إنه وقت الظهيرة الجو حار، باقي من الزمن ساعة و نصف لألتحق بِعملي، دخلتُ المقهى، جلستُ كعادتي بِجوار القابس الكهربائي "پّْريزْ" كَيْ أشحن هاتفي الذي لا تشبع بطاريته من امتصاص الطاقة الكهربائية و نادراً ما أرى مستواها يصل إلى %100 فَلَوْنُ بطّارية هاتفي دائما يميل إلى الحُمرة النّاصعة و كأنها سيارة إسعاف، يُشبهُها في لونها و صوتها إلى حدٍ ما. كان المقهى شبه فارغ إلّا من اثنين يبدو أنهما غريبَيْن عن المدينة لابد و أنهما من أحد المداشر النائية، جلسا من ورائي مباشرة و هما يتجاذبان أطراف الحديث بلكنة "جبلية" و بصوت مرتفع، طلبا من النادل زُجاجتا "فانتا حمراء" بنكهة البرتقال. حاولتُ جاهدا التركيز في المواضيع التي أقرأها على الفايسبوك لكنهم يكسرون هذا التركيز بضوضائهم، على شاشة التلفاز تبثُّ قناة الجزيرة دِماء عراقية و أشلاء سورية و كثيرة هي التنديدات العربية و الدولية، قررتُ الخروج من المقهى للجلوس في شُرفتها لكنني لم أحبّذ تَرْكَ "الكليماتيزور" و الجلوس على قارعة الطريق الساخنة. مع انعدام قناة ترفيهية على شاشة التلفاز و ما دُمت لن أقْرأَ ما يجودُ به علينا الفايسبوك. قررت أن أتفرّغ للرجلان اللذان كسرا علي سكينتي و هدوئي و "أَطْلقَ" أُذني مع كلامهم. في تقديراتي الرجل الأول كان في عقده السابع و الله أعلم. الرجل الأول للثاني: "قالّْك جَابُو شي مْخزْن شْبَّر البِّيراطاتْ دْ لْقصر كاملين، و القصر قالك خوا. أنا كنقولّْك الحاج السيمو راه عفريت، هو لي مشى زاد الپوليسيّة ما نعرف منين جابهم؟… "فالبلاصة جْمَعْتْ الوقفة و مْشيت نْعَسْ و ما بغاش يجيني النعاس" كنت أنوي أن أسأل الرجل"واش كتعرف الفيسبوك و مارك زوكربرغ آ عمي الحاج"؟؟ لكنني كنتُ متأكدا من الإجابة و لا أريد حشرَ نفسي في "صداع الراس" تأكدت أن الرجل قدْ تعرّض لعملية غسلٍ للدّماغ من طرف خلية السياسيين المستيقظة و ليست النائمة، كما تفعل داعش و جبهة النصرة لمقاتليها. و إن أخطأتُ في تقديراتي لابد و أن الرجل حصل على كيس دقيق و #قالب من النوع الممتاز لذرِّ الرماد في العيون…