من أجل استكمال مشروع الاحتراف الكروي في المغرب، و تأهيل البنى التحتية الرياضية خاصة في كرة القدم، اعتمد المغرب منذ سنوات سياسة تشييد الملاعب الكبيرة و بمعايير حديثة، فبعد تدشين ملعب مدينة فاس الكبير، دشن المغرب أيضا ثلاثة ملاعب بمواصفات عالمية، الأمر يتعلق بملعب مدينة مراكش و "أدرار" بأغادير و طنجة، و قد صرفت على هذه المنشآت الرياضية العملاقة مبالغ مالية هائلة. وقد استقبل الشارع الرياضي المغربي ملاعبه الجديدة و الكبيرة بابتهاج ،و بأمل كبير في تحسين جودة الممارسة الرياضية خاصة في ما يتعلق بالملاعب و المنشآت الرياضية، و كان يتوخى منها أيضا أن تقدم صورة جديدة و جميلة لكرة القدم المغربية و تنبث للعالم على أن الرياضة المغربية قد قطعت مشوارا مهما في سبيل بلوغ الاحتراف. و من أجل إظهار هذه المعالم الرياضية الكبيرة للعالم عمد المغرب على احتضان تظاهرات كبيرة، على غرار كأس العالم للأندية في نسختين و كاس افريقيا للأمم التي لم يكتب لها أن تقام بالمغرب، بالإضافة إلى مباريات دولية كبيرة كما هو الحال بالنسبة لكاس السوبر الفرنسي الذي أقيم بملعب طنجة. لكن و في الوقت الذي تبرز فيه بشكل كبير الملاعب الجديدة كملعب مراكش و أغادير، بحكم احتضانهما السنة الماضية لكأس العالم للأندية و كذا مباريات البطولة المغربية الاحترافية لكل من الكوكب المراكشي و حسنية أغادير بالإضافة إلى مباريات المنتخب الوطني المغربي الودية و الرسمية، هجرت شاشات التلفزة ملعب طنجة الكبير و غاب عن الأضواء منذ مدة طويلة، و لاسباب عدة أبرزها غياب فريق مدينة البوغاز عن "دوري الأضواء" كما أن الملعب و رغم جماليته لم يدخل بعد في حسابات المنظمين للمنافسات الكروية الكبيرة. إطلالات نادرة نادرة هي المرات التي تسلط فيها الشاشات أضواءها على الملعب الكبير لطنجة، و قليلة هي المناسبات و المباريات الكبيرة التي تقام في هذا الملعب الكبير، فبعد تدشينه سنة ... لم يستقبل هذا الملعب العملاق سوى مباريات و منافسات كبيرة قليلة، و لم تمتلأ مدرجاته إلا في مرات نادرة، باستثناء لقاءات فريق اتحاد طنجة في الآونة الأخيرة حيث بات يعرف الملعب إقبالا جماهيريا كبيرا رغم أن الفريق الأزرق مازال يمارس في دوري الدرجة الثانية. و تعود ألوى المناسبات التي سلطت فيها الأضواء على هذا الملعب الجميل إلى السادس و العشرين من أبريل عام 2011 حيث أجريت مبارتين وديتين بين كل من فريق الرجاء البيضاوي و فريق أتليتيكو مدريد الاسباني و كذا لقاء اتحاد طنجة و أتليتيكو مدريد أيضا، وقد سلطت الأضواء حينها لأول مرة على هذه المعلمة الكبيرة و التي شكلت إضافة نوعية و جمالية للبنى التحتية الكروية بالمغرب، وبالإضافة إلى هذين اللقاءين فقد عرف هذا الملعب أيضا إجراء اللقاء الشهير الذي جمع بين الرجاء البيضاوي و فريق برشلونة الاسباني و الذي انتهى بفوز الفريق الاسباني بثمانية. أما المنافسة القارية الوحيدة التي احتضنها ملعب طنجة فكانت إقصائيات أولمبياد لندن 2012 إلى جانب الملعب الكبير لمراكش و التي أجريت فيها العديد من اللقاءات كان أبرزها لقاء المنتخب الأولمبي المغربي و نظيره الجزائري، و لم يكتب لهذه المعلمة الكبيرة أن تحتضن ثان منافسة قارية في تاريخها بعد أن سحب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من المغرب تنظيم كان 2015.
