منذ 20 فبراير وبروز مجموعة من الحركات الشبابية الداعية للتغيير طفى على السطح حراك اجتماعي, اقتصادي, فكري وسياسي شارك فيه كافة أطياف المجتمع أميون ومثقفون, والكل ينتظر ما ستؤول إليه الأمور. ومما لا شك فيه أن الجميع آمن بضرورة التغيير السياسي والاجتماعي وتحسين الأوضاع ولن يتأتى هذا إلا بإصلاح مجتمعي وبوجوه جديدة قادرة على العطاء, فتعبأ الجميع للمشاركة في الإصلاح الدستوري الذي هو مدخل للإصلاح السياسي آملين أن تتغير الأفكار والعقليات وحتى الوجوه لنصل في الأخير إلى ثورة ناعمة وراقية وذكية بمشاركة جل أقطاب المجتمع المغربي. وفي الآونة الأخيرة ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية في ظل دستور جديد فوجئ الجميع بأن بعض الأحزاب بل إن لم نقل جلها قررت ضمن مكاتبها التنفيذية منح تزكيات الترشح لنفس البرلمانيين بدعوى الحفاظ على المقاعد داخل قبة البرلمان. إن ما نعيشه اليوم هو امتحان حقيقي للأحزاب السياسية لأنها هي من تتحمل المسؤولية في اختيار من سيمثلون الشعب داخل المجلس التشريعي لتلقى المسؤولية بعد ذلك على المواطن العادي الذي من المفروض أن يكون مسؤولا ونزيها وموضوعيا في اختيار نواب قادرين على المساهمة والإضافة داخل المؤسسة البرلمانية. من هنا يطرح إشكال ما هي حظوظ النخب الجديدة والشباب في الولوج إلى عالم السياسة ؟ الأحزاب السياسية تفكر بمنطق عدد المقاعد وبالتالي فإنها تزكي من هم متخصصون في العمليات الانتخابية بحكم الأقدمية بغض النظر عن معيار الكفاءة وتتجاهل الطبقة المثقفة والنخب الجديدة تماشيا مع مبدأ التجديد. لكن, ألم تستوعب الأحزاب السياسية مطالب الشارع المغربي الذي هتف بالتغيير والتجديد ومنح الفرص لجيل جديد حتى لا يتم احتكار المقاعد لنفس الوجوه ؟. ألم تفهم الأحزاب السياسية الرسالة الصادرة عن نبض الشارع ؟ الذي عبر عن انتهاء صلاحية بعض الوجوه القديمة طامحا لبزوغ وجوه جديدة. المتتبع للحراك الذي يعيشه المغرب سيتضح له أن هناك صراع الأجيال الذي هو صراع محمود رغم أن البعض يريد منه صراع وجود في حين يمكن أن يستفاد منه ليتحول إلى تكامل لا إلى تلاكم فخبرة الشيوخ عندما تنصهر مع حماسة الشباب فسيتم آنذاك إنتاج منتوج سياسي واجتماعي واقتصادي وفكري يستوعب كل الأفكار والآراء. ولكن التفكير بمنطق لا وجود للخلف فهو تفكير ينم عن قصور فكري الغرض منه غلق الأبواب أمام فئة عريضة من الشباب والمثقفين والنخب الجديدة التي لم تلقى أذان صاغية داخل المؤسسات الحزبية. وآنذاك وبعد مرور ما يقرب عن تسعة أشهر وبعد مخاض عسير (أي 25 نونبر) سنجد أنفسنا أمام برلمان بنفس الوجوه ليطرح السؤال هل نجح المغاربة في التغيير ؟ وهل فعلا ما كان يطمح إليه الشعب المغربي قد ناله ؟ أم أن دار لقمان بقيت على حالها. لهذا أخشى ألا يحصل التغيير ؟؟؟ *محام بهيئة الرباط المنسق العام لائتلاف الشباب المغربي