كانت تحدق في وجوه الصاعدين،، والنازلين من القطار،، كلهم كانوا من ركاب مقصورة الدرجة الأولى،،،لا أحد إنتبه إليها،، ومن ينتبه إلى عاملة نظافة في مجتمع يحتاج إلى تنظيف فكري ليقتنع أننا سواء في تدبير مرافق حياتنا،، لا توجد مهنة كبيرة وأخرى وضيعة،،،،،تَنقلُ عينيها بين ربطات عنقهم الأنيقة، وأحذيتهم السوداء اللامعة، وكأنها لم تطأ الأرض يوما،، حتما لا تشبه نعال الفقراء،،ربما كانت تتسلى بإختلاق قصص لهم،،، ذلك الرجل الخمسيني يبدو قاسيا من سحناته ربما يكون مديرا لإحدى المؤسسات الله يحسن العوان ليخدامين معه،، تقول ،،، وذلك الشاب ربما يكون ابن عائلة ثرية،،،إصطدم بها دون أن يعتذر،، تفو منفوخ بالفلوس ومفشوش من الأدب،،، تقول، ،،، تأكد لها ذلك عندما أخرج سيجارة وبدأ يدخن دون إكثرات لتلك اللافثة الصغيرة التي تمنع ذلك،،،وفي الآن نفسه يخبر والدته عبر الهاتف أنه أنهى إجراءات شراء السيارة الجديدة،، وتلك الفتاة العشرينية تلبس تنورة قصيرة جدا تظهر بعضا من ثبانها،،، ربما تربت في بيت لا يقيد أبناءه في إختياراتهم الشخصية،،،، ثم ضحكت،،،ربما تذكرت أول مرة لبست فيها سروال جينز، لقد أخفته تحت تنورتها لكي لا تقع عينا والدها عليه. فجأة نظرت إلي، لم أترك لها مجالا لتقيم السيناريوهات حول شخصي، باغتها بإبتسامة، فإنصرفت بوجهها عني،،، لم تكن تدري أني كنت أراقبها من وقت طويل،،،، فقط سؤال واحد كان يدور في ذهني آنذاك،،،، لو لم تحضر هذه المنظفة غدا للعمل تحت مبرر قهري، هل ستتقاضى أجرها كاملا، كما تقاضى البرلمانيون المغاربة رواتبهم عن أربعة أشهر من العطالة؟.