مات البوعزيزي بتونس بعد حرق نفسه احتجاجا على الظلم والمهانة التي لقيها في وطنه، وتحركت الجماهير ببعض البلدان العربية الأخرى ضد الاستبداد والفساد، وتم ميلاد ما يسمى بالربيع العربي الذي هبت نسائمه على جبال الأطلس المغربية، فظهرت إلى الوجود حركة 20 فبراير التي طالبت بإسقاط المفسدين ورؤوس الفتنة، وبدستور ديمقراطي يرسخ ملكية برلمانية لتقطع صلتها بزمن الاستبداد والتحكم ، يوم 20 فبراير يشكل منعطفا كبيرا في تاريخ المغرب المعاصر، حين قررت فيه مجموعة من الفعاليات والقوى المدنية والسياسية النزول إلى الشارع للمطالبة بقوة ببعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي عز الاحتجاجات والمسيرات التي كانت تنظمها الحركة، خرج أبناء متقاعدي الفوسفاط بخريبكة إلى الشارع مطالبين بالتشغيل، وبعد شهر من التماطل من طرف إدارة الفوسفاط احتقنت الأجواء ووقع تخريب واصطدام بقوات الأمن، التي تدخلت لتعتقل11 عاملا من المحتجين . وهذا ماوقع في جميع المدن والقرى الفوسفاطية كالجديدة وآسفي واليوسفية وبوجنيبة وبولنوار وحطان وبن كرير ... ورغم المكتسبات التي حصل عليها بعض أبناء متقاعدي الفوسفاط في مجال التشغيل والتكوين وتمويل بعض المشاريع فإنها تبقى بئيسة وضعيفة مقارنة مع العدد الهائل لأبناء المتقاعدين الذين كانوا مهمشين لسنوات طوال . وفي 09 مارس جاء الخطاب الملكي، الذي وصفه كثير من المتتبعين بالتاريخي بمزيد من الإصلاحات السياسية، التي ستنعكس إيجابا على الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. ولهذا الغرض تشكلت لجنة لتعديل الدستور الذي تقرر إجراؤه في 01 يوليوز 2011، حيث سارعت حملات الدعم والمساندة المكثفة والجولات المؤيدة للدستور والمهرجانات الخطابية وسابقت الزمن من أجل شرح مضامين الدستور الجديد، الذي لقي ترحابا وتصويتا بالإيجاب من طرف الشعب المغربي مع مقاطعة حركة 20 فبرايرطبعا. ونظرا للتصدع والتقهقر الذي تشكو منه بعض الأحزاب وخصوصا التقليدية منها، ونظرا لفقدان الثقة والهوة التي باتت تفصل هذه الأحزاب وعامة المواطنين ، وانعدام التأطير الحزبي والسياسي الذي أضحى مناسباتيا ، ثم أن تمار الربيع العربي الذي جاء بأحزاب إسلامية إلى الحكم في بعض الدول العربية، كل هذه العوامل لعبت لصالح حزب ظل طويلا في المعارضة البرلمانية يتمرس ويتدرب ورفض أكثر من مرة المشاركة في الحكومة بدعوى حداثة عهده بالمشهد السياسي و......... ، إنه حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي الذي تصدر نتائج الاستحقاقات التشريعية ، وهو ماجعل الملك محمد السادس يعين أمينه العام عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة الذي سيتولى تطبيق مضامين الدستور الجديد.