مصطفى أوخريب/... عندما أنتهي، أمسك الورقة .. أسحقها بيدي .. أضعها تحت حذائي منذ مدة طويلة، لم أحمل قلمي لكي أكتب .. كنت قد أقلعت عن هذه العادة السيئة المسماة كتابة، لكنني أجد نفسي مرغما اليوم كي أكتب .. لا أدري لماذا .. ما الذي يدفعني للكتابة؟ .. أجدني عاجزا أمام هذه الورقة البيضاء .. قلمي لا يطاوعني .. الأحرف تعاتبني .. الكلمات تخاصمني .. الإلهام يجافيني. أريد أن أهتك عرض هذه الورقة .. أدنسها بأفكاري الخبيثة. ربما، تسككني جنية إسمها كتابة، لذلك أكتب لأرضيها، لكن أحس أنني بحاجة لكي أكتب. أكتب لأواجه الملل .. لأقتل الوقت .. لأتحدي غربتي .. لأكسر شيئا بداخلي. أتذكر عندما كنت تلميذا أساتذتي .. كانوا يحتجون على ما أكتبه، لأني أستعمل كلمات عارية. كلمات تعري الواقع بأسلوب صادم .. بلغة قاسية، لتشخيص واقعنا. كنت قد كتبت أشياء كثيرة .. عندما أنتهي، أمسك الورقة .. أسحقها بيدي .. أضعها تحت حذائي.. بعد ذلك، آخذ الولاعة .. أشعل النار فيها .. أستمتع لمنظر احتراقها انتقاما من نفسي .. أنثر رمادها في الهواء .. بعدها، أشعر بالارتياح، لأنني أرحت العالم من قراءة تفاهاتي .. من قراءة حماقاتي. ها أنا عدت من جديد لكي أكتب؛ لأن بداخلي كاتبا فاشلا ومجنون .. كنت أقمعه منذ مدة، لكنه يأبي إلا أن يكتب .. لذلك، أردت له أن يخرج للوجود .. أردت أبين له تفاهته .. أردت أذيقه طعم الهزيمة المرة