سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فاس.. مدينة تشهد تراجعا مهولا في الأمن و«لوبي» العقار يجهز على أراضيها نقل عمومي يحتضر وبنيات تحتية غائبة ومراكز صحية غير مجهزة ومساحات خضراء منعدمة...
بعدما أعيتهم الوقفات الاحتجاجية، طيلة ما يقرب من شهرين، قرر مستخدَمو وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس مراسلة وزير الداخلية لمطالبته، «وبكل إلحاح»، عقد المجلس الإداري لهذه المؤسسة من أجل تدارس «الأوضاع المزرية التي آلت إليها الوكالة». وقد عرض بيان للمستخدَمين، أصدروه بتاريخ 25 يناير الماضي، على المجلس الإداري للوكالة «ضرورة تقوية الوكالة قانونيا وماليا، حتى يتسنى لها القيام بدورها المنوط بها، كباقي الوكالات الوطنية»، وأداء مستحقاتهم العالقة منذ يونيو 1991 إلى فبراير 2002، والنظر في ملف المغادرة الطوعية للمستخدَمين الراغبين في ذلك. وقالت مصادر من نقابة المستخدَمين إن وكالتهم عاجزة، إلى حد الآن، عن تسديد مستحقاتهم، بسبب «صعوبات» مالية تمر منها، يُتخَوف من أن تدفع إلى إعلان «إفلاسها». وقد سبق لهؤلاء المستخدَمين أن اقترحوا، في بلاغات سابقة، حل «الإفراج» عن قطعة أرضية في ملكية هذه الوكالة، لتسديد مستحقاتهم. ورغم الوعود التي تحدث عنها المسؤولون في اجتماعات للمجلس الإداري للمؤسسة، فإن أزمة المستخدَمين مع إدارة الوكالة المكلفة بهمة إنقاذ البنايات الآيلة للسقوط ما زالت عالقة. ويستغرب هؤلاء المستخدمون هذا العجز الذي تعانيه مؤسستهم، التي هي عبارة عن شركة خاصة بأموال عمومية أُحدثت في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، في وقت يتحدث المسؤولون عن «مجهودات» تُبذَل من أجل إنقاذ بنيات المدينة العتيقة من خطر الانهيار. وقد سبق للوكالة نفسها أن دخلت، في سنة 1999، في عجز مالي دفع وزارة الداخلية إلى التدخل من أجل إنقاذها من «السكتة القلبية» التي كانت تهددها في سنة 2001، برصد مبلغ 30 مليون درهم للرفع من رأسمالها. وقد بُرمِج هذا المبلغ لتسديد ديون المقاولات المكلفة بأشغال تجزئتي «الرياض» و«عين الشقف» وكذا تسريح مجموعة من العمال كانوا يشتغلون في أوراش مختلفة في المدينة العتيقة. وفي سنة 2007، تم إبرام اتفاقية شراكة بين الوكالة والمديرية العامة للجماعات المحلية والجماعة الحضرية لفاس، تنص على تقديم دعم مالي للوكالة بمبلغ 7 ملايين درهم على مدة ثلاث سنوات (2007، 2008 و2009). لكن هذه الوكالة عادت مجددا لتعاني من العجز، دون أن يكلف أي مسؤول نفسَه عناءَ توضيح الصورة الحقيقية التي توجد عليها هذه الوكالة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتفادي إفلاسها. وقد سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن رسم صورة قاتمة عن تدبير شؤون الوكالة في تقريره لسنة 2008 وتحدث عن اختلالات في صفقاتها. كما أشار إلى «تورط» إدارتها في قضايا تحويلات لا توجه للغايات التي أُعِدّت لها، موردا عينات من صفقات بوثائق غير قانونية وأخرى شابتْها عدة اختلالات وأخرى تتم فقط بمكالمات هاتفية... ومن الملاحظات التي سجلها هذا التقرير اعتباره أن الدعامات الخشبية التي كانت في البداية عبارة عن «حلول مؤقتة» للبنايات المهددة بالانهيار، صارت عبارة عن «حلول شبه دائمة»، تشكل خطرا على السكان، بسبب التلاشي المحدق بهذه الأخشاب. ويعاني عدد كبير من بنايات المدينة العتيقة والأحياء المحيطة بها من التقادم، ما يجعل خطر الانهيار قائما ويجعل سكانها يعيشون في رعب دائم أثناء كل تساقطات مطرية تشهدها المنطقة. وإلى جانبها، يعاني عدد من الأحياء الشعبية، وبالخصوص تلك التي شيدت بناياتها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، من خطر الانهيار. وقد خلّف آخر انهيار شهدته هذه الأحياء، انهيار عمارتين عشوائيتين في «كاريان الحجوي» في منطقة «المرينيين» 5 قتلى و6 جرحى. وتعاني بعض «عمارات» هذا الحي من خطر الانهيار، الذي دفع عددا من العائلات إلى الخروج إلى فضاءات فارغة في المنطقة، حيث ضربت خياما مفتوحة في الهواء الطلق، في انتظار تدخل السلطات