وأنا ألازم مواقف حركة الاسلام السياسي، منخرطا ومتلقيا و بعد ذلك مستقلا، كنت من الذين يمتعضون من مصطلح (تجفيف المنابع..) وأعتبره كغيري من الأتباع استهداف مباشر لديننا الحنيف، و لم يكن ذلك في قصده مجانبا للصواب، بالنظر لطريقة تنزيله في تجارب عربية دكتاتورية، خاصة بجمهوريتي مصر و تونس.. لكن المصطلح أصبح ضرورة فكرية، مع كمية ونوعية النضج الفكري الذي واكب الحراك العربي الواسع، حيث لم يعد الأمر حاجة سياسة لتلك الأنظمة الديكتاتورية، التي كانت تستهدف مظاهر الدين في مجمله.. ففي ظل التوسع الفكري الوهابي، وأولاده القاعدية والداعشية والنصراوية.. ، ارتقى النقاش إلى المسلك الصحيح، مسلك تجفيف منابع الإرهاب بثراتنا الفقهي و الفكري الإسلامي.. ورغم أنه لم يتخلص نهائيا من الإديولوجيات وتأثيرات أنماط الحكم، فهو نقاش إيجابي، فرض فرضا على جميع المشارب الفكرية بدرجات متفاوتة، رغم دخن “التقية السياسية و نزقية الإيديولوجيات..! لكن، سيبقى السؤال دائما، كيف تقبل جماهير من المفكرين والفقهاء، والطلبة و الباحثين، والأتباع والمريدين.. ، من الذين لبسوا كميات ضخمة من الفكر والفقه المبرر للعنف.. ، كيف سيقبل كل هؤلاء بمصطلح تجفيف المنابع المبررة للإرهاب، إن لم ينخرط فيها أئمتهم و علماؤهم، وأساتذتهم ورؤسائهم ومشايخهم..؟؟!! إننا أمام معضلة، لا يقصم ظهرها إلا ثوار من نوع آخر، ثوار جريئون على مستوياتهم، لا يهابون ولا يخضعون للتأثيرات الجانبية..، يقودون ثورة فكرية غير متسامحة مع كل تلك الرواسب الفقهية و الفكرية المتمترسة في الأذهان..! وقبل كل ذلك، لا بد لهم من التخلص من “التقية المتخفية” و “الإيديولوجيات النزقية”… إن تجفيف المنابع، سيخفف العبئ عن المعالجات الأمنية لظواهر الفكر والفعل الإرهابي، ولا يعني ذلك إطلاقا التخلي عن المعالجات الأمنية، فهي مفيدة حتى في الوقاية.. وما عبر عنه الأستاذ في تعليقه الموسوم بالعنف، قد يتكرر في غيره مالم نستدرك بما دوناه أعلاه، والقصد سيبقى هو السمو بأقطارنا إلى دول تحترم قوانينها، والذي من بينه قانون الإرهاب الذي كان تنزيله في محله، وبرؤية استراتيجية لم تدرك حين تنزيله.. والله أعلم (صورة كاريكاتيرية منقولة)