بين لحظة وضحاها أصبحنا حبيسي الجدران..أصبحنا معتقلين إحتياطيا لمدة غير معلومة. ومن أجل جناية مجهولة.. سجاننا حيوان شرس خفي.. يكره تجمعاتنا.. يكره مودتنا لبعضنا البعض.. يتذمر من فتح الافواه بالتحايا .. ويضيق ذرعا من التقبيل و العناق.. أغلق جوامعنا ومساجدنا، جوّع عائلنا وفقيرنا، أعدم أُنسنا و جمعنا.. جعلنا نشتاق لفنجان قهوة في مقهى غائر في حي داثر!!!.. نشتاق لدعاء خفي في باب مسجد مقفل.. نشتاق لطالب شقي يداعب هاتفه المحمول في مؤخرة المدرج .. نحنُّ لجولة خاطفة في سوق قروي منسي.. إنه زمن الكورونا.. زمن تُعرف فيه معادن الرجال.. زمن الكيمياء الحقيقية التي تصيِّر الذهب حجرا!! زمن إندحار كل الأسود الكرتونية..التي كانت ترعب الناس بزئيرها في زمن ماقبل الكورونا..أسود بأقنعة متنوعة.. فمرة تعتلي المنابر لتقف عند ويل للمصلين.. تبيع الآخرة للناس و تأخذ هي الدنيا خالصة!!! و مرة تؤم الجموع في صلاة سياسية مقيتة بدون وضوء.. و بألوان متعددة .. فيها الأصفر و الأزرق و الوردي و البنفسجي .. إلا اللون الأحمر و الأخضر تتركه للمخلصين من الذين يتنفسون الوطن.. و لا شيء غير الوطن.. هؤلاء هم الذين لا يهابون الكورونا، وتجعل لهم الكورونا ألف حساب..لأنهم امتلكوا اللقاح منذ زمن.. لم تباغتهم الكورونا كما باغتت أولئك الذين يتسولون صندوق الدعم وقد عبوا دماء التلاميذ.. أو أولئك الذين صوتوا ضد إعفاء البحث العلمي من الضريبة.. ممعنين في قتل العلم و البحث ووأد الحياة!!! هؤلاء زمرة من الوطن بخسناها حقوقها في زمن ما قبل الكورونا.. و لم تبخسنا حقوقنا في زمن الكورونا.. خذلناها فحضنتنا و قاطعناها فوصلتنا.. اخترنا نحن، كما اختار الكثيرون، أقرب الطرق للاغتناء… فاختارت هي أقرب طريق للإرتقاء.. اغتنينا نحن بنقود وأوراق نقدية.. تنقل العدوى و الوباء المقيم.. واغتنت هي بأوراق تعليمية .. و قبعة و بندقية.. و بدلة بيضاء بالدماء مطلية.. تحارب الوباء بالتعقيم… فتحية إجلال و إكبار لرجال التعليم.. و الطب.. و الجنود .. و رجال الأمن .. في هذة الأيام العصيبة.. و لا نامت أعين الجبناء!!!