لإيجاد حل لمشكلتهم. وقد أودت الانهيارات في مدينة فاس، منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين، إلى حدود شهر الماضي، بحياة حوالي 200 ضحية. وخلّفت إحدى أفجع الانهيارات، والتي وقعت في «كهف العزبة»، وهو من بين «أحزمة البؤس» في المدينة، في سنة 1985، وفاة 53 شخصا، فيما خلّف انهيار آخر وقع في نفس السنة في «حامة مولاي ادريس»، وهو كذلك من الأحياء الفقيرة العشوائية في المدينة، ما يقرب من 25 قتيلا. وخلّف انهيار في «الحي الحسني»، وقع في سنة 1998، ما يقرب من 17 قتيلا. وفي سنة 1999، عاشت المدينة على إيقاع فاجعة أخرى، أودت بحياة 43 مواطنا، على إثر انهيار عرفه نفس الحي. وتشير السلطات، في المقابل، إلى أنها تقوم بتدخلات من أجل معالجة البنايات المهددة بالانهيار في النسيج العتيق لفاس. وسجلت وثيقة لقسم التعمير في ولاية الجهة أن السلطات قامت بما يقرب من 510 تدخلات في فاس العتيقة، منها 436 بناية تم الانتهاء من إصلاحها، ومنها حوالي 74 بناية توجد في طور الإصلاح. ووصلت التدخلات الاستعجالية التي تم القيام بها في هذا الإطار إلى حوالي 303 تدخلات، ما يفيد أن خطر الانهيار يحدق بجل هذه البنيات التي شملتها التدخلات. أما في منطقة «فاس الجديد» أو ما يعرف ب«مشور فاس الجديد» وهو من الأحياء العتيقة المجاورة للمدينة القديمة، فإنه تم القيام بأزيد من 100 تدخل، 68 من هذه البنايات تم الانتهاء من إصلاحها و33 منها توجد في طور الإصلاح. وإلى جانب هذه المناطق، فإن خطر الانهيارات يهدد مناطق شعبية عشوائية أخرى، خصوصا في منطقة «الجنانات» والمنطقة الشمالية. وطبقا لنتائج الدراسات الأولية التي أُنجِزت من قبل المختبر العمومي للدراسات والتجارب، فإن ما يقرب من 283 بناية في منطقة «الجنانات» لوحدها تُصنَّف في الدرجة الأولى من الخطورة، ما يستدعي التدخل الاستعجالي لإنقاذها، في حين أن 299 بناية في نفس المنطقة تصنف في الدرجة الثانية من الخطورة وحوالي 116 بناية في المنطقة ذاتها تعاني من الدرجة الثالثة من الخطورة. ويبلغ العدد الإجمالي للدور المهددة بالانهيار في هذه المنطقة لوحدها حوالي 698 منزلا. أما في المنطقة الشمالية، فقد وصل عدد الدور المهددة بالانهيار إلى 1067 منزلا، منها حوالي 522 بناية تستدعي عمليات استعجالية. ويبلغ مجموع المنازل المهددة بالانهيار في المنطقتين حوالي 1765 منزلا. وإلى غاية دجنبر من سنة 2010، تم التدخل لإصلاح حوالي 40 عمارة في منطقة «الجنانات»، لفائدة حوالي 260 أسرة، بقيمة مالية محددة في 30 مليون درهم، منها 20 مليون درهم للدعم و10 ملايين درهم للهدم. وفي المنطقة الشمالية ويُقصَد بها منطقة «المرينيين» بلغ عدد البنايات المدرجة في ملفات الهدم حوالي 28 بناية، أفرغت منها 6 منازل وتم استصدار حوالي 234 قرار إفراغ للمنازل المهددة بالانهيار. ولا تعاني هذه الأحياء الشعبية من خطر انهيار بناياتها فقط، بل إن هذه الأحياء، التي توصف ب»أحزمة البؤس» وتحيط بمركز المدينة، تعتبر من النقط السوداء من الناحية الأمنية، بسبب انتشار الإجرام في عدد منها. سياحة «عابرة» في اجتماع عُقِد في مقر ولاية جهة فاس -بولمان حول «المخطط الجهوي للتنمية السياحية»، صباح يوم الخميس 28 يناير الماضي، انتقد عزيز اللبار، رئيس المجلس الجهوي للسياحة، «برامج» عقارية تم تقديمها على أنها ستساهم في إنعاش السياحة في المدينة والمساهمة في تحويل الجهة إلى محطة إقامة، كما هو الشأن بالنسبة إلى أكادير ومراكش، عوض أن تبقى محطة عبور، كما هو الشأن حاليا. ومن ضمن المشاريع التي انتقدها اللبار مشروع «البحر الاصطناعي»، الذي اقترحه شباط، عمدة المدينة، وصادق عليه المجلس الجماعي، بأغلبية الاستقلاليين، وقيل إنه سيتم إحداثه في غضون سنة 2010 في منطقة «واد فاس». ورغم التصريحات المتكررة التي تؤكد أن هذا «البحر الاصطناعي» سيرى النور، فإن هذا «المشروع» ظل عالقا. وتساءل اللبار، في معرض حديثه أمام أعضاء اللجنة، في لقاء مغلق، عن ملابسات تحويل هذه المنطقة (واد فاس) من منطقة قيل إنها ستكون عبارة عن منشآت سياحية ومحلات تجارية