سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الله مسداد: ما يطبع المرحلة الجديدة هو سيطرة الهاجس الأمني والتعتيم على الأوضاع التي تعرفها السجون نائب الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون قال إن أبواب السجون المغربية موصودة في وجه الصحافة والمجتمع المدني
أصدرتم تقريرا جديدا برسم سنة 20092010، هل هناك تقدم في وضعية السجناء والسجينات بالمغرب؟ وماهي المؤشرات التي اعتمدتم عليها لرصد حالات السجون؟ - أولا، نشكر جريدة «المساء»، التي سلطت الضوء على مسألة مهمشة في المغرب، ألا وهي وضعية السجون بالمغرب، كما لا أنسى أن أؤكد مرة أخرى التضامن مع رشيد نيني، الذي صدمنا صراحة لما سمعنا بخبر منعه من إدخال الأوراق والأقلام إلى السجن، وقد طرحنا هذا المشكل في الندوة الصحفية، وتدخل مسؤول من الإدارة العامة للسجون في الموضوع، مشيرا إلى أنه سيقوم بالتحريات اللازمة في هذا الباب. وكانت الندوة مناسبة لتوجيه رسالة إلى المندوبية العامة للسجون للسماح بزيارة المنظمات الحقوقية للصحفي رشيد نيني. أما بخصوص سؤالك المتعلق بوضعية السجناء والسجينات بالمغرب، فبالفعل قدم المرصد المغربي للسجون تقريره حول الأوضاع بالسجون وحقوق السجناء. وما تم الكشف عنه في هذا التقرير هو أن قضايا وانشغالات الحركات الحقوقية ما زالت في الجوهر قائمة، وفي مقدمتها مشكل الاكتظاظ وانعكاساته الخطيرة على النزيلات والنزلاء، والذي يشكل هدرا لكرامة الإنسان، الشيء الذي تترتب عنه علاقات مؤسسة قوامها العنف، وهذا ما لم تنفه أيضا الجهات الرسمية، والتقرير تضمن كذلك معطيات ونماذج تؤكد ذلك، فعلى سبيل المثال تفوق الطاقة الإيوائية لسجن سيدي موسى 1500 سجين. هذا الرقم الضخم يبين حقيقة ما يعيشه السجناء. ونحن، كمرصد، نعتمد على الإحصائيات التي تقوم بها المندوبية العامة للسجون لرصد حالات السجون، كما نعتمد على الشكايات التي يتوصل بها المرصد المغربي للسجون. وبعد دراسة وتحليل هذه الشكايات وقفنا على الانتهاكات التي تطال السجناء في كل المجالات، سواء فيما يتعلق بالكرامة والصحة، أوالتعذيب الجسدي والنفسي، أو سوء المعاملة بشتى أنواعها. وما رصدنا من خلال هذه الشكايات أن الانتهاكات هي سياسة عامة داخل كل السجون، وليست حالة استثنائية تقع بين الفينة والأخرى، وهذا طبعا ما تضمنه التقرير الذي عرضناه في الندوة الصحفية. ينضاف إلى هذا معطى جديد تعرفه سجوننا المغربية، يتمثل في الأبواب الموصدة، سواء في وجه الصحافة والإعلام، أو في وجه المجتمع المدني، إذ لا يسمح للمؤسسات الحقوقية والإعلامية بالتحري الميداني، والوقوف على حقيقة الأوضاع من أجل إنجاز برامج لتقديم بعض الخدمات لفائدة السجناء والسجينات. نحن اليوم نعيش مرحلة انفتاح داخل السجون مقارنة مع الماضي، إلا أن ما يطبع المرحلة الجديدة هو سيطرة الهاجس الأمني، والتعتيم على الأوضاع التي تعرفها السجون، وهذا يشكل عائقا كبيرا أمام المرصد المغربي للسجون، الذي يسعى إلى القيام بمهامه. ورغم ما أشرنا إليه، فإننا لن نخفي أن الجوهر لا زال قائما، وفي نفس الوقت لا يمكن أن ننكر الجهود التي يقوم بها القائمون على المؤسسات السجنية، رغم محدوديتها، في مستويات عدة كالحق في التعليم الذي لا تستفيد منه شريحة واسعة من السجناء داخل المراكز. ركزتم في تقريركم على عملية حماية حقوق السجناء والسجينات والنهوض بها كجزء من حقوق الإنسان، هل هناك تجاوب من طرف السلطات مع المقترحات التي تقدمتم بها أم زالت هناك أشواط يتعين قطعها في هذا المجال؟ - قلت إن هناك خروقات وانتهاكات، لكن لا يمكن أن ننفي تجاوب الجهات المسؤولة لكنه لا يرقى إلى ما نطمح إليه، وهذا التجاوب «المحدود» يتجلى بالأساس في طبيعة الرد على بعض المراسلات المتعلقة ببعض الانتهاكات، التي لا تكون عادة مقنعة ومبررة، وهذه الإجابات نعتبرها، كمرصد، «شكلية». وللإشارة، فقد استطعنا رغم كل العراقيل تسوية عدد من القضايا التي لها صلة بالصحة والعلاج، ومشاكل أخرى مرتبطة بالإضراب عن الطعام. أؤكد مرة أخرى أن هذا التجاوب يبقى محدودا، وهذا يبرز في تعامل الجهات المسؤولة مع المرصد بنوع من التحفظ والحذر، خاصة عندما يتعلق الأمر بالانتهاكات والتعذيب. وهنا لا بد من التأكيد على أنه أصبح من الضروري اليوم أن تكون المؤسسات السجنية تحت وصاية وزارة العدل وليس المندوبية العامة للسجون، وتفعيل بعض الضمانات المتضمنة في القانون الجنائي، خصوصا زيارة اللجان الإقليمية للسجون التي تقوم بدور المراقب. مسألة التحسيس بواقع السجون في المغرب تكتسي أهمية بالغة. في رأيكم هل توفق المرصد في تسليط الضوء على هذا الواقع، وتبليغه إلى الرأي العام؟ - نحن نؤمن بأننا نؤدي الأمانة المنوطة بنا، ونقوم بالمهام التي من أجلها خرج المرصد المغربي للسجون إلى الوجود، وقياس مدى التأثير الذي نحققه أو نمارسه على مستوى صانعي القرار لتبليغه إلى الرأي العام، يتجلى بالأساس في الدور الذي تلعبه الحركة الحقوقية لتحقيق مجموعة من الإجراءات، وهنا لا بد أن أشير إلى أن القانون المنظم للسجون جاء نتيجة سلسلة من النضالات والجهود من أجل تحسين الأوضاع داخل المراكز، وفي فضح ما يقع داخل السجون، وكان ثمرة ذلك إلغاء القانون البائد الذي كان يُعتمد في السابق، والذي يطبع الحقبة الاستعمارية. وهناك أيضا عدة مكتسبات نستطيع أن نقول إنها حاليا مطبقة داخل السجون المغربية، ونحن، كمرصد، نعمل جاهدين على تبليغ رسالتنا إلى الرأي العام، فمثلا نقوم بدعوة مسؤولين من وزارة العدل والمندوبية العامة للسجون لحضور الأنشطة التي ننظمها، والهدف من ذلك هو تقريبهم من مطالبنا.أضف إلى ذلك أن المرصد يلعب دور الحماية، ولو أن هذا الجانب لا نوليه حيزا في الإعلام، إلا أنه يبقى أساسيا. كثر الحديث عن إصلاح المؤسسات السجنية واحترام كرامة السجين. ما مدى تطابق هذا الشرط في المواثيق الدولية وقانون 23/98 وملاءمته مع القانون الداخلي الوطني؟ - عند صدور هذا القانون سجلنا تحولا وتقدما في المنظومة التشريعية الوطنية بالمغرب مقارنة مع القانون البائد الذي كان سائدا في السابق لأن المستعمر كانت له أهداف، وكانت من نتائجه السياسة المتبعة داخل السجون، هذا من جانب. من جانب آخر، فإن المشكل الحقيقي المطروح هو أنه بالرغم من صدور القانون الجديد فإنه لا زال يعاني من كثير من الثغرات، ونحن في هذا الصدد قدمنا مجموعة من المقترحات لتعديل بعض بنود هذا القانون، والإشكال الأكبر هو أن المنظومة التشريعية بالمغرب في حد ذاتها تعاني من ثغرات، ولا نستثني منها فقط القانون المنظم للسجون، وهذا نلمسه في كون التشريعات الوطنية تتوفر فعلا على ضمانات مهمة، إلا أنها، للأسف، لا تطبق، وبالتالي هذا خرق للقوانين وتجاوز للمواثيق الدولية. لهذا قدمنا مقترحات لإدخال التعديلات في هذا الباب مثل إلحاح المرصد على التوزيع السليم للسجناء، والتأكيد على الالتزام بمعايير تخدم مصلحة السجين، خاصة «القرب العائلي»، وهذه النقطة سجلناها في كثير من الشكايات التي توصل بها المرصد، ونسعى جاهدين لملء كل الثغرات التي تطبع هذا القانون شكلا ومضمونا.