من المعروف لدى الجميع أن المغرب تعرض للإستعمار الفرنسي الإسباني بموجب معاهدة فاس في 30 مارس 1912م . ومن المسلم به أن المحتل بدأ بالسيطرة على المناطق الساحلية والسهلية الخصبة ، لكن مبادرة الفرنسيين بإحتلال عاصمة زيان الجبلية "خنيفرة" أمر ينم عن مخطط إستعماري بعيد المدى نرويه لكم باختصار استنادا لكتاب "معركة لهري صفحة من صفحات الجهاد الوطني" لمحمد بلحسن . أهداف احتلال مدينة خنيفرة : 1 توسيع المنطقة الخلفية لسهول الشاوية ومنع تسلل الزيانيين إلى المناطق الساحلية ، ووسط البلاد . و بالتالي ضمان الإستثمار واستغلال السهول والهضاب الواقعة على الضفة اليمنى لنهر أم الربيع، و هذا لن يتم إلا بإخضاع الكتلة الزيانية وفق تعبير القائد bernard . 2 الموقع الإسترتيجي للمنطقة التي صنفها ليوطي ضمن المغرب النافع ( نهر كبير، مراعي دائمة، غابات كثيفة ...) إضافة إلى كونها شريانا اقتصاديا يربط شمال المغرب بجنوبه و شرقه بغربه . الأمر الذي جعل ليوطي يرهن استقرار إمبراطوريته بإحتلالها " طالما أن هذه الطريق ليست بأيدينا فإن وحدة امبراطوريتنا تبقى غير ثابتة " . 3 استمرارمقاومة القبائل الزيانية في ظل توقيع تهدئة مع القبائل المجاورة يجعلها تهدئة هشة تهدد بامتداد المقاومة الأمر الذي جعل المقيم العام ليوطي يصرح بأن " بلاد زيان تصلح لكل العصاة بالمغرب الأوسط " . بداية حصار القبائل الزيانية: أسندت مهمة إخضاع المنطقة للجنرال henrys الذي شرع في محاصرة بلاد زيان إقتصاديا وعزلها عن باقي المناطق المجاورة ربيع 1912 م عملا بمقولة مقيمه العام ليوطي " حينما امسك بالأسواق إلى جانب مدفعي فسوف اتحكم في البلاد ويمكنني حسبما أردت نشر الرخاء أو الجوع " . لينتقل بعد ذلك إلى احتلال القبائل المحيطة بزيان من جميع النواحي تمهيدا لاحتلال خنيفرة قبل موسم الحصاد وبداية قلة الماء وفق التقارير الفرنسية . خطة إحتلال المدينة شرع الهجوم الفرنسي في 8 يونيو 1912م من ثلاث جهات هي : مركز أفوغال ( م بوعزة) غربا ، وأبي الجعد جنوبا ، ووادي إفران شمالا . الأمر الذي فع موحا وحمو الزياني إلى تقسيم مجاهديه إلى قسمين : قسم يهاجم قوات القائد ( كوديل) في وادي إفران بقيادته الشخصية ، وقسم ثان يهاجم القوات الفرنسية بأفوغال أنطلاقا من قرية سيدي امحمد بن مبارك بقيادة ابن عمه موحا وعقى في مقاومة شرسة دامت 5 أيام وبوسائل وخطط بدائية قوامها الخناجر والسيوف و بنادق البارود ( بوحبات) ، واعتمد أسلوب المخاتلة و المداهمة حيث تكبد الجيش الفرنسي بمركز وادي إفران على سبيل المثال لا الحصر مقتل 4 من الضباط و جرح أزيد من 11 . أما على جبهة مولاي بوعزة فقد تكبدت جيوش القائد (كروس) خسائر مادية جسيمة بمركز (عوينات) و (تازروت موخبو أو الحجرة المثقوبة) .فتحصنت المقاومة بالجبال المحيطة بخنيفرة و ظلوا يناوشون حولها كالزنابير وفق التقارير الفرنسية . فاحتلت الجيوش الفرنسية مدينة خنيفرة في 12 يونيو 1912 ، حيت نقل الزيانيون حربهم إلى الجبال . صحيح أن احتلال العاصمة كان له وقع كبير على نفوس الزيانيين لكن الاحتلال الفرنسي كان واهما عندما اعتقد أنه بسيطرته عليها أنهى ما عرف ب " المسألة الزيانية " وأمن استغلال خيرات سهول الضفة اليمنى لأم الربيع خاصة وأن قيادة المقاومة اجتمعت غداة هذه الحرب حيت ألقى موحا أوحمو الزياني خطابا حماسيا أكد فيه على أن " الحرب لا تخيف زيان ، فهي تجري في عروقهم كما يجري النسغ في الأشجار التي تنبت في أرض معطاء ، وحتى عندما نقطعه أو نقتلعه نترك في الأرض أصغر جدر فإنه يخلف وينمو من جديد " لتبدأ استعدادات الزيانيين للمعركة الأشهر معركة "لهري" بعد سنتين ونيف.