إلى بقع أرضية «بيعت في «النّْوارْ»، كما وقع في مقابر طريق صفرو، التي تحولت إلى تجزئات سكنية». وتحدث رئيس المجلس الجهوي للسياحة، في تصريحات ل«المساء»، عن تحول المناطق الخضراء في المدينة إلى بنايات إسمنتية، موردا أن ذلك يؤثر على السياحة بطريقة غير مباشرة. وانتقد اللبار المساطر المتبعة لتحويل منطقة «ويسلان» إلى منطقة سياحية، وهي المنطقة التي انتُزِعت فيها أملاك الخواص لبيعها لمستثمرين من القطاع الخاص، لإحداث مشاريع سياحية. وعلاوة على هذه المشاكل، يورد رئيس المجلس الجهوي للسياحة، فإن القرارات التي دافع عنها عمدة فاس، والتي كانت ترمي إلى تحريم الخمور والاتجار فيها في المدينة، مع ما خلّفته من مواكبة إعلامية، ساهمت في الإساءة إلى صورة المدينة، وقال إن السياح يأتون كذلك في عطلهم بغرض الترفيه والترويج عن النفس، وعلى العاملين في القطاع أن يوفروا لهم كل ما يحتاجونه من متطلبات وليس اتخاذ قرارات من شأنها التضييق عليهم بقرارات وصفها بغير القانونية ولا تدخل في اختصاصات المجالس المنتخَبة. وقد أدى انتخاب عزيز اللبار، المنعش السياحي المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، على رأس المجلس الجهوي للسياحة إلى ظهور بوادر «شد الحبل» بين هذا المجلس وبين المجلس الجماعي للمدينة. ومن شأن هذه «الحرب الخفية» بين الطرفين أن تؤثر على السياحة في المدينة، إلى جانب التأثير على المنعشين السياحيين فيها، فقد تحدث اللبار إلى «المساء» عن وجود تهديدات بإغلاق عدد من دور الضيافة في المدينة العتيقة وكشف أن المجلس الجماعي قرر الرفع من الضرائب المفروضة على الفنادق، بناء على معايير غير واضحة، فقد توصل عد من هؤلاء المنعشين بضرائب «TPT» و«TPC»، تراوحت ما بين 130 ألف درهم و150 ألف درهم، عن كل فندق. ورغم «شعار» تحويل الجهة إلى محطة إقامة سياحية، عوض محطة للعبور، فإن المجلس الجهوي للسياحة، ومعه وزارة السياحة والمكتب الوطني للسياحة، لم تتمكن، لعقود خلت، من تحويل الشعار إلى واقع. واتهم اللبار مسؤولين في وزارة السياحة بعدم مد يد المساعدة لجهة فاس، لتسويق منتوجها في عدد من مناطق العالم، وقال إن المجلس الجهوي للسياحة سيتجه إلى الأسواق العالمية غير التقليدية، ومنها أمريكا الشمالية واللاتينية والسوق الإسبانية، وأكد أن المسؤولين المغاربة أهملوا هذه الأسواق، رغم الوعود التي قدموها، خصوصا في عهد وزير السياحة السابق، عادل الدويري. وتحظى فاس العتيقة بنصيب الأسد من زيارات السياح لجهة فاس -بولمان، لكن هذه الزيارات غالبا ما تكون عابرة. وتعاني السياحة في المدينة العتيقة من تنامي ما يعرف بالمرشدين السياحيين غير المرخصين، وعادة ما يرسم السياح نظرة مشوهة عن السياحة في المدينة، فالسائح عادة ما يصطدم، قبل دخوله المدينة، بدراجات نارية وبسيارات تتنافس و«تتعارك» من أجل «الحصول عليه» و«تحويل وجهته» إلى فنادق وبازارات بعينها. ورغم أن عناصر الشرطة السياحية تتواجد بشكل كبير في أحياء المدينة العتيقة وتتابع عن كثب هذه المظاهر المخلّة، فإنها تُتّهَم بعدم الحزم في تنفيذ حملات للقضاء على مثل هذه المظاهر التي تساهم في الإساءة إلى سمعة السياحة في المدينة. وما عدا مدينة فاس، حيث توجد الفنادق والمطاعم ودور الضيافة المؤهَّلة لاحتضان السياح، فإن جل المدن الأخرى المكونة للجهة تفتقر إلى بنيات تحتية من شأنها استقبال السياح، فمدينة صفرو لا تتوفر على أي فندق مصنَّف وسط المدينة، وجل المناطق المحيطة بها، والتي تتوفر على مؤهلات طبيعية وأثرية وتاريخية مهمة، لا تتوفر على مسالك طرقية معبَّدة ولا على أدنى بنيات استقبال للسياح. وتسود نفس هذه الأوضاع في منتجعي «مولاي يعقوب» و«سيدي حرازم» وفي إقليم بولمان. وطبقا للمخطط السياحي الحالي، فقد تم إدراج جهتي فاسومكناس -تافيلالت في إطار قطب سياحي واحد، لكن هذا القطب تعوزه، إلى حد الآن، مبادرات لتنسيق المجهودات، بغرض التكامل والتعاون في مجهودات استقطاب السياح وتجهيز الجهتين وجلب المستثمرين... وإلى جانب السياحة، فإن المناطق الصناعية تعاني من تراجع كبير. وبين