البطولة في الخلاعة، و كأنه لا بطولة إلا بمؤخرة عارية و امرأة عاهرة و شاذ جنسي تسوقهم متمرسة في العهر و القوادة إلى متبضعي المتعة الرخيصة القادمين من الغرب و الشرق. مشهد رخيص من هذا الحجم على حد تبرير العاهرة و المواري مؤخرته إرضاء لكبيرهم الذي حبك الفكرة أجمعوا قولهم:"حتى تشوفوه أوحكموا، المشهد المسرب لا يعطي فكرة حقيقة عن الفيلم". لكن عن أي فكرة سيتحدث الفلم و عن أي حكم و في أي سياق سنصنفه و هو بهذه المواصفات؟ هل في صنف غزوة بدر أم أحد، أم استرجاع الشمال و تحرير الجنوب؟ أم في صنف الكشوفات العلمية و الخوارق أم استحضار الأمجاد ؟.أم هو مجرد انهيار نخبة أمام مؤشر هوليود المعولم الذي يسيل لعملته اللعاب إلى حد كشف الجسد و ما حوى من ثقوب و أشكال و مسمياتها؟. الفنان بجرأته و تفاهة فيلمه يتبنى مشروع استرجاع الهيبة المفقودة في المحافل الدولية فكشف العورات لنية مادية في نفسه قضاها، لو كانت الفضيحة تخص أصحابها، على اعتبار السائد محافظ على انتمائه و أصالته و حيائه، لكن استنساخ سلوكات الشخوص السينمائية على عهرها و تقليد البطلة العاهرة و البطل الشاذ و تحدي الأبوين و المجتمع يصنف المعاصر من الأفكار الفنية وخصوصا السينمائية في خانة الخطر. القيم في مجتمع محافظ خط أحمر و الفن في رقيه و صفائه يسمو بالإنسان بعيدا عن تراكمات الواقع لكن الفن في زمن العولمة أصبح وسيلة لنشر العدوى و ترويج الفساد و إلا فأي رسالة متوخاة بنقل أخبار الواقع كما هي و قطع الطريق على فئة تحتاج لإنقاد سريع لما هي فيه. و الفن لم يكن يوما مرآة مجتمع فيروج للعدوى و يصعب التغيير. و الفن في شرفه لم يسبق له أن احتال على نضالات رافضة لفكر و سلوك محسوم فيه. بهلوانية البطل حسب لغة السوق و الزبائن تجعله يحمل معول هدم القيم، ففي قمة التناقض و ما يجعل من الحياء قيمة ثانوية أن يقبل البطل بكشف مؤخرته أو شذوذه و سفهه... و يظهر أيضا في حفل خيري إنساني، و في دور الأيتام و المتخلي عنهم أو في رحلة للعمرة أو حج...!؟. في حرب الإسفاف و القيم و الكرامة هذه يرحب بالانحراف كسلوك نهضوي لكن المتفرج يميز بحواسه المتلقي الذي منح البطل إحساسه و غاض الطرف عن التجاوزات الأخلاقية لأجل فكرة الفيلم سرعان ما ينتصر لمخزونه من القيم في تحد لمن يعتقد أن العري و الإسفاف والعهر و الشذوذ لا تقابله أي صفة و لا تنبذه الطبيعة و المروءة و الشرف و لا رادع له و كأن المجتمع لا يقر بنبذ و شجب الضرر في محيطه إلا لمّا يتعرض له مباشرة. البطل حُددت ملامحه هوليوديا تشويها للبطولة الحقيقية باسم العولمة فيتيه المتلقي المتعب المتعقب للمتعة المجردة بتوالي قصفه عبر وسائل الإعلام. يكاد الإعلام أن يصير مجرما يوجه الضربات للفكر و الأخلاق و يمهد ليفصل المتلقي المعولم عن انتمائه و هويته و ثقافته. إن التربية و المشاركة المجتمعية تقتضي صحوة المجتمع و حرصه على مكتسباته و قيّمه و انخراطه في الرقابة التي سادت منذ فجر التاريخ تناقلتها الأجيال بأمان حيث حدود التقاء العلم بالفعل واضحة و حدود التقاء الآداب بالفن واضحة و أهمية التعليم و نقطة التقائه بكل مناحي الحياة واضحة، مما يمكن من التصدي للفن، فالعولمة أوقعت بنخب تؤمن بأن المد الغربي لا مفر منه، يسلمون بأن العولمة منتجة للحتمية الاقتصادية في انهزامية تطوي صراع الحضارات و تختزل مستقبل الانسانية في النموذج الواحد. المصطفى زيان