عندما أتأمل بين طيات بلدة عشقتها مند كنت صغيرا وولعت بها مند أن تنفست هواء أرض استقبلت صرختي بأحضان دافئة وأتربة حمراء ومحيط أخضر في بلدة اسمها خنيفرة المرابطة بين خيرات الأرز ذي الرائحة العنبرية، ويرتفع بعلو رجالاته الذين أثثوا معركة الهري الضاربة والتي اتخذت الوطنية الصادقة عنوان لها، وجبال الأطلس التي ظلت واقفة وشاهدة على بطولات رجالات موحى أوحمو الزياني، وألف شهيد وما يزيد عشقوا الشهادة لنتجول اليوم أحرارا بين ربوع هذا الوطن السليب بين ثنايا أيت سخمان وغيرها من القبائل الزيانية التي عشقت هذا الوطن بدون حدود وبدون مقدمات وبدون أطماع أصبحت اليوم مأربا للمتكالبين يتقمصون ألوان أحزاب مخزنية ورموز مخزية تلتهم ما حولها لتحول مدينة خنيفرة إلى أرض خلاء منكوبة وتجعل من شبابها من رواد الإدمان، وحول أسر بدون إسكان بعد أن كانت خنيفرة روضا وجنانا. بين أزقة خنيفرة المتداخلة تقرأ فقرا بين أعتاب الديار والمقاهي المزدحمة تستنتج واقعا اجتماعيا مفككا، وخدمات صحية تتحدث في مشفى خنيفرة التسويف المريض والتماطل المميت، ونساء على أبواب السجون بقفة يتقاذفها الحراس حتي تصبح قفيفة تحمل كسرة خبز بئيسة، ورجال أنهكهم عمل مضن، يحمل 22 ساعة حقيقة وواقعا مقابل 2 فرنك، لا يستطيع معها شراء مرهم يطبب به ظهره المقوسة بكثرة الانحناء، وأرامل تضرب جنبها وحظها للبرد الذي أقبل إدباره والذي سيقطع الأحشاء أو سيهدم جدران آيلة للسقوط، وستسقط معها أرواحهم. إنها كلمات حول بلدتي خنيفرة التي تذرف دما بدل الدمع لما لحقها من أياد متسخة عبثت في خيراتها الربانية. التاريخ سيخط بحبر أسود بأسمائكم البئيسة وسيحمل جرائمكم إلى أحفاد الغد. فلك الله يا خنيفريتي.