الفينة والأخرى، يخرج إلى الشارع العشرات من العمال، للاحتجاج على تسريحهم من قِبَل الشركة المُشغِّلة، بعد إعلانها حالة الإفلاس وقرارها إغلاق أبوابها دون إخبار. وعادة ما يمضي هؤلاء العمال بعض الأيام في الاحتجاج، يضطرون بعدها إلى إخلاء المكان، بعدما يصطدمون بحدة الاحتياجات العائلية وب«استكانة» الأحزاب والنقابات وتجاهل السلطات. وتجد هذه الأفواج من العمال والعاملات صعوبات بالغة في الحصول على فرص أخرى للعمل في هذه المناطق الصناعية، بسبب تراجع المدينة اقتصاديا وبسبب تداعيات الأزمة العالمية، ما يجعل عددا منهم يجد نفسه أمام مصير مجهول... مساجد مهددة بلغ عدد المساجد التي أغلقتها السلطات الولائية في المدينة، مباشرة بعد كارثة انهيار مسجد «باب البرادعيين» في مكناس، حوالي 104 مساجد من أصل 406. وقد قامت السلطات بوضع محاضر بشأن هذه المساجد، التي صُنِّفت ضمن البنايات المهددة بالانهيار، والتي يتواجد أغلبها في المدينة العتيقة وفي الأحياء الشعبية المحيطة بوسط المدينة. وبناء على هذه المحاضر، قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعقد اتفاقية مع المختبر العمومي للتجارب والدراسات، لإعادة إجراء الخبرة لهذه المساجد وإصدار كنانيش الإصلاح الخاصة بها. لكن المختبر لم ينجز بعد دفاتر الإصلاح، ما جعل جل السكان المحيطين بالمساجد يجدون صعوبات في أداء واجباتهم الدينية. وإلى جانب ذلك، فتحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المجال أمام المحسنين لإصلاح وترميم هذه المساجد، لكنها اشترطت ذلك بمساطر ملزمة، منها ضرورة تقدُّم المحسنين بطلبات في الموضوع إلى الوزارة والتعاقد مع مكتب للدراسات والتعامل مع مقاولة متخصصة في البناء. وبعد إنجاز الأشغال، فإنه لا يمكن فتح المسجد إلا بناء على توصيات لجنة إقليمية متخصصة. وتقول مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إن هذه الإجراءات تُصنَّف ضمن الاحتياطات الواجب اتخاذها حتى لا يكون الترميم عشوائيا. أما المحسنون فإنهم يعتبرون أن هذه الإجراءات معقدة. وإلى جانب المساجد المهددة بالانهيار، فإن السلطات أقدمت كذلك على إغلاق عدد من المساجد، رغم أنها في «صحة جيدة»، لكونها توجد في محيط مكون من بنايات آيلة للسقوط ويلزم، لإعادة فتح هذه المساجد، تدخلات موازية للسلطات المحلية ووكالة إنقاذ فاس. وعلاوة على المدينة العتيقة التي تضررت من جراء هذه الإجراءات «الاحترازية»، فإن مقاطعة «المرينيين» تُصنَّف ضمن المناطق الأكثر تضررا، بسبب هذه «السياسة»، خاصة بعد إغلاق ثلاثة مساجد كبرى فيها. وتُصنَّف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ضمن أغنى الوزارات في المغرب، ومع ذلك، فإن مندوبيتها في فاس تشير، في إحدى وثائقها الرسمية، إلى أنها تراهن في سياسة إصلاح وترميم المساجد المغلقة على المحسنين، قبل أن تضيف أنها تجد صعوبة في إصلاح بعضها، بسبب عدم ظهور أي جهة من المحسنين تتكفل بذلك. كما تراهن المندوبية على إدراج مخطط إصلاح وترميم المساجد ضمن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. نقل مفلس... في عرض قدّمه أمام أعضاء المجلس الإقليميلفاس، يوم الاثنين 31 يناير الماضي، أقر مدير الوكالة بأن النقل الحضري في المدينة يظل من «الإشكالات المطروحة بحدة في المشهد العام للمدينة»، وأرجع الوضع إلى «اختلالات» تراكمت على مدى العقد الأخير. وتتسم بنية أسطول الحافلات التابعة لهذه الوكالة بالتقادم، حيث إن 65 حافلة فقط لا يتجاوز سنها 5 سنوات من أصل 110 وحدات، 30 منها تم اقتناؤها في متم شهر أكتوبر الماضي، والتي تشكل الأسطول المتحرك الذي يشتغل بدون انقطاع لِما يزيد على 16 ساعة يوميا، مع عدم وجود أسطول احتياطي لتعزيز الخطوط خلال ساعات الذروة. ويبلغ عدد الخطوط في المدينة 48 خطا، وكلها تعاني من النقص في عدد الحافلات، ما يؤثر سلبا على تواترها. ولا تمكن الوضعية الحالية للأسطول من مسايرة النمو الديموغرافي لمدينة يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة، وهي في توسع مجالي وامتداد عمراني متواصل ويوجد