منذ مدة طويلة لم أحمل فيها قلمي لكي أكتب، كنت قد أقلعت عن هذه العادة السيئة المسماة كتابة لكنني أجد نفسي مرغما اليوم كي أكتب، لا أدري لماذا و ما الذي يدفعني للكتابة؟ أجدني عاجزا أمام هذه الورقة البيضاء وقلمي لا يطاوعني الأحرف تعاتبني والكلمات تخاصمني والإلهام يجافيني، أريد أن أهتك عرض هذه الورقة وأدنسها بأفكاري الخبيثة ربما تسكنني جنبة إسمها كتابة، لذلك أكتب لأرضيها، لكن أحس أنني بحاجة لكي أكتب، لأواجه الملل، لأقتل الوقت، لأتحدي غربتي ولأكسر شيئا بداخلي ... أتذكر عندما كنت تلميذا، أساتذتي كانوا يحتجون علي ما أكتبه لأني أستعمل كلمات عارية تعري الواقع بأسلوب صادم ولغة قاسية لتشخيص واقعنا، كنت قد كتبت أشياء كثيرة، عندما أنتهي أمسك الورقة، أسحقها بيدي وأضعها تحت حذائي بعد ذلك آخذ الولاعة وأشعل النار فيها وأستمتع لمنظر احتراقها انتقاما من نفسي وأنثر رمادها في الهواء بعدها أشعر بالارتياح لأنني أرحت العالم من قراءة تفاهاتي وحماقاتي، ها أنا عدت من جديد لكي أكتب، لأن بداخلي كاتب فاشل ومجنون كنت أقمعه منذ مدة، لكنه يأبى إلا أن يكتب، لذلك، أردت له أن يخرج للوجود لأبين له تفاهته ولأذيقه طعم الهزيمة المرة.