ما إن جاء فصل الشتاء هده السنة، حيث البرد القارس والأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة، حتى كشف لنا نحن المغاربة ما يعانيه بعض من أبناء هدا البلد السعيد من معاناة، في السهول كما في الجبال، ومدى الخصاص الكبير ليس فقط البنيات التحتية الضرورية والخدمات العمومية التي تبقى ضرورية لكل إنسان، وإنما حجم المعاناة مع الموت بحيث يظل جزء من ساكنة "المغرب المنسي"، قريبا من الموت بعيدا من الحياة، يبحث عن لقمة عيش تسد رمقه أو شربة ماء تروي عطشه أو كساء تقيه قر البرد. وهكذا وفي مثل أيام كل فصل شتاء يموت العديد من ساكنة المغرب المنسي خاصة في صفوف الرجال المسنين والأطفال الصغار ناهيك عن النساء الحوامل التي تؤدي مثل هده الظروف القاسية والصعبة إلى وفاتهن وموتهن حتى قبيل الوضع ودلك في غياب تام وكلي للإسعافات الطبية الأولية حيث لا مستوصفات ولا مستشفيات تلجا إليهن ، ولعل السنوات الفارطة شاهدة على ما نقول ، على مأساة العديد من النساء الحوامل التي أفضت بهم مثل هده الظروف القاسية جدا إلى موتهن قبل الولوج إلى المستوصفات القريبة. إن هده المأساة التي تحل في كل سنة مع هده الظروف المناخية الصعبة، هي جزء من معاناة "المغرب المنسي" وهي المعاناة التي راكمتها السياسات الفاشلة للحكومات المتوالية، قديما وحديثا، ومن يسيرون الشأن المحلي، من سلطات محلية ومنتخبين محليين، التي لم تستطع -هده السياسات- لحد الان أن توزع خيرات البلاد توزيعا عادلا بين جميع الجهات والمناطق وان تسد الخصاص المهول الحاصل على مستوى البنيات التحتية الأساسية والخدمات العمومية والمرافق الاجتماعية الضرورية. فساكنة المغرب المنسي لا تحتاج إلى هده "الالتفاتات" الموسمية كلما حل فصل الشتاء من كل سنة، ولا إلى هدا "العطف" الاستثنائي، وإنما تحتاج إلى مبادرات كبيرة وجريئة من المسؤولين المغاربة لإعادة الاعتبار إليها كفئة عانت وما تزال من سياسات اللامبالاة والكيل بمكيالين، ولان تستفيد من خيرات البلاد وثمارها.. وهدا طبعا يستوجب إعداد برامج ومخططات آنية تهم مجالات التربية والتعليم والصحة والتشغيل مما يحقق تنمية بشرية مندمجة ومستدامة.