فيها عدد كبير من الأحياء ما زالت غير مرتبطة بالشبكة. كما أن هناك أحياء أخرى غير مرتبطة في ما بينها. ويؤكد مدير الوكالة أن الأخيرة تعيش عددا من «الإكراهات» تعيق أي إصلاح أو تقدم إلى الأمام، رغم «المجهودات المبذولة للرقي بهذا المرفق»، فقد تقلصت مداخيل الوكالة منذ سنة 2000 وبلغ العجز في سنة 2010 حوالي 25.776.000 درهم، ما أدى إلى تفاقم عجز الاستغلال سنة بعد أخرى. وأدى هذا الوضع إلى تعقد الوضعية المالية للوكالة. وخلف استغلال الخطوط الخارجة عن المدار الحضري للمدينة ما يزيد على 12 مليون درهم في سنة 2010. ورغم أن المجلس الإداري للوكالة دعا الجماعات المحلية القروية إلى إقرار الدعم للوكالة، لتجاوز هذه الخسارة، فإنه لم يتم تجسيد ذلك على أرض الواقع. ولم تراجع الوكالة تسعيرة التذاكر منذ سنة 2005. وخسرت الوكالة سنة 2010 حوالي 25.776.000 درهم على أساس الكيلومترات المقطوعة البالغة 8.200.000 كلم، دون احتساب الكيلومترات غير المنتجة التي بلغت 599.535 كلم، والتي تكلف الوكالة خسارة تقدر ب6.355.071 درهم. ويمثل المنخرطون المدرسيون والجامعيون نسبة 58 في المائة من مجموع الركاب. ولا يساهم هؤلاء سوى ب20 في المائة من رقم المعاملات. ويخلف هذا الوضع لوحده خصاصا في ميزانية الوكالة يقدر ب50 مليون درهم سنويا. وعلاوة على ما سبق، فإن الوكالة تعاني من ضعف المداخيل، بسبب حالة الأسطول، الذي لم يعرف التجديد منذ سنة 2003 إلى غاية 2008. وبسبب هذه الإكراهات، فإن الديون الخارجية للوكالة بلغت 37.140.670 درهم. أما الديون الاجتماعية، فقد ناهزت 28.413.657 درهم. وتمثل تحملات المستخدمين حوالي 60 في المائة من رقم المعاملات في الوكالة، ما يشكل عبئا على خزينتها. وقد قامت وزارة الداخلية بإعداد بروتوكول يتضمن مجموعة من التدابير لإخراج الوكالة من أزمتها، كان من المقرر أن يمتد لمدة 3 سنوات، ابتداء من سنة 2008. كما قامت الوزارة نفسها بتقديم إعانات مالية للوكالة، عبر صندوق مواكبة إصلاح النقل الحضري. وتم حصر تكلفة تصفية مشاكل الوكالة بتكلفة تقدر ب146.5 مليون درهم، اشتركت في تحملها الوكالة والجماعة الحضرية ووزارة الداخلية والدولة. غير أنه، رغم وفاء الدولة ووزارة الداخلية بالتزاماتهما، فإن الجماعة الحضرية لم تصرف سوى مبلغ 12 مليون درهم، من أصل 60 مليون درهم، التي برمجتها على 3 سنوات. ويقول تقرير الإدارة إن هذه المساهمة كان من شأنها تجديد وتعزيز أسطول الوكالة. ومنذ إحداث صندوق مواكبة إصلاح الوكالة في سنة 2007، استفادت هذه الأخيرة من مبلغ إجمالي محدد في 96 مليون درهم، اقتنت بواسطته 55 حافلة جديدة، تم الشروع في استغلالها، و18 حافلة أخرى جديدة، في طور الإنجاز، وتم تعويض جزء من الحافلات المتلاشية التي لم يتم سحبها من الاستغلال، وبلغت 74 وحدة، ما بين سنة 2008 و2010. ورغم أن هذا الأسطول لا يرقى إلى مستوى الاستجابة للتوازن وتلبية الطلب على التنقلات، فإنه مكّن الوكالة، في نظر إدارتها، من مواجهة إكراهات النقل المدرسي والجامعي، الذي يمثل حوالي 60 في المائة من التنقلات المنجَزة. ويشتكي المواطنون، في ظل هذه الأزمة التي تعانيها حافلات النقل الحضري، من «استحواذ» سيارات الأجرة الصغيرة على قطاع النقل في المدار الحضري، مع ما يؤدي إليه ذلك من استنزاف جيوبهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المواطنين يشتكون من «تعسفات» بعض سائقي هذه السيارات ومن عدم احترامهم وجهات الزبناء، فالسائق، عادة، هو الذي «يفرض» الوجهة التي يريد التوجه إليها وليس الزبون... أما سيارات الأجرة الكبيرة فإنها «ممنوعة» من دخول المجال الحضري، الذي يتفشى فيه كذلك النقل السري، والذي يعتبر بالنسبة إلى بعض المواطنين متنفسا، أمام غياب الحافلات وأمام غلاء أسعار سيارات الأجرة ورفض سائقيها، في بعض الأحيان، التوجه إلى بعض الأحياء، بدعوى عدم وجود «ضمانات أمنية» فيها... الصحة «المعطوبة»... يشتكي المرضى الذين يقصدون المستشفى الجامعي «الحسن الثاني» في فاس من طول مدة المواعيد التي تعطاهم للقيام بالعلاجات الضرورية، فيما تبرر