لا يمكن أن أزور مدينتي القصر الكبير دون أن أزور الصديق العزيز الأستاذ محمد العربي العسري الذي لا أناديه إلا بالشريف ، وهو في حقيقته ليس شريفا وحسب ، بل هو أيضا اللطيف الخفيف الظريف العفيف … ففي إحدى زياراتي له بمكتبته التي هي على بساطتها صالون أدبي يجتمع فيه إخوان الصفا وخلان الوفا من أبناء المدينة ، أطلعني على ديوان " إيقاعات الهموم " الذي أبدع قصائده صاحب " النبوغ المغربي " العلامة سيدي عبد الله كنون . ومن هذا الديوان الذي يكاد يكون في حكم المفقود أقتطف لصديقاتي وأصدقائي هذه القصيدة التي لها ارتباط بمدينتي كما يدل على ذلك هذا التقديم الذي صدَّر ها به الشاعر : [ مررتُ على مقبرة بالقصر الكبير في طريقي إلى الرباط آهلة بالنساء المترحمات على موتاهن فقلت هذه القصيدة ] : وفاء المرأة ………………. . مررتُ على المقابرِ في طريقي فكدتُ أغُصُّ مِنْ حَزَنٍ بريقي وكفكفتُ السوابق من دموعي وقد طافتْ بإنْساني ومُوقي وما حزني ، وموئلُ كلِّ حيٍّ إلى تلك الحفائر والشُّقوقِ؟ فما للزّوجِ ليس يزورُ زوجاً وفاءً منهُ بالعهدِ الوثِيقِ؟ وما صرف الفتى عنْ والديهِ ولمْ يكُ قبلُ منْ أهْل العقوقِ لقد خاسوا جميعاً دون عذرٍ بعهد الأهل أوْ عهد الصديقِ نسُوا ما ليس ينساهُ كريمٌ وباؤوا بالقطيعة والمُروقِ *** فحَيَّا اللهُ نِسوتَنا وأحبِبْ بهنَّ لدى الكريهة مِنْ شفيقِ ……………… ديوان " إيقاعات الهموم " ص : 91 . عبد الله كنون مطبعة سوريا – طنجة 1401 ه