الداخل إليها مفقود والخارج منها موجود *العصابات الموجود داخل السجون أخطر من الموجودة خارجها * تكلفة التغدية لكل سجين لا تتعدى 4 دراهم في اليوم إن لم تكن مغشوشة * توجد زنازن مجهزة بآخر التجهيزات، مخصصة لأباطرة المخدرات، بأثمنة تناهز 5000 درهم لليلة الواحد دق حقوقيون وباحثون ناقوس خطر تحول السجون المغربية إلى فضاء للظاهرة الإجرامية، وآلة لإعادة إنتاجها، بسبب تفشي الفساد داخل المؤسسات السجنية بشكل واضح من رشوة والتساهل في عدد من السلوكات كتناول المخدرات والترويج لها، وخرق القوانين المنظمة للسجون من قبل المشرفين عليها دون أن تتم مساءلتهم عما ارتكبوه من انتهاكات في حق السجناء. وحذر المتدخلون، خلال ندوة نظمها المرصد المغربي للسجون، يوم الجمعة 26 غشت 2011، بالرباط، قدم خلالها تقريره السنوي حول وضعية السجناء والسجون بالمغرب، "من أن تؤدي هذه الأوضاع إلى خلق أعداء للمجتمع، وإنتاج مجرمين في حالات العود، بسبب أوضاع السجون التي تعاني الاكتظاظ وغياب الرعاية النفسية وتتبع المعتقلين". وفي هذا السياق، أشار عبد الرحيم الجامعي، نائب رئيس المرصد المغربي للسجون، إلى أن السياسة المعتمدة تكرس الأوضاع المقلقة للسجون بالنظر لغياب جهاز مختص ينظر في مشروعية اعتقال المشتبه فيهم من طرف النيابة العامة، وقضاة التحقيق مما يجعل المعتقلين الاحتياطيين يظلون في السجون الى غاية النظر في ملفاتهم ومن جهته، أكد عبد الإله بنعبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مداخلته "إن ما يقع داخل هذه السجون يكشف بشكل ملموس تحول مراكز الاعتقال النظامية إلى مراكز اعتقال سرية"، ووفق بنعبد السلام، فإن سبب ذلك يعود إلى التعاطي السلبي للدولة مع السجون، مستدلا على ذلك بتحويل مديرية السجون إلى مندوبية عامة تابعة للوزارة الأولى وفصلها بشكل نهائي عن وزارة العدل، يوضح بالملموس –يؤكد بنعبد السلامء أن الدولة تنهج أسلوب المقاربة الأمنية عوض مقاربة التأهيل والإدماج، وهكذا يصبح"الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود". ومن جهته، كشف عبد العزيز المسعودي، نائب رئيس جمعية "ترانسبارانسي المغرب، عن حقائق صادمة تقع داخل السجون، مشيرا إلى " أن العصابات الموجودة داخل السجون، هي أخطر من تلك الموجودة خارج أسوارها"، مشيرا إلى أن الخدمات المقدمة إلى السجناء من أطعمة وغيرها لاتتوفر فيها أدنى شروط الجودة المنصوص عليها في القوانين، ف"التكلفة المادية لكل سجين لا تتعدى 4 دراهم في اليوم، إضافة إلى الغش في الكميات المقدمة". وفي هذا الصدد، حذر المسعودي، من مغبة تفاقم الأوضاع المقلقة والحاطة بالكرامة الإنسانية من اكتظاظ وسوء تغذية وتدهور في الصحة وانعدام النظافة، معتبرا ذلك انتهاكا لحرمة السجناء والتعامل معهم كسلع، يقول :"لايعقل أن يتم وضع عدد من المعتقلين في زنزانة ضيقة واحدة"، موضحا أنه يتم استغلال بعض الأماكن غير المخصصة للنوم من مراحيض وممرات لوضع السجناء، في مقابل ذلك هناك زنازن مجهزة بآخر التجهيزات، مخصصة لأباطرة المخدرات، بأثمنة تناهز 5000 درهم لليلة الواحدة. إلىذلك، وحسب الأرقام التي أصدرتها رسميا مندوبية السجون سنة 2008، فقد بلغت عدد الوفيات 125 حالة، من بينها 7 حالات انتحار و11 وفاة بسبب اعتداء و10 وفيات غامضة ووفاة واحدة على إثر الإضراب عن الطعام، وهذا ناتج، حسب المسعودي، عن الاكتظاظ الذي تعرفه السجون المغربية، التي لاتتعدى طاقتها الاستيعابية 40 ألف سجين، بينما تصل أحيانا إلى 88 ألفا و371 حسب إحصائيات المندوبية العامة للسجون لسنة 2009 و63 ألفا و124 معتقلا خلال شتنبر 2010، وخير مثال على ذلك سجن تولال 2 بمكناس، الذي يؤوي حوالي 10 سجناء في زنزانة لا تتعدى مساحتها 10 أمتار، وهو انتهاك مباشر لكرامة السجين وفضاء لانتشار الكثير من الأمراض.