الإدارة هذا الإجراء بكثرة الوافدين على المستشفى وبصعوبة الاستجابة لكل طلبات المرضى في وقت متقارب. ويقدم هذا المستشفى الجامعي على أنه من أكبر المستشفيات العلاجية في المغرب. ويتوفر على أطقم طبية غطت العديدُ من النشرات التلفزية والمقالات الصحافية عددا من الإنجازات الطبية التي حقق فيها المستشفى السبقَ على الصعيد الجهوي، وأحيانا على الصعيد الوطني والدولي. كما يتوفر المستشفى الجامعي على تجهيزات وآليات طبية متطورة، وهذا ما يدفع عددا من المرضى في مناطق الرباط والدار البيضاء إلى زيارته، لتلقي العلاجات، إلى جانب استقباله مرضى كل من جهات فاس -بولمان وتازة -تاونات -الحسيمةومكناس -تافيلالت، مع إضافة بعض المناطق التابعة إداريا لجهة سوس ماسة درعة. وتعتبر إدارة المستشفى أن «التسويق الإعلامي» الذي حظي به إحداث هذا المستشفى ساهم في صنع محنته، التي يعتبر الاكتظاظ من أبرز علاماتها. وبالإضافة إلى هذه «الإكراهات»، فإن المرضى وعائلاتهم يشتكون من حراس الأمن الخاص الذين تكلفهم الإدارة بحراسة الأبواب الرئيسية والأبواب الداخلية للمستشفى. ويتحدث عدد من المرضى عن أن هؤلاء الحراس غالبا ما لا يحسنون استقبال المواطنين. ويشير البعض إلى تفشي بعض المظاهر السلبية أمام أبواب المستشفى، من قبيل الرشوة والزبونية. لكن مصدرا مسؤولا من الإدارة قال ل«المساء» إن المواطنين الذين يتعرضون لمثل هذه الممارسات عليهم التقدم بشكايات مباشرة إلى إدارة المستشفى، لفتح تحقيق حولها واتخاذ ما يلزم من إجراءات. ونبّه المسؤول ذاته إلى أن عددا من العائلات تعمد إلى زيارة مرضاها في المستشفى بأعداد كبيرة في الزيارة الواحدة، وهذا ما يزيد من الاكتظاظ فيه، مضيفا أن الإدارة تعمد إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير ل«عقلنة» هذه الزيارات، عير تقنينها، للتخفيف من العب الذي يعانيه المستشفى وتعانيه الأطقم الطبية ويعانيه حتى المريض، من جراء هذه الزيارات الجماعية كثيرة الأعداد. وبغض النظر عن الصورة «الإيجابية» التي تُرسَم عادة عن المستشفى الجامعي الحسن الثاني، فإن المستشفى الإقليمي «الغساني» قد تحول إلى مستشفى «يحتضر»، بعدما هجره المرضى مباشرة بعد انطلاق العمل في المستشفى الجامعي. ويرفض عدد من المواطنين التوجه إلى هذا المستشفى الإقليمي، بسبب نقص موارده البشرية التي تحول جزء كبير منها إلى المستشفى الجامعي. كما أنه يعاني من نقص حاد في التجهيزات الطبية الأساسية. وسجل الكثير من المرضى الذين نُقلوا إلى مستعجلاته لتلقي العلاجات الضرورية أنه طُلب منهم الانتقال إلى مستعجلات المستشفى الجامعي، بسبب ضعف التجهيزات. وتقدر مندوبية الصحة في فاس عدد الساكنة لكل مركز صحي بحوالي 27325 نسمة. أما عدد الساكنة لكل طبيب فيُقدَّر بحوالي 6539 نسمة، في حين يصل عدد الساكنة لكل ممرض حوالي 3164 نسمة، بمعدل 341 ممرضا. أما عدد النساء الحوامل لكل دار ولادة فيقدر ب4571 حاملا. ويبلغ عدد المراكز الصحية الحضرية في المدينة 34 مركزا فقط لساكنة تقدر بأكثر من مليون نسمة... أما المراكز الصحية القروية فإنها لا تتجاوز 5 مراكز في منطقة تحيط بها الجماعات القروية من كل جهة ويصعب على ساكنتها التنقل إلى المستشفيات الكبيرة لتلقي العلاجات. وللوصول إلى هذه المراكز الصحية، فإن ساكنة الجماعات القروية تضطر لقطع مسافات لا تقل عن 6 كيلومترات. ولا تتوفر هذه المراكز على ما يكفي من التجهيزات والأطقم الطبية لإسداء الخدمات الصحية للمواطنين. ولا تتعدى دور الولادة في المدينة 4، لا يتجاوز مجموع أسِرّتها 72 سريرا... «لوبي» العقار في ثمانينات القرن الماضي، فوتت الدولة، بموجب مرسوم للوزير الأول، قطعة أرضية تابعة للأملاك المخزنية في طريق «عين الشقف» في فاس، بمساحة تقدر بحوالي هكتار، لمسؤول في الدولة، أصبح الآن متقاعدا. لكن هذه القطعة الأرضية، المعروفة باسم «لمياء» ستحول، في 2006، لفائدة شركة أخرى. وقالت مصادر متتبعة للشأن العقاري في المدينة إن تفويت ملك الدولة الخاص يجب أن يكون مصحوبا بكناش التحملات. ويمنع القانون تفويت نفس القطعة لجهة أخرى إلا بعد إنجاز المشروع الذي على أساسه تم التفويت. وفي حالة عدم التزام المستفيد الأول بإنجاز المشروع، فإن الإدارة تكون ملزَمة، بقوة القانون، بنزع العقار من المستفيد واستخلاص 10 في المائة من قيمة العقار لفائدة وزارة المالية. وتساءلت المصادر عن الظروف التي تحولت فيها هذه القطعة إلى شركة أخرى مختصة في المقاهي الفخمة في المدينة. والخطير في المسألة، تضيف المصادر، أن القطعة كانت موضوع استثناء معماري لفائدة هذه الشركة وليس لفائدة الشخص الذي فُوتت له في البداية. وقد تزامن هذا الاستثناء مع التقييد في المحافظة العقارية، ما يوحي لهذه المصادر بأن هناك ترتيبات مسبقة حول منح هذا الاستثناء. وطبقا للوثائق، فإن هذه القطعة كانت مخصصة لإقامة فيلات، إلا أن الاستثناء المعماري الذي حظيت به الشركة التي حولت إليها القطعة الأرضية سمح لها بإقامة مشروع تجاري وسكني من طابقين وقبوين. وعلاوة على ذلك، فقد ألغي، بموجب هذا القرار، مرفق عمومي ينص على إحداث مؤسسة تعليمية، إضافة إلى واد كان معروفا بحساسيته في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، تم «الإجهاز» على الملك العام البلدي، والذي قرر المجلس الجماعي تفويته للشركة المعنية، في انتظار القيام بمسطرة التحويل من الملك العام إلى الملك الخاص، علما أن مسطرة التحويل، طبقا للمصادر، كان يجب القيام بها قبل استصدار قرار التفويت، ما دام أن الملك العام لا يُفوَّت. ورغم أن السلطات تؤكد أن عمليات التفويت والرخص الاستثنائية تتم وفق إجراءات مسطرية سليمة وفي إطار النزاهة والشفافية، فإن بعض المنعشين العقاريين يطعنون في المعايير المعتمَدة. وقد وجه مواطن يقدم نفسه على أنه منعش عقاري سيلا من التظلمات لعدد من المؤسسات العمومية والوزارات، للمطالبة بإنصافه من «الحيف» الذي لحقه من المسؤولين المحليين، الذين يقول إنهم كانوا وراء عرقلة عدة مشاريع سياحية تقدم من أجل تشييدها في المدينة وفي بعض ضواحيها. ومؤخرا، عمد المواطن حسن العمراني إلى ارتداء «كمامة» أنفلونزا الخنازير للاحتجاج على هذه العراقيل. وقال هذا المواطن، في شكايات لاحقة توصلت «المساء» بنسخ منها، إنه يتعرض لمضايقات من قِبَل بعض الأعوان، بعد الشكايات التي بعث بها إلى عدة جهات وبعد ما نُشِر حول موضوعه من مقالات في عدد من الصحف الوطنية. لكن السلطات الإدارية، ومن خلال مسؤول في ولاية الجهة تحدث ل«المساء» عن الموضوع، نفت وجود أي مضايقات من أي نوع تجاه هذا المواطن، موردة أن والي الجهة عمد -أكثر من مرة- إلى دعوته إلى مكتبه للاستماع إلى تظلماته بشكل مباشر، دون جدوى. وفي السياق ذاته، توصلت «المساء» برسالة مطولة بعث بها والي الجهة، محمد غرابي، إلى المواطن حسن العمراني، ضمَّنَها إجاباته حول ملفاته الاستثمارية، فقد سبق لهذا المواطن أن اتفق مع المجلس الجماعي للمدينة سنة 1997 من أجل إنجاز مركب ترفيهي ورياضي فوق عقار جماعي في منطقة «واد فاس»، لكن هذا الملف، طبقا لمراسلة والي الجهة، لم يحصل على مصادقة سلطات الوصاية. وأشار والي الجهة إلى أن العقار كان مصنفا آنذاك ضمن الملك العمومي البلدي، والذي لا يخضع قانونا لا للكراء ولا للتفويت، في حين أن الوثائق التي تضمنها الملف تؤكد أن الأمر يتعلق بعملية كراء. وقد اكترى العمراني قطعة أرضية تابعة للأملاك المخزنية لإنجاز مركب رياضي ترفيهي في منطقة «سايس»، وحصل هذا الملف على الموافقة المبدئية بتاريخ 11 غشت 2003، لكن الوالي يعيب على العمراني عدم العمل على ضبط المساحة الحقيقية للعقار المراد استغلاله، كما لم يقم بأداء ثمن الكراء المحدَّد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم. وبعد مرور 4 سنوات على هذا الطلب، تبيَّن أن المصلحة العامة تقضي بتخصيص هذا العقار لإنجاز حي جامعي جديد من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، وتم إشعار العمراني بإلغاء مقرر كراء الأرض لفائدته من قِبَل الأملاك المخزنية بتاريخ 5 ماي 2005. أما ملف جماعة «سبع رواضي»، التابعة لإقليم مولاي يعقوب، فإن العقار الذي طلب هذا المنعش العقاري الحصول عليه وهو 5 هكتارات من الأراضي المخزنية مكترى لأغراض فلاحية إلى غاية نهاية 2011. وقامت اللجنة الجهوية للاستثمار بتخصيص هذا الفضاء لإنجاز منطقة سياحية جديدة، بعدما توصلت بمشاريع استثمارية أخرى في نفس العقار، وطلب من وزارة السياحة والصناعة التقليدية إعداد دفتر التحملات حولها، في إطار دعم المخطط الجهوي للسياحة.
أين الفضاءات الخضراء؟ لا وجود في مدينة فاس سوى لحديقة وحيدة تسمى «حديقة جنان السبيل»، وهي الحديقة التي أجريت عليها إصلاحات وتم تدشينها، لكنها لم تفتح أبوابها بعدُ لسكان المدينة العتيقة المجاورة، فقد «أجهزت» البنايات الإسمنتية على جميع الفضاءات الخضراء في المدينة ولم يكلف المسؤولون أنفسَهم عناءَ التفكير في ضرورة الحفاظ على متنفس أخضر للسكان الذين يضطر الميسورون منهم إلى الذهاب، في نهاية كل أسبوع، إلى الضواحي، لأخذ قسط من الراحة، فيما «يُجبَر» فقراؤها على الخروج إلى شارع الحسن الثاني، الذي يصنفه عمدة فاس ضمن أهم المنجزات الحضارية في المدينة، لتمضية الوقت، وسط ضجيج السيارات. وتغيب الفضاءات الخضراء في الأحياء الشعبية، التي شُيِّدت بشكل عشوائي، كما تغيب في الأحياء الراقية التي شُيِّدت بناء على تصاميم التهيئة العمرانية.
الأمن المنشود قام مختل عقليا يبلغ من العمر حوالي 36 سنة، في المدينة العتيقة، بتوجيه طعنات لسيدة تبلغ من العمر حوالي 48 سنة، أدت إلى وفاتها في الحين، فيما لم تتمكن مصالح الأمن من اعتقال المتهم إلا لاحقا، بعدما لاذ بالفرار عقب الحادث. وقد وقعت الجريمة في أحد المنازل التي تحتوي على عدة غرف معدة للكراء في حي «القلاقليين» في المدينة العتيقة، بينما كان الجاني «مصطفى ش.» في حالة عصبية متقدمة ربما تعود إلى عدم تناوله عقاقيره المهدئة، وهو الذي ما زال يتابع علاجاته في مستشفى ابن الحسن للأمراض العقلية والنفسية في فاس. وتنتشر مثل هذه الجرائم والاعتداءات بسرعة مذهلة في المدينة، ما يؤدي إلى خلق حالة من الرعب والخوف وسط سكان المدينة الذين يتحدثون، بين الفينة والأخرى، عن تنامي الجريمة في مختلف أحياء العاصمة العلمية للمملكة. وقد سبق لسكان بعض هذه الأحياء أن خرجوا في مسيرات احتجاجية لمطالبة رجال الأمن بالحزم في اعتقال المجرمين وبتكثيف الدوريات الأمنية. ودعا السكان، من جهة أخرى، النيابة العامة إلى عدم التساهل مع هؤلاء المجرمين الذين يروعون المدينة ويقومون، عبر مجموعات منحرفة تستعمل الأسلحة البيضاء، باعتراض سبيل المارة وسلبهم ما بحوزتهم، تحت التهديد. ويضطر والي ولاية أمن فاس، باستمرار، إلى عقد اجتماعات للتواصل مع الوداديات السكنية، قصد الاستماع إلى شكاوى السكان، وبناء عليها، تعطى التعليمات للدوائر الأمنية المتهَمة بالتقاعس للتحرك.
التجهيزات الغائبة دفع الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عن الحي الجامعي «ظهر المهراز» والأحياء المحيطة به، ليلة الخميس -الجمعة، 28 -29 يناير الماضي، الطلاب القاعديين إلى الخروج في مسيرة احتجاجية جابت مختلف الأحياء المحيطة وشارك فيها ما يقرب من 500 طالب رفعوا شعارات راديكالية، فيما كشفت التساقطات المطرية التي شهدتها المدينة في نهاية الأسبوع الأخير من شهر يناير المنصرم، الاختلالات التي تعانيها التجهيزات التحتية في مختلف أحياء المدينة، ومنها التي تصنَّف ضمن الأحياء الراقية، فقد انسدّت مجاري المياه وتحولت الطرقات إلى وديان وبرزت معالم غياب النظافة في عدد من الأحياء. ولم تواكب هذه الاختلالاتِ أيُّ تدخلات مستعجلة من قِبَل المجلس الجماعي ووكالة الماء والكهرباء والتطهير. وكان والي الجهة قد أعلن عن إحداث لجن للقرب لتَباحُث مشاكل المواطنين، تضم منتخَبين ورجال سلطة ومسؤولين عن المصالح الخارجية للوزارات، لكن السكان يقولون إنهم لا يعرفون أي شيء عن هذه اللجن، باستثناء الاجتماعات التي تستدعى إليها الوداديات السكنية كلما بلغ إلى علم السلطات الإدارية أن السكان يعتزمون الاحتجاج. وعادة ما تخصص هذه الاجتماعات لتقديم وعود لا يتم تنفيذ أغلبها، يضيف عدد من مسؤولي الوداديات الذين استمعت إليهم «المساء».