخُلودِ وتُوَقِّعانِ صَكَّ الوُجودِ . كما كنت عُودي حبيبتي ! أرقاً يُطيلُ لَيليَ الهَروبِ أو سهَراً يُؤْنِسُ وَحْشَتي، ويُسامِرُ تَرَقُّبي ويَشُدُّني إليكِ ، كما الحِكاياتُ تشُدُّ السّاهرين.. وتُطيحُ بطَواغيتِ الخرافة. كما كنت عُودي حبيبتي .. أَمَلاً يُعانق المَدى الرَّحْبَ ويُلامِسُ الأفْلاكَ ، لعلّ الغَدَ المُنفَلِتَ يأتي إلينا بِما دَسَّتْهُ الحكايةُ، وسكَتَتْ عنهُ شهرزادُ . ولعلَّ الفَوانيسَ تُضيءُ عَتْمة البَيْن، وتحْمِلُ أسْرابُ الحَمامِ إلينا رسائل العُشّاق، وخِطاباتِ الغزَل . عُودي كما كُنت على عجَل فإننا لا نَحيا دون أمل ..