إن المتأمل في المراكز الحضرية الصغرى للأطلس المتوسط سيرى، وبدون شك الدينامية التي تتسم بها بعض المراكز، والركود التي تتميز بها الأخرى، وتتداخل مجموعة من العوامل في هذا التناقض، ويلعب فيها الموقع دور الريادة، فإذا كانت بعض المراكز لا تستفيد من الدور الذي تلعبه الطريق، فإن موقع تيغسالين على عكس ذلك، إذ أن موقعها على الطريق الوطنية أضفى عليها صبغة خاصة في الأطلس المتوسط الهضبي، وهذا ما جعل التجمع السكني يأخذ شكلا خطيا على طول الطريق، ولكن تحديات كبيرة تعرقل التوسع العمراني، أهمها ميل الأراضي مما يزيد من تكاليف البناء ، زد على ذلك إحاطة الأراضي الزراعية من جهة الشرق، وقرب الأخرى من الواد الحار الذي يسبب في تلوث هوائي على الأحياء المجاورة، ، وهذا يطرح عراقيل حقيقية لسياسة الإعداد التي أصبحت مرغمة على احترام تصاميم التهيئة الحضرية، وذلك بهدف تسهيل ربط الساكنة بحاجياتها الضرورية ( الصرف الصحي، الكهرباء، المياه...). إن اختلال العقار في تيغسالين جعل أثمانه تتباين من مجال لأخر ، لذلك أصبح لزاما على المتدخلين تصحيح الإختلالات المجالية التي تطرح نفسها بحدة على المركز الحضري، وتسهيل الحصول على الرخص، بأثمان تراعي ثمن العقار في المنطقة، كما أن تصميم المنازل لا يخضع للمعايير الحديثة، إذ أنها غالبا ما تجعل بيت الراحة ضيقا، وغياب مكتبة منزلية في التصميم، وهذا يحيلنا طبعا على أن الإنسان غير واعيا بعد بأهمية المعرفة وقيمة الكتب سواء في تزيين المنازل أو أهميتها الميتامعرفية، ولدينا فقط ثقافة تكبير صالونات الضيوف، والنوم...، أما التعليم، ورغم مجهودات المجتمع المدني لإيواء الفتاة القروية، فإنها تبقى قاصرة في ظل غياب داخلية تأوي تلاميذ الضواحي، مما يجعلهم يلتجئون إلى مراكز أخرى تتوفر على داخليات (القباب، ايت اسحاق، خنيفرة)، هذا ما أدى إلى ارتفاع الهدر المدرسي، وبعد الابن عن مراقبة الأسرة. إن ما يثير الانتباه في هذا المركز القروي هو توفره على الشروط التي تضعها الدولة لتحديد المدينة وإذا كان عدد سكانها اليوم يتجاوز 15 ألف نسمة، فإن المغرب حدد المدينة في 2500 نسمة، وكذلك التوفر على المراكز التجارية، ورغم ذلك فإنها لم ترق بعد إلى مفهوم المدينة رغم توفرها على المعايير المحددة ( باستثناء البلدية، والأمن). رغم العراقيل التي ذكرناها، فالمركز بات يعرف دينامية اقتصادية لم يشهد لها مثيل،وذلك بإنشاء مجموعة من المشاريع، خاصة الترفيهية منها، هذا يعود الى مجهودات المسؤولين الذين قطعوا مع كل أشكال الفساد الذي كانت تتميز بها القرية في الماضي القريب، واعتماده المقاربة التشراكية مع المجتمع المدني، لهذا أصبح لزاما وضع قطيعة نهائية مع النظرة السودوية التي ما زالت تملأ ذهنية المواطن، وله الحق في اعتماد منهج محاسبة المجلس القروي في اجتماعاته المفتوحة.