بمناسبة الذكرى ال 40 لرحيل الزعيم الوطني المصري جمال عبد الناصر استضاف برنامج " حديث اليوم " بقناة روسيا اليوم المهندس عبد الحكيم جمال عبدالناصر نجل الزعيم المصري الراحل. حيث تحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل في مصر والمنطقة العربية. س – تقول وثيقة من وثائق المخابرات الامريكية ان عبد الناصر غير قابل للفساد. متى يكون المسؤول كذلك؟ أي غير قابل للفساد. ج – عندما يكون عبد الناصر. على كل مسؤول ان يتحمل المسؤولية وهذا الدور المهم في أي مجتمع. أي يجب ان يكون نزيها وامينا على الشعب الذي منحه هذه المسؤولية. لقد كان عبد الناصر مثالا في هذا الموضوع. س – ما هي تداعيات فساد المسؤول على المجتمع من وجهة نظرك؟ ج – اذا دب الفساد في المجتمع فان ذلك يشبه مرض السرطان. واتذكر انه عندما درسنا التاريخ في المدرسة كان يشار الى ازدهار دول مثل الدولة الاموية والعباسية وغيرها ولكنها بسبب الرشوة والمحسوبية والفساد انهارت. أي ان ظهور هذه الامور الثلاثة في أي مجتمع تعني انتهاء ذلك المجتمع. واعتقد انه يضرب المثل بفترة حكم والدي حتى الان وذلك لان هذه الامور كانت في اضيق الحدود وعند ظهورها كانت تعامل بمنتهى الحزم. س – لم يكن عبد الناصر فاسدا. فهل كان دكتاتوريا كما صوره كتاب العهد الساداتي؟ ج – ما هو المقصود بالدكتاتورية؟ نحن نعلم ان اقسى دكتاتورية هي دكتاتورية رأس المال، أي ان الفقير لا صوت له فهل هذه هي الديمقراطية، حيث تملك فئة معينة من الاشخاص حرية الكلام لانها تمتلك وسائل الاعلام التي يسخرونها لسياستهم وحياتهم ومصالحهم ويبقى الفقير بدون صوت. اقول بخصوص الكلام الذي اثير في السبعينات عن الحزب الواحد وعدم وجود حرية للكلام ، هل هناك من اطلع على المناقشات التي كانت تجري خلال اجتماعات الاتحاد الاشتراكي او اللجنة المركزية العليا او حتى على مستوى منظمات الشباب؟ ان كل هذه المناقشات موثقة رسميا. لذا اطرح سؤالا – هل التعددية تعني الديمقراطية؟ وهل عدم وجودها يعني الدكتاتورية؟ اعتقد ان هذا الموضوع يجب ان يدرسه اناس متخصصون. س – ابان عصر السادات تعرضت افكار عبد الناصر الى هجوم شديد او يمكن ان نقول ظهرت حالات التبرء منها وسحقها. ما ذا تقول بهذا الخصوص؟ ج – في البداية كان هذا امرا صعبا طبعا ولكن تعودنا فيما بعد عليه وكانت مؤازرة الشعب المصري ودعمه ومساندته لنا عاملا مهما في ذلك. لقد كان رد فعل الشعب المصري موضوعيا. هذا الشعب الذي قام عبدالناصر بالثورة من اجله وعاش ومات من اجله. س – هل ذهبت مبادئ ثورة يوليو وافكارها الى غير رجعة؟ ج – كلا، مبادئ الثورة موجودة وان ماهو ظاهر على السطح هو عكس تلك المبادئ. ان مجرد القول ان مايحصل هو ضد مبادئ الثورة يعني وجود هذه المبادئ فلو كانت قد اختفت لما حصلت المقارنة. يشعر الناس انهم بحاجة الى هذه المبادئ وانهم بحاجة للقضاء على الاستعمار والاحتكار وسيطرة راس المال. ان مبادئ الثورة خلقت الاستقلال الوطني بارادة الشعب المصري الحرة. كل هذا لم يكن ليرضى به الغرب والصهيونية لانهم يريدوننا ان نكون تابعين لهم دائما. س – ما تداعيات غياب العدالة الاجتماعية برايك؟ ج – عدم الامان. اليوم لا توجد عدالة اجتماعية في المجتمع المصري ويعيش الكثيرون دون مستوى الحد الادنى للعيش في حين تملك فئة صغيرة كل شيء. من هنا عدم الاستقرار وعدم الامان. وتعتبر المجتمعات الاوروبية والامريكية ان وجود الطبقى الوسطى هوالعمود الفقري وعنصر الامان لاي مجتمع، وهذه الطبقة تآكلت في المجتمع المصري. س – هل هناك حل يؤدي الى عودة الطبقة الوسطى؟ ج – يجب ان تكون هناك عدالة اجتماعية بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى. لقد كان الوضع قبل الثورة مشابها للوضع الحالي. واعتقد انه لابد من العودة الى المشروع الناصري بما يلائم الوضع الحالي، وعلى الدولة ان تقوم بمهامها المطلوبة، لقد كانت اشتراكية عبد الناصر تعني المساواة في الفرص وليس مساواة الاشخاص. س – لا يتوقف الحديث عن اسباب رحيل عبد الناصر بشكل مفاجئ. واتهم البعض الرئيس السادات بدس السم له. ما هي وجهة نظركم حول هذا الموضوع؟ ج – ما زال الجدل حول الموضوع حاضرا بالرغم من مرور 40 سنة على وفاة عبد الناصر. لقد هزمنا عسكريا في حرب عام 1967 ورغم ذلك لم نفقد ارادتنا وان خروج جماهير الشعب الى الشارع ومطالبة عبد الناصر البقاء في الحكم لم يكن حبا بعبد الناصر بقدر كونه تصميم الشعب على بقاء الثورة. لقد تمكنا بعد هذه الهزيمة من اعادة بناء القوات المسلحة ورفع الروح القتالية لافرادها لندخل بعد ذلك في حرب الاستنزاف ونصل الى مرحلة يكون فيها الجيش مستعدا لدخول حرب جديدة مع اسرائيل. وفعلا كانت حرب عام 1973 التي انتصرنا فيها لتصبح بعد ذلك 99 % من الاوراق بيد امريكا. س - بالتاكيد تتابع المفاوضات المباشرة وتدخل الرئيس الامريكي باراك اوباما. كيف تنظر الى هذه المفاوضات وهل هي مجدية ام انها مضيعة للوقت؟ ج – المفاوضات يجب ان تكون وسيلة وليس هدفا. هذه المفاوضات اصبحت هدفا. ولا نعرف حول ماذا يتفاوضون، لانه عندما يتفاوض الفرد يجب ان يكون لديه خيار بديل، فما هو الخيار البديل عندنا؟ لقد خسرت القضية الفلسطينية الكثير منذ قبلت الدخول في خط المفاوضات واوسلو. س – هل يمكن تسمية ماقام به الرئيس السادات تجاهكم وتجاه الاتحاد السوفيتي بانه نكران الجميل وهل تعتقد ان وراء ذلك امريكا؟ ج – ليس بمقدوري نكران الدور الايجابي للاتحاد السوفيتي في بناء القوات المسلحة المصرية حيث لم يبخل بشئ من اجل ذلك، بل حتى انهم زودونا باسلحة خرجت لاول مرة من الاتحاد السوفيتي. ولا اعلم ما كان هدف حسابات السادات. س – كيف تقيمون العلاقة بين عبدالناصر والقيادة السوفيتية؟ ج – لا انسى زيارة الرئيس خروشوف الى مصر. لقد كانت علاقة حميمة ومتينة ولن انسى دور الاتحاد السوفيتي في بناء السد العالي وتسليح الجيش المصري. لقد كانت العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل ودون املاء شروط وطلب قواعد عسكرية او ما شابه ذلك كما تطلب القوى العظمى الاخرى عادة. أي كانت علاقة بين صديقين لهم هدف مشترك وهو محاربة الامبريالية في العالم انذاك. س – هل لازلت مؤمنا بالقومية العربية؟ ج – طبعا. انها الحل الوحيد لكافة مشاكلنا. وما نتعرض له هو بسبب عدم انبعاث هذه القومية. لقد اخاف الاعداء قيام دولة واحدة من المغرب الى البحرين، لذلك عملوا كل ما بوسعهم لعرقلة ومنع قيام الوحدة العربية التي كانت ستصبح نواة لقيام الدولة العربية الموحدة. س – لماذا فشل مشروع الديمقراطية الامريكية في العراق؟ وهل هذا عودة للاستعمار مرة ثانية؟ ج – لايوجد محتل يقيم ديمقراطية لان المحتل يستعمر وينهب ويخرب ويقتل. وهذا ما حصل في العراق اضافة الى استنزاف مصادر الثروات الطبيعية. انه شكل جديد للاستعمار عن طريق وكلاء. س – كيف تقيمون تجربة دخول رجال الاعمال الى معترك السياسة وبالتحديد الى البرلمان والحكومة؟ ج – لا يمكن لرجل اعمال له بزنس خاص ان يشرع القوانين. انها تجربة غير ناجحة. س – هل تعتقد ان حملات الهجوم على عبد الناصر ستتوقف يوما ما؟ ج – كلا. لان عبدالناصر بالرغم من مرور 40 سنة على غيابه لايزال يشكل خطرا. انه فعلا يمثل 40 سنة من الحضور وليس الغياب. انه موجود في كل قضية وموقف وان أي مظاهرة او مسيرة في مصر او الارض المحتلة ترفع صوره تعكس امورا كثيرة جدا. انها تشير الى رفض الظلم الاجتماعي والتبعية والاحتلال الصهيوني وتؤكد على الارادة الحرة وعزة النفس والكبرياء. أي سيبقى الهجوم مستمرا مادام الظلم موجودا. س – مما يخاف عبد الحكيم عبد الناصر في الايام القادمة؟ ج – اخاف من الفتنة سواءا الطائفية او بين الفقر والغنى.