عقدت اللجنة التنفيذية (أعلى هيئة تنفيذية) لحزب الاستقلال اجتماعا عشية اليوم 11 ماي 2013 مباشرة بعد انتهاء أشغال المجلس الوطني للحزب الذي قرر بالإجماع الانسحاب من الحكومة. وحسب مصادر من داخل حزب الاستقلال، فإن أعضاء اللجنة التنفيذية منكبون على صياغة رسالة إلى الملك محمد السادس، لإبلاغه بقرار المجلس الوطني للحزب وطلب تحكيمه في صراع الحزب مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. وبقرار مجلسه الوطني، وضع حزب الاستقلال أمينه العام عبد الحميد شباط أمام موقف لا يحسد عليه، إذ لا يمكن للأمين العام وللجنة الحزب التنفيذية تنفيذ قرار الانسحاب من الحكومة بدون الحصول على الضوء الأخضر من القصر، بما أن الملك حسب الدستور هو الذي يعين رئيس الحكومة من الحزب الحائز على الأغلبية في الانتخابات التشريعية، وباقتراح من رئيس الحكومة يُعين باقي أعضاء الحكومة. كما أن الدستور يسمح للملك نظريا بانهاء مهمة أي وزير، ولم يسبق لأي وزير أو حزب سياسي، منذ استقلال المغرب، أن اتخذ قرار استقالته أو انسحابه من الحكومة بطريقة مستقلة. وفي حال موافقة القصر على انسحاب حزب "الاستقلال" من الحكومة، فستطرح أمام رئيس الحكومة ثلاث خيارات: الخيار الأول: في حالة تدخل الملك للتحكيم ما بين حزب الاستقلال ورئيس الحكومة، كما طالب بذلك أعضاء من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، سيكون أمام بنكيران التفاوض مع شباط من أجل إعادة تشكيل حكومة جديدة تراعي مطالب حزب الاستقلال. الخيار الثاني: سيكون على رئيس الحكومة البحث عن تحالف جديد بدون حزب الاستقلال، وهو أمر ليس باليسير، لان التحالفات المتاحة ستكون هجينة أكثر من التحالف الحالي، خاصة وأن الاحتمال الأقرب إلى التحقق هو ضم حزب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري إلى الأغلبية، لكن في هذه الحالة سيواجه بنكيران معارضة قوية من داخل قواعد حزبه التي سيصعب عليه اقناعها بالتحالف مع التجمع الوطني للاحرار الذي سبق لبرلمانيي حزبه أن اتهموا زعيمه بالفساد. الخيار الثالث: حل الحكومة والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها في حال عدم تمكن بنكيران من تشكيل حكومة جديدة بمشاركة حزب الاستقلال أو بدونه. وهذا هو الخيار المريح لقواعد حزب العدالة والتنمية، لكنه خيار جد مكلف للسلطة وللدولة. مكلف للسلطة لأنه إذا كان الهدف من "مناوشات" شباط هو إضعاف الحكومة فإن الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها ستدعم موقف حزب العدالة والتنمية عندما يتقدم إلى الناخبين كضحية لمؤامرات على تجربته الحكومية. ومكلف بالنسبة للدولة، لأن انتخابات جديدة ستكون مكلفة ماديا لميزانية الدولة في وقت يمر فيه المغرب بأزمة اقتصادية حادة، ومكلفة معنويا لأن تجربة "الانتقال الديمقراطي" التي تم التسويق لها في الخارج بوصول أول حزب إسلامي إلى رئاسة الحكومة دون أن تشهد البلاد "ثورة" على غرار ما شهدته دول الربيع الديمقراطي، سيتم قبرها، ومعها قبر ما حملته من تطلعات وآمال لذي شرائح واسعة داخل المجتمع المغربي. من جهة أخرى كان لافتا للانتباه غياب ثلاثة وزراء ينتمون إلى حزب "الاستقلال"، وهم نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية، ومحمد الوفا وزير التربية الوطنية، وعبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية، عن اجتماع برلمان حزبهم الذي قرر انسحابهم من الحكومة. ويعتبر وزراء الحزب أعضاء بالهيئات التقريرية والتنفيذية للحزب بصفتهم الوزارية. وكان الأمين العام للحزب قد سبق له أن هاجم في أكثر من مناسبة آداء وزراء حزبه داخل الحكومة، خاصة البركة والوفا الذي وصفه مؤخرا ب "القاصر". هذا وفي مستجدات الخبر طلب الملك محمد السادس من حميد شباط أمين عام حزب الإستقلال في اتصال هاتفي أجراه معه قبل قليل، أن يترك وزراءه يواصلون عملهم حفاظا على سير عمل الحكومة. وطالب الملك من شباط، وفقا لإفادة قيادي بارز في حزب "الإستقلال"، أن يوافيه بمذكرة تشرح موقف حزب الإستقلال وحيثيات قرار انسحابهم من الحكومة. يذكر أن الملك محمد السادس يوجد في زيارة خاصة إلى فرنسا التي سافر إليها أمس الجمعة 10 ماي، ولايعرف متى سيعود إلى المغرب. وبالتالي فإن وزراء حزب الإستقلال يواصلون عملهم داخل الحكومة كوزراء تصريف أعمال في انتظار عودة الملك للقرار في مصير الحكومة. وكان المجلس الوطني لحزب الإستقلال قد صوت باغلبية مطلقة يوم السبت 11 ماي بالرباط على قرار الإنسحاب من الحكومة. ومن جهته علم أن الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" قد ألزمت قيادتها بالصمت وعدم الإدلاء بأي بتصريح للصحافة حيال قرار انسحاب حزب "الإستقلال من الحكومة". وعزى قيادي من الحزب هذا القرار لكون الملك خارج البلاد إضافة إلى أن الأمور غير واضحة لحد الساعة، مشيرا إلى أن "الأمانة العامة" ستصدر بيانا في الموضوع لاحقا.