مع اشتداد موجات البرد القارس والعواصف الهوجاء في فصل الشتاء الممطر والبارد، تزداد معاناة السكان القاطنين بالمناطق النائية والبعيدة جدا خاصة في الجبال والأودية..حيث لا كهرباء ولا ماء ولا تدفئة ولا حتى ما يجدون ما يأكلون..وقد تدوم هذه المعاناة أسابيع بل شهور وهم محاصرون في دورهم ودواويرهم منقطعين عن العالم الخارجي. وقد يزداد الأمر سوء في حالة المرض أو الوضع بالنسبة للنساء الحوامل أو ممن يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، وقد شهدت أحداث ووقائع عن موت عدد لا يستهان به من الأمهات الحوامل والأطفال الرضع وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. طبعا هذه المعاناة تضرب مناطق وأجزاء مهمة من جغرافية بلادنا، شمالا وجنوبا ، غربا وشرقا وبجبال الأطلس والريف، هذه المناطق أضحت تشكل ما درجت الصحافة على تسميته بالمغرب المنسي، فعلا إنه المغرب المنسي الذي لا زال، ومنذ الاستقلال، يعاني من خصاص كبير في البنيات التحتية الأساسية والخدمات العمومية ولا يحظى بالاستثمار اللازم في مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعدها الدولة. ومما يزيد من مأساة ومعاناة هذه المناطق، في مثل هذه الظروف القاسية، هو الغياب الشبه الكلي لكل المسؤولين، سلطات محلية ومنتخبين، وعدم الاكتراث لهموم ساكنة هذه المناطق بل إنهم لا يفكرون في الاحتياطات الواجب اتخاذها لمواجهة مثل هذه الظروف الصعبة التي تتكرر كل سنة. اكتب هذه المقالة وأنا أتحسر لما رأيته وشاهدته، وربما يتحسر معي كثير من المغاربة، في احد البرامج التلفزيونية الجادة التي نقلت للمغاربة جزء بسيطا من معاناة مواطنين مغاربة مع قطاع الصحة في مناطق نائية بالجنوب الشرقي ومنطقة ازيلال. مقابل المغرب النافع أو المغرب المحظوظ كما يحلو للبعض تسميته، يزداد المغرب المنسي مع توالي السنوات فقرا وتهميشا وهشاشة، فكل مؤشرات التنمية البشرية تؤكد مدى الخصاص المهول الذي ما تزال تعانيه هذه المناطق. ونخص بالذكر هنا بالاساس الكهرباء والماء الصالح للشرب والمسالك الطرقية والتعليم والتطبيب ...مازالت هذه الأساسيات لا تحصل عليها العديد من المناطق والجهات . إن بلادنا لا يمكن أن تتقدم وتتطور وجغرافية بعض مناطقه وأجزائه تعرف تشوهات "تنموية" حيث لا تستفيد من ثمرات وخيرات هذا الوطن ولا تحظى باهتمام مسؤوليها أثناء رسم وإعداد مخططات وبرامج التنمية، فالمغرب لا يمكنه أن يخطو خطوات نحو التنمية والتقدم "والمغرب المنسي" يعاني من تأخر فادح وكارثي على مستوى بنياته ومؤسساته. مهتدي بوزكري