هل ظلم الموندياليتو ملعب طنجة؟ يتساءل العديد من متتبعي الشأن الرياضي المغربي لماذا لم ينل هذا الملعب الكبير نصيبه في تمثيل الملاعب المغربية الجميلة بكأس العالم للأندية، فبعد أن نال ملعبا أغادير و مراكش السنة الماضية شرف التنظيم، و تركزت حوله أنظار الملايين من عشاق المستدير عبر العالم، كان ينتظر الجميع أن يمثل ملعب مدينة البوغاز الملاعب المغربية في نسخة هذه السنة قبل أن يقع الاختيار أخيرا على المركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط. ويبدو أن عوامل عدة كانت ترشح أن يكون ملعب طنجة الممثل الثالث للملاعب الوطنية بالموندياليتو، أبرزها التصميم المعماري الفريد الذي يتميز به الملعب و الذي يضعه في خانة أحسن الملاعب الكروية العالمية، كما أنه ينتمي إلى الجيل الجديد من الملاعب الكبيرة، بالإضافة إلى أن مدينة البوغاز تعيش على إيقاع دينامكية كبيرة و على جميع المستويات تجعلها مؤهلة إلى احتضان أكبر التظاهرات العالمية، هذا ناهيك عن البنى التحتية المتميزة التي تزخر بها المدينة مقارنة مع مدن مغربية أخرى. أما أبرز العوامل، فهو تمثيل فريق مدينة تطوان للمغرب في هذا الحدث الكروي العالمي على مستوى الأندية، فكل الجماهير التطوانية كانت تنمني النفس بأن يلعب فريقها بمدينة طنجة حتى يتسنى لها أن تنتقل بأعداد كبيرة و بسهولة بالغة إلى الملعب الكبير، لكن رياح الموندياليتو ذهبت بما لا تشتهيه سفن جماهير تطوان و ملعب طنجة الكبير. اتحاد طنجة..الأمل الوحيد و أمام هذا القدر البئيس الذي فرض على هذه المعلمة الكروية الكبيرة، يبدو أن أمله الوحيد هو فريق مدينته اتحاد طنجة، فالفريق و رغم تواجده في دوري الدرجة الثانية إلا أنه لم شمل الجماهير الطنجاوية في السنتين الأخيرتين و باتت مدرجاته تعرف توافد عدد كبير من الجماهير تجاوزت في أحيان كثيرة 30 ألف متفرج، و دافعهم هو تحفيز فريقهم على العودة لدوري الدرجة الأولى من جديد و هو المكان الطبيعي لفريق اتحاد طنجة و مدينة البوغاز النشيطة و ملعب ابن بطوطة الجميل أيضا. و لأن مصائب قوم عند قوم فوائد، فحرمان الملعب الكبير من الظهور من جديد للأفارقة و للعالم بعد غياب طويل عبر كأس افريقيا للأمم، أتاح ذهاب هذه التظاهرة إلى غينيا الاستوائية للجماهير الطنجاوية من جديد إمكانية العودة لمدرجات الملعب الكبير بعد ان خاض الفريق آخر مبارياته في ملعب مرشان الصغير. فكل المؤشرات و لحدود الدورة التاسعة من البطولة الوطنية في قسمها الثاني، تشير إلى أن الفريق الطنجاوي في طريقه الصحيح إلى العودة من جديد إلى دوري الدرجة الاولى، و يبدو أيضا أن ملعب طنجة الكبير سيلملم أخيرا دموعه التي يذرفها منذ زمن بعيد، و قد تعود الابتسامة لمحياه و تعود الحياة لتدب في شرايينه، كما أن المغاربة قاطبة سيستمتعون بهذه المعلمة الكروية و المعمارية الرائعة و التي سيأتتها جمهور طانجاوي رائع.