ثمة أحداث تظل منحوتة في ذاكرة الإنسان ويصعب نسيانها أو تجاهلها طال الزمن أم قصر ،وهي ما دعتني للكتابة عن سيدي علي الرفاعي رحمه الله ، لأنه ببساطة يستحق شرف إنسانيته لرفعته وكرمه ودماثة أخلاقه وسمو روحه . كنا صغارا بالضبط سنة 1975 ونحن نلج السنة الأولى من الثانوي (النظام القديم ) حين اقترح علي صديقي وابن حيي حسن الصمدي أن أصاحبه عند أستاذ يقدم دروس الدعم والتقوية الليلية بكتاب ملحق بمسجد الفتح ، تقدمت إليه معربا عن رغبتي ، ، ولم تكن قد مرت عن وفاة والدي شهرا أو أكثر، وحينما علم بذلك قال لي "أنت ستدرس بالمجان" ، حكيت الواقعة لامي وأرسلت معي إحدى كبرى أخواتي في اليوم الموالي ، لتعصف بالمجانية التي استفدت منها ، وبعد مفاوضات عسيرة قبل أن يأخذ نصف الأتعاب التي لم تكن تتجاوز حينها عشرة دراهم ، كان يقدم لنا دروس الرياضيات والفرنسية ، ، كثيرا ما مرر لنا حكم وأمثال بفرنسيته الراقية ،تمرالسنوات وتتطورعلاقتي به ، كان دائم السؤال عن مساري الدراسي والمهني ، استطاع رحمه الله أن ينحث لنفسه اسما ويخلده ،بعصامية كان يبني مجده ، واثقا بقدراته ، وأنه يفعل الشيء الصحيح بالطريقة الصحيحة . ولد بقرية تل غزة بمولاي إدريس زرهون سنة 1952 والده احمد الرفاعي ،فقيه عالم ورع ثقي ذو كرامات ،من أسرة شريفة ترجع بالنسب إلى سيدي عبد الله بن إبراهيم الخياط الحسني الرفاعي مؤسس الزاوية الرفاعية بمنطقة زرهون والتي بلغ مريدوها أزيد من عشرين ألف وكانت تضم اكتر من ألف من حفظة القرآن الكريم كما عرفها د عبد العزيز بن عبد الله "الزوايا المغربية مجال للفكر والإشعاع العلمي " دعوة الحق عدد 244سنة 1985 درس القرآن تم التحق بالمدرسة الابتدائية بمولاي إدريس زرهون ، بعد استكماله لدراسته الثانوية التحق بوظائف اشتغل بداية في شركة للتبغ بعدها بالبنك الشعبي سرعان ما تركها ومارس التعليم تخصص رياضيات في كل من القنيطرة والقصر الكبير على شكل دروس للتقوية لفائدة التلاميذ ،سنة، 1978 يعمل على افتتاح روض الفتح ، روض نموذجي بمواصفات عالية ، زوده بأحدث الوسائل واكفأ الأطر سنة 1985 يؤسس مدرسة الرفاعي الابتدائية بعد أن حول بناية تقليدية إلى مؤسسة تعليمية محافظا على معمارها العربي الأصيل استطاعت هذه المؤسسة أن تصمد أمام منافسة مدارس حرة أسسها عراقيون سرعان ما أفلست لغياب التجربة والبحث عن الربح السريع ،سنة 1986 يؤسس ثانوية الرفاعي الحرة في وقت كانت المدينة تفتقد لثانوية حرة من شانها أن تعطي فرصة أخرى للتلاميذ في غياب أي مسلك مهني آنذاك ، مما كان يعرض العديد من التلاميذ للضياع ،ويكون بذلك سباقا في ميدان التعليم الخصوصي بعد الاستقلال بالقصر الكبيروإقليم العرائش ، سنة 2006 يؤسس مؤسسة الهدى كدرع ثالث لمجموعته ، وخلال ممارسته يحكي من عايشه عن قرب ، انه لم يكن يركز على المردودية المادية بل كان يجعلها كآخر الأهداف مركزا على الجودة ، باعتبار التعليم العمومي و الخصوصي رسالة وأمانة ، هكذا عاش المرحوم علي الرفاعي ، بارا بوالدته ، مساندا لأسرته وأصدقائه، كريما عزيزا ، يتجنب الأضواء ، يقضي حوائج كل من لجأ إليه خصوصا المرضى ،علم أبناءه كيف يبنون القيم ، وكيف يتمثلون ثقافة الحق والواجب فُطِر على بذل الخير، فوجد القبول والاحترام من الناس بتواضعه وحلمه ، سعى إلى تحقيق النجاح فكان النجاح ملازما له … رحمك الله سيدي علي الرفاعي