أكد المناضل الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام في مداخلته خلال ندوة نظمها المرصد المغربي للسجون حول وضعية السجون والسجناء يوم الجمعة الماضي بالرباط أن الأوضاع العامة بهذه المؤسسات تكشف عن خرق القوانين المنظمة للسجون من قبل المشرفين على المؤسسات السجنية دون أن يساءل هؤلاء عما ارتكبوه من مخالفات وانتهاكات في حق السجناء، مضيفا أن ما يقع داخل هذه المؤسسات يفضح بشكل ملموس ما يقوم به مناديب السجون والسجينات من سلوكات حولت مراكز الاعتقال النظامية إلى مراكز اعتقال سرية، مضيفا أن ذلك ما هو إلا نتيجة التعاطي السلبي للدولة مع السجون. ووصف بنعبد السلام هذا الوضع قائلا: «الداخل إلى السجون المغربية مفقود والخارج منها مولود»، مشيرا إلى أن تحويل مديرية السجون إلى مندوبية عامة تابعة للوزارة الأولى وفصلها بشكل نهائي عن وزارة العدل يوضح بالملموس أن الدولة تنهج أسلوب المقاربة الأمنية عوض مقاربة التأهيل والإدماج المعمول بها في الدول الديمقراطية. ومن جهته، تحدث عبد العزيز المسعودي، عن «جمعية ترانسبارانسي المغرب» لمحاربة الرشوة، أن الخدمات المقدمة إلى السجناء من أطعمة وغيرها لا تتوفر فيها أدنى شروط الجودة المنصوص عليها في القوانين، وأكد أن التكلفة المادية لكل سجين لا تتعدى أربعة دراهم في اليوم، إضافة إلى الغش في الكميات المقدمة، وهو ما اعتبره خرقا سافرا للقوانين. وأكد المسعودي على ضرورة الالتزام بالقوانين للحد من استمرار الأوضاع المقلقة والحاطة بالكرامة الإنسانية من الاكتظاظ وسوء التغذية والصحة وانعدام النظافة، حيث قال إنه «لا يعقل أن يتم وضع عدد من المعتقلين في زنزانة ضيقة واحدة»، وهو ما اعتبره انتهاكا لحرمة السجناء والتعامل معهم كسلع، مضيفا أنه يتم استغلال بعض الأمكنة غير المخصصة للنوم من مراحيض وممرات، في مقابل ذلك هناك زنازن ذات مميزات خاصة مجهزة بآخر التجهيزات، وهذا الجناح مخصص بالأساس لأباطرة المخدرات بأثمنة تقدر بأزيد من 5000 درهم لليلة الواحدة، حسب المسعودي. وعزز المسعودي مداخلته من خلال عدد من الأرقام التي أصدرتها رسميا مندوبية السجون حول عدد الوفيات التي عرفتها السجون المغربية في سنة 2008، والتي بلغت 125حالة، من بينها 7 حالات انتحار و11 وفاة بسبب اعتداء و10 وفيات غامضة ووفاة واحدة على إثر الإضراب عن الطعام. وهذا ناتج، حسب المسعودي، عن الاكتظاظ الذي تعرفه السجون المغربية، التي لا تتعدى طاقتها الاستيعابية 40 ألف سجين، بينما تصل أحيانا إلى 88 ألفا و371 حسب إحصائيات المندوبية العامة للسجون لسنة 2009 و63 ألفا و124 معتقلا خلال شتنبر 2010، وخير مثال على ذلك سجن تولال 2 بمكناس، الذي يؤوي حوالي 10 سجناء في زنزانة لا تتعدى مساحتها 10 أمتار، وهو انتهاك مباشر لكرامة السجين وفضاء لانتشار الكثير من الأمراض، يضيف المسعودي. وأكد المسعودي أن السجون المغربية تغيب فيها سياسة الإدماج، فأصبح السجن فضاء للإجرام لأنه فارغ من القوانين وآلة لإعادة إنتاج الظاهرة الإجرامية، وتفشي الفساد بشكل واضح من رشوة والتساهل في عدد من السلوكات كتناول المخدرات والترويج لها داخل السجون. يذكر أن المرصد المغربي سبق له أن أصدر تقريرا حول وضعية السجون المغربية كشف فيه عن مجموعة من الخروقات والتجاوزات، التي رصدها داخل المؤسسات السجنية، موضحا أن الشكايات التي توصل بها تؤكد استمرار الأوضاع المقلقة والحاطة بالكرامة الإنسانية من الاكتظاظ والتغذية والصحة وانعدام النظافة. وخلص المتدخلون في الندوة إلى أن عدم رد المندوبية العامة للسجون على المراسلات التي تتوصل بها من طرف الهيئات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني دليل واضح على وجود خروقات واضحة وانتهاكات لحقوق السجينات والسجناء داخل السجون المغربية، ومنعهم من الدخول إلى رصد الخروقات التي تضمنتها عدد من الشكايات المتوصل بها من طرف